الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 - باب فِي الدَّجّالِ
4756 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، عَنْ خالِدٍ الحَذّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُراقَةَ، عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرّاحِ قالَ: سَمِعْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبي بَعْدَ نُوحٍ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ الدَّجّالَ قَوْمَهُ وإنّي أُنْذِرُكمُوهُ". فَوَصَفَهُ لَنا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقالَ: "لَعَلَّهُ سَيُدْرِكُهُ مَنْ قَدْ رَآني وَسَمِعَ كَلامي". قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ قُلُوبُنا يَوْمَئِذٍ أَمِثْلُها اليَوْمَ قالَ: "أَوْ خَيْرٌ"(1).
4757 -
حَدَّثَنا مَخْلَدُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قالَ: قامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في النّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِما هُوَ أَهْلُهُ فَذَكَرَ الدَّجّالَ فَقالَ: "إِنّي لأُنْذِرُكُمُوهُ وَما مِنْ نَبي إِلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ وَلَكِنّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبي لِقَوْمِهِ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ"(2).
* * *
باب في الدجال
قيل: سمي دجالًا؛ لأنه يغطي الحق بسحره كما يغطي الرجل جرب بعيره بالدجال، وهو الكساء، وقد تقدم غير هذا.
[4756]
(ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد) بن سلمة (عن خالد الحذاء، عن عبد اللَّه بن شقيق) العقيلي، أخرج له مسلم (عن عبد اللَّه ابن سراقة) الأزدي الدمشقي (3)، قيل: هو ابن المعتمر العدوي
(1) رواه الترمذي (2234)، وأحمد 1/ 195، وابن حبان (6778).
وضعفه الألباني.
(2)
رواه البخاري (3057)، ومسلم (2931).
(3)
في "تهذيب الكمال" 15/ 8 - 9: البصري.
الصحابي، وذكر البخاري أن الأزدي لا يعرف له سماع من أبي عبيدة (1) (عن أبي عبيدة) عامر بن عبد اللَّه (بن الجراح) أمين الأمة. وفي لفظ: عن عبد اللَّه بن سراقة قال: خطبنا أبو عبيدة بن الجراح.
(قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه لم يكن نبي) من الأنبياء (بعد نوح عليه السلام إلا وقد أنذر الدجال قومه، وإني أنذركموه) أي: أخوفكم فتنته، فاستعيذوا باللَّه من فتنته (فوصفه لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: لعله سيدركه من قد رآني وسمع) بواو الجمع، ولفظ الترمذي: أو سمع (2)(كلامي) وهذا إن صح محمول على رؤية الخضر عليه السلام المعمر مع أن لفظة (لعل) ليست لليقين بل هي للممكن، وهي هنا للإشفاق من المكروه، كقولك: لعل الرقيب حاصل.
وأحسن ما قيل فيه أن معنى (سمع كلامي) أي: وصل إليه الأحاديث المروية عني وإن كان بعد طول زمان، واللَّه أعلم.
(قالوا: يا رسول اللَّه، كيف قلوبنا يومئذ؟ ) يشبه أن يكون المعنى: هل هي باقية على إيماننا اليوم أم يضعف إيمانها بمشاهدة ما يأتي به في الفتن؟ فلهذا قال (أمثلها اليوم؟ ) في بقاء إيمانها (قال) بل مثلها (أو خير)(3) مما هي اليوم وأقوى إيمانا.
[4757]
(ثنا مخلد بن خالد) الشعيري، شيخ مسلم (حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه) عبد اللَّه بن عمر
(1)"التاريخ الكبير" 5/ 97.
(2)
"سنن الترمذي"(2234).
(3)
ورد بعدها في (ل)، (م): نسخة: أو أخير.
رضي اللَّه عنهما (قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس) خطيبًا (فأثنى على اللَّه) تعالى بما هو أهله) فيه: استحباب البداءة بالحمد للَّه والثناء عليه لكل خطيب ومدرس وخاطب ونحو ذلك (فذكر الدجال، فقال: إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه) وإنما كان هذا من الأنبياء لما علموا من عظيم فتنته وشدة محنته؛ لأنهم لما لم يعين واحد منهم وقت خروجه توقع كل منهم خروجه في زمن أمته، فبالغ في التحذير، واللَّه (لقد أنذره نوح) وما بعده من الأنبياء (قومه) وفائدة هذا الإنذار الإيمان بوجوده والعزم على معاداته ومخالفته وإظهار تكذيبه وصدق الالتجاء إلى اللَّه تعالى في التعوذ من فتنته، وهذا على مذهب أهل السنة خلافًا لمن أنكره من الخوارج وأبي علي الجبائي وبعض المعتزلة، وإن اشتد وزعم أن ما عنده مخارق ليست صحيحة، ولو كانت صحيحة لم يكن فرق (1) بين النبي والمتنبي، وهذا هذيان منه لا يلتفت إليه، وهذا إنما يلزم لو ادعى النبوة، إنما يدعي الإلهية.
(ولكني سأقول لكم فيه قولًا لم يقله) لم يصرح به (نبي لقومه: إنه أعور) هذا تشبيه للعقول القاصرة أو الغافلة على أن من كان ناقصًا في ذاته بعور ونحوه، وهو عاجز عن إزالة نقصه لم يصلح أن يكون إلها لعجزه وضعفه، ومن كان عاجزًا عن إزالة نقصه كان أعجز عن إزالة نقص غيره (وإن اللَّه ليس بأعور) لينزه الإله عن النقص العاجز.
* * *
(1) في الأصول: فرقًا. والجادة ما أثبتناه على أن (كان) تامة.