الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
57 - باب فِي النَّصِيحَةِ والحِياطَةِ
4918 -
حَدَّثَنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمانَ المُؤَذِّنُ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمانَ -يَعْني: ابن بِلالٍ-، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ رَباحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"المُؤْمِنُ مِرْآةُ المُؤْمِنِ، والمُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرائِهِ"(1).
* * *
باب في النصيحة
[4918]
(ثنا الربيع بن سليمان) المرادي المصري (المؤذن) مؤذن جامع مصر (ثنا) عبد اللَّه (ابن وهب) الفهري (عن سليمان يعني: ابن بلال)(2) مولى الصديق (عن كثير بن زيد) الأسلمي، المدني، قال أبو زرعة: صدوق، فيه لين (3)(عن الوليد بن رباح) تقدم.
(عن أبي هريرة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن مرآة المؤمن) قال الغزالي: أي: يرى منه ما لا يرى من نفسه، فيستفيد المرء بأخيه معرفة عيوب نفسه، ولو انفرد لم يستفد، كما يستفيد بالمرآة الوقوف على عيوب صورته الظاهرة؛ فينبه الأخ الأخ على عيوبه، ويقبح
(1) رواه ابن وهب في "الجامع"(237)، والبخاري في "الأدب المفرد"(239)، والبزار (8109).
وصححه الألباني في "الصحيحة"(926).
(2)
بعدها في (ل)، (م): نسخة: هلال.
(3)
"الجرح والتعديل" 7/ 151 (841)، (841)، "تهذيب الكمال" 24/ 115 (4941).
القبيح، ويحسن الحسن، ويذكر له فوائد ترك القبيح، فإن لم ينزجر يخوفه بما يكرهه في الدنيا والآخرة؛ لينزجر عنه، ولكن ينبغي أن ينبهه على ذكر عيوبه سرًّا؛ بحيث لا يطلع عليه أحد، فما كان على الملأ فهو توبيخ وفضيحة، وما كان في السر فهو شفقة ونصيحة (1).
قال الشافعي: من وعظ أخاه سرًّا فقد نصحه وزانه، ومن وعظ علانية فقد فضحه وشانه (2).
وفيه الحث على صحبة أخ في اللَّه تعالى، كما يجعل المرآة لينظر فيها وجهه. وفيه أن يحترص أن يكون أخاه الذي يصحبه مرآة قلبه صقيلة ليس فيها غش ولا دنس، كما في المرآة، ومتى وجد من أخيه بعض كدر يبادر إلى إزالته كما يزيله من المرآة.
(والمؤمن) المؤاخى في اللَّه تعالى (أخو المؤمن) أي: مثل أخيه [في](3) القرابة، وهو الأخ من الأبوين، أو من الأب، أو من الرضاع. ومعنى الحديث: أن المؤمن ينبغي أن يحافظ على المؤمن محافظته على أخيه شقيقه، فيسر بسروره، ويهتم لهمه، ويعد جميع أحواله كأخيه المناسب (يكف) بفتح الياء وضم الكاف (عليه) أي: يجمع عليه معيشته ويضمها إليه. قاله في "النهاية"(4).
(ضيعته) بفتح الضاد المعجمة وسكون المثناة تحت، وهي ما يكون
(1)"إحياء علوم الدين" 2/ 182.
(2)
انظر السابق.
(3)
زيادة ليست في الأصول يقتضيها السياق.
(4)
4/ 190.
منه معاشه من صناعة أو تجارة أو زراعة ونحو ذلك.
قال شمر: ويدخل فيها الحرفة (1). ومنه الحديث: "أفشى اللَّه ضيعته"(2) أي: أكثر عليه معاشه.
(ويحوطه)(3) أي: يحفظه ويصونه ويذب عنه، ويحدق به (من ورائه) أي: من جميع جوانبه، ويتوفر مصالحه في حياته وأهله من بعده، وكان في السلف من يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة، يقوم لحاجاتهم ومصالحهم، ويتردد كل يوم إليهم، فكانوا لا يفقدون من الميت إلا عينه، وكان الواحد منهم يتردد إلى باب أخيه في غيبته وحضوره، ويسأل فيقول: هل لكم زيت؟ [هل لكم ملح؟ ](4) هل لكم حاجة؟ فيقوم بها من حيث لا يعرف أخوه.
* * *
(1) انظر: "إكمال المعلم" 3/ 270.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" 5/ 186 (5025) من حديث أبي الدرداء مرفوعًا. أورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 247 وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب، وهو كذاب.
(3)
بعدها في (ل)، (م): رواية: ويحفظه.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).