الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 - باب دِياتِ الأَعْضاءِ
4556 -
حَدَّثَنا إِسْحاقُ بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا عَبْدَةُ -يَعْني: ابن سُلَيْمانَ- حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ أَبي عَرُوبَةَ، عَنْ غالِبٍ التَّمّارِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبي مُوسَى، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"الأَصابعُ سَواءٌ عَشْرٌ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ"(1).
4557 -
حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ غالِبٍ التَّمّارِ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ الأَشْعَري، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"الأَصابعُ سَواءٌ". قُلْتُ: عَشْرٌ عَشْرٌ. قالَ: "نَعَمْ"(2).
قالَ أَبُو داودَ: رَواهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ غالِبٍ قالَ: سَمِعْتُ مَسْرُوقَ ابْنَ أَوْسٍ، وَرَواهُ إِسْماعِيلُ قالَ: حَدَّثَني غالِبٌ التَّمّارُ بإسْنادِ أَبي الوَليدِ وَرَواهُ حَنْظَلَةُ ابْن أَبي صَفِيَّةَ، عَنْ غالِبٍ بإِسْنادِ إِسْماعِيلَ.
4558 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى ح وَحَدَّثَنا ابن مُعاذٍ، حَدَّثَنا أَبي ح وَحَدَّثَنا نَصْرُ بْنُ عَلي، أَخْبَرَنا يَزِيد بْنُ زرَيْعٍ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هذِه وهذِه سَواءٌ". قالَ: يَعْني: الإِبْهامَ والخِنْصَرَ (3).
4559 -
حَدَّثَنا عَبّاسٌ العَنْبَري، حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوارِثِ، حَدَّثَني شُعْبَةُ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"الأَصابعُ سَواءٌ، والأَسْنانُ سَواءٌ الثَّنِيَّةُ والضِّرْسُ سَواءٌ، هذِه وهذِه سَواءٌ"(4).
(1) انظر التخريج السابق.
(2)
رواه النسائي 8/ 56، وابن ماجه (2654)، وأحمد 4/ 397، 398.
وصححه الألباني في "الإرواء"(2272).
(3)
رواه البخاري (6895).
(4)
رواه ابن ماجه (2650). وصححه الألباني في "الإرواء"(2277).
4560 -
قالَ أَبُو داوُدَ: وَرَواه النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِمَعْنَى عَبْدِ الصَّمَدِ. قالَ أَبُو داوُدَ: حَدَّثَناهُ الدّارِمي، عَنِ النَّضْرِ (1).
4560/ م - حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ حاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنا عَلي بْنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الأَسْنانُ سَواءٌ والأَصابعُ سَواءٌ"(2).
4561 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبانَ، حَدَّثَنا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصابِعَ اليَدَيْنِ والرّجْلَيْنِ سَواءً (3).
4562 -
حَدَّثَنا هُدْبَةُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا هَمّامٌ، حَدَّثَنا حُسَينٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ في خُطْبَتِهِ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ:"في الأَصابعِ عَشْرٌ عَشْرٌ"(4).
4563 -
حَدَّثَنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنا يَزِيد بْنُ هارُون، حَدَّثَنا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"في الأَسْنانِ خَمْسٌ خَمْسٌ"(5).
4564 -
قالَ أَبُو داودَ: وَجَدْتُ في كِتابي عَنْ شَيْبانَ -وَلم أَسْمَعْهُ مِنْهُ- فَحَدَّثْناهُ أَبُو بَكْرٍ -صاحِبٌ لَنا ثِقَةٌ- قالَ: حَدَّثَنا شَيْبان، حَدَّثَنا مُحَمَّدٌ -يَعْنى: ابن راشِدٍ-، عَنْ سُلَيْمانَ -يَعْني: ابن مُوسَى-، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ:
(1) رواه البيهقي 8/ 90، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 379، وراجع ما قبله.
(2)
راجع سابقيه.
(3)
رواه الترمذي (1391) بنحوه. وصححه الألباني في "الإرواء"(2271).
(4)
رواه النسائي 8/ 57، وابن ماجه (2653)، وأحمد 2/ 179، 189، 207، 215. وجود إسناده الحافظ في "الفتح" 12/ 225، وقال الألباني: حسن صحيح.
(5)
رواه النسائي 8/ 55. وصححه الألباني في "الإرواء" (2276).
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَوِّمُ دِيَةَ الخَطَإِ على أَهْلِ القُرى أَرْبَعَمِائَةِ دِينارٍ، أَوْ عَدْلَها مِنَ الوَرِق، يُقَوِّمُها عَلَى أَثْمانِ الإِبِلِ، فَإِذا غَلَتْ رَفَعَ في قِيمَتِها وَإِذا هاجَتْ رُخْصًا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِها، وَبَلَغَتْ على عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ما بَيْنَ أَرْبَعِمِائَةِ دِينارٍ إِلَى ثَمانِمِائَةِ دِينارٍ، أَوْ عَدْلَها مِنَ الوَرِق ثَمانِيَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ البَقَرِ مِائَتَي بَقَرَةٍ، وَمَنْ كانَ دِيَةُ عَقْلِهِ في الشّاءِ فَأَلْفَي شاةٍ، قالَ: وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ العَقْلَ مِيراثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ القَتِيلِ عَلَى قَرابَتِهِمْ فَما فَضَلَ فَلِلْعَصَبَةِ". قالَ: وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الأَنْفِ إِذا جُدِعَ الدِّيَةَ كَامِلَةً، وَإِنْ جُدِعَتْ ثَنْدُوَتُهُ فَنِصْفُ العَقْلِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ، أَوْ عَدْلُها مِنَ الذَّهَبِ، أَوِ الوَرِق، أَوْ مِائَةُ بَقَرَةٍ، أَوْ أَلْفُ شاةٍ، وَفي اليَدِ إِذا قُطِعَتْ نِصْفُ العَقْلِ، وَفي الرِّجْلِ نِصْفُ العَقْلِ، وَفي المَأْمُومَةِ ثُلُثُ العَقْلِ ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ مِنَ الإِبِلِ وَثُلْثٌ، أَوْ قِيمَتُها مِنَ الذَّهَبِ، أَوِ الوَرِق، أَوِ البَقَرِ، أَوِ الشّاءِ والجائِفَةُ مِثْلُ ذَلِكَ. وَفي الأصَابِعِ في كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ، وَفي الأَسْنانِ في كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَقْلَ المَرْأَةِ بَيْنَ عَصَبَتِها مَنْ كَانُوا لا يَرِثُونَ مِنْها شَيْئًا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِها، فَإنْ قُتِلَتْ فَعَقْلُها بَيْنَ وَرَثَتِها وَهُمْ يَقْتُلُونَ قاتِلَهُمْ وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَيْسَ لِلْقاتِلِ شَيء وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وارِثٌ فَوارِثُهُ أَقْرَبُ النّاسِ إِلَيْهِ وَلا يَرِثُ القاتِلُ شَيْئًا". قالَ مُحَمَّدٌ: هذا كُلُّهُ حَدَّثَني بِهِ سُلَيْمانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم (1).
قالَ أَبُو داوُدَ: مُحَمَّدُ بْن راشِدٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ هَرَبَ إِلَى البَصْرَةِ مِنَ القَتْلِ.
4565 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فارِسٍ، حَدَّثَنا مُحَمَّد بْن بَكّارِ بْنِ بِلالٍ العامِلي، أَخْبَرَنا مُحَمَّدٌ -يَعْني: ابن راشِدٍ-، عَنْ سُلَيْمانَ -يَعْني: ابن مُوسَى-، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"عَقْلُ شِبْهِ العَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ العَمْدِ وَلا يُقْتَلُ صاحِبُهُ". قالَ: وَزادَنا خَلِيلٌ عَنِ ابن راشِدٍ: "وَذَلِكَ
(1) رواه أحمد 2/ 27.
وحسنه الألباني في "الإرواء" 6/ 117 - 118.
أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطانُ بَيْنَ النّاسِ فَتَكُونَ دِماءٌ في عِمِّيّا في غَيْرِ ضَغِينَةٍ وَلا حَمْلِ سِلاحٍ" (1).
4566 -
حَدَّثَنا أَبُو كامِلٍ فُضيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ خالِدَ بْنَ الحارِثِ حَدَّثَهُمْ قالَ: أَخْبَرَنا حُسَينٌ -يَعْني: المُعَلِّمَ-، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ أَباهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"في المَواضِحِ خَمْسٌ"(2).
4567 -
حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْنُ خالِدٍ السُّلَمي، حَدَّثَنا مَرْوانُ -يَعْني: ابن مُحَمَّدٍ-، حَدَّثَنا الهَيْثَمُ بْن حُمَيْدٍ، حَدَّثَني العَلاءُ بْنُ الحارِثِ، حَدَّثَني عَمْرو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في العَيْنِ القائِمَةِ السّادَّةِ لِمَكانِها بثُلُثِ الدِّيَةِ (3).
* * *
باب ديات الأعضاء
[4556]
(ثنا إسحاق بن إسماعيل) الطالقاني، ثقة، قال (ثنا عبدة بن سليمان) الكلابي المقرئ، قال أحمد: ثقة وزيادة مع صلاحه (4).
قال (ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن غالب) بن مهران (التمار) صالح الحديث.
(1) رواه أحمد 2/ 183، 217، 224، والبيهقي 8/ 70.
وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(4016).
(2)
رواه الترمذي (1390)، والنسائي 8/ 57، وابن ماجه (2655)، وأحمد 2/ 179، 189، 207، 215.
وصححه الألباني في "الإرواء"(2285).
(3)
رواه النسائي 8/ 55.
وحسن إسناده الألباني في "الإرواء"(2293).
(4)
انظر: "تهذيب الكمال" 18/ 533.
(عن حميد بن هلال، عن مسروق بن أوس) الحنظلي، غزا في خلافة عمر (1)، ذكره ابن حبان في "صحيحه"(2).
(عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأصابع) أي: أصابع اليدين والرجلين كما سيأتي في رواية ابن عباس (سواء) أي: في الدية (عشر) أي: عشرة أبعرة (عشر) أي: في كل أصبع عشرة (من الإبل) قال ابن قدامة: في كل أصبع من اليد والرجل عشرة من الإبل، هو قول عامة العلماء، منهم: مالك والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي وأصحاب الحديث، لا نعلم فيه خلافا إلا رواية عن عمر: أنه قضى في الإبهام بثلاث عشرة، وفي التي تليها ثنتي عشرة، وفي الوسطى بعشر، وفي التي تليها بتسع، وفي الخنصر بست (3).
[4557]
(ثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي، روى عنه البخاري (قال: ثنا شعبة، عن غالب) بن مهران (التمار، عن مسروق ابن أوس، عن) أبي موسى (الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأصابع سواء) لأنها ذو عدد من جنس واحد تجب فيه الدية، وكانت سواء في الدية كالأسنان وسائر الأعضاء ([قلت] (4): عشر عشر) من الإبل في كل أصبع (قال: نعم) كلها سواء، فيه حجة على ما روي عن عمر قبله، وقد روي عنه أنه لما أخبر بكتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لآل
(1) ساقطة من (م).
(2)
"صحيح ابن حبان"(6013)، ولعل المصنف يقصد "الثقات" فإنه فيه 5/ 456.
(3)
"المغني" 12/ 148 - 149.
(4)
من المطبوع.
حزم: في كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل (1). أخذ به، وترك قوله الأول.
(قال أبو داود: رواه محمد بن جعفر) غندر الحافظ ربيب شعبة (عن شعبة، عن غالب) التمار (قال: سمعت مسروق بن أوس) الحنظلي.
(ورواه إسماعيل) ابن علية (قال: حدثني غالب التمار بإسناد أبي الوليد، ورواه حنظلة بن أبي صفية، عن غالب بإسناد إسماعيل) ابن علية.
[4558]
(ثنا مسدد) قال (ثنا يحيى. وثنا) عبيد اللَّه بالتصغير (ابن معاذ قال: ثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري (وحدثني نصر بن علي الجهضمي) قال (أنا يزيد بن زريع) أبو معاوية الحافظ (كلهم عن شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هذِه وهذِه سواء. يعني: الإبهام والخنصر) بكسر أوله وثالثه، وفتح الصاد، أخذ من الاختصار؛ لصغرها، ونونها زائدة.
وفيه دليل على أن الأصابع لا تفاضل بينها، وإن تفاوتت المنفعة اعتبارًا بمطلق الاسم، ولو تفاضلت بالمنافع لفضلت اليمنى على اليسرى.
وعن مجاهد: في الإبهام خمس عشرة، وفي التي تليها ثلاث عشرة، [وفي التي تليها ثلاث عشرة](2) وفي التي تليها ثمان، وفي التي تليها سبع.
[4559]
(ثنا عباس) بن عبد العظيم بن إسماعيل بن توبة (العنبري)
(1) رواه مالك في "الموطأ" 2/ 849، والنسائي 8/ 60.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
روى عنه البخاري تعليقًا (1)(ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: الأصابع سواء) قال ابن حزم: هذا النص يقتضي أن أصابع اليدين والرجلين سواء لعموم ذكر الأصابع، ولا يخرج عن هذا العموم، إلا ما أخرجه نص أو إجماع. قال: وروي عن عمر أنه قضى في الإبهام والتي تليها نصف دية اليد (2)(والأسنان سواء) في كل سن خمس من الإبل (الثنية) جمعها ثنايا، وهي الأربعة التي تقابل الأنف: ثنتان من الأعلى، وثنتان من أسفل (والضرس) بكسر الضاد واحد الأضراس، وهي اثنا عشر يقال لها: الطواحن (سواء) في الدية (هذِه وهذِه) أي: الثنية والضرس (سواء) وإن اختلفت منفعتهما.
قال مالك في "الموطأ": عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول؛ قضى عمر بن الخطاب في الأضراس ببعير بعير، وقضى معاوية في الأضراس بخمسة أبعرة خمسة أبعرة. قال سعيد بن المسيب: فالدية تنقص في قضاء عمر، وتزيد في قضاء معاوية، فلو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين، فتلك الدية سواء (3).
وعن عطاء نحوه، وعن أحمد بن حنبل رواية في جميع الأسنان والأضراس (4)، فتتعين هذِه الرواية على أنَّ في كل سن خمسًا من
(1) البخاري (6412).
(2)
"المحلى" 10/ 438.
(3)
"الموطأ" 2/ 861.
(4)
انظر: "المغني" 12/ 131.
الإبل؛ لورود الحديث به، فيكون في الأسنان ستون بعيرًا؛ لأن فيه اثني عشر سنا: أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب، فيها خمس خمس، وفيه عشرون ضرسًا في كل جانب عشرة، خمسة من فوق، وخمسة من أسفل، فيكون فيه أربعون بعيرًا في كل ضرس بعيران، وحجة من قال هذا: أنه ذو عدد، وتجب فيه الدية، فلم ترد ديته على دية الأسنان كالأصابع والأجفان وسائر ما في البدن، ولأنها تشتمل على منفعة جنس، فلم تزد ديتها على الدية كسائر منافع الجنس، ولأن الأضراس تختص بالمنفعة دون الجمال، والأسنان فيها منفعة وجمال، فاختلف في الأرش، لكن هذا الحديث فيه نص دافع لهذا كله.
(قال أبو داود: ورواه النضر بن شميل) المازني النحوي شيخ مرو (عن شعبة بمعنى) حديث (عبد الصمد) بن عبد الوارث (قال أبو داود: حدثناه)(1) أبو جعفر أحمد بن سعيد بن صخر (الدارمي) ووهم ابن عساكر حيث قال: عبد اللَّه الدارمي، فقد بينه كما قلناه أبو الحسن بن العبد في روايته (عن النضر) بن شميل.
[4560]
(ثنا محمد بن حاتم بن بزيع) بفتح الموحدة، وكسر الزاي البصري، وثقه النسائي (2).
(ثنا علي بن الحسن) بن شقيق العبدي (أنا أبو حمزة) بحاء مهملة، وزاي، السكري محدث مرو (عن يزيد) بن أبي سعيد المروزي
(1) في (ل)، (م): حدثاه. والمثبت من "السنن".
(2)
انظر: "تهذيب الكمال" 25/ 16.
(النحوي) متقن عابد، قتله أبو مسلم.
(عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الأسنان سواء) وفي هذا نص كما تقدم، فأما ما ذكر من المعنى المتقدم خالف القياس فيه، وخالف التسوية الثابتة في كل سن خمس بقياس سائر الأعضاء من جنس واحد، فكأن التسوية مع موافقة الأخبار وقول أكثر أهل العلم أولى، وأما قول عمر: في ضرس بعير. كما تقدم، فيخالف القياسين جميعًا (والأصابع سواء) كما تقدم.
قال الماوردي: لو جاز التفاضل بينها لتفاوت المنفعة لكان ذلك في أصابع الرجلين، ولفضلت القوية على الضعيفة، والكبيرة على الصغيرة، ولم يقل به أحد اعتبارًا بمطلق الاسم (1).
[4561]
(ثنا عبد اللَّه بن عمر بن محمد بن أبان) بن صالح، الكوفي مشكدانة، روى عنه مسلم.
(ثنا أبو تميلة) يحيى بن واضح (عن حسين المعلم) كذا قال اللؤلؤي، وهو وهم، والصواب ما في باقي الروايات: عن يسار المعلم، وقد رواه كذلك اللؤلؤي في كتاب "المفرد" فقال: عن يسار المعلم (عن يزيد) بن أبي سعيد (النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أصابع اليدين والرجلين سواء) هذا في الأصلية، وأما الأصبع الزائدة والسن الزائدة ففيها حكومة.
[4562]
(ثنا هدبة بن خالد) قال (ثنا همام) بن يحيى العدوي قال (ثنا
(1)"الحاوي" 12/ 279.
حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة) فيه أن المفتي والمدرس والمعلم القرآن وغيره إذا جلس للإفتاء أو التدريس أو التعليم يستدبر القبلة، ويجلس وجهه إلى من يأخذ عنه (في الأصابع عشر عشر) الأحسن قراءته بفتح العين للرواية المتقدمة "عشر من الإبل" ويمكن ضم العين، ويراد عشر الدية؛ ولهذا حذفت الهاء، فإنَّ الهاء تحذف من المؤنث لكنه لا يتعين؛ لأنه يجوز التذكير والتأنيث إذا لم يذكر العدد.
[4563]
(ثنا زهير بن حرب أبو خيثمة) النسائي الحافظ محدث بغداد، روى عنه الشيخان.
(ثنا يزيد بن هارون) قال (ثنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الأسنان: خمس خمس) من الإبل، ولم يفصل، فدخل في عمومها الأضراس؛ لأنها أسنان؛ لأن كل دية وجبت في جملة كانت مقسومة على العدد دون المنافع كالأصابع والأجفان والشفتين، وقد أومأ ابن عباس إلى هذا فقال: لا أعتبرها بالأصابع، وإنما يجب هذا في سن من ثغر، وهو الذي أبدل أسنانه وبلغ حدًّا إذا قلع سنه لم يعد بدله، فأما سن الصبي الذي لم يثغر، فلا يجب بقلعها في الحال شيء. هذا قول مالك والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي، لا أعلم فيه خلافًا؛ لأن العادة عود سنه كنتف شعره (1).
(1) انظر: "المدونة" 4/ 574، "الأم" 7/ 314، "بدائع الصنائع" 7/ 316، "المغني" 12/ 132 - 133.
[4564]
(قال أبو داود: وجدت في كتابي عن شيبان) بن فروخ الأبلي (ولم أسمعه منه، فحدثناه أبو بكر) أحمد بن محمد الأبلي العطار (صاحب لنا ثقة قال: ثنا شيبان) بن فروخ قال (ثنا محمد بن راشد) المكحولي.
(عن سليمان بن موسى) القرشي الأموي، قال عطاء: هو سيد شباب أهل الشام. قال أبو مسهر: كان أعلى أصحاب مكحول.
(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوِّم دية الخطأ على أهل القرى) أي: لعسر تحصيلها عليهم (أربعمائة دينار أو عدلها) العدل بفتح العين هو الذي يساوي الشيء قيمة وقدرًا، وإن لم يكن من جنسه، والعدل هو الذي يساوي الشيء من جنسه.
وروى الطبراني عن السائب أن عمر قال: ليس كل الناس يجدون الإبل، قوم للإبل أربعة آلاف درهم (1)(من الورق) بفتح الواو، وكسر الراء، وهو الفضة الخالصة (ويقومها على أثمان الإبل) التي لو كانت موجودة لوجب تسليمها، والمعتبر في القيمة قيمة يوم وجوب التسليم كما صرح به أصحابنا في باب العاقلة، والمراد بأثمان الإبل نقد البلد الذي يجب فيه التحصيل دنانير أو ورقًا، وينبغي أن يقوم بالنقد الغالب إن كان في البلد نقدان، كما صرح به الرافعي في كتاب البيع (2).
وفي "فتاوى القفال" في أرش الجناية يجب أن يكون ذهبًا خالصًا، أو فضة يعني: خالصة بخلاف العوض في العقد؛ لأن تقدير الأرش من
(1)"المعجم الكبير" 7/ 150 (6664): فقوموا الإبل أوقية أوقية فكانت أربعة آلاف درهم.
(2)
"الشرح الكبير" 4/ 47.
الشرع، وقد كان الذهب خالصًا، فيصرف إليه أرش جنايته (فإذا غلت الإبل رفع في قيمتها) بقدر ما ارتفع (وإذا هاجت) أي: هانت ورخصت يرخص (رخصا) وأصله من هاج النبت إذا يبس عشبه واصفر.
قال ابن الأثير: من هاج الفحل إذا طلب الضراب، وذلك مما يهزله، فحينئذ يقل ثمنه لذلك (1) (نقص) بتخفيف القاف (من قيمتها) بقدر ما نقص (وبلغت) قيمتها على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (ما بين أربعمائة دينار) إذا رخصت (إلى ثمانمائة دينار) وهذا قدرها إذا غلت (أو عدلها) أي: عدل الثمانمائة دينار (من الورق) المراد بها هنا الفضة الخالصة (ثمانية آلاف درهم) وقد استدل أصحابنا بهذا الحديث على أنَّ الواجب في الدية إذا عدمت الإبل قيمتها ما بلغت، وأنها في حال رخص الإبل أقل منها في حال غلائها.
(وقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أهل البقر مائتي بقرة) كما تقدم.
وفي "المراسيل" لأبي داود عن عطاء أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة (2).
(ومن كان ديه عقله) أي: عاقلته التي يتحملها عنه واجبة (في) أهل (الشاء) بالمد والهمز، الجوهري يقول: ثلاث شياه إلى العشر (3)، فإذا
(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر" 5/ 286، "جامع الأصول" 4/ 425.
(2)
لم أجده في "المراسيل"، وقد سلف برقم (4543).
(3)
في (ل)، (م): العشرين. والمثبت من "الصحاح".
جاوزت فبالتاء (1)، فإذا جاوزت قلت: هذِه شاء كثيرة، والنسبة إلى الشاء شويّ (2) (فألفي شاة) وفي بعض النسخ:"فألفا شاة" بالرفع على أنه مبتدأ حذف خبره المقدم عليه، تقديره: فعليه ألفا شاة، كقوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} (3)(ألفي) منصوب مفعول (قضى) وقضى عليه ألفي شاة، والشاة هي: الواحدة من الغنم، تقع على الذكر والأنثى من الضأن والمعز، وروى الطبراني في حديث طويل عن أسامة بن زيد: ليس كل الناس يجدون الإبل، قوموا الإبل. فقومت فجعل على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، كل حلة خمسة دنانير، وعلى أهل الضأن ألف ضانية، وعلى أهل المعز ألفي ماعزة، وعلى أهل البقر مائتي بقرة (4).
(وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنَّ العقل) يعني: الدية، أصلها أنَّ القاتل كان إذا قتل قتيلًا جمع الدية من الإبل فعقلها، يعقلها بفناء أولياء المقتول؛ ليقبلوها منه، فسمى الدية عقلًا، وأصل الدية الإبل ثم قومت (ميراث) أي: تقسم كما يقسم ميراث الميت (بين ورثة القتيل على) حسب (قرابتهم) الأقرب فالأقرب (فما فضل) عن فرائضهم، ويدل على ذلك رواية النسائي:"العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم فما فضل"(فللعصبة)(5) أي: فللأقرب فالأقرب من العصبة، كما في
(1) في النسخ: فبالهاء. والمثبت من "الصحاح".
(2)
في النسخ: شاوي. والمثبت من "الصحاح" 6/ 2238.
(3)
البقرة: 196.
(4)
"المعجم الكبير" 7/ 150 (6664) عن السائب بن يزيد.
(5)
"المجتبى" 8/ 42، "السنن الكبرى" 4/ 234.
الحديث: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" الحديث (1)(قال: وقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الأنف إذا جدع) بالدال المهملة، أي: قطع جميعه واستوعب.
وفي كتاب عمرو بن حزم: "وفي المارن إذا أوعب جدعًا"(2)(الدية كاملة) قال الشافعي: ومعلوم أن الأنف غضروف، وهو المارن، وهو: ما لان من الأنف؛ لأن العظم لا يقدر على قطعه (3)، ولا فرق بين الأخشم وغيره؛ لأن الشم ليس منه، وعبارة البويطي موضع اللحم كله (وإن جدعت ثندوته) بفتح الثاء المثلثة كما تقدم، وهي في اللغة مغرز الثدي، فإن فتحت الثاء لم تهمز آخره، وإن ضممتها همزت.
قال ابن الأثير: إن أريد بها روثة الأنف، فقد قال أكثر الفقهاء: إن فيها ثلث الدية. وقال بعضهم: فيها النصف، كما في الحديث (4).
والروثة بالثاء المثلثة: طرف الأنف، يقال: فلان يضرب بلسانه روثة أنفه (فنصف العقل) أي: نصف الدية، واعلم أن الإمامين العظيمين الخطابي وابن الأثير حملا الثندوة على طرف الأنف؛ لأن فيها ضميرًا يعود على الأنف (5)، وفيه حمل اللفظ على غير معناه الأصلي، فإن
(1) رواه البخاري (6732)، ومسلم (1615) من حديث ابن عباس.
(2)
رواه النسائي في "الكبرى" 4/ 245: وفي الأنف إذا أوعب جدعًا مائة من الإبل.
(3)
"الأم" 7/ 291.
(4)
"جامع الأصول" 4/ 425.
(5)
"معالم السنن" 4/ 27، "جامع الأصول" 9/ 246، "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 223.
الثندوة عند أئمة اللغة والفقهاء وغيرهم وفي العرف المتبادر إليه المعنى هي أنها للرجل بمنزلة الثدي للمرأة، كذا قال الجوهري (1) وغيره، وقال الأصمعي: هي مغرز الثدي. أي: من المرأة.
وقال ابن السكيت: هي اللحم التي حول الثدي (2).
وعلى هذا فيكون الضمير عائدًا على صاحب الأنف لا على الأنف بمفرده، لأن المحكوم عليه في الحديث هو صاحب الأنف إذا قطع أنفه، لا على الأنف بمفرده، وإذا قلنا: إن المراد به ثدي المرأة، فلا خلاف أن فيه نصف الدية، وإن حملناه على ثدي الرجل، فهو أيضًا حجة على القول القديم للشافعي أن فيه نصف الدية، ورجحه بعض الشافعية رضي الله عنهم، وهو مذهب إسحاق وأحمد بن حنبل (3)، وهو جار على القاعدة الكلية أن ما وجب فيه الدية من المرأة وجب فيه من الرجل كاليدين وسائر الأعضاء؛ ولأنهما عضوان في البدن يحصل بهما الجمال، فليس في البدن غيرهما من جنسهما فوجب فيهما الدية كاليدين، ومما حملني على مخالفة هذين الإمامين أني وجدت في بعض نسخ رواية ابن داسة مفسرًا في الأصل، فقال: وإن جدعت ثندوته فنصف العقل. يعني: الثدي، وأيضًا فحمل الحديث على قول هؤلاء الأئمة أولى من حمله على قول حكاه ابن المنذر في "الاختلاف" ولم يسم قائله، واللَّه أعلم.
(1)"الصحاح" 1/ 38.
(2)
"إصلاح المنطق"(ص 113).
(3)
انظر: "الأوسط" لابن المنذر 13/ 280 - 281، "الحاوي الكبير" 12/ 292، "روضة الطالبين" 9/ 285، "مسائل أحمد رواية الكوسج" 2/ 227، "المغني" 12/ 143.
(خمسون من الإبل) على ما سبق تفصيله (أو عدلها) بفتح العين كما تقدم (من الذهب أو الورق) ظاهره أنَّ أي شيء أحضره من عليه الدية من القاتل أو العاقلة من الذهب أو الفضة يلزم الولي أخذه، ولم يكن له المطالبة بغيره؛ لأن كلًّا منهما يجزئ، فكانت الخيرة إلى من وجبت عليه كخصال الكفارة، وسيأتي الجبران في الزكاة، وعلى الجديد من مذهب الشافعي فهذا الحديث محمول على ما إذا عدمت الإبل (1) حسًّا أو وجدت بأكثر من قيمة المثل (أو مائة بقرة، أو ألف شاة) على أهل البقر أو الشاء، كما تقدم.
(وفي اليد إذا قطعت) من الكف، والمراد باليد الكف مع أصابعها الخمس؛ لأنها المعبر عنها باليد شرعًا، كما قال تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (2) وقد قطع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من مفصل الكف. رواه الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده (3). وقال أبو عبيد بن حربويه: إنما تجب نصف الدية إذا قطعت من الإبط (نصف العقل) أي: نصف الدية، ويجب النصف في اليد الواحدة، سواء لفظ الأصابع فقط، أو لفظ الأصابع مع الكف.
(وفي الرجل) يعني: القدم إذا قطع مع أصابعها الخمس؛ لأنها المعبر عنها بالرجل، كما في اليد (نصف العقل) ويأتي فيه خلاف ابن حربويه (وفي المأمومة) وهي التي تبلغ الرأس، وهي الخريطة المحيطة
(1) انظر: "نهاية المطلب" 16/ 607، "منهاج الطالبين" 3/ 140.
(2)
المائدة: 38.
(3)
"سنن الدارقطني" 3/ 204.
بالدماغ، وجمعها: مآيم كمكاسر، ويقال فيها: الآمة بمد الهمزة وتشديد الميم (ثلث العقل) قال في "البحر": وهو إجماع، وقال ابن المنذر: ولم يخالف فيه إلا مكحول، فأوجب ثلثيها (1) إذا كان عمدًا (2)(ثلاث وثلاثون من الإبل، وثلث) بعير هذا تفسير لثلث العقل (أو قيمتها) إذا عدمت حسًّا أو شرعًا بأن وجدت بأكثر من قيمة المثل (من الذهب أو الورق) والمراد به هنا الفضة الخالصة (أو البقر أو الشاء) على أهل كل منهما.
(والجائفة) والجائفة هي التي تصل إلى الجوف، وهي: كل جرح ينفذ إلى جوف كبطن وصدر وثغرة نحر وجنب وجبين في الوجه (مثل ذلك) أي: ثلث العقل، ولا فرق بين أن يجيف بحديدة أو خشبة محددة، ولا بين أن تكون الجائفة واسعة أو ضيقة حتى لو غرز فيه إبرة فوصلت إلى الجوف فقد أجافه، وقيل: إنما يعطى حكم الجائفة إذا قال أهل الخبرة أنه يخاف الهلاك منه، وبه أجاب ابن القطان، والصواب الأول.
(وفي الأصابع في كل أصبع) فيه عشر لغات: تثليث الهمزة مع تثليث الباء، والعاشرة أصبوع بالواو وضم الهمزة على وزن أسلوب، كذا قيده ابن السيد في "شرح أدب الكاتب" وذكر أن أفصح اللغات إصبَع بكسر وفتح الباء (عشر من الإبل) كما تقدم.
(وفي الأسنان) بفتح الهمزة وهي في غالب الفطرة اثنان وثلاثون، منها أربع ثنايا، وهي الواقعة في مقدم الفم، ويليهما أربع من أعلى،
(1) في النسخ: ثلثاها. والمثبت هو الصواب.
(2)
"الأوسط" 13/ 199.
وأربع من أسفل، يقال لها: الرباعيات، ثم أربعة (1) ضواحك، ثم أربعة (2) أنياب، وأربعة (3) نواجذ، واثنا عشر ضرسًا يقال لها: الطواحين، كذا قاله الرافعي (4). قال الإسنوي: وما ذكره في النواجذ مع الأضراس يقتضي أن النواجذ ليست آخر الأسنان وهي آخرها، وفي كل من الأسنان (خمس من الإبل) فلا يقبل فيها معيب ولا أعجف (في كل سن) من الأسنان.
(وقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنَّ عقل المرأة) أي: دية المرأة خطأ كان أو شبه عمد، يلزم عاقلتها، وتقسم (بين عصبتها) الذين يرثونها بالنسب إذا كانوا ذكورًا مكلفين كما يقتسمون ميراثها إذا ماتت.
(من) مختصة بمن يعقل (كانوا) قد يؤخذ من الواو التي هي ضمير جمع المذكر أنَّ الإناث لا عقل عليهم، ويدخل في عموم (من) الآباء والبنون، فإنهم يسمون عصبة، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة (5)، كما يتحملون الأعمام؛ ولأنهم في الميراث أحق العصبات فيرثون فكذا يفعلون هنا، ومذهب الشافعي أنهم ليسوا من العاقلة (6)؛ لحديث أبي هريرة الآتي في اللتين اقتتلتا من هذيل (7)؛ ولأن الأبوين يفرض لهما الثلث في صور فليسوا بعصبة (لا يرثون منها) معناه -واللَّه أعلم-: لا
(1) و (2) و (3) في النسخ: أربع.
(4)
"الشرح الكبير" 10/ 375.
(5)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 5/ 150، "المغني" لابن قدامة 12/ 39.
(6)
انظر: "المهذب" للشيرازي 2/ 212، "الحاوي" 12/ 344.
(7)
يأتي برقم (4576).
ترث العصبة منها (شيئًا) إذا ماتت، ولا أصحاب فروض (إلا ما فضل عن ورثتها) ذوي الفروض المقدرة إن كانوا.
(وإن قتلت) المرأة (فعقلها) يقسم (بين ورثتها) على الفريضة الشرعية (وهم) أي: ورثتها المذكورين (يقتلون قاتلهم) أي: قاتل مورثهم (قال) جد عمرو بن شعيب (وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ليس للقاتل شيء) من الدية؛ لأنه لا يأمن أن يكون الإرث سببًا للقتل، فاقتضت المصلحة حرمانه سواءً كان عامدًا أو خطأً مضمونًا بقصاص أو دية أو كفارة، أو غير مضمون بمباشرة أو سبب، وقيل: إن القاتل خطأ يرث من الدية كمذهب مالك (1)، حكاه ابن أبي الدم، وقال: لا أعرف أين وجلله، فالمعروف حكايته عن أبي ثور.
(وإن لم يكن) هي تامة بمعنى يوجد (له وارث فوارثه أقرب الناس إليه) بعد القاتل، كالرجل يقتل أباه، وليس للأب وارث غير ابنه الذي قتله، فيرثه ابن الأبن دون الأبن القاتل (ولا يرث القاتل شيئًا) من أبيه المقتول.
(قال محمد) بن راشد: [قال أبو داود: محمد بن راشد من أهل دمشق هرب إلى البصرة من القتل](2).
(وهذا كله حدثني به سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم) كما تقدم.
(1) في "المدونة" 4/ 347: يرث من المال ولا يرث من الدية.
(2)
العبارة فيما بين المعقوفين جاءت في مطبوعات "السنن" في آخر الحديث، بعد العبارة الآتية.
[4565]
(ثنا محمد بن يحيى بن فارس) بن ذؤيب الذهلي، أحد الأعلام، رآه أبو عمرو الخفاف في النوم، فقال: ما فعل اللَّه بعلمك؟ قال: كتبه بماء الذهب، ورفعه في عليين. روى عنه البخاري أحاديث، قال (ثنا محمد بن بكار بن بلال العاملي) الدمشقي قاضيها، قال (أنا محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عقل) أي: دية (شبه العمد) وهو العمد من وجه دون وجه، كالضرب بسوط، أو عصا خفيفة، ولم يوال بين الضربات (مغلظ) بالتثليث وانتفاع أسنانها، وهي ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، أي: حاملًا، لكنها مخففة بكونها مؤجلة في ثلاث سنين؛ لأن شبه العمد متردد بين الخطأ والعمد، فأعطي مثل الخطأ في التأجيل و (مثل عقل العمد) في التثليث (ولا يقتل صاحبه) أي: لا يجب القصاص على قاتل شبه العمد، وإذا لم يقتل صاحب شبه العمد، فلأن لا يقتل في الخطأ أولى، وإذا لم يقتل فيهما تعين القتل للعمد سواء مات في الحال أو بعده، وسواء النفس والطرف.
(قال: وزادنا خليل) قال المنذري: لم ينسب (1).
(عن) محمد (بن راشد: وذلك أن) بفتح الهمزة (ينزو) بفتح الياء وضم الزاي ونصب الواو، أي: يثب ويتحرك (الشيطان) ومعنى: "أن ينزو" أي: لئلا ينزو.
قال أبو عبيد: فحدثت الكسائي بحديث رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)"مختصر سنن أبي داود" 6/ 364.
أنه قال: "لا يدعون أحدكم على ولده أن يوافق من اللَّه إجابة"، فاستحسنه.
قال النحاس: والمعنى عند أبي عبيد: لئلا يوافق من اللَّه، وهذا القول عند البصريين خطأ لا يجيزون إضمار (لا)، والمعنى عندهم: كراهية أن ينزو الشيطان، وكراهية أن يوافق ثم حذفت، كما قال:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (1) بوسوسته.
(بين الناس) فيوقع الفتنة بينهم (فتكون) بالمثناة فوق، و (كان) تامة. أي: فيحدث وتوجد (دماء في عميا) قال إسحاق: هذا في تجارح القوم، وقتل بعضهم بعضًا (2)، وكان أصله من التعمية وهو التلبيس، ذكره الدارقطني، والمعنى: أن يقتل في الجهالة وحظوظ النفس التي يوقعها الشيطان بينهم بوسوسته وحمية الجاهلية (في غير ضغينة) حقد يقع في القلب، وعداوة متقدمة لها أصل تأسيس من الشيطان، وليست معتبرة عند العقلاء (ولا حمل سلاح) واصطفاف في حرب، بل برمي حجارة، ويوضحه رواية النسائي:"قتل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا مائة من الإبل"(3).
[4566]
(ثنا أبو كامل فضيل بن حسين) الجحدري (أن خالد بن الحارث) الهجيمي، إليه المنتهى في التثبت.
(1) يوسف: 82.
(2)
"مسائل أحمد وإسحاق" رواية الكوسج 2/ 225، وانظر:"الجامع لعلوم الإمام أحمد" 12/ 171 - 172.
(3)
"المجتبى" 8/ 40، "السنن الكبرى" 4/ 231 - 232.
(حدثهم قال: ثنا الحسين المعلم، عن عمرو بن شعيب أن أباه أخبره، عن عبد اللَّه بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال في المواضح) بفتح الميم والواو المخففة جمع موضحة بضم الميم وكسر الضاد المعجمة يعني: الشجة التي توضح العظم وتبدي وضحه، أي: بياضه (خمس) من الإبل.
وفي كتاب عمرو بن حزم "في الموضحة خمس من الإبل"(1)، والمراد بالمواضح موضحة الوجه والرأس دون موضحة ما سواهما كالعضد والساق، فليس فيه إلا الحكومة، والمراد موضحة الحر المسلم الذكر، وهذِه الخمس نصف عشر ديته، فتراعى هذِه النسبة في حق غيره من الأنوثة والكفر والرق، فيجب في موضحة اليهودي نصف عشر ديته، وهو بعير وثلثان، وفي المرأة بعيران ونصف.
[4567]
(ثنا محمود بن خالد) بن يزيد (السلمي) قال (ثنا مروان بن محمد) بن حسان الأسدي الدمشقي، الطاطري، وهي ثياب نسب إليها من الكرابيس من رجال مسلم.
قال أبو سليمان الداراني: ما رأيت شاميًّا خيرًا من مروان، قيل: ولا معلمه سعيد بن عبد العزيز، ولا يحيى بن حمزة؟ قال: ولا معلمه ولا يحيى؛ لأن سعيدًا كان على بيت المال، ويحيى كان على القضاء (2).
(1) رواه مالك في "الموطأ" 2/ 849، والنسائي 8/ 57، 59 - 60، وفى "الكبرى" 4/ 245، 246، 247، وصححه ابن حبان 14/ 501 (6559)، والألباني في "الإرواء"(2284).
(2)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 57/ 317.
قال (ثنا الهيثم بن حميد) الغساني، ثقة قدري.
قال (حدثني العلاء بن الحارث) قال (حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم قال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في العين القائمة) أي: بحالها وهيئتها في موضعها لم تنتقل منه لا أنها لا تبصر، ولعله من: قام الماء إذا جمد، ثم فسر القائمة بأنها (السَّادة) بتشديد السين والدال المهملتين، أي: سادة (لمكانها) يعني أن مكانها غير فارغ، وإنما ذهب ضوؤها (بثلث الدية) قال ابن حزم في "المحلى" بعد رواية هذا الحديث: قال بهذا طائفة من السلف، كما حدثنا يونس بن عبد اللَّه، حدثنا أحمد بن عبد الرحيم، ثنا أحمد بن خالد، عن محمد بن عبد السلام، ثنا محمد بن بشار، ثنا يحيى بن سعيد القطان، ثنا هشام الدستوائي، ثنا قتادة بن عبد اللَّه بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قضى في العين العوراء إذا طمست، واليد الشلاء إذا قطعت، والسن السوداء إذا سقطت: ثلث ديتها.
وعن ابن عباس في العين العوراء إذا خسفت ثلث الدية. انتهى (1). حكاه القرطبي عن عمر ومسروق والزهري وإسحاق، وحكى عن زيد ابن ثابت فيها مائة دينار، وقال مالك والشافعي وأبو ثور والنعمان: فيها حكومة. قال ابن المنذر: وبه نقول؛ لأنه أقل ما قيل (2).
* * *
(1)"المحلى" 10/ 421.
(2)
"الجامع لأحكام القرآن" 6/ 194، "الأوسط" لابن المنذر 13/ 218.