الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب مَنْ ذَكرَ السِّعايَةَ في هذا الحَدِيثِ
3937 -
حَدَّثَنا مُسْلِمٌ بْن إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا أَبان -يَعْني: العَطّارَ- حَدَّثَنا قَتادَةُ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا في مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ كلَّهُ إِنْ كانَ لَهُ مالٌ وَإِلَّا اسْتُسْعي العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ"(1).
3938 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بْن عَلي، أَخْبَرَنا يَزِيدُ -يَعْني: ابن زرَيْعٍ- ح وَحَدَّثَنا عَلي ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ -وهذا لَفْظُهُ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ -أَوْ شَقِيصًا لَهُ- في مَمْلُوكٍ فَخَلاصُهُ عَلَيْهِ في مالِهِ إِنْ كانَ لَهُ مالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مالٌ قُوِّمَ العَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ اسْتُسْعي لِصاحِبِهِ في قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ".
قالَ أَبُو داوُدَ: في حَدِيثِهِما جَمِيعًا: "فاسْتُسْعي غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ".
وهذا لَفْط عَلي (2).
3939 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشّارٍ، حَدَّثَنا يَحْيَى وابْنُ أَبي عَدي، عَنْ سَعِيدٍ بِإِسْنادِهِ وَمَعْناهُ.
قالَ أَبُو داوُدَ: وَرَواهُ رَوْحُ بْن عُبادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لَمْ يَذْكرِ السِّعايَةَ وَرَواهُ جَرِيرُ بْنُ حازِمٍ وَمُوسَى بْن خَلَفٍ جَميعًا عَنْ قَتادَةَ بِإِسْنادِ يَزيدَ بْن زُرَيْعٍ وَمَعْناهُ وَذَكَرا فِيهِ السِّعايَةَ (3).
* * *
(1) انظر سابقه.
(2)
انظر سابقه.
(3)
انظر سابقه.
باب من ذكر السعاية في هذا الحديث
[3937]
(حدثنا مسلم بن إبراهيم) الأزدي الفراهيدي.
(حدثنا أبان) غير منصرف، وهو ابن يزيد العطار، أخرج له مسلم والبخاري متابعة.
(ثنا قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من أعتق شقيصًا) بوزن رغيف كما تقدم (في مملوكه) بإضافة المملوك إلى هاء الضمير (1)(فعليه أن يعتقه) بضم أوله (كله) بالنصب، المراد: الكل المجموعي، أي: فعليه خلاص بقيته الذي يخلص بها كله، وإلا فالذي عتق منه قد عتق بقوله:(إن كان له مال) يبلغ قيمته (وإلا) أي: وإن لم يكن له مال يؤديه في إعتاق نصيبه (استسعي العبد) أي: يكلف أن يكتسب بقدر قيمة نصيب الشريك، وهذا هو الأصح، وقيل: هو أن يخدم سيده الذي لم يعتق بقدر ما له فيه من الرق (غير) بالنصب على الحال. أي: من غير أن يكلف المملوك في حال سعايته ما يشق عليه، ويحتاج من منع الاستسعاء أن يجيب عن هذا، وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى.
(مشقوق عليه) أي: لا يكلفه السيد ولا الحاكم فعل ما لا يقدر عليه أو يشق عليه.
[3938]
(حدثنا نصر بن علي) الجهضمي (حدثنا يزيد بن زريع ح،
(1) في حاشية (ح) وصلب (ل)، (م): نسخة (له).
وحدثنا) أيضًا (علي بن عبد اللَّه [ثنا محمد بن بشير])(1) بن الفرافصة (وهذا لفظه، عن سعيد بن أبي عروبة) مهران البصري.
(عن قتادة، عن النضر بن أنس) بن مالك.
(عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: من أعتق شقصًا) بكسر الشين وسكون القاف (له، أو شقيصًا) شك من الراوي (له في مملوكه فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال) فيه حجة على ابن سيرين القائل بأنه يعتق من بيت المال لا من مال المعتق.
(فإن لم يكن له مال) يؤديه في خلاص نصيب شريكه، ويعد من ماله كل ما يباع في الدين من مسكن وخادم، وما فضل عن قوت يومه له ولمن يلزمه نفقته من زوجة وولد وقريب (قوم العبد) عليه بقيمة وقت الإعتاق (قيمة) منصوب على المفعول المطلق ليبين نوع القيمة (عدل) بفتح العين هو الاستواء. أي: قيمة استواء لا زيادة فيه ولا نقص كما سيأتي في الباب بعده: يقوم عليه قيمة (2) لا وكس ولا شطط.
(ثم استسعي) هذِه سين الطلب. أي: طلب العبد السعي وهو العمل في تحصيل قيمته، وهل السعي في تحصيلها هو لحق سيده أو لحق العتق؟ الأمر يحتمل، ولكن قوله (لصاحبه) الذي باقيه له ظاهر في الأول؛ لدلالة لام التعليل عليه.
وظاهر حديث ابن عمر الآتي في الباب بعده وإن اختلفت طرقه وألفاظه يدل على أن المعتق إذا كان معسرًا لم يكلف العبد السعي في
(1) ساقطة من الأصول، والمثبت من "سنن أبي داود".
(2)
ساقطة من (ل)، (م).
تخليص ما بقي مثله، وهو مذهب كافة العلماء (1) ما عدا أبا حنيفة (2)، فإنه يخير الشريك بين العتق أو استسعاء العبد متمسكًا بقوله في هذِه الرواية:(ثم استسعي لصاحبه)(في قيمته، غير مشقوق عليه) في ذلك كما تقدم.
وقد أجيب عن هذا بجوابين: أحدهما: التأويل بأن معناه: استسعي لمن بقي له الرق على قدر قيمة ما بقي له من الرق، سواء كان بالخدمة أو غيرها وتكون الخدمة بالمهايأة.
والثاني: بترجيح حديث ابن عمر كما سيأتي، ومنه أن ذكر القيمة لم يتفق الراويان، بل انفرد بها محمد بن بشر دون يزيد بن زريع، والمتفق عليه (في حديثهما جميعًا: فاستسعي غير مشقوق عليه) من غير ذكر القيمة لئلا يظن أنه يحرم عليه استخدامه، ولذلك قال (غير مشقوق عليه) أي: لا يحمل فوق ما يلزمه من الخدمة بقدر ما فيه من الرق، ولا يطالبه بأكثر منه.
[3939]
(حدثنا) محمد (بن بشار قال: حدثنا يحيى) بن أبي سعيد (3)(و) سعيد (ابن أبي عدي، عن سعيد) بن أبي عروبة (بإسناده) المتقدم (ومعناه، قال) المصنف و (رواه روح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة ولم يذكر السعاية) أي: بإسناده ومعناه، ولم يذكر السعاية فيه (ورواه جرير بن حازم وموسى بن خلف)(4) العمي، أبو خلف البصري. قال
(1)"الأم" 8/ 311، وانظر:"البيان والتحصيل" 15/ 217، "المغني" 6/ 483.
(2)
"الأصل" 3/ 494.
(3)
كذا في الأصول: يحيى بن أبي سعيد. وهو خطأ، والصواب: يحيى بن سعيد.
(4)
في الأصول: أبي خلف، والصواب ما أثبتناه، ينظر "تهذيب الكمال" 29/ 55.
أبو حاتم: صالح الحديث. وقال عفان: ما رأيت مثله قط (1). كان يعد من البدلاء.
(جميعًا عن قتادة بإسناد يزيد بن أبي زريع (2) ومعناه، وذكرا فيه السعاية) قال البخاري: رواه سعيد، عن قتادة، فلم يذكر السعاية. وقال الخطابي: اضطرب سعيد بن أبي عروبة في السعاية، مرة يذكرها ومرة لم يذكرها. فدل على أنها ليست من متن [الحديث عنده، وإنما هو من كلام قتادة وتفسيره على ما ذكره همام وبينه، ويدل على صحة ذلك حديث](3) ابن عمر الآتي (4).
وقال الترمذي: روى شعبة هذا الحديث عن قتادة، ولم يذكر فيه أمر السعاية (5). وقال أبو عبد الرحمن النسائي: أثبت أصحاب أبي قتادة (6): شعبة وهمام الدستوائي (7) وسعيد بن أبي عروبة وروايتهما -واللَّه أعلم-
(1)"الجرح والتعديل" 8/ 140.
(2)
كذا في الأصول: بن أبي زريع. وهو خطأ، والصواب: بن زريع.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
"معالم السنن" 4/ 65.
(5)
"سنن الترمذي" بعد حديث (1348).
(6)
هكذا في الأصول، والصواب: قتادة، وهو قتادة بن دعامة السدوسي.
(7)
وهمام الدستوائي: هكذا في الأصول، وصوابه إما أن يقال:
1 -
همام والدستوائي، وهما: همام بن يحيى، وهشام الدستوائي وكلاهما من الأثبات، كما قال عمرو بن علي الفلاس. انظر:"الكامل" لابن عدي 8/ 443.
2 -
أو يقال: هشام الدستوائي، وهمام خطأ من الناسخ، يدل على هذا قول ابن معين: أثبت الناس في قتادة ابن أبي عروبة وهشام الدستوائي وشعبة.
انظر: "الجرح والتعديل" 4/ 65.
أولى بالصواب عندنا. وقال عبد الرحمن بن مهدي: أحاديث همام عن قتادة أصح من حديث غيره؛ لأنه كتبها إملاءً.
وقال الدارقطني: روى هذا الحديث شعبة وهمام عن قتادة، وهما أثبت، ولم يذكرا فيه:(استسعي). ووافقهما همام، وفصل الاستسعاء من الحديث، فجعله من رأي قتادة (1).
وقال ابن عبد البر: الذين لم يذكروا السعاية أثبت ممن ذكرها (2). وذكر أبو بكر الخطيب: أن أبا عبد الرحمن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ رواه عن همام، وزاد فيه ذكر الاستسعاء، وجعله من قول قتادة وميزه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
(1)"علل الدارقطني" 10/ 314 - 317.
(2)
"الاستذكار" 7/ 313.