المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌18 - باب في ذراري المشركين - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٨

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌20 - باب دِياتِ الأَعْضاءِ

- ‌21 - باب دِيَةِ الجَنِينِ

- ‌22 - باب فِي دِيَةِ المُكاتَبِ

- ‌23 - باب فِي دِيَةِ الذِّمّيِّ

- ‌24 - باب في الرَّجُلِ يُقاتِلُ الرَّجُلَ فَيَدْفَعُه عَنْ نفْسِهِ

- ‌25 - باب فِيمَنْ تَطَبَّبَ ولا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فَأَعْنَتَ

- ‌26 - باب فِي دِيَةِ الخَطَإِ شِبْهِ العَمْدِ

- ‌27 - باب فِي جِنايَةِ العَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَراءِ

- ‌28 - باب فِيمَنْ قَتَلَ في عِمِّيّا بَيْنَ قَوْمٍ

- ‌29 - باب فِي الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِها

- ‌30 - باب العَجْماءُ والمَعْدِنُ والبِئْرُ جُبارٌ

- ‌31 - باب فِي النّارِ تَعَدَّى

- ‌32 - باب القِصاصِ من السِّنِّ

- ‌كتاب السنة

- ‌1 - باب شَرْحِ السُّنَّةِ

- ‌2 - باب النَّهْي عَنِ الجِدالِ واتِّباعِ مُتَشابِهِ القُرْآنِ

- ‌3 - باب مُجانَبَةِ أَهْلِ الأَهْواءِ وَبُغْضِهِمْ

- ‌4 - باب تَرْكِ السَّلامِ عَلَى أَهْلِ الأَهْواءِ

- ‌5 - باب النَّهْى عَنِ الجِدالِ في القُرْآنِ

- ‌6 - باب في لُزُومِ السُّنَّةِ

- ‌7 - باب لُزُوم السُّنَّةِ

- ‌8 - باب فِي التَّفْضِيلِ

- ‌9 - باب فِي الخُلَفاءِ

- ‌10 - باب فِي فَضْلِ أَصْحاب رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - باب فِي النَّهْي عَنْ سَبِّ أَصْحابِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - باب في اسْتِخْلافِ أَبي بكْرٍ رضي الله عنه

- ‌13 - باب ما يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الكَلامِ في الفِتْنَةِ

- ‌14 - باب فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الأَنْبِياءِ علَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ

- ‌15 - باب فِي رَدِّ الإِرْجاءِ

- ‌16 - باب الدَّلِيلِ عَلى زِيادَةِ الإِيمانِ وَنُقْصانِهِ

- ‌17 - باب فِي القَدَرِ

- ‌18 - باب في ذَراري المُشْرِكِينَ

- ‌19 - باب فِي الجَهْمِيَّةِ

- ‌20 - باب فِي الرُّؤْيَةِ

- ‌21 - باب فِي الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ

- ‌22 - باب فِي القُرْآنِ

- ‌23 - باب فِي الشَّفاعَةِ

- ‌24 - باب فِي ذِكْرِ البَعْثِ والصُّورِ

- ‌25 - باب في خَلْقِ الجَنَّة والنّارِ

- ‌26 - باب فِي الحَوْضِ

- ‌27 - باب فِي المَسْأَلَةِ في القَبْرِ وَعذابِ القَبْرِ

- ‌28 - باب فِي ذِكْرِ المِيزانِ

- ‌29 - باب فِي الدَّجّالِ

- ‌30 - باب في قَتْلِ الخَوارِجِ

- ‌31 - باب فِي قِتالِ الخَوارِجِ

- ‌32 - باب فِي قِتالِ اللُّصُوصِ

- ‌كتاب الأدب

- ‌1 - باب فِي الحِلْمِ وأَخْلاقِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - باب فِي الوَقارِ

- ‌3 - باب مَنْ كَظَمَ غَيْظًا

- ‌4 - باب ما يُقالُ عِنْدَ الغضَبِ

- ‌5 - باب فِي العَفْو والتَّجاوُزِ في الأَمْرِ

- ‌6 - باب فِي حُسْنِ العِشْرَةِ

- ‌7 - باب فِي الحَياءِ

- ‌8 - باب فِي حُسْنِ الخُلُقِ

- ‌9 - باب فِي كَراهِيَةِ الرِّفْعَةِ في الأُمُورِ

- ‌10 - باب في كَراهِيةِ التَّمادُحِ

- ‌11 - باب في الرِّفْقِ

- ‌12 - باب فِي شُكْرِ المَعْرُوفِ

- ‌13 - باب فِي الجُلُوسِ في الطُّرُقاتِ

- ‌14 - باب فِي سَعَةِ المَجْلِسِ

- ‌15 - باب فِي الجُلُوسِ بينَ الظِّلِّ والشَّمْسِ

- ‌16 - باب في التَّحَلُّقِ

- ‌17 - باب الجُلُوسِ وَسْطَ الحَلْقَةِ

- ‌18 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ

- ‌19 - باب مَنْ يُؤْمَرُ أَنْ يُجالَسَ

- ‌20 - باب فِي كَراهيَةِ المِراءِ

- ‌21 - باب الهَدي في الكَلامِ

- ‌22 - باب فِي الخُطْبَةِ

- ‌23 - باب فِي تَنْزيلِ النّاسِ مَنازِلَهُمْ

- ‌24 - باب فِي الرَّجُلِ يَجْلسُ بَينَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِهِما

- ‌25 - باب في جُلُوسِ الرَّجُلِ

- ‌26 - باب فِي الجِلْسَةِ المَكْرُوهَةِ

- ‌27 - باب النَّهْي عَنِ السَّمَرِ بَعْدَ العِشاءِ

- ‌29 - باب فِي التَّناجي

- ‌30 - باب إِذا قامَ مِنْ مَجْلِسٍ ثُمَّ رَجَعَ

- ‌31 - باب كَراهِيَةِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ولا يَذْكُرُ اللَّه

- ‌28 - باب فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا

- ‌32 - باب فِي كَفّارَةِ المَجْلِسِ

- ‌33 - باب فِي رَفْع الحَدِيثِ مِنَ المَجْلسِ

- ‌34 - باب فِي الحَذَرِ منَ النّاسِ

- ‌35 - باب فِي هَدي الرَّجْلِ

- ‌36 - باب فِي الرَّجُلِ يَضَعُ إحْدى رِجْليْهِ عَلى الأُخْرى

- ‌37 - باب فِي نَقْلِ الحَدِيثِ

- ‌38 - باب فِي القَتّاتِ

- ‌39 - باب في ذي الوَجْهَيْنِ

- ‌40 - باب فِي الغِيبَةِ

- ‌41 - باب منْ رَدَّ عَنْ مُسْلِمٍ غِيبَةً

- ‌42 - باب مَنْ لَيْسَتْ لَهُ غِيبَةٌ

- ‌43 - باب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُحِلُّ الرَّجُلَ قدِ اغْتَابَهُ

- ‌44 - باب في النَّهْي عَنِ التَّجَسُّسِ

- ‌45 - باب فِي السَّتْرِ عَنِ المُسْلِمِ

- ‌46 - باب المُؤاخاةِ

- ‌47 - باب المُسْتَبّانِ

- ‌48 - باب في التَّواضُعِ

- ‌49 - باب فِي الانْتِصارِ

- ‌50 - باب فِي النَّهْي عَنْ سَبِّ المَوْتَى

- ‌51 - باب فِي النَّهْي عَنِ البَغْي

- ‌52 - باب فِي الحَسَدِ

- ‌53 - باب فِي اللَّعْنِ

- ‌54 - باب فِيمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَ

- ‌55 - باب فِيمَنْ يَهْجُرُ أَخَاهُ المُسْلِمَ

- ‌56 - باب فِي الظَّنِّ

- ‌57 - باب فِي النَّصِيحَةِ والحِياطَةِ

- ‌58 - باب فِي إِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ

- ‌59 - باب فِي النَّهْي عَنِ الغِناءِ

- ‌60 - باب كَراهِيَةِ الغِناءِ والزَّمْرِ

الفصل: ‌18 - باب في ذراري المشركين

‌18 - باب في ذَراري المُشْرِكِينَ

4711 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ أَبي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ أَوْلادِ المُشْرِكِينَ، فَقالَ:"اللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ"(1).

4712 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهّابِ بْن نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّة ح وَحَدَّثَنا مُوسَى بْن مَرْوانَ الرَّقِّيُّ وَكَثِيرُ بْن عُبَيْدٍ المَذْحِجيُّ قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حَرْبٍ -المَعْنَى-، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبي قَيْسٍ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ ذَراري المُؤْمِنِينَ فَقالَ: "هُمْ مِنْ آبائِهِمْ". فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ بِلَا عَمَلٍ؟ قالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ". قلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ فَذَراري المُشْرِكِينَ؟ قالَ: "مِنْ آبائِهِمْ". قُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ قالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ"(2).

4713 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيانُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، قالَتْ: أُتِيَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِصَبي مِنَ الأَنْصارِ يُصَلّي عَلَيْهِ قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، طُوبَى لهَذَا لَمْ يَعْمَلْ شَرًّا وَلَمْ يَدْرِ بِهِ. فَقالَ:"أَوَغَيْرَ ذَلِكِ يا عائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الجَنَّةَ وَخَلَقَ لَها أَهْلًا، وَخَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ في أَصْلابِ آبائِهِمْ، وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَها أَهْلَا، وَخَلَقَها لَهُمْ وَهُمْ في أَصْلابِ آبائِهِمْ"(3).

4714 -

حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ فَأَبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ

(1) رواه البخاري (1383)، ومسلم (2665).

(2)

رواه أحمد 6/ 84، وإسحاق بن راهويه (1671)، والفريابي في "القدر"(170)، والآجري في "الشريعة"(405).

وقال الألباني: صحيح الإسناد.

(3)

رواه مسلم (2662).

ص: 271

وَيُنَصِّرانِهِ، كَما تَناتَجُ الإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعاءَ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعاءَ؟ ". قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ قالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ"(1).

4715 -

قالَ أَبُو داوُدَ: قرِئَ عَلَى الحارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنا أَسْمَعُ أَخْبَرَكَ يُوسُفُ ابْن عَمْرٍ وأَخْبَرَنَا ابن وَهْبٍ، قالَ: سَمِعْتُ مالِكًا قِيلَ لَهُ إِنَّ أَهْلَ الأَهْوَاءِ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنا بِهَذا الحَدِيثِ. قالَ مالِكٌ: احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِآخِرِهِ.

قالُوا: أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ"(2).

4716 -

حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلي، حَدَّثَنَا حَجّاجٍ بْن المِنْهَالِ، قالَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يفَسِّرث حَدِيثَ: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ". قالَ: هذا عِنْدَنا حَيْثُ أَخَذَ اللَّه عَلَيْهِمْ العَهْدَ في أَصْلابِ آبائِهِمْ حَيْث قالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (3).

4717 -

حَدَّثَنَا إِبْراهِيمُ بْن مُوسَى الرَّازيّ، حَدَّثَنَا ابن أَبي زائِدَةَ، قالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عامِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الوائِدَةُ والمَوْؤُودَةُ في النّارِ". قالَ يَحْيَى ابْنُ زَكَرِيّا: قالَ أَبي: فَحَدَّثَني أَبُو إِسْحاقَ أَنَّ عامِرًا حَدَّثَهُ بِذَلِكَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابن مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم (4).

4718 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبي قالَ: "أَبُوكَ في النّارِ". فَلَمّا قَفَّى قالَ: "إِنَّ أَبي وَأَباكَ في النَّارِ"(5).

4719 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ ثابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: قالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الشَّيْطانَ يَجْري مِنِ ابن آدَمَ مَجْرى

(1) رواه البخاري (1359)، ومسلم (2658).

(2)

قال الألباني: صحيح الإسناد مقطوع.

(3)

قال الألباني: صحيح الإسناد مقطوع.

(4)

رواه البزار 5/ 36 (1596)، وابن حبان (7480). وصححه الألباني.

(5)

رواه مسلم (203).

ص: 272

الدَّمِ" (1).

4720 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن سَعِيدٍ الهَمْداني، أَخْبَرَنَا ابن وَهْبٍ، قالَ: أَخْبَرَنِي ابن لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الحارِثِ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَطاءِ بْنِ دِينارٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الهُذَلِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الجُرَشي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا تُجالِسُوا أَهْلَ القَدَرِ وَلا تُفاتِحُوهُمُ الحَدِيثَ"(2).

* * *

باب في ذراري المشركين

[4711]

(ثنا مسدد، ثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد اللَّه (عن أبي بشر) جعفر بن إياس اليشكري (عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد) وللصحيحين وللمصنف في رواية: عن ذراري (3)(المشركين) ولمسلم: عن أطفال المشركين، عمن يموت منهم صغيرًا (4).

وفي أطفال المشركين ثلاثة أقوال، فقال الأكثرون: هم في النار تبعًا لآبائهم، حكاه النووي (5)، وتوقف قوم. قال القرطبي: ذهب قوم -أحسبهم من غير أهل السنة- أنهم يكونون في برزخ (6). قال

(1) رواه مسلم (2174).

(2)

سبق قريبًا برقم (4710)، وهو ضعيف.

(3)

البخاري (1384، 6598)، مسلم (2659).

(4)

مسلم (2659/ 27).

(5)

"مسلم بشرح النووي" 16/ 208.

(6)

"المفهم" 6/ 678.

ص: 273

النووي (1): والصحيح الذي ذهب إليه الأكثرون أنهم في الجنة. ويستدل له بأشياء منها حديث إبراهيم الخليل حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم وحوله أولاد الناس، قالوا: يا رسول، وأولاد المشركين؟ قال:"وأولاد المشركين" رواه البخاري في "صحيحه"(2)، ومنه قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (3) ولا يتوجه على المولود التكليف، ويلزمه قول الرسول حتى يبلغ، وهذا متفق عليه.

(فقال: اللَّه أعلم بما كانوا عاملين) ليس فيه تصريح بأنهم في النار، وحقيقة لفظه: واللَّه أعلم بما كانوا يعملون لو بلغوا أو لم يبلغوا، والتكليف لا يكون إلا بالبلوغ.

ولمسلم زيادة ولفظه: "واللَّه أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم"(4) ومعناه: واللَّه أعلم بما جبلهم وطبعهم عليه، فمن خلقه اللَّه على جبلة المطيعين كان من أهل الجنة، ومن خلقه على جبلة الكفار من الفسقة والمخالفة كان من أهل النار، وهذا كما تقدم في غلام الخضر:"طبع يوم طبع كافرًا"(5).

[4712]

(ثنا عبد الوهاب بن نجدة) الحوطي من جبلة الساحل، وثقه يعقوب بن شيبة (6)(ثنا بقية) بن الوليد (قال) المصنف (وثنا موسى بن

(1)"مسلم بشرح النووي" 16/ 208.

(2)

"صحيح البخاري"(7047).

(3)

الإسراء: 15.

(4)

مسلم (2660).

(5)

تقدم قريبًا برقم (4705، 4706).

(6)

انظر: "تهذيب الكمال" 18/ 519.

ص: 274

مروان الرقي) قال ابن السمعاني: بفتح الراء، وتشديد القاف، نسبة إلى الرقة مدينة على طرف الفرات، والرقة الأولى خربت، والذي تسمى اليوم الرقة كانت تسمى أولًا الرافقة، لها تاريخ، ينمسب إليها كثير من العلماء، منهم أبو مروان الرقي. انتهى (1). وهو صدوق.

(وكثير بن عبيد) مصغر (المذحجي) قال ابن السمعاني: بفتح الميم، وسكون الذال -يعني: المعجمة- وكسر الحاء المهملة بعدها جيم، نسبة إلى مذحج قبيل كثير من اليمن (2). واسم مذحج مالك بن أدد بن زيد، قيل له: مذحج؛ لأنه ولد على أكمة حمراء باليمن، يقال لها: مذحج. فسمي بها، وهو ثقة (قالا: ثنا محمد بن حرب) الأبرش، ولي قضاء دمشق (المعنى، عن محمد بن زياد) الألهاني الحمصي (عن عبد اللَّه بن أبي قيس) ويقال: ابن قيس البصري الحمصي، أخرج له مسلم (3).

(عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول اللَّه، ذراري المؤمنين؟ ) مبتدأ خبره محذوف تقديره: ما حكمهم؟ الذراري واحدها ذرية بوزن فعيلة من الذراع لأن اللَّه أخرج الخلق من صلب آدم عليه السلام كالذر حين أشهدهم على أنفسهم. وقيل: مأخوذ من ذرأ اللَّه الخلق: خلقهم. والذرية نسل الثقلين، قال الخليل: سموا ذرية؛ لأن اللَّه ذرأهما على الأرض كما ذرأ الزراع البذر، والذرية أصلها الأبناء وقد تطلق على الآباء، كقوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} (4) يعني:

(1)"الأنساب" 6/ 156.

(2)

"الأنساب" 12/ 161.

(3)

(307/ 26).

(4)

يس: 41.

ص: 275

آباءهم. والمراد هنا البنون والبنات والخناثى والمجانين.

(قال) هم (من آبائهم) جار ومجرور. أي: مخلوقين من آبائهم، فيعلم حكمهم من آبائهم، أو هم يعدون من جملة آبائهم، فيلحقون بهم في الإيمان، كما أنهم ملحقون بمنازلهم في الجنة وإن لم يستأهلوها؛ لحديث ابن عباس: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه ليرفع ذرية المؤمن حتى يلحقهم به (1) فَإن كانوا دونه في العمل؛ لتقر بهم عينه" ثم قرأ: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وأتبعناهم ذرياتهم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتهمْ)(2)(3) ليجمع اللَّه لهم أنواع السرور باجتماع أولادهم ونسلهم، وقوله تعالى:{بِإِيمَانٍ} أي: بسبب إيمان عظيم رفيع المحل، وهو إيمان الآباء ألحقنا بدرجتهم ذرياتهم وإن لم يستأهلوها (4) تفضلًا عليهم وعلى آبائهم؛ ليتم سرورهم وتكمل نعمتهم.

(فقلت: يا رسول اللَّه) يلحقون بآبائهم (بلا عمل؟ ) يستحقونه به (قال:

(1) في (ل)، (م): بهم. والمثبت هو الصواب.

(2)

هي قراءة أبي عمرو البصري، انظر "السبعة" لابن مجاهد ص 612.

(3)

رواه البزار في "البحر الزخار" كما في "كشف الأستار" 3/ 70 (2660)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار" 3/ 106 (1075)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 162، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 302، والبيهقي في "القضاء والقدر" (637)، والبغوي في "معالم التنزيل" 7/ 389.

وصححه الألباني في "الصحيحة"(2490).

ورواه الطبري في "جامع البيان" 11/ 487، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 3/ 107، والحاكم في "المستدرك" 2/ 469، والبيهقي في "السنن" 10/ 268، وفي "القضاء والقدر"(636)، وفي "الاعتقاد"(ص 166) عن ابن عباس، قوله.

(4)

في (ل)، (م): يستأهلونها. والمثبت هو الصواب.

ص: 276

اللَّه أعلم بما كانوا عاملين) لو بلغوا، كما تقدم قريبًا (قلت: يا رسول اللَّه فذراري) مبتدأ مشدد الياء، ويجوز تخفيفها كما في أثافيَّ وأثافي، وكراسيَّ وكراسي (المشركي؟ قال) هم (من آبائهم) كما في الإيمان؛ لرواية علي بن أبي طالب: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمنين وأولادهم في الجنة، والمشركين وأولادهم في النار" ثم قرأ: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وأتبعناهم ذرياتهم) الآية (1).

(قلت: بلا عمل) هو نكرة في معرض النفي، فيعم كل عمل. أي: بغير عمل أصلًا لا قليل ولا كثير.

(قال: اللَّه أعلم) بما سبق في علمه إذ جبلهم وطبعهم في الأزل، وقد احتج بهذا الحديث من قال: إن أولاد المشركين في النار مع آبائهم. قال القرطبي: ولا حجة فيه، لوجهين: أحدهما: أن المسألة علمية، وهذا خبر واحد، وليس نصًا (2) في الفرض.

وثانيهما: سلمناه، لكنا نقول ذلك في أحكام الدنيا، وعنها سئل وعليها خرج الحديث، وذلك أنهم قالوا: يا رسول اللَّه، إنا نبيت أهل الدار من المشركين وفيهم الذراري. فقال:"هم من آبائهم" يعني: في جواز القتل في حال التبييت وفي غير ذلك من أحكام آبائهم الدنيوية، واللَّه أعلم (3) (بما كانوا عاملين) يحتمل أن يكون قاله قبل أن يعلمه اللَّه أنهم في الجنة مع أولاد المؤمنين. وقيل:(بما كانوا عاملين). أي:

(1) رواه أحمد 1/ 134 - 135. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (5791).

(2)

في (ل، م): أيضًا، والمثبت من "المفهم".

(3)

"المفهم" 6/ 678 - 679.

ص: 277

على [أي](1) دين يميتهم لو عاشوا فبلغوا العمل، فأما إذ عدم منهم العمل فهم في رحمة اللَّه.

[4713]

(ثنا محمد بن كثير) العبدي (أبنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن طلحة بن يحيى) بن عبيد اللَّه، أخرج له مسلم (عن) عمته (عائشة بنت طلحة) بن عبيد اللَّه، وأمها أم كلثوم بنت الصديق (عن) خالتها (عائشة أم المؤمنين قالت: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصبي من الأنصار) ولفظ مسلم: دعي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار (2). وفي رواية له: توفي صبي (3)(أن يصلي عليه)(4).

فيه: أن الصبي يصلى عليه كما يصلى على البالغ.

(قالت: ) عائشة (قلت: يا رسول اللَّه، طوبى) اسم الجنة. وقيل: شجرة فيها، وأصلها فعلى من الطيب، فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واوًا (لهذا) الصبي (لم يعمل شرًّا) قط (ولم يدر) بفتح الياء وسكون الدال (به) أي: لم يعلم به. ولفظ مسلم: طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه (5).

(قال: أو) بإسكان الواو للإضراب عن الأول أو التقسيم. يعني: إما له (طوبى) أو (غير) بالرفع (ذلك) بكسر الكاف؛ لأن المخاطب مؤنث، قبل أن ينكر عليها بأن حكمت له بطوبى، بل أنكر لمبادرتها إلى الجواب

(1) ليست في (ل)، (م)، والسياق يقتضيها.

(2)

مسلم (2662/ 31).

(3)

مسلم (2662/ 30).

(4)

بعدها في (ل)، (م): نسخة: فصلى عليه.

(5)

مسلم (2662/ 31).

ص: 278

والجزم بأنه من أهل الجنة دون تعليق بالمشيئة، ولم يرض ذلك منها لما فيه بالحكم من الغيب والقطع بإيمان أبوي الصبي أو أحدهما، إذ هو تبع لهما، ويحتمل أنه قال ذلك قبل أن يعلم حكم أولاد المؤمنين.

ومنه إرشاد الأمة إلى التوقف عند الأمور المبهمة والسكوت عنها إلى أن يرد الحكم.

(يا عائشة، إن اللَّه تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلًا، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم) لا يعارض هذا ما تقدم أنه يكتب وهو في بطن أمه شقي أو سعيد؛ لما تقرر من أن قضاء اللَّه وقدره راجع إلى علمه وقدرته، وهما أزليان لا أول لهما، ومقصود هذِه الأحاديث كلها أن قدر اللَّه سابق على حدوث المخلوقات، وأن اللَّه يظهر من ذلك ما شاء لمن شاء متى شاء قبل وجود الأشياء (وخلق النار) ظاهره أنه خلقها والجنة قبل خلق الموجودات (وخلق لها) أي: لأجل دخولهم فيها (أهلًا) معينين عند اللَّه تعالى (وخلقها لهم وهم) هذِه الواو واو الحال. أي: خلقها لهم في حال كونهم في أصلاب آبائهم وآباء آبائهم وإن علوا.

[4714]

(ثنا) عبد اللَّه بن مسلمة (القعنبي، عن مالك، عن أبي الزناد) عبد اللَّه بن ذكوان المدني (عن) عبد الرحمن (الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كل مولود (فإنه (يولد على الفطرة) وهي لغة: الخلقة، والمراد بقوله تعالى:{فِطرَتَ اللَّهِ} (1) أي: خلقة اللَّه. بدليل

(1) الروم: 30.

ص: 279

قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} والمراد به هاهنا ما يراد به في الآية الشريفة، وهي الدين؛ لأنه قد اعتورها البيان من أول الآية، وهي قوله:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} ومن آخرها، وهو ذلك الدين القيم.

"الكشاف"{فِطْرَتَ اللَّهِ} منصوب بالزموا مقدرًا، ومعناه أنه خلقهم قابلين للتوحيد ودين الإسلام، لكونه على مقتضى العقل والدين الصحيح حتى لو تركوا وطغيانهم لما اختاروا عليه دينا (1). وقوله: على مقتضى العقل. فيه دسيسة اعتزالية في تحسين العقل.

(فأبواه يهودانه وينصرانه) أي: كل مولود تلده أمه سالمًا من اليهودية والنصرانية وليس قوله: (كل مولود يولد على الفطرة) بيانا (2) أنه على الإيمان العام، وإنما فيه أنه يولد على تلك الفطرة التي لم يظهر منها إيمان ولا كفر، لكن لما حملهم آباؤهم على دينهم ظهر منهم ما حملوهم عليه من يهودية أو نصرانية، لما أراد اللَّه إمضاء ما علمه وقدره في كل واحد منهم بما أجرى لهم في بدء الأمر من كفر وإيمان، ختم لهم بما سبق عليه الكتاب الأول.

(كما تناتج) بفتح التاء والنون المخففة والتاء التي بعد الألف. أي: كما تتوالد. أصله بتاءين ثم حذفت إحداهما تخفيفًا (الإبل من بهيمة جمعاء) بفتح الجيم والمد. أي: مجتمعة الأعضاء سليمة من النقص في الأطراف، سميت بذلك لاجتماع السلامة في الأعضاء.

قال الكرماني: لفظ: (كما) إما حال. أي: يهودان المولود بعد أن

(1)"الكشاف" 3/ 509 - 510.

(2)

في (ل)، (م): بيان. والمثبت هو الصواب.

ص: 280

خلق على الفطرة شبيهًا بالبهيمة التي جدعت بعد سلامتها، وإما صفة مصدر محذوف. أي: يغيرانه تغييرًا مثل تغييرهم البهيمة السليمة (1).

(هل تحس) بضم التاء. أي: هل ترى فيها من جدعاء. يعني: أن البهيمة تولد كاملة الأعضاء سليمة من الآفات، فلو تركت على أصل خلقتها لبقيت كاملة الأعضاء سليمة من العيوب، ليس بها جدع ولا غيره، لكن يتصرف فيها بجدع الأنف ووسم الأذن، ونحو ذلك، فتطرأ عليها آلافات والنقائص، فتخرج عن الأصل، وكذلك ولد الآدمي يولد سليم الفطرة، ثم يطرأ عليه النقص كما يطرأ على البهيمة.

(قالوا: يا رسول اللَّه، أفرأيت من يموت وهو صغير؟ ) أي: قبل أن يهود أو يمجس أو ينصر (قال: اللَّه أعلم بما كانوا عاملين) قيل: على أي دين كان يميتهم لو عاشوا فبلغوا العمل، فأما إذ عدم منهم العمل، فهم في رحمة اللَّه التي ينالها من لا ذنب له، وقيل: يحتمل تفسيره الآية المتقدمة {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فهذا إقرار عام يدخل فيه أولاد المشركين والمسلمين، فمن مات قبل دخول الحنث ممن أقر بهذا الإقرار من أولاد الناس كلهم، فهو على إقراره المتقدم لا يقضى له بغيره؛ لأنه لم يدخل عليه ما ينقضه.

[4715]

(ثنا) المصنف (قال: قرئ) بضم القاف (على الحارث بن مسكين) الأموي، وكان فقيهًا على مذهب مالك، حمله المأمون أيام

(1)"شرح الكرماني على البخاري" 7/ 133.

ص: 281

المحنة إلى بغداد وسجنه؛ لأنه لم يجب إلى القول بخلق القرآن، فلم يزل محبوسًا إلى أن ولي المتوكل فأطلقه. قال النسائي: ثقة مأمون (1). (وأنا أسمع) شاهد، فقيل له (أخبرك يوسف بن عمرو) المصري، تلميذ مالك والليث وغيرهما (قال: أنا) عبد اللَّه (ابن وهب قال: [سمعت مالكا) وقد (قيل له: إن أهل الأهواء) جمع هوى، وهو ميل النفس وانحرافها، ثم] (2) استعمل في الانحراف عن الحق و (أهل الأهواء) المذمومة كالخوارج (يحتجون علينا) أي: على أهل السنة بهذا الحديث المذكور. يعني بأوله: " فأبواه يهودانه وبمجسانه". (قال مالك) بن أنس (احتج عليهم بآخره) بمد الهمزة. أي: بآخر الحديث، حيث (قالوا: أرأيت من يموت وهو صغير) لم يهود ولم يمجس ولم يعمل (قال: اللَّه أعلم بما كانوا عاملين) حيث لم يعلق الحكم إلا بما سبق في علم اللَّه في الأزل، فهو العالم بما كان وما يكون لو كان كيف كان يكون.

[4716]

(ثنا الحسن بن علي) الخلال (ثنا حجاج بن منهال) الأنماطي شيخ البخاري (قال: سمعت حماد بن سلمة رضي الله عنه يفسر حديث) أبي هريرة (كل مولود) رفع على الحكاية (يولد على الفطرة) إلى آخره (قال: هذا عندنا) تفسيره (حيث أخذ اللَّه عليهم العهد) وهم (في أصلاب آبائهم) كالذر (حيث قال) اللَّه لهم ({أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}) فإنه إقرار منهم عام يدخل فيه أولاد المسلمين والمشركين كما تقدم قريبًا.

(1) انظر: "تاريخ بغداد" 8/ 217، "تهذيب الكمال" 5/ 281 (1044).

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

ص: 282

[4717]

(حدثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد الفراء الحافظ. قال أبو زرعة: كتبت عنه مائة ألف حديث. وعن أبي بكر بن أبي شيبة مائة ألف (1)، وهو شيخ الشيخين (ثنا يحيى بن أبي زائدة، حدثني أبي)(2) زكريا بن أبي زائدة، صاحب الشعبي (عن عامر) بن شراحيل الشعبي.

(قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) وهذا مثال للمعضل، فإنه سقط منه راويان من موضع واحد، وهو التابعي والصحابي كما سيأتي في الرواية بعده (الوائدة) بهمزة مكسورة قبل الدال، وهي الأم التي تئد ولدها. أي: تدفنه حيًّا، وكان الرجل إذا ولد له بنت فأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية، وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية أو آن وقت زواجها فيقول لأمها: طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر لها بئرًا في الصحراء، فيبلغ بها البئر، فيقول لها: انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى يستوي البئر بالأرض، وذلك قوله تعالى:{أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} (3).

وسبب ذلك الخوفُ من لحوق العار بهنَّ أو الخوف من الإملاق، كما قال تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} (4) وكانوا يقولون: إن الملائكة بنات اللَّه، فألحقوا البنات به، فهو أحق بهن، (والموؤودة)

(1) انظر: "تهذيب الكمال" 2/ 219 (254).

(2)

فوقها في (ل)، (م):(ع).

(3)

النحل: 59.

(4)

الإسراء: 31.

ص: 283

هي البنت المدفونة حية، سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب فيوئدها أي: يثقلها حتى تموت، من قولهم: وأد البنت يئدها، وهو مقلوب من أأد يوئد إذا أثقل. قال اللَّه تعالى:{وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (1)(في النار) هذا الحديث له سبب، وهو أن ابني مليكة الجعفيين، واسم أحدهما سلمة بن يزيد بن مشجعة لما أسلما وفدا على النبي صلى الله عليه وسلم وقالا له: إن أمنا وأدت بنتًا لها. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الوائدة والموؤودة في النار"(2) أما الأم فلأنها كانت كافرة وأما البنت فلاحتمال كونها بالغة كافرة أو غير بالغة لكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنها من أهل النار إما بوحي أو غيره، فلا يجوز الحكم على أطفال الكفار بأن يكونوا من أهل النار بهذا الحديث؛ لأن هذِه واقعة عين في شخص معين، فلا يجوز إجراؤه في جميع الموؤدين، بل حكمهم على المشيئة بما سبق في علم اللَّه تعالى، وقد يحتج بهذا الحديث من يقول: إن أولاد المشركين في النار فيأخذ بعمومه، والصحيح لا حجة فيه لوروده على سبب كما تقدم.

(قال يحيى) بن أبي زائدة (قال أبي) زكريا بن أبي زائدة (فحدثني أبو إسحاق) عمرو بن عبد اللَّه السبيعي الهمداني (أن عامرًا) بن شراحيل الشعبي (حدثه بذلك) ووصله (عن علقمة) بن قيس (عن) عبد اللَّه (ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم) بهذا الحديث.

(1) البقرة: 255.

(2)

رواه أحمد 3/ 478، والنسائي في "السنن الكبرى" 6/ 507، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 4/ 421 (2474)، وابن بشران في "الأمالي"(1470)، والبيهقي في "القضاء والقدر"(620)، وابن عساكر في "المعجم" 2/ 902.

وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(2447).

ص: 284

[4718]

(ثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (ثنا حماد) بن سلمة (عن ثابت) البناني (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه (أن رجلا) وهو حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي والد عمران بن حصين، وقيل: هو أبو رزين لقيط بن عامر العقيلي.

(قال: يا رسول اللَّه، أين أبي؟ قال: أبوك في النار) كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه عن كثرة السؤال، والابتداء بسؤال ما لا حاجة إليه، وما لم يقع؛ لمعان منها: أنه ربما كان في الجواب ما يكرهه السائل ويسوؤه كما في الحديث، ولهذا نزل قوله تعالى:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (1).

(فلما قَفَّى) بفتح الفاء المشددة، أي: ولى بقفاه منصرفًا، قيل: هذا من أعظم حسن خلقه صلى الله عليه وسلم الكريم الذي مدحه اللَّه تعالى به، وذلك أنه لما رآه ولى منصرفًا وقد شق ذلك عليه وعظم عليه ما أخبره لاطفه وسلاه تطييبًا لقلبه (وقال: إن أبي وأباك في النار) ولعل هذا قبل أن يحيى اللَّه تعالى والديه ويسلما على يديه على ما خرجه أبو بكر الخطيب وأبو حفص عمر بن الشاهين في "الناسخ والمنسوخ"(2) بإسناديهما عن

(1) المائدة: 101.

(2)

"ناسخ الحديث ومنسوخه"(ص 489) وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 3/ 429: وأما الحديث الذي رواه السهيلي وذكر أن في إسناده مجهولين إلى أبي الزناد عن عروة عن عائشة. . . فإنه حديث منكر جدًّا، وإن كان ممكنا بالنظر إلى قدرة اللَّه تعالى، لكن الذي ثبت في الصحيح يعارضه.

وقال القاري في "مرقاة المفاتيح" 4/ 1256: الجمهور على أن والديه صلى الله عليه وسلم ماتا كافرين، وهذا الحديث أصح ما ورد في حقهما -أي: حديث "أستأذنت ربي في =

ص: 285

عائشة قالت: حج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حجة الوداع. وقال فيه عن والدته: "فسألت اللَّه أن يحييها فأحياها فآمنت به" وذكر السهيلي (1) بإسناده أن اللَّه تعالى أحيا له أباه وأمه وآمنا به. وجعله ابن شاهين ناسخًا لما قبله.

قال القرطبي: وليس إحياؤهما وإيمانهما به ممتنعا (2) عقلا ولا شرعًا، فقد ورد في الكتاب إحياء قتيل بني إسرائيل، وكان عيسى عليه السلام يحيى الموتى، وكذلك صلى الله عليه وسلم أحيا اللَّه على يديه جماعة من الموتى (3).

[4719]

(حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من) أي: في عروق (ابن آدم) فـ (من) بمعنى (في) كقوله تعالى: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} (4) وقوله: {يَوْمِ الْجُمُعَةِ} (5)، ويجوز أن تكون لبيان الجنس وهو الأكثر.

(مجرى) اسم مكان من جرى يجري، يعني: أنه يجري في أمكنة (الدم) وقيل: أراد أن كيد الشيطان ووساوسه تجري في عروق ابن آدم مثل مجرى الدم من غير إحساس له بجريان، وذكر الدم لأن الآدمي لا يبقى بدونه فكذلك وساوسه قل أن يسلم منها آدمي، فيجري

= أن أزور قبر أمي فلم يأذن لي. . . "، ولا يصح حديث إحياؤهما، وعلى تقدير صحته لا يصلح أن يكون معارضًا لحديث مسلم، مع أن الحفاظ طعنوا فيه. . . .

(1)

انظر: "الروض الأنف" 1/ 190.

(2)

في (ل)، (م): ممتنع. والمثبت هو الصواب.

(3)

"التذكرة" للقرطبي 1/ 141.

(4)

فاطر: 40.

(5)

الجمعة: 9.

ص: 286

الشيطان في عروق ابن آدم كما يجري الدم فيها، وقد تقدم هذا الحديث مبسوطا في الاعتكاف، وفي رواية:"فضيقوا مسالكه بالصوم" لينقمع الشيطان بسد مسالكه وتضييق مجاريه؛ لئلا يحوم حول القلب ويقرب منه فيفسده، ويقذف في القلوب أنواع الشرور وأسباب المهالك.

[4720]

(حدثنا أحمد (1) بن سعيد) بن بشر (الهمداني) المصري صدوق (حدثنا) عبد اللَّه (ابن وهب أخبرني) عبد اللَّه (ابن لهيعة) الحضرمي، قاضي مصر (وعمرو (2) بن الحارث) المصري أحد الأعلام (وسعيد (3) بن أبي أيوب، عن عطاء بن دينار، عن حكيم بن شريك الهذلي، عن يحيى بن ميمون، عن ربيعة الجرشي) بضم الجيم.

(عن أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ولا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم) وقد تقدم (الحديث) إلى آخره في حديث في كتاب القدر قبله من طريق أحمد بن حنبل، عن عبد اللَّه أبو عبد الرحمن، عن سعيد بن أبي أيوب [إلى آخره (4)](5).

* * *

(1) فوقها في (ل): (د).

(2)

فوقها في (ل): (ع).

(3)

فوقها في (ل): (ع).

(4)

سلف قريبًا برقم (4710).

(5)

ساقطة من (م).

ص: 287