الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
56 - باب فِي الظَّنِّ
4917 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبي الزِّنادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِيّاكُمْ والظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلا تَحَسَّسُوا وَلا تَجَسَّسُوا"(1).
* * *
باب في الظن
[4917]
(ثنا عبد اللَّه بن مسلمة) القعنبي (عن مالك، عن أبي الزناد) عبد اللَّه بن ذكوان. (عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والظن) المراد: ظن السوء، فهو المنهي عنه، وعن التهمة التي لا سبب لها يوجبها، كمن يتهم بالفاحشة أو شرب الخمر أو السرقة، ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك. (فإن الظن أكذب الحديث) أي: فإن سوء الظن الكاذب أكثر من كذب الحديث، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن الظن السوء أعظم إثمًا من الكذب، أي: إياكم وسوء الظن، وهو الشك يعرض لك فتريد تحقيقه وتصديقه والحكم به. وقيل: أراد: إياكم وسوء الظن وتحقيقه دون مبادئ الظنون التي لا تملك وخواطر القلوب التي لا تدفع. والمراد: أن المحرم من الظن ما يصر صاحبه عليه، ويستمر في قلبه دون ما يعرض في القلب ولا يستقر، فإن هذا لا يكلف به، كما في الحديث:"تجاوز اللَّه عما تحدث به الأمة ما لم تتكلم أو تعمل"(2).
(1) رواه البخاري (5143)، ومسلم (2563).
(2)
رواه البخاري (5269)، ومسلم (127) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
ونقل القاضي عن سفيان: الظن الذي يأثم به هو ما ظنه وتكلم به، فإن لم يتكلم لم يأثم (1). ويدل على كون الظن بمعنى التهمة قوله بعد هذا:"ولا تجسسوا" وذلك أنَّه قد يقع له خاطر التهمة ابتداء فيريد أن يتجسس خبر ذلك، ويبحث عنه ليحقق ما وقع له من تلك التهمة، فنهي عن ذلك؛ ولهذا جاء في الحديث:"إذا ظننت فلا تحقق"(2).
(ولا تحسسوا ولا تجسسوا) الأول: بالحاء المهملة، والثاني: بالجيم. قال بعض العلماء: التحسس بالحاء: الاستماع لحديث القوم، وبالجيم: البحث عن العورات. وقيل: التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يكون في السر، ومنه: الجاسوس: صاحب السر.
وقيل: هما بمعنًى واحدٍ، وهو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال.
وقيل: بالجيم طلب البحث عن الشيء لغيرك، وبالحاء: طلبه لنفسك.
قلت: الظاهر أن التحسس بالحاء المهملة هو يعم البحث عن التحقيق بكل واحد من الحواس الخمس، وبالجيم هو البحث عن التحقيق لتحققه تحقيق من جس الشيء واجتسه ليعرف حقيقته، ومنه الجساسة، وهي الدابة التي تطلب خبر الدجال، والجاسة بالجيم لغة في الحاسّة.
* * *
(1)"إكمال المعلم" 8/ 28.
(2)
رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 4/ 17 (1962)، والطبراني 3/ 228 (3227) من حديث حارثة بن النعمان مرفوعًا.
وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(2526).