الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - باب في الرِّفْقِ
4807 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، عَنْ يُونُسَ وَحُمَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ويُعْطي عَلَيْهِ ما لا يُعْطي عَلَى العُنْفِ"(1).
4808 -
حَدَّثَنا عُثْمان وَأَبُو بَكْرٍ ابنا أَبي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبّاحِ البَزّازُ قالُوا: حَدَّثَنا شَرِيكٌ، عَنِ المِقْدامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ قالَ: سَأَلْتُ عائِشَةَ عَنِ البَداوَةِ فَقالَتْ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْدُو إِلَى هذِه التِّلاعِ وَإِنَّهُ أَرادَ البَداوَةَ مَرَّةً فَأَرْسَلَ إِلَي ناقَةً مُحَرَّمَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَقالَ لَي: "يا عائِشَةُ ارْفُقي فَإِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يَكُنْ في شَيء قَطُّ إِلَّا زانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شيء قَطُّ إِلَّا شانَهُ".
قالَ ابن الصَّبّاحِ في حَدِيثِهِ: مُحَرَّمَةٌ يَعْني: لَمْ تُرْكَبْ (2).
4809 -
حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا أَبُو مُعاوِيَةَ وَوَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ جَرِيرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الخَيْرَ كُلَّهُ"(3).
4810 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبّاحِ، حَدَّثَنا عَفّانُ، حَدَّثَنا عَبْدُ الواحِدِ، حَدَّثَنا سُلَيْمان الأَعْمَشُ، عَنْ مالِكِ بْنِ الحارِثِ. قالَ الأَعْمَشُ: وَقَدْ سَمِعْتهُمْ يَذْكُرُونَ عَن مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ. قالَ الأَعْمَشُ: وَلا أَعْلَمُهُ إِلا عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم
(1) رواه أحمد 4/ 87، وابن أبي شيبة في "المصنف"(25820)، وعبد بن حميد في "المنتخب"(504)، والبخاري في "الأدب المفرد"(472)، والدارمي 2/ 323، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1091).
وصححه الألباني.
(2)
رواه مسلم (2594/ 78).
(3)
رواه مسلم (5292).
قالَ: "التُّوَدَةُ في كُلِّ شَيء إِلَّا في عَمَلِ الآخِرَةِ"(1).
* * *
باب في الرفق
[4807]
(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن يونس وحميد) ابن أبي حميد الطويل (عن الحسن) البصري (عن عبد اللَّه بن مغفل) بفتح الغين المعجمة والفاء المشددة رضي الله عنه.
(أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن اللَّه رفيق) بعباده، من الرفق والرأفة، فهو فعيل بمعنى فاعل، كرحيم بمعنى راحم (يحب الرفق) وهو اللين والتسهيل في الأمور، أي: يأمر به ويحض عليه، وحب اللَّه للطاعة شرعه لها وترغيبه فيها.
وقد اختلف العلماء في أسماء اللَّه تعالى هل الأصل فيها التوقيف؟ فلا يسمى إلا بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله أو أجمع الأمة عليه؟ ففي الحديث تصريح بتسميته سبحانه رفيقًا وجميلًا يحب الجمال، أو الأصل جواز تسميته تعالى بكل اسم حسن وإن لم يؤذن فيه من الشرع، إلا إذا منع منه مانع شرعي؟ ومراد الخلاف: هل الألف واللام في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2) للجنس؟ فيعم كل اسم حسن وإن لم يرد التصريح به، أو للعهد الذي
(1) رواه أبو يعلى (792)، والحاكم 1/ 63، والبيهقي في "الزهد"(714)، والخطيب في "الجامع"(97).
وصححه الألباني في "الصحيحة"(1794).
(2)
الأعراف: 180.
ورد بخصوصه الشرع؟ وعلى أنها للعهد هل تقتبس أسماؤه من أخبار الآحاد أو لا بد من التواتر أو الإجماع؟ والصحيح قبول الآحاد؛ لأن إطلاق الأسماء على اللَّه حكم شرعي عملي، فيكتفى فيه بخبر الواحد.
(ويعطي عليه) في الدنيا من الثناء الحسن الجميل وفي الآخرة من الثواب الجزيل (ما لا يعطي على العنف) بضم العين وفتحها، وهو التشديد والتصعيب في الأشياء، ويحتمل أن يكون الرفيق في حق اللَّه بمعنى الحليم، فإنه لا يعجل بعقوبة العصاة، بل يمهل ليتوب إليه من سبقت له السعادة، ويخالف فيزداد إثمًا من سبقت له الشقاوة.
قال القرطبي: وهذا المعنى أليق بالحديث، فإنه السبب الذي خرج عليه الحديث، وذلك أن اليهود سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك. فقالت عائشة: بل عليكم السام واللعنة. فقال لها صلى الله عليه وسلم. . الحديث (1).
[4808]
(ثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة ومحمد بن الصباح البزاز) بزاءين معجمتين (قالوا: ثنا) القاضي (شريك، عن المقدام بن شريح) أخرج له مسلم (عن أبيه) شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك المذحجي الكوفي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وكان من كبار أصحاب علي، وشهد الحكمين بدومة الجندل، وأخرج له مسلم والأربعة.
(قال: سألت عائشة عن البِداوة) بكسر الباء على الأظهر، وهي الخروج إلى البادية، كما تقدم الحديث بتمامه في أول كتاب الجهاد
(1)"المفهم" 6/ 577.
مع شرحه (1).
(قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبدو إلى هذِه التلاع) بكسر التاء، وهي مجاري الماء من فوق إلى أسفل (وإنه أراد البداوة مرة فأرسل إلى ناقة محرمة)(2) بفتح الحاء والراء المهملتين، وهي التي لم تركب ولم تذلل (من إبل الصدقة، فقال: يا عائشة، ارفقي فإن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء قط إلا شانه. قال) محمد (ابن الصباح في حديثه: محرمة، يعني: لم تركب) ولم تذلل بالركوب والحمل، فأمر صلى الله عليه وسلم بالرفق بهذِه الناقة الصغيرة، وأن لا يكلفها ما لا تطيق وما (3) يشق عليها.
[4809]
(ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية) محمد (4) بن خازم الضرير (عن الأعمش، عن تميم بن سلمة) بفتح السين أوله، السلمي الكوفي، أخرج له مسلم (عن عبد الرحمن بن هلال) العبسي، أخرج له مسلم (عن جرير) بن عبد اللَّه البجلي رضي الله عنه.
(قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من يحرم الرفق) في أموره (يحرم الخير كله) أي: يفضي ذلك به إلى أن يحرم خير الدنيا والآخرة، فإن مدار الأفعال كلها على التسهيل والتيسير من الآدمي ومن غيره من الدواب ومن غيرهم.
(1) سبق برقم (2478).
(2)
بعدها في (ل)، (م): بناقة محرمة. وعليها: خـ.
(3)
بعدها في الأصول: لا. وهو خطأ.
(4)
ساقطة من (م).
[4810]
(ثنا الحسن بن محمد بن الصباح) الزعفراني، شيخ البخاري (ثنا عفان)(1) بن مسلم الصفار (حدثنا عبد (2) الواحد) بن زياد العبدي (حدثنا سليمان) بن مهران (الأعمش، عن مالك بن الحارث) السلمي الرقي، وثقه ابن معين وغيره (3)، ولم يذكر الأعمش فيه من حدثه، ولم يجزم برفعه، وذكر محمد بن طاهر الحافظ هذا الحديث بهذا الإسناد. وقال: في روايته انقطاع وشك.
(قال الأعمش: وقد سمعتهم يذكرون) هذا الإسناد (عن مصعب (4) ابن سعد، عن أبيه) سعد بن أبي وقاص.
(قال الأعمش: ولا أعلمه إلا)(5) مرفوعًا (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال: التؤدة) بضم التاء وهمزة مفتوحة، وهي التاني والتثبت وترك العجلة والتثبيت (في كل شيء) هو فضل ونعمة من اللَّه، يعطيه من شاء من عباده، ويدل على هذا رواية أبي يعلى:[. . .](6)"التأني من اللَّه، والعجلة من الشيطان"(7). وأصل التاء في التؤدة مبدلة من الواو (إلا في الآخرة) هذا عام في كل أعمال الآخرة أن المبادرة إليها أفضل من
(1) فوقها في (ل): (ع).
(2)
فوقها في (ل): (ع).
(3)
"الجرح والتعديل" 8، 207 (909)، "معرفة الثقات"(1669)، "الثقات" لابن حبان 7/ 460.
(4)
فوقها في (ل)، (ع).
(5)
ليست في (ل)، (م)، والمثبت من "سنن أبي داود".
(6)
مكانها بياض في (ل) بمقدار كلمة.
(7)
"مسند أبي يعلى" 7/ 247 (4256) من حديث أنس مرفوعًا.
التأخير، بخلاف [حالات](1) الاستثناء المعدودة، كما روى المزي في "التهذيب" في ترجمة محمد بن موسى عن مشيخة من قومه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الأناة في كل شيء إلا في ثلاث: إذا صيح في خيل اللَّه، وإذا نودي بالصلاة، وإذا كانت الجنازة"(2).
وفي حديث حاتم الأصم: العجلة من الشيطان إلا في خمسة، فإنها من سنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إطعام الطعام وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب (3).
* * *
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2)
"تهذيب الكمال" 26/ 531.
(3)
أورده العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" 1/ 364 (1371)، والعجلوني في "كشف الخفاء" 1/ 296.