الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - باب فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الأَنْبِياءِ علَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ
4668 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنا عَمْرٌو -يَعْني: ابن يَحْيَى-، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْري قالَ: قالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِياءِ"(1).
4669 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَبي العالِيَةِ، عَنِ ابن عَبّاسٍ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"ما يَنْبَغي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: إِنّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى"(2).
4670 -
حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الحَرّاني، قالَ: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ إِسْماعِيلَ بْنِ أَبي حَكِيمٍ، عَنِ القاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ما يَنْبَغي لِنَبي أَنْ يَقُولَ إِنّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى"(3).
4671 -
حَدَّثَنا حَجّاجُ بْنُ أَبي يَعْقوبَ وَمُحَمَّدُ بْن يَحْيَى بْنِ فارِسٍ، قالا: حَدَّثَنا يَعْفوبُ، قالَ: حَدَّثَنا أَبي، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ أَبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ: والَّذي اصْطَفَى مُوسَى. فَرَفَعَ المُسْلِمُ يَدَهُ فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودي، فَذَهَبَ اليَهُودي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم:"لا تُخَيِّرُوني عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النّاسَ يُصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذا مُوسَى باطِشٌ في جانِبِ العَرْشِ، فَلا أَدْري أَكانَ مِمَّنْ صَعِقَ فَأَفاقَ قَبْلي، أَوْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ عز وجل"(4).
قالَ أَبُو داوُدَ: وَحَدِيثُ ابن يَحْيَى أَتَمُّ.
(1) رواه البخاري (2412، 6916)، ومسلم (2374/ 163).
(2)
رواه البخاري (3413)، ومسلم (2377).
(3)
انظر السابق.
(4)
رواه البخاري (2411)، ومسلم (2373).
4672 -
حَدَّثَنا زِيادُ بْن أَيُّوبَ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُخْتارِ بْنِ فُلْفُلٍ يَذْكرُ عَنْ أَنَسٍ قالَ: قالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يا خَيْرَ البَرِيَّةِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ذاكَ إِبْراهِيمُ"(1).
4673 -
حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عُثْمانَ، حَدَّثَنا الوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزاعي، عَنْ أَبي عَمّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، وَأَوَّلُ شافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ"(2).
4674 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُتَوَكِّلِ العَسْقَلاني وَمَخْلَدُ بْنُ خالِدٍ الشَّعِيري -المَعْنَى- قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابن أَبي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبي سَعِيدٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما أَدْري أَتُبَّعٌ لَعِينٌ هُوَ أَمْ لا، وَما أَدْري أَعُزَيْزٌ نَبي هُوَ أَمْ لا"(3).
4675 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، قالَ: أَخْبَرَني يُونُسُ، عَنِ ابن شِهابِ أَنَّ أَبا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبا هُرَيْرَةَ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "أَنا أَوْلَى النّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، الأَنْبِياءُ أَوْلادُ عَلَّاتٍ، وَلَيْسَ بَيْني وَبَيْنَهُ نَبَيٌّ"(4).
* * *
باب في التخيير بين الأنبياء
[4668]
(ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب)(5) بن خالد الباهلي (ثنا
(1) رواه مسلم (2396).
(2)
رواه البخاري (4712)، ومسلم (2278).
(3)
رواه الحاكم 1/ 36، 2/ 14، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 329.
وصححه الألباني في "الصحيحة"(2217).
(4)
رواه البخاري (3442)، ومسلم (2365).
(5)
فوقها في (ل): (ع).
عمرو بن يحيى) بن عمارة الكوفي (1)(عن أبيه) يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني، أخرج له البخاري في الإيمان (2). (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء) كذا للبخاري في باب ما يذكر من الإشخاص والخصومة (3). ولمسلم في المنافق (4).
قال البكري: أجمعت الأمة على أن الأنبياء بعضهم أفضل من بعض، فيحمل الحديث على تخيير وتفضيل يؤدي إلى انتقاص نبي من الأنبياء عليهم السلام.
[4669]
(ثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي العالية) البرَّاء بفتح الموحدة، وتشديد الراء، البصري، سمي بذلك؛ لأنه كان يبري النبل، واسمه: زياد بن فيروز، أخرج له الشيخان.
(عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما ينبغي لعبد أن يقول: إني) لفظ البخاري في آخر سورة النساء: "ما ينبغي أن يقول: أنا"(5)(خير من يونس) والضمير في قوله: "إني" أو " أنا" على الروايتين راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: يعود إلى القائل: إني. ويريد: لا يقول أحد من بعض الجهلة المجتهدين في العبادة أو العلم أو غير ذلك أنه خير من يونس؛ لأنه لو بلغ من الفضائل ما بلغ لم يبلغ درجة النبوة، وعلى عود الضمير على النبي صلى الله عليه وسلم فمحمول على وجهين:
(1) كذا في النسخ، وهو خطأ، والصواب:(المدني)، انظر:"تهذيب الكمال" 22/ 295 (4475).
(2)
البخاري (22).
(3)
البخاري (2412).
(4)
مسلم (2374/ 163) كتاب: الفضائل، باب: من فضائل موسى عليه السلام.
(5)
البخاري (4603) باب قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا. . .} إلى قوله: {وَيُونُسَ وَهَارُونَ. . .} .
أحدهما: أنه قال هذا قبل أن يعلم أنه أفضل منه أو من غيره من الأنبياء، والثاني: أنه قاله على طريق التواضع ونفي العجب (1). (ابن متى) بفتح الميم وتشديد التاء (2) المثناة فوق، مقصور، اسم أبيه على الأصح.
[4670]
(ثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني) أبو الأصبغ، ثقة (حدثني محمد (3) بن سلمة) بفتح السين واللام، الحراني (عن محمد بن إسحاق) ابن يسار صاحب "المغازي"(عن إسماعيل بن حكيم) كذا في نسخ أبي داود، والصحيح ما في مسلم وغيره إسماعيل بن أبي حكيم (4)، وهو أخو إسحاق بن أبي حكيم، وكان كاتبًا لعمر بن عبد العزيز (عن القاسم بن محمد، عن عبد اللَّه بن جعفر) بن أبي طالب الهاشمي، ولد بالحبشة (قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ما ينبغي لنبي) عام في كل الأنبياء (أن يقول: إني خير من يونس بن متى) ولا من غيره، قيل: فيه منع التفضيل في حق النبوة والرسالة، فإن الأنبياء فيها على حد واحد، وإنما التفاضل في زيادة الأحوال والكرامات، وأما النبوة نفسها فلا تفاضل فيها.
[4671]
(ثنا حجاج بن أبي يعقوب) يوسف الثقفي ابن الشاعر، شيخ مسلم (5) (ومحمد بن يحيى بن فارس) الذهلي (قالا: ثنا يعقوب) (6) بن إبراهيم بن سعد الزهري (ثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (عن ابن شهاب، عن أبي سلمة) عبد اللَّه
(1) انظر: "فتح الباري" 6/ 452.
(2)
من (م).
(3)
فوقها في (ل): (ع).
(4)
قلت: وهو ما في مطبوعات "سنن أبي داود".
(5)
ساقطة من (م).
(6)
فوقها في (ل): (ع).
(ابن عبد الرحمن) بن عوف الزهري (وعبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رجل من اليهود) قيل: اسمه فنحاص.
(والذي اصطفى) في البخاري: زيادة، ولفظه: عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئًا كرهه فقال: لا والذي اصطفى (1)(موسى) على البشر، فسمعه رجل من الأنصار فقام (فرفع المسلم يده فلطم وجه اليهودي) قيل: الرجل الذي لطم اليهودي هو أبو بكر الصديق، لكن قوله في رواية البخاري: من الأنصار (2). يخالف هذا، إلا أن تكونا قضيتين (3).
(فذهب اليهودي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبره) لفظ البخاري: فقام، فلطم وجهه وقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا! فذهب إليه، فقال: أبا القاسم، إن لي ذمةً وعهدًا، فما بال فلان لطم وجهي؟ ! فقال:"لم لطمت وجهه؟ " فذكره، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم (4).
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروني على موسى) لفظ البخاري: "لا تفضلوني على أنبياء اللَّه تعالى"(فإن الناس يصعقون) أي: يموتون من شدة الفزع، وعظم نفخة الصور، وللصحيحين:"لا تفضلوا بين أنبياء اللَّه؛ فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللَّه، ثم نفخ فيه أخرى"(5).
(1) البخاري (3414).
(2)
السابق.
(3)
انظر: "فتح الباري" 1/ 312.
(4)
البخاري (3414).
(5)
البخاري (3414)، مسلم (2373).
(فأكون أول من يفيق) أي: أول من يبعث من قبره (فإذا موسى عليه السلام باطش) أي: آخذ، كما في مسلم (1)، والبطش تناول الشيء بقوة وسرعة (في جانب) قائمة (العرش) وللبخاري في الديات:"فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش"(2)، وفي آخر:"فأكون أول من تنشق عنه الأرض"(3)، فإن قلت: السياق يقتضي تفضيل موسى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالجواب: لئن سلمنا هذا فلا يقتضي إلا تفضيله من هذا الوجه، وهذا لا ينافي كونه أفضل مطلقًا.
(فلا أدري أكان ممن صعق [فأفاق] (4) قبلي أو كان ممن استثنى اللَّه) قال القاضي: هذا من أشكل الأحاديث؛ لأن موسى قد مات، فكيف تدركه الصعقة، وإنما يصعق الأحياء، وقوله:"ممن استثنى اللَّه تعالى" يدل على أنه كان حيًّا، ولم يأت أن موسى رجع إلى الحياة، ولا أنه حي كما جاء في عيسى، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"لو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق"(5)، قال القاضي: فيحتمل أن هذِه الصعقة صعقة فزع بعد البعث حين تشق السموات والأرض، فتنظم الآيات والأحاديث (6).
(قال) المصنف (حديث) محمد (ابن يحيى) بن فارس (أتم) من حديث الحجاج.
(1) مسلم (2373). وهو عند البخاري (2411، 3408، 6517، 7472).
(2)
البخاري (6917).
(3)
البخاري (2412).
(4)
ساقطة من (ل)، (م)، والمثبت من "سنن أبي داود".
(5)
رواه البخاري (1339، 3407)، ومسلم (2372).
(6)
"إكمال المعلم" 7/ 356 - 357.
[4672]
(ثنا زياد بن أيوب) الطوسي شيخ البخاري (ثنا عبد (1) اللَّه بن إدريس) بن يزيد الأودي (عن مجاهد (2) بن فلفل، يذكر عن أنس) لفظ مسلم: عن مختار بن فلفل، عن أنس بن مالك (3) (قال رجل لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا خير البريئة) بالهمز، وتسهل الهمزة ياءً كما سهلوا همزة (خابية) من (خبأت) مهموزًا، والبرية في الوجهين فعيلة بمعنى مفعولة.
(فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ذاك إبراهيم) عليه السلام، وهذا معارض لقوله عليه السلام:"أنا سيد ولد آدم"(4)، ولم أعلم في غير موضع من الكتاب والسنة أنه أفضل ولد آدم، وقد انفصل عن (5) هذا بوجهين: أن ذلك كان منه على سبيل التواضع مع الأنبياء، والثاني: أنه قال ذلك قبل أن يعلم منزلته عند اللَّه، ثم لما علم بأنه أكرم وأفضل، فأخبر به.
[4673]
(ثنا عمرو بن عثمان) بن سعيد الحمصي، صدوق (ثنا الوليد)(بن مزيد العذري)(6)، ثقة (عن الأوزاعي، عن أبي عمار) شداد (7) بن عبد اللَّه مولى معاوية، أخرج له مسلم (عن عبد اللَّه بن فروخ) مولى عائشة، أخرج له مسلم.
(1) فوقها في (ل): (ع).
(2)
كذا في (ل)، (م)، وهو خطأ، والصواب:(مختار) كما في "السنن".
(3)
مسلم (2369).
(4)
رواه مسلم (2278) من حديث أبي هريرة.
(5)
ساقطة من (م).
(6)
كذا في النسخ، وهو خطأ، والصواب: ابن مسلم القرشي، انظر:"تهذيب الكمال" 31/ 86 (6737)، 22/ 144 (4408).
(7)
في (م): (بندار).
(عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم) والمعنى أنا سيد أولاد بني آدم، والسيد هو الذي يفوق قومه في الخير، وقيل: هو الذي يفزع إليه في النوائب والشدائد؛ فيقوم بأمرهم ويتحمل عنهم مكارههم، وزاد في مسلم:"يوم القيامة"(1) وتقييده بيوم القيامة، مع أنه سيدهم في الدنيا والآخرة، فلأن يوم القيامة يظهر فيه السؤدد عيانًا لكل أحد، ولا يبقى منازع ولا معاند، وهذا قريب من معنى قوله:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (2) و {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (3) مع أن الملك له سبحانه قبل ذلك، لكن كان في الدنيا من يدعي الملك ومن يضاف إليه الملك مجازًا، وفي الحديث دليل على تفضيله صلى الله عليه وسلم على الخلق كلهم؛ لأن مذهب أهل السنة أن الآدميين أفضل من الملائكة، وهو صلى الله عليه وسلم أفضل الآدميين بهذا الحديث وغيره (4).
(وأول من تنشق عنه الأرض) لفظ مسلم: "أول من ينشق عنه القبر"(5) والمراد أنه أول من يعجل إحياؤه مبالغة في الكرامة، وتخصيصًا له بتعجيل جزيل إنعامه.
(وأول شافع) أي: لا يتقدمه شافع (6) لا من الملائكة ولا من النبيين المرسلين ولا غيرهم من الآدميين المؤمنين في جميع أقسام الشفاعة العامة لأهل الموقف خاصة لا يكون لغيره.
(1) مسلم (2278).
(2)
الفاتحة: 4.
(3)
غافر: 16.
(4)
انظر: "مشكل الحديث وبيانه" لابن فورك ص 491، "شرح مسلم" للنووي 15/ 37، 17/ 3، "عمدة القاري" 5/ 167.
(5)
مسلم (2278).
(6)
ساقطة من (م).
(وأول مشفع) تقبل شفاعته.
وهذِه الخصائص والفضائل التي حدث بها النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه إنما كان ذلك منه؛ لأنها من جملة ما أمر بتبليغه لما يترتب عليه من وجوب اعتقاد ذلك، وليرغب في الدخول في دينه، وليعلم قدر نعمة اللَّه عليه.
[4674]
(ثنا محمد بن المتوكل) أبي السري (العسقلاني) حافظ، وثق (ومخلد بن خالد الشعيري) بفتح الشين المعجمة وكسر العين، العسقلاني، نزيل طرسوس، أخرج له مسلم (المعنى، قالا: ثنا عبد الرزاق، أبنا معمر، عن) محمد (1) بن عبد الرحمن (بن أبي ذئب) العامري (عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري. (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما أدري تبع) هو ملك في الزمان الأول، قيل: اسمه أسعد أبو كرب، سمي تبعًا؛ لكثرة أتباعه، قال الثعلبي وغيره: كان تبع يعبد النار، فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام وهم قوم حمير، وكان أسعد الحميري من التبابعة آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمئة سنة.
(ألعين) الهمزة للاستفهام، ولعين بمعنى ملعون، فعيل بمعنى مفعول، مثل خضيب بمعنى مخضوب، وأما الحديث المرفوع:"لا تلعنوا تبعًا فإنه كان قد أسلم"(2)، وفي حديث: "لا تسبوا تبعًا فإنه
(1) فوقها في (ل): (ع).
(2)
رواه أحمد 5/ 340، والروياني في "المسند" 2/ 232 (1113)، والطبراني في "الكبير" 6/ 203 (6013)، وفي "الأوسط" 3/ 323 (3290)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 5، 6، وابن الجوزي في "المنتظم" 1/ 416 من حديث سهل ابن سعد الساعدي. =
أول من كسا الكعبة" (1) فيحتمل أنه قال: "ألعين" قبل أن يعلم ثم أعلمه اللَّه أنه قد أسلم فنهى عن سبه ولعنه. والتبابعة ملوك اليمن، قيل: كان لا يسمى تبعًا حتى يملك حضرموت وسبأ وحمير.
(هو أم لا) أي: لا أدري أمات مسلمًا فلا يجوز لعنه أو كافرًا فيجوز لعنه. (وما أدري أعزير نبي هو) من الأنبياء عليهم السلام (أم لا) فذكر الثعلبي أنه كان بعد رفع عيسى عليه السلام (2)، وروينا في "سنن اللالكائي" أن عزيرًا تكلم في القدر، فنهي، ثم تكلم، فقيل له: لتمسكن أو لأمحونك من النبوة، فمحي (3). وذكر أيضًا أن عزيرًا قال فيما يناجي ربه: يا رب تخلق خلقا تضل (4) من تشاء، وتهدي من تشاء. فقيل له: أعرض عن هذا فعاد، قيل له: أعرض عن هذا فقيل له في الثالثة: إن لم تعرض عن هذا لأمحونك من النبوة، إني لا أُسأل عما أفعل وهم يُسألون (5). انتهى.
= قال البوصيري في "الإتحاف" 5/ 359: إسناده حسن.
ورواه الطبراني في "الكبير" 11/ 296 (11790)، وفي "الأوسط" 2/ 112 (1419)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 423 من حديث ابن عباس. قال الحافظ في "الفتح" 8/ 571 عن إسناد هذا الحديث: إسناده أصلح من إسناد سهل. وانظر: "الصحيحة"(2423).
(1)
أورد عبد الرزاق في "المصنف" 5/ 89 (9086) عن ابن جريج قال: بلغنا أن تبعًا أول من كسا الكعبة الوصائل فسترت بها.
(2)
الذي في "الكشف والبيان" للثعلبي في تفسير سورة التوبة آية 30، أنه من علماء اليهود، وروى ذلك عن ابن عباس في خبر طويل.
(3)
"شرح أصول أعتقاد أهل السنة" 4/ 804 (1342).
(4)
ساقطة من (م).
(5)
"شرح أصول أعتقاد أهل السنة" 4/ 804 (1343). =
[4675]
(ثنا أحمد بن صالح) الطبري المصري، شيخ البخاري، (أنا) عبد اللَّه (ابن وهب) المصري (أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن أبا سلمة) عبد اللَّه (بن عبد الرحمن) بن عتبة (1).
(أخبره أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: أنا أولى الناس) أي: أخص وأقرب، كقوله عليه السلام:"فلأولى عصبة"(2) أي: أقرب وأحق (بابن مريم) أي: بعيسى كما في رواية مسلم وغيره، زاد في رواية مسلم بلفظ:"أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الأولى والآخرة"(3) قالوا: كيف يا رسول اللَّه؟ أي: ما وجه الأولوية؟ قال: (الأنبياء أولاد علات) ولمسلم: "الأنبياء إخوة من علات"(4).
وأولاد العلات بفتح العين المهملة وتشديد اللام هم الإخوة لأب من أمهات شتى، وأما الإخوة من الأبوين فيقال لهم: أولاد الأعيان، وفي حديث علي: يتوارث بنو الأعيان من الإخوة دون بني العلات. أي: يتوارث الإخوة للأب والأم وهم الأعيان دون الإخوة للأب إذا اجتمعوا معهم؛ لأن الذي تزوجها على أولى كانت قبلها ناهل ثم علَّ (5) من هذِه، والعلل الشرب الثاني، يقال: علل بعد نهل. كذا في
= ورواه أيضًا أبو نعيم في "الحلية" 6/ 50، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 447 (369)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 40/ 334.
(1)
كذا في (ل)، (م)، والصواب: عوف.
(2)
رواه البخاري (6737، 6746)، ومسلم (1615/ 4) عن ابن عباس مرفوعًا:"فلأولى رجل ذكر".
(3)
مسلم (2365/ 145).
(4)
مسلم (2365/ 145).
(5)
في (ل، م): (على)، والمثبت من "الصحاح".
"الصحاح"(1).
وقال غيره: سموا بذلك؛ لأنهم أولاد ضرائر، والعلات: الضرائر.
ولمسلم زيادة، ولفظه:"الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى"(2).
(وليس بيني وبينه نبي) أي: عيسى لما كان قريب الزمان من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن بينهما نبي، كانا كأنهما في زمان واحد، بخلاف غيرهما، ويستفاد من قوله (3):"ليس بيني وبينه نبي" إبطال قول من قال أنه كان بعد عيسى عليه السلام أنبياء ورسل، فقد قال بعض الناس: إن الحواريين كانوا أنبياء، وأنهم أرسلوا إلى الناس بعد عيسى، قال القرطبي: وهو قول أكثر النصارى (4).
* * *
(1)"الصحاح" 5/ 1773.
(2)
مسلم (2365/ 145).
(3)
في (م): قولهم.
(4)
"المفهم" 6/ 176.