المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌47 - باب في الصور - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٦

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌1 - باب في المُكاتَبِ يُؤَدّي بَعْضَ كِتابَتِهِ فَيَعْجزُ أَوْ يَمُوتُ

- ‌2 - باب فِي بَيْعِ المُكاتَبِ إِذا فُسِخَتِ الكتابَةُ

- ‌3 - باب فِي العِتْقِ عَلَى الشَّرْطِ

- ‌4 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ

- ‌5 - باب مَنْ ذَكرَ السِّعايَةَ في هذا الحَدِيثِ

- ‌6 - باب فِيمَنْ رَوى أَنَّهُ لا يَسْتَسْعَي

- ‌7 - باب فِيمَنْ مَلَك ذا رَحمٍ مَحْرَمٍ

- ‌8 - باب فِي عتْقِ أُمَّهاتِ الأَوْلادِ

- ‌9 - باب فِي بَيْعِ المُدَبَّرِ

- ‌10 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ

- ‌11 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مالٌ

- ‌12 - باب في عِتْقِ وَلَدِ الزِّنا

- ‌13 - باب في ثَوابِ العِتْقِ

- ‌14 - باب أي الرِّقابِ أَفْضَلُ

- ‌15 - باب فِي فَضْلِ العِتْقِ في الصِّحَّةِ

- ‌كتاب الحروف والقراءات

- ‌1 - باب

- ‌كتاب الحمام

- ‌1 - باب الدُّخُولِ في الحَمّامِ

- ‌2 - باب النَّهْي عَنِ التَّعَرِّي

- ‌3 - باب ما جاءَ في التَّعَرِّي

- ‌كتاب اللباس

- ‌1 - باب ما يَقُولُ إِذا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌2 - باب فِيما يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌3 - باب ما جَاءَ في القَمِيصِ

- ‌4 - باب ما جَاءَ في الأَقْبِيَةِ

- ‌5 - باب فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ

- ‌6 - باب فِي لُبْس الصُّوفِ والشَّعْرِ

- ‌7 - باب لِباسِ الغَلِيظِ

- ‌8 - باب ما جاءَ في الخَزِّ

- ‌9 - باب ما جاءَ في لُبْسِ الحَرِيرِ

- ‌10 - باب منْ كَرِهَهُ

- ‌11 - باب الرُّخْصَةِ في العَلَمِ وَخَيْطِ الحَريرِ

- ‌12 - باب فِي لُبْس الحَرِيرِ لِعُذْرٍ

- ‌13 - باب فِي الحَرِيرِ لِلنِّساءِ

- ‌14 - باب فِي لُبْسِ الحِبَرَةِ

- ‌15 - باب فِي البَياضِ

- ‌16 - باب فِي غَسْلِ الثَّوْبِ وَفي الخُلْقانِ

- ‌17 - باب فِي المَصْبُوغِ بالصُّفْرَةِ

- ‌18 - باب فِي الخُضْرَةِ

- ‌19 - باب في الحُمْرَةِ

- ‌20 - باب فِي الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌21 - باب فِي السَّوادِ

- ‌22 - باب فِي الهُدْبِ

- ‌23 - باب فِي العَمائِمِ

- ‌24 - باب فِي لِبْسَةِ الصَّمّاءِ

- ‌25 - باب فِي حَلِّ الأَزْرارِ

- ‌26 - باب في التَّقَنُّعِ

- ‌27 - باب ما جاءَ في إِسْبالِ الإِزارِ

- ‌28 - باب ما جَاءَ في الكِبْرِ

- ‌29 - باب فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الإِزارِ

- ‌30 - باب لباسِ النِّساءِ

- ‌31 - باب فِي قَوْلِهِ تَعالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌32 - باب فِي قَوْلِهِ تَعالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

- ‌33 - باب فِيما تُبْدي المَرْأَةُ مِنْ زِينَتِها

- ‌34 - باب فِي العَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلاتِهِ

- ‌35 - باب فِي قَوْلِهِ: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}

- ‌36 - باب فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}

- ‌37 - باب فِي الاخْتِمارِ

- ‌38 - باب فِي لُبْسِ القَباطي لِلنِّساءِ

- ‌39 - باب فِي قَدْر الذَّيْلِ

- ‌40 - باب في أُهُبِ المَيْتَةِ

- ‌41 - باب مَنْ رَوى أَنْ لا يُنْتَفَع بِإِهابِ المَيْتَةِ

- ‌42 - باب فِي جُلُودِ النُّمُورِ والسِّباعِ

- ‌43 - باب فِي الانْتِعالِ

- ‌44 - باب فِي الفُرُشِ

- ‌45 - باب في اتِّخاذِ السُّتُورِ

- ‌46 - باب فِي الصَّلِيبِ في الثَّوْبِ

- ‌47 - باب فِي الصُّوَرِ

- ‌كتاب الترجل

- ‌1 - باب النَّهْي عَنْ كَثِيرٍ منَ الإِرْفاهِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في اسْتِحْبابِ الطِّيبِ

- ‌3 - باب فِي إِصْلاحِ الشَّعْرِ

- ‌4 - باب فِي الخِضابِ للنِّساءِ

- ‌5 - باب في صِلَةِ الشَّعْرِ

- ‌6 - باب فِي رَدِّ الطِّيبِ

- ‌7 - باب ما جاءَ في المَرْأَةِ تَتَطيَّبُ لِلْخُرُوجِ

- ‌8 - باب فِي الخَلُوقِ للرِّجالِ

- ‌9 - باب ما جاءَ في الشَّعَرِ

- ‌10 - باب ما جاءَ في الفَرْقِ

- ‌11 - باب فِي تَطْوِيلِ الجُمَّةِ

- ‌12 - باب فِي الرَّجُلِ يَعْقِصُ شَعْرَهُ

- ‌13 - باب فِي حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌14 - باب فِي الذُّؤابَةِ

- ‌15 - باب ما جاءَ في الرُّخْصَةِ

- ‌16 - باب فِي أَخْذِ الشّارِبِ

- ‌17 - باب فِي نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌18 - باب فِي الخِضابِ

- ‌19 - باب ما جاءَ في خِضابِ الصُّفْرَةِ

- ‌20 - باب ما جاءَ في خِضابِ السَّوادِ

- ‌21 - باب ما جاءَ في الانْتِفاع بِالعاجِ

- ‌كتاب الخاتم

- ‌1 - باب ما جاءَ في اتِّخاذِ الخاتَمِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في تَرْكِ الخاتَمِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في خاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌4 - باب ما جاءَ في خاتَمِ الحَدِيدِ

- ‌5 - باب ما جاءَ في التَّخَتُّمِ في اليَمِينِ أوِ اليَسارِ

- ‌6 - باب ما جاءَ في الجَلاجِلِ

- ‌7 - باب ما جاءَ في رَبْطِ الأَسْنانِ بِالذَّهَبِ

- ‌8 - باب ما جاءَ في الذَّهَبِ لِلنِّساءِ

- ‌كتاب الفتن

- ‌1 - باب ذكْرِ الفِتَنِ وَدَلائِلِها

الفصل: ‌47 - باب في الصور

‌47 - باب فِي الصُّوَرِ

4152 -

حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ عَلي بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلي رضي الله عنه، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلا كَلْبٌ وَلا جُنُبٌ"(1).

4153 -

حَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ أَخْبَرَنا خالِدٌ عَنْ سُهَيْلٍ -يَعْني: ابن أَبي صالِحٍ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسارِ الأَنْصاري، عَنْ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ الجُهَني، عَنْ أَبي طَلْحَةَ الأَنْصاري قالَ: سَمِعْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقُول: "لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا تِمْثالٌ". وقالَ: انْطَلِقْ بِنا إِلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عائِشَةَ نَسْأَلُها عَنْ ذَلِكَ. فانْطَلَقْنا فَقُلْنا: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ إِنَّ أَبا طَلْحَةَ، حَدَّثَنا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَذا وَكَذا فَهَلْ سَمِعُتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَذْكرُ ذَلِكَ قالَتْ: لا ولكن سَأُحَدِّثُكُمْ بِما رَأَيْتُهُ فَعَلَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ مَغازِيهِ وَكُنْتُ أَتَحيَّنُ قُفُولَهُ فَأَخَذْتُ نَمَطًا كانَ لَنا فَسَتَرْتُهُ عَلَى العَرَضِ فَلَمّا جاءَ اسْتَقْبَلْتُهُ فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ الحَمْدُ للَّه الذي أَعَزَّكَ وَأَكْرَمَكَ فَنَظَرَ إِلَى البَيْتِ فَرَأى النَّمَطَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلي شَيْئا، وَرَأَيْتُ الكَراهِيَةَ في وَجْهِهِ، فَأَتَى النَّمَطَ حَتَّى هَتَكَهُ ثُمَّ قالَ:"إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنا فِيما رَزَقَنا أَنْ نَكْسُوَ الحِجارَةَ واللَّبِنَ". قالَتْ: فَقَطَعْتُهُ وَجَعَلْتُهُ وِسادَتَيْنِ وَحَشَوْتُهُما لِيفًا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَليَّ (2).

4154 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ بإسْنادِهِ مِثْلَهُ قالَ: فَقُلْتُ: يا أُمَّهْ، إِنَّ هذا حَدَّثَني أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ: وقالَ: فِيهِ سَعِيدُ بْنُ يَسارٍ مَوْلَى بَني النَّجّارِ (3).

(1) سبق برقم (227) وهو حديث صحيح.

(2)

رواه البخاري (3225، 3322، 4002، 5949)، ومسلم (2106).

(3)

رواه مسلم (2106)، وانظر السابق.

ص: 454

4155 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ، عَنْ أَبي طَلْحَةَ أنَهُ قالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِنَّ المَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ".

قالَ بُسْرٌ: ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ فَعُدْناهُ فَإِذا عَلَى بابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الخَوْلاني رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم: أَلمْ يُخْبِرْنا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ فَقالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَلمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قالَ: إِلا رَقْمًا في ثَوْبٍ (1).

4156 -

حَدَّثَنا الحَسَن بْنُ الصَّبّاحِ أَنَّ إِسْماعِيلَ بْنَ عَبْدِ الكَرِيمِ حَدَّثَهُمْ، قالَ: حَدَّثَني إِبْراهِيمُ -يَعْني: ابن عَقِيلٍ-، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ جابِرٍ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ رضي الله عنه زَمَنَ الفَتْحِ وَهُوَ بِالبَطْحاءِ أَنْ يَأْتي الكَعْبَةَ فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيها فَلَمْ يَدْخُلْها النَّبي صلى الله عليه وسلم حتَّى مُحِيَتْ كُلُّ صُورَةٍ فِيها (2).

4157 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالحِ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَني يُونُسُ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنِ ابن السَّبّاقِ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: حَدَّثَتْني مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كانَ وَعَدَني أَنْ يَلْقاني اللَّيلَةَ فَلَمْ يَلْقَنَي". ثُمَّ وَقَعَ في نَفْسِهِ جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ بِساطٍ لَنا فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ ماءً فَنَضَحَ بِهِ مَكانَهُ، فَلَمّا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام قالَ إِنّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ فَأَصْبَحَ النَّبي صلى الله عليه وسلم فأَمَرَ بِقَتْلِ الكِلابِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الحائِطِ الصَّغِيرِ وَيَتْرُكُ كَلْبَ الحائِطِ الكَبِيرِ (3).

4158 -

حَدَّثَنا أَبُو صالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنا أَبُو إِسْحاقَ الفَزاري، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبي إِسْحاقَ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: حَدَّثَنا أَبُو هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(1) رواه البخاري (3226)، ومسلم (2106).

(2)

رواه أحمد 3/ 336، وابن حبان (5857).

وصححه الألباني.

(3)

رواه مسلم (2105).

ص: 455

"أَتاني جِبْرِيلُ عليه السلام فَقالَ لي: أَتَيتُكَ البارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْني أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كانَ عَلَى البابِ تَماثِيلُ، وَكانَ في البَيْتِ قِرامُ سِتْرٍ فِيهِ تَماثِيلُ وَكانَ في البَيْتِ كَلْبٌ فَمُرْ بِرَأْسِ التمْثالِ الذي في البَيْتِ يُقْطَعُ فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيقْطَعْ فَلْيجْعَلْ مِنْهُ وِسادَتَيْنِ مَنْبُوذَتَيْنِ تُوطَآنِ وَمُرْ بِالكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ". فَفَعَلَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِذا الكَلْبُ لِحَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ كانَ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُمْ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ.

قالَ أَبُو داوُدَ: والنَّضَدُ شَيء تُوضَعُ عَلَيْهِ الثِّيابُ شِبْهُ السَّرِيرِ (1).

* * *

باب في الصور

[4152]

(حدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن علي (2) بن مدرك) النخعي الكوفي (عن أبي زرعة)(3) قيل: اسمه هرم. وقيل: عبد اللَّه (ابن عمرو بن جرير) بن عبد اللَّه البجلي الكوفي (عن عبد اللَّه بن نجي) بضم النون وفتح الجيم وتشديد الياء آخر الحروف الحضرمي، وثقه النسائي (4)(عن أبيه) نجي الحضرمي، لين.

(عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل) بالرفع (الملائكة بيتًا فيه صورة) المراد بالصورة صورة الحيوان، واتخاذ ما فيه الصورة إن كان معلقًا على حائط أو في ثوب ملبوس أو عمامة أو نحو ذلك مما لا نعده ممتهنًا حرام، وإن كان في بساط يداس أو مخدة أو وسادة. ونحوها مما

(1) رواه الترمذى (2806)، وابن حبان (5853).

وصححه الألباني في "الصحيحة"(356).

(2)

فوقها في (ح، ل): (ع).

(3)

فوقها في (ح): (ع).

(4)

انظر: "تهذيب الكمال" 16/ 220 (3614).

ص: 456

يمتهن فليس بحرام، ولكن هل يمنع من دخول ملائكة الرحمة ذلك البيت؟ فيه كلام سيأتي.

(ولا كلب) قال الخطابي: إنما لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب مما يحرم اقتناؤه من الكلاب، أما ما لا يحرم اقتناؤه من كلب الصيد والزرع والماشية فلا يمنع دخول الملائكة بسببه (1).

وأشار القاضي إلى نحو ما قاله الخطابي (2). قال النووي: والأظهر أنه عام في كل كلب فإنهم يمتنعون من الجميع؛ لإطلاق الحديث، سواء علم به صاحب البيت أم لم يعلم؛ لأن جبريل امتنع من الجرو الذي تحت الفسطاط، ولم يعلم به النبي صلى الله عليه وسلم (3). وسيأتي فيه كلام.

(ولا جنب) تقدم هذا الحديث بتمام سنده ومتنه في كتاب الطهارة (4). قال الخطابي: قد يقال: لم يرد بالجنابة هاهنا من أصابته جنابة فأخر الاغتسال إلى حضور وقت الصلاة، ولكنه الذي يجنب فلا يغتسل ويتهاون به ويتخذه عادة، وقد تقدم في الطهارة حديث عائشة: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء (5)(6). وفي هذا جمع بين الأحاديث. أو يحمل هذا الحديث على الجنابة من الزنا أو من وطء محرم.

(1)"معالم السنن" 1/ 65.

(2)

"إكمال المعلم" 6/ 630.

(3)

"شرح مسلم" 14/ 84.

(4)

برقم (227).

(5)

سبق برقم (228).

(6)

"معالم السنن" 1/ 65.

ص: 457

[4153]

(حدثنا وهب بن بقية)(1) الواسطي، شيخ مسلم (أنا خالد)(2) بن عبد اللَّه الطحان (عن سهيل بن أبي صالح) ذكوان السمان (عن سعيد (3) بن يسار) بالمثناة والمهملة (الأنصاري) المدني، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (عن زيد بن خالد الجهني) شهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح (عن أبي طلحة) زيد بن سهل (الأنصاري) النجاري مدني، سكن الشام.

(قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تدخل الملائكة بيتًا) الظاهر أنه لا يختص بالبيت الذي له سقف أو عليه جدار، بل يدخل فيه كل موضع وإن كان في صحراء أو عند شخص كلب أو تمثال لا تحضره الملائكة.

(فيه كلب) ادعى ابن حبان أن عدم دخول الملائكة مختص ببيت يوحى فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأما غيره فإن الحافظين لا يفارقان العبد. وأطال في ذلك (4).

(ولا تمثال) أي: تمثال الأنبياء والملائكة والصالحين يتخذ من رخام ونحوه لينشطوا إلى العبادة بالنظر إليهم. وقيل: صور الآدميين من نحاس.

وحرمة التماثيل شرع (5) محدد ناسخ لقوله تعالى: {وَتَمَاثِيلَ} (6)(وقال) زيد بن خالد (انطلق بنا إلى أم المؤمنين عائشة) فيه شاهد

(1) في (م): منبه.

(2)

فوقها في (ح، ل): (ع).

(3)

فوقها في (ح، ل): (ع).

(4)

"صحيح ابن حبان" 13/ 166 - 168.

(5)

ساقطة من (م).

(6)

سبأ: 13.

ص: 458

للنحاة على أنه إذا اجتمع الاسم والكنية قدمت الكنية (نسألها) بالجزم جواب الأمر (عن ذلك، فانطلقنا) إليها (فقلنا: يا أم المؤمنين، إن با طلحة) الأنصاري (حدثنا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا، فهل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك؟ ) أو شيئًا منه (قالت: لا، ولكن سأحدثكم بما رأيته فعل) أي: فعله (خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه) فيه تأخر النساء عن الغزو؛ لأن جهادهن الحج كما في البخاري (1)؛ ولأن مقصوده القتال، والنساء يضعفن عنه غالبًا (وكنت أتحين) أي: أطلب حين وقت (قفوله) أي: رجوعه من الغزو (فأخذت (2) نمطًا) بفتح النون والميم، كما تقدم قريبًا (3).

(كان لنا فسترته على العرص) بفتح العين (4) وسكون الراء، ثم صاد مهملات. ولفظ مسلم: فسترته على الباب (5). ولفظ غيرهما: نصبت على باب حجرتي عباءة مقدمه من غزاة خيبر أو تبوك فهتك العرص (6). قال الهروي: المحدثون يروونه بالضاد -يعني: المعجمة- وهو بالصاد والسين، وهو خشبة توضع على البيت عرضًا إذا أرادوا تسقيفه، ثم تلقى عليه أطراف الخشب القصار، يقال: عرصت البيت تعريصًا،

(1)"صحيح البخاري"(2875) من حديث عائشة مرفوعًا.

(2)

في هامش (ح) وصلب (ل، م): روي: فاتخذت.

(3)

في حديث رقم (4145).

(4)

ورد بهامش (ح) وصلب (ل، م): وبضم العين مع الصاد المهملة.

(5)

"صحيح مسلم"(2107).

(6)

رواه النسائي في "السنن الكبرى" 5/ 306 (8950)، والبيهقي 10/ 219 عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة مرفوعًا.

ص: 459

وذكره أبو عبيد بالسين (1). وقال: والبيت المعرس الذي له عرس، وهو الحائط يجعل بين حائطي البيت لا يبلغ به أقصاه (2).

قال ابن الأثير: والحديث جاء في "سنن أبي داود" بالضاد المعجمة، وشرحه الخطابي في "المعالم" وفي "غريب الحديث" بالصاد المهملة. وقال: قال الراوي: العرض، وهو غلط (3).

وقال الزمخشري: إنه العرص. بالمهملة، وشرح نحو ما تقدم. قال: وقد روي بالضاد المعجمة؛ لأنه يوضع على البيت عرضًا (4).

(فلما جاء استقبلته) من مقدمه (فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته) فيه ملاقاة القادم من الغزو وغيره من الأسفار، وبداءة المقيم السلام على القادم، وتسليم الصغير على الكبير (الحمد للَّه) فيه: إظهار حمد اللَّه وشكره عند السلام على القادم من السفر (الذي أعزك) بالنصر على الأعداء (وأكرمك) بإنعامه.

وفيه دليل على أنه يقال للمسافر هذا اللفظ ونحوه: تقبل اللَّه غزوك وغفر ذنبك.

(فنظر إلى) باب (البيت فرأى النمط) قال القرطبي: هذا النمط هو الذي عبر عنه في رواية مسلم بالدرنوك بضم الدال وفتحها، وهو الستر الذي كان فيه تصاوير الخيل ذوات الأجنحة. قال: والباب يراد

(1)"الغريبين" 4/ 1251 - 1252.

(2)

انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 86، "النهاية في غريب الحديث والأثر" 3/ 208.

(3)

"النهاية في غريب الحديث والأثر" 3/ 208.

(4)

"الفائق في غريب الحديث" 1/ 202 - 203.

ص: 460

به هاهنا (1) باب السهوة المذكور في الرواية الأخرى، وهو بيت صغير يشبه المخدع. قال الأصمعي: هو شبه الطاق يجعل فيه الشيء، وهو يشبه الخزانة الصغيرة (2).

(فلم يرد علي شيئًا) أي: لم يرد عليَّ جواب السلام ولا غيره.

وفيه: استحباب هجران أهل البدع والمعاصي الظاهرة، وترك السلام عليهم، وترك رد جواب سلامهم زجرًا لهم وتأديبًا ليرجعوا عما صدر منهم.

(ورأيت الكراهية) بتخفيف الياء (في وجهه) وإنما عرفت الكراهية في وجهه حين تلون وجهه وظهر الغضب فيه، ووقف عند الباب ولم يدخل كما كان يفعل قبل ذلك.

وفيه من الفقه: الغضب عند رؤية المنكر ردعًا للفاعل، فإن الغضب للَّه تعالى مشروع.

(فأتى النمط) فتناوله (حتى هتكه) أي: قطعه وأتلف الصورة التي فيه، وهو يدل على أن ما صنع على غير الوجه المشروع لا مالية له ولا حرمة، وأن من (3) كسر منها شيئًا لا يقدر على الإبطال إلا به وأتلف تلك الصور لم يلزمه ضمان ذلك.

(ثم قال: إن اللَّه تعالى لم يأمرنا فيما رزقنا) ووسع علينا من فضله (أن نكسو) بإسكان واو الضمير، وأن نكسو بنصب الواو وهو الصواب، ولا

(1) ساقطة من (م).

(2)

"المفهم" 5/ 425 - 426.

(3)

ساقطة من (م).

ص: 461

يجوز إثبات واو الضمير؛ لأن المضارع المبدوء بالنون يجب استتار الضمير فيه كقوله (أن لن تدعو مع اللَّه أحدًا)(1) به (الحجارة) يعني: الحيطان المبنية بالأحجار (واللبن) بفتح اللام وكسر الموحدة، ويجوز كسر اللام مع سكون الباء، وهو ما يعمل من الطين ليبنى به، ورواية مسلم:"الحجارة والطين"(2) ويفهم منه كراهية ستر الحيطان بالثياب المنقشة وغيرها؛ لأن ذلك من السرف وفضول زهرة الدنيا التي نهى اللَّه النبي أن يمد عينيه إليها نهي تنزيه لا تحريم، ومنه تنجيد البيوت بالثياب.

وكذلك جاء في الرواية الأخرى: "فإني كلما دخلت [فرأيته] (3) ذكرت الدنيا"(4)، وهذا الستر هو الذي كان يصلي إليه (5) وتعرض له تصاويره في الصلاة، فلما تبين له مفسدته امتنع من دخول البيت حتى هتكه، وقد فعل سلمان الفارسي نحو هذا لما تزوج الكندية (6) وجاء ليدخل بها فوجد حيطان البيت قد سترت، [فلم يدخل](7)، وقال

(1) كذا في (ل، م) ويقصد بها الشارح أنها آية، ويدلل بها على بدء استتار واو الضمير إذا كان الفعل مبدوءًا بالنون، وهو خطأ، فإنه لا توجد آية بهذا اللفظ، وإنما الآية:{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18].

(2)

"صحيح مسلم"(2107).

(3)

زيادة ليست في الأصول، وأثبتناها من "صحيح مسلم".

(4)

"صحيح مسلم"(2107)(88).

(5)

ساقطة من (ل، م).

(6)

في جميع النسخ: الهندية. والمثبت من مصادر التخريج.

(7)

ما بين المعقوفتين ساقط من (ل، م).

ص: 462

منكرا لذلك: أمحموم بيتكم أم تحولت الكعبة في كندة؟ حتى أزيل كل ذلك (1). ودعا ابن عمر أبا أيوب، فرأى سترًا على الجدار، فقال: ما هذا؟ فقال: غلبنا عليه النساء. فقال: واللَّه لا أطعم لك طعامًا، فرجع. ذكره البخاري (2).

(قال) زيد (فقطعته) فيه المبادرة إلى إزالة ما نهي عنه بالتصريح أو التعريض (وجعلته وسادتين) قال القرطبي: يحتمل أن مع التقطيع أزيل شكل الصورة وبطل، فيزول الموجب للمنع (3)، ويحتمل أن تكون تلك الصور أو بعضها باقيًا، لكن لما امتهنت بالقعود عليها والاتكاء سومح فيها، وقد ذهب إلى كل احتمال منهما طائفة من العلماء. ثم قال: والحق أن كل ذلك محتمل، وليس أحد الاحتمالين بأولى من الآخر، فلا حجة في الحديث على واحد منهما، وإنما الذي يفيده هذا الحديث جواز اتخاذ النمارق والوسائد في البيوت (4).

(وحشوتهما ليفًا) لا كتانًا ولا قطنًا، وفي معنى الليف الإذخر والهشيم من التبن وغيره (فلم ينكر) بكسر الكاف (ذلك عليَّ) لأنه مباح.

[4154]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير) بفتح الجيم، وهو ابن

(1) رواه عبد الرزاق 6/ 192 (10463)، والبيهقي 7/ 272 - 273 عن ابن جريج به. ورواه الطبراني 6/ 226 - 227 (6067) عن ابن عباس به. ورواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 185 عن أبي عبد الرحمن السلمي عن سلمان به.

(2)

معلقًا قبل حديث (5181)، ووصله ابن حجر في "التغليق" 4/ 424 - 425.

(3)

ساقطة من (ل، م).

(4)

"المفهم" 5/ 428.

ص: 463

عبد الحميد الضبي (عن سهيل) بن أبي صالح (بإسناده) المذكور، و (مثله قال) زيد بن خالد (فقلت: يا أمه) بإسكان هاء السكت (إن) أبا طلحة (هذا حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال) ذلك (وقال) فيه (سعيد بن يسار) الراوي فزاد عن أبي طلحة أنه (مولى بني النجار) قبيلة من الخزرج فيها بطون وأفخاذ وفصائل.

[4155]

(حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث، عن بكير)(1) بن عبد اللَّه ابن الأشج المدني (عن بسر) بضم الموحدة وإسكان المهملة، هو (بن سعيد) المدني (عن زيد بن خالد) الجهني (عن أبي طلحة) الأنصاري (أنه قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة) ملائكة الرحمة كما تقدم (لا تدخل بيتًا فيه صورة) حيوان منفوشة أو حية (قال بسر) بن سعيد (ثم اشتكى زيد) بن خالد. لفظ مسلم: فمرض (2)(فعدناه).

فيه: فضيلة عيادة المريض، لا سيما إن كان له حق التعلم أو المشيخة.

(فإذا على بابه) أي: على (3) باب بيته (ستر فيه صورة) حيوان (فقلت لعبيد اللَّه) بالتصغير، وهو ابن الأسود (الخولاني) بفتح الخاء المعجمة (ربيب) بفتح الراء المهملة.

(ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد) بن خالد الجهني (عن الصور) عنها (يوم) الوقت الماضي (الأول؟ ) وهو من باب إضافة

(1) فوقها في (ح، ل): (ع).

(2)

"صحيح مسلم"(2106)(86).

(3)

ساقطة من (ل، م).

ص: 464

الموصوف إلى صفته نحو مسجد الجامع.

(فقال عبيد اللَّه) بن الأسود (ألم تسمعه حين) استثنى و (قال: إلا رقمًا) وهو النقش والكتابة.

هذا يحتج به من يقول بإباحة ما كان رقمًا مطلقًا، سواء امتهن أم لا كما هو هنا، وسواء علق في حائط، وهذا مذهب القاسم (1) بن محمد وغيره (2)، وجواب الجمهور عنه أنه محمول على رقم على (3) صورة الشجر وغيره مما ليس بحيوان، فإنه جائز عندنا (4)(في ثوب؟ ) ونحوه.

[4156]

(حدثنا الحسن بن الصباح) الواسطي، شيخ البخاري (أن إسماعيل بن عبد الكريم) بن معقل الصنعاني، عن ابن معين: ثقة، رجل صدق (5).

(حدثهم قال: حدثني إبراهيم بن عقيل)(6) بفتح المهملة الصنعاني، ذكره ابن حبان في "الثقات"(7)، وهو صدوق (عن أبيه) عقيل بن معقل اليماني، وثقه أحمد، وقال: قرأ التوراة والإنجيل والقرآن (8)(عن وهب بن منبه) ولم يسمع وهب من جابر شيئًا.

(1) ساقطة من (م).

(2)

انظر: "الاستذكار" 27/ 177.

(3)

ساقطة من (م).

(4)

انظر: "الحاوي" 9/ 565.

(5)

انظر: "تهذيب الكمال" 3/ 140 (463).

(6)

بعدها في جميع النسخ: مصغر، ولا يستقيم السياق مع ما بعدها.

(7)

6/ 6.

(8)

انظر: "تهذيب الكمال" 20/ 241 (4000).

ص: 465

(عن جابر) بن عبد اللَّه رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر) بتخفيف (1) الميم (عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمن الفتح) فتح مكة، وكان في شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة (وهو بالبطحاء) بطحاء مكة ممدود، وهو الأبطح، ويضاف إلى مكة ومنى (2)، وهو واحد، وهو المحصب، وهو خيف بني كنانة، وكل مسيل واسع فيه دقاق الحصا فهو أبطح وبطحاء (أن يأتي الكعبة) زادها اللَّه شرفًا.

(فيمحو) بنصب الواو (كل صورة فيها) أي: كل تمثال على صورة نبي أو ملك من الملائكة أو نحو ذلك مما كان نقشًا في حائط أو له جرم أو غير ذلك مما فيه روح [(فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت) ومفهوم قوله: (محيت) أن يكون نقشًا في حائط](3).

[4157]

(حدثنا أحمد بن صالح) الطبري المصري، شيخ البخاري (ثنا) عبد اللَّه (ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب) الزهري (عن) عبيد (ابن السباق)(4) بفتح المهملة وتشديد الموحدة الثقفي.

(عن) عبد اللَّه (ابن عباس قال: حدثتني ميمونة) بنت الحارث (زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم) زاد مسلم والنسائي: أصبح يومًا واجمًا فقالت ميمونة: يا رسول اللَّه، قد استنكرت هيأتك منذ اليوم (5). (قال) رسول

(1) في (ل، م): بفتح.

(2)

ساقطة من (ل).

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من (ل، م).

(4)

فوقها في (ح، ل): (ع).

(5)

"صحيح مسلم"(2105)، "المجتبى" 7/ 186.

ص: 466

اللَّه صلى الله عليه وسلم (إن جبريل عليه السلام كان وعدني أن يلقاني الليلة) يقال من الصبح إلى الظهر: فعلت الليلة. ومن الظهر إلى الليل: فعلت البارحة.

(فلم يلقني) زاد مسلم والنسائي: "أما واللَّه ما أخلفني" قال: فظل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومه على ذلك (1). وفيه دليل على أن من وعد شخصًا أن يأتيه في مكان ثم حصل عذر منعه من الدخوله جاز له التخلف عنه، ولا يكون ذلك من علامات النفاق، كمن واعده أن يأتيه في مسجد فأجنب أو كانت امرأة فحاضت كان ذلك عذرًا في التخلف عن الوعد.

(ثم وقع في نفسه جرو) فيه حذف مضاف، أي: وجود جرو، أي: ولد (كلب) صغير (تحت بساط لنا) ولمسلم: تحت فسطاط لنا (2). والفسطاط شبه الخباء، ويوضحه قوله في الحديث الآخر: تحت (3) سرير عائشة (4). (فأمر به) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (فأخرج) من البيت.

قال النووي: الأظهر أن الحديث عام في كل كلب وكل صورة، حتى إن الملائكة تمتنع من كل كلب؛ لإطلاق الحديث؛ لأن هذا الجرو كان فيه عذر ظاهر؛ لأنه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل من الدخول، وعلل بالجرو، فلو كان العذر في وجود الصورة والكلب لا يمنعهم لم يمتنع جبريل (5).

(ثم أخذ بيده ماءً فنضح به مكانه) أي: رشه بالماء ولم يغسله؛ لأن

(1) السابق.

(2)

"صحيح مسلم"(2105).

(3)

في (ل، م): رواية.

(4)

رواه أحمد 6/ 142 - 143 من حديث عائشة مرفوعًا.

(5)

"شرح مسلم" 14/ 84.

ص: 467

النجاسة العينية لم تتحقق، بل هي مشكوك فيها، فلو تحققت النجاسة (1) منه للموضع لغسله، كما فعل ببول الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد.

(فلما)(2) زاد مسلم والنسائي: أمسى (3)(لقيه جبريل عليه السلام) زادا: فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (4): "قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة"(قال) أجل، ولكنا (إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب) واختلف في المعنى الذي في الكلب المانع للملائكة من الدخول، فذهبت طائفة أنه النجاسة، وهو من حجج من قال بنجاسة الكلب كالشافعي (5)، وثانيها استخباث روائحها واستقذارها (ولا صورة) المراد بها التماثيل ذوات الأرواح، وسببه أن متخذها في بيته قد أشبه الكفار الذين يتخذون الصور في بيوتهم ويعظمونها، فكرهت الملائكة ذلك منه فلم تدخل بيته هجرانًا له وغضبًا عليه.

(فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقتل الكلاب) والأمر بقتل الكلاب منسوخ بحديث جابر في مسلم وغيره: أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قتلها (6). ثم استقر الشرع على النهي (حتى إنه) بكسر الهمزة (ليأمر بقتل كلب الحائط) يعني: البستان (الصغير، وبترك) بكسر باء الجر

(1) ساقطة من (ل، م).

(2)

في (ل، م): رواية.

(3)

"صحيح مسلم"(2105)، "المجتبى" 7/ 186.

(4)

السابق.

(5)

"الأم" 2/ 29 ط، دار الوفاء، وانظر:"المهذب" 1/ 261.

(6)

رواه مسلم (1572)، وسبق برقم (2846)، ورواه أيضًا أحمد 3/ 333.

ص: 468

وروي: يترك (1). فعل مضارع (كلب الحائط الكبير) فرق بين الحائطين؛ لأن الكبير تدعو الحاجة إلى حفظ جوانبه، ولا يتمكن الناطور من المحافظة على ذلك بخلاف الصغير، وهذا يدل على جواز اتخاذ ما ينتفع به من الكلاب في حفظ (2) الدور والبساتين وغيرها. ألا ترى أن البستان الكبير لما كان يحتاج إلى حفظ جوانبه ترك له كلبه ولم يقتله، بخلاف البستان الصَّغير، فإنه أمر بقتل كلبه؛ لأن الصغير لا يحتاج إلى الحفظ، فإنه ينحفظ من غير كلب لقرب جوانبه.

[4158]

(حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى) الأنطاكي الفراء، قال أحمد العجلي: صاحب سنة (3). وقال أبو داود: ثقة لا يلتفت إلى من حكى: لا يملي إلا من كتاب (4).

(ثنا أبو إسحاق)(5) إبراهيم بن محمد (الفزاري) بفتح الفاء أحد الأعلام.

(عن يونس بن أبي إسحاق) السبيعي الهمداني، أخرج له مسلم في الجهاد (6) (عن مجاهد) صرح الترمذي بالتحديث فقال: ثنا يونس، ثنا مجاهد (7).

(1) رواها مسلم (2105).

(2)

ساقطة من (ل، م).

(3)

"معرفة الثقات" 2/ 266 (1688).

(4)

"سؤالات الآجري لأبي داود"(1776).

(5)

فوقها في (ح، ل): (ع).

(6)

وقفت عليه في الإمارة برقم (1844)(47).

(7)

"سنن الترمذي"(2806).

ص: 469

(ثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل عليه السلام فقال لي) إني (أتيتك البارحة) يقال لما فعل من الظهر إلى الليل: فعلت البارحة: (فلم يمنعني أن أكون دخلت) زاد الترمذي: عليك البيت الذي كنت فيه (1)(إلا أنه كان على) باب (البيت تماثيل) الرجال (وكان في البيت قرام) بكسر القاف والتنوين وروي بحذف التنوين والإضافة (2)، وهو الستر الرقيق فيه نقوش مرقومة (3).

(ستر فيه تماثيل) ولمسلم: وقد سترت سهوة لي بقرام (4). والسهوة الخزانة الصغيرة. ولفظ النسائي: عن أبي هريرة: استأذن جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ادخل". فقال: كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير (5)؟ ! واختلاف الروايات يبين بعضها بعضًا.

(وكان في البيت كلب) أيضًا (فمر) بضم الميم، أي: فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: مر (برأس التمثال الذي (6) في) باب (البيت) لفظ الترمذي: فمر بالتمثال الذي بالباب (7)(فيقطع، فيصير كهيئة الشجرة) فيه أن الشجر ونحوه مما لا روح فيه لا يحرم صنعته ولا التكسب به، سواء الشجر المثمر وغيره، وهذا مذهب العلماء كافة إلا مجاهدًا، فإنه

(1) السابق.

(2)

رواها الترمذي (2806)، وأحمد 2/ 305.

(3)

ساقطة من (م).

(4)

"صحيح مسلم"(2107)(92) من حديث عائشة مرفوعًا.

(5)

"المجتبى" 8/ 216.

(6)

في حاشية (ح) وصلب (م، ل): نسخة: التماثيل التي.

(7)

"سنن الترمذي"(2806) بلفظ: فمر برأس التمثال الذي بالباب.

ص: 470

جعل الشجر المثمر من المكروه (1)؛ لقوله تعالى: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي"(2).

(ومر بالستر فليقطع فليجعل (3) منه وسادتين) فيه أن الصورة والتمثال إذا غير بقطع رأسه لم يكن بها بأس بعد ذلك، وفيه اتخاذ الوسادتين فأكثر، للرجل واحدة وللمرأة (. . .) (4) (منبوذتين) أي: مطروحتين على الأرض لطيفتين. لفظ الترمذي: منتبذتين (5)(توطآن) على الأرض للنوم عليهما.

(ومر بالكلب فليخرج ففعل) ذلك (رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإذا الكلب لحسن) ابن علي بن أبي طالب (أو حسين) لفظ الترمذي: فكان ذلك الكلب جروًا (6) للحسن أو الحسين (7).

وفيه: تربية جرو الكلب للولد الصَّغير، وقد يستدل به على طهارة الجرو، وجواز اتخاذه لغير الاصطياد (8).

(1) انظر: "الاستذكار" 27/ 180 - 181، وأثر مجاهد رواه ابن أبي شيبة 8/ 319 (25802).

(2)

حديث قدسي رواه البخاري (5953)، (7559)، ومسلم (2111) من حديث أبي هريرة مرفوعًا، واللفظ لمسلم.

(3)

في حاشية (ح) وصلب (ل): نسخة: فيجعل.

(4)

كلمة غير مقروءة في جميع النسخ.

(5)

"سنن الترمذي"(2806).

(6)

في جميع النسخ: جرو. والمثبت هو الصواب.

(7)

السابق.

(8)

وممن قال بذلك الشافعية والحنابلة، انظر:"المهذب" 1/ 261، "البيان" 5/ 55، "فتح الباري" لابن حجر 5/ 7، "الكافي" لابن قدامة 3/ 18.

ص: 471

(كان تحت نضد) بفتح النون والضاد المعجمة، فعل بمعنى مفعول، أي: تحت متاع البيت المنضود بعضه فوق بعض، وقيل: هو السرير، سمي بذلك لأن النضد يوضع عليه، أي: يجعل بعضه فوق بعض، وفي حديث مسروق: شجر الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها (1). أي: ليس لها سوق بارزة، ولكنها منضودة بالورق والثمار من أسفلها إلى أعلاها (لهم فأمر به) أي: بالكلب (فأخرج من البيت) قال الترمذي: حديث حسن صحيح (2). [(قال أبو داود: النضد شيء توضع عليه الثياب شبه السرير)](3).

وهذا آخر كتاب اللباس

* * *

(1) رواه ابن المبارك في "الزهد"(1490)، وابن قتيبة في "غريب الحديث" 2/ 522، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(49)، والدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" 3/ 83 - 84 (703) من حديث مسروق مقطوعًا، واللفظ لابن قتيبة والدينوري.

(2)

عقب حديث (2806)، قال: هذا حديث حسن.

(3)

ما بين المعقوفتين من هامش (ح).

ص: 472