الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
47 - باب المُسْتَبّانِ
4894 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ -يَعْني: ابن مُحَمَّدٍ-، عَنِ العَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"المُسْتَبَّانِ مَا قالا فَعَلَى البادئ مِنْهُما ما لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ"(1).
* * *
باب المستبَّان
[4894]
(ثنا عبد اللَّه بن مسلمة) القعنبي (ثنا عبد العزيز بن محمد) الدراوردي (عن العلاء) بن عبد الرحمن، أبو شبل، أخرج له مسلم (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة، وقيل: مولى جهينة، والحرقة من جهينة. أخرج له مسلم.
(2)
(أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: المستبَّان ما قالا) المستبَّان: تثنية مستب من السب، وهو الشتم والذم، وهما مرفوعان [على الابتداء](3).
و(ما) موصولة في موضع رفع بالابتداء أيضًا، وصلتها (قالا)، والعائد محذوف تقديره: قالاه (فعلى البادئ) دخلت الفاء على الخبر لما تضمن الاسم الموصول من معنى الشرط، نحو قوله تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (4)، و (ما) خبرها خبر المبتدأ الأول الذي هو (المستبَّان). ومعنى الكلام: أن المبتدئ بالسبِّ (منهما) هو المختص بإثم السب؛ لأنه ظالم به؛ إذ هو مبتدئ منهما من غير سب ولا
(1) رواه مسلم (2587).
(2)
كذا في (ل)، (م)، وقد سقط منهما:(عن أبي هريرة) كما في "السنن".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
النحل: 53.
استحقاق. والثاني: منتصر، فلا إثم عليه ولا جناح؛ لقوله تعالى:{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)} (1)، ولقوله تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)} (2).
لكن السبب المنتصر به وإن كان مباحًا للمنتصر فعليه إثم من حيث هو سبٌّ، لكنه عائد إلى الجاني الأول؛ لأنه هو الذي أحوج المنتصر إليه وتسبب فيه، فيرجع إثمه عليه، ويسلم المنتصر من الإثم؛ لأن الشرع قد رفع عنه الإثم والمؤاخذة، لكن هذا (ما لم يعتد المظلوم) أي: ما لم يجاوز ما سبَّ به إلى غيره إما بزيادة سب آخر أو بتكرار مثل ذلك السبِّ، وذلك أن المباح في الاقتصار أن يرد مثل ما قال الجاني أو مقاربه؛ لأنه قصاص، فلو قال له: يا كلب. مثلا، فالانتصار أن يرد عليه بقوله: بل هو الكلب.
فلو كرر هذا اللفظ مرتين أو ثلاثًا لكان متعديًا بالزائد على الواحد، وكذلك لو رد عليه بأفحش من الأول فيقول له: يا خنزير. مثلا، فإن كل واحد منهما مأثوم (3)، وهذا مقتضى قوله تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (4).
وعلى هذا فالصبر والعفو أفضل من الانتصار. قال اللَّه تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} (5).
* * *
(1) الشورى: 41.
(2)
الشورى: 39.
(3)
في (ل)، (م): مأثمومًا. والصواب ما أثبتناه.
(4)
البقرة: 194.
(5)
الشورى: 43.