الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 - باب فِي كَراهيَةِ المِراءِ
4835 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا أَبُو أُسامَةَ، حَدَّثَنا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحابِهِ في بَعْضِ أَمْرِهِ قالَ: "بَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا"(1).
4836 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ سُفْيانَ، قالَ: حَدَّثَني إِبْراهِيمُ بْنُ المُهاجِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنْ قائِدِ السّائِبِ، عَنِ السّائِبِ قالَ: أَتَيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عَلي وَيَذْكُرُوني فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنا أَعْلَمُكُمْ". يَعْني بِهِ.
قُلْتُ: صَدَقْتَ بِأَبي أَنْتَ وَأُمّي كُنْتَ شَرِيكي فَنِعْمَ الشَّرِيك، كُنْتَ لا تُداري وَلا تُمارِي (2).
* * *
باب في كراهية المراء
[4835]
(ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (ثنا بريد (3) بن عبد اللَّه) هو بضم الموحدة وفتح الراء المهملة، ثم ياء التصغير (عن جده) أبي بردة عامر بن أبي موسى الأشعري (عن) أبيه (أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه.
(قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره) أو بعث سرية أو جيشًا أو أمر عليهم أميرًا (قال) ولمسلم عن سعيد بن أبي
(1) رواه البخاري (3038)، ومسلم (1732).
(2)
رواه ابن ماجه (2287)، وأحمد 3/ 425، والفاكهي في "أخبار مكة"(2155)، والنسائي في "الكبرى"(10071)، والطبراني في "الكبير"(6619)، والحاكم 2/ 61، والبيهقي في "السنن" 6/ 78. وصححه الألباني.
(3)
فوقها في (ل): (ع).
بردة، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن فقال:" [يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا] (1) وتطاوعا ولا تختلفا"(2).
(بشروا) بالموحدة والشين المعجمة، أي: بشروا من لقيتموهم بجسيم فضل اللَّه وعظيم ثوابه (ولا تنفروا) بذكر التخويف وأنواع الوعيد والعقاب المحض اللازم من غير ضمه إلى شيء من البشارة بعفو اللَّه تعالى ومغفرته (ويسروا) بالمثناة تحت والسين المهملة، أي: اعملوا بالتيسير في أموركم (ولا تعسروا) فيها وتشددوا.
[4836]
(ثنا مسدد، ثنا يحيى) القطان (عن سفيان) بن سعيد الثوري (حدثني إبراهيم بن المهاجر) البجلي الكوفي، أخرج له مسلم.
(عن مجاهد، عن قائد السائب) بن أبي السائب وابنه، قاله المنذري (3).
(عن السائب) بن أبي السائب صيفي بن عابد بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم، شريك النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث فيما قيل، وقيل: بل ذاك أبوه واختلف في إسناده فقيل: أسلم يوم الفتح، وهو من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه، وحكى ابن عبد البر عن ابن عباس أن السائب [ابن أبي السائب](4) ممن هاجر مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأعطاه يوم الجعرانة من غنائم حنين، ثم قال: وهذا أولى ما عول عليه في هذا
(1) في الأصول: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا). والمثبت من "صحيح مسلم".
(2)
"صحيح مسلم"(1733).
(3)
"مختصر سنن أبي داود" 7/ 187.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
الباب (1). يعني: بخلاف ما قال ابن إسحاق أنه قتل يوم بدر كافرًا (2)، وذكر غيره قتله الزبير بن العوام.
(قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون) بضم أوله (عليَّ ويذكرون (3) بكل خير، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنا أعلمكم. يعني: به) فيه: كراهية مدح الإنسان في وجهه، وإبطال المادح من مدحه بالتعرض دون التصريح، فإن المراد: واللَّه لا تمدحوه، فإني أعلم بحاله منكم.
وفيه ثناء الحاضرين عند الكبير أو الحاكم على من حضر إليه، والإعلام بحاله.
(قلت: صدقت) يا رسول اللَّه (بأبي أنت وأمي) أي: أفديك بأبي وأمي (كنت شريكي فنعم الشريك) سياق هذا الكلام يدل على أن (كنت شريكي فنعم الشريك) من كلام السائب، وكلام ابن عبد البر يدل على أنه من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإنه روى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"نعم الشريك كان أبو السائب، لا يشاري ولا يماري"(4) ويحتمل أن تكون قضيتين. ومعنى "لا يشاري": لا يلح عليه في أمر، قد شرى، واستشرى: إذا لج في الأمر. وقيل: لا يشار من الشر، أي: لا يشارره. فقلب إحدى الراءين ياءً.
قال في "النهاية": والأول أوجه؛ لحديث أم زرع: ركب شريا (5).
(1)"الاستيعاب" 2/ 141.
(2)
انظر: "الروض الأنف" 3، 104.
(3)
بعدها في (ل)، (م): ويذكرونني. وعليها: خـ.
(4)
"الاستيعاب" 2/ 141.
(5)
رواه البخاري (5189)، ومسلم (2448).
أي: ركب فرسًا يستشري في سيره، يعني: يلج ويجد (1). وروى الترمذي عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تمار أخاك ولا تمازحه، ولا تعده موعدًا فتخلفه"(2).
(كنت لا تداري) بسكون الياء، وأصله بالهمز؛ لأنه من الدرء والدفع؛ لمناسبة ما بعده وممازحته وهو يماري، وله نظائر معروفة، والمعنى: لا تمانع في شيء ولا تخالف فيه ولا تشاغب. يصفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق والسهولة في المعاملة، ومنه الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي فجاءت بهمة تمر بين يديه، فما زال يدارئها (3). أي: يدافعها.
ويروى بغير همز، من المداراة، وهي محمودة في الشريعة؛ لحديث:"رأس العقل بعد الإيمان باللَّه مداراة الناس"(4) والمداراة ملاينة الكلام للناس وحسن صحبتهم؛ لئلا ينفروا عنه.
(ولا تماري)(5) تقدم الكلام فيه قريبًا، ويحتمل أن يكون المراد المماراة في القرآن لحديث:"لا تماروا في القرآن، فإن مراءه كفر"(6)
(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 468 - 469.
(2)
"سنن الترمذي"(1995)، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وضعفه العجلوني في "كشف الخفاء" 2/ 360، والألباني في "ضعيف الجامع"(6274).
(3)
تقدم برقم (4603) من حديث أبي هريرة.
(4)
رواه هنَّاد في "الزهد" 2/ 590 (1249)، وابن أبي الدنيا في "مداراة الناس"(2)، "العقل والفضل"(28)، وأبو القاسم التميمي في "الترغيب والترهيب" 3/ 224 (2397)، والبيهقي في "الشعب" 11/ 24 (8089) عن سعيد بن المسيب مرسلًا.
(5)
في (ل)، (م): تمار. والمثبت من "سنن أبي داود".
(6)
رواه الطبراني في "الأوسط" 4/ 197 (3961)، والمستغفري في "فضائل القرآن" =
وهو المجادلة على طريق التشكيك والريبة، وقيل: إنما جاء ذم المراء في الآيات التي فيها ذكر القدر، وأما الجدال فيما تضمنته الآيات من الأحكام وأبواب الحلال والحرام فإن ذلك قد جرى بين الصحابة فمن بعدهم من العلماء، وذلك فيما يكون الغرض منه والباعث عليه ظهور الحق ليتبع دون الغلبة والتعجيز للغير.
* * *
= (244) من حديث عبد اللَّه بن عمرو. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 157: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف جدًّا. ورواه الطبراني في "الكبير" 5/ 152 (4916) من حديث زيد بن ثابت. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 157: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله موثقون.