المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌8 - باب في حسن الخلق - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٨

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌20 - باب دِياتِ الأَعْضاءِ

- ‌21 - باب دِيَةِ الجَنِينِ

- ‌22 - باب فِي دِيَةِ المُكاتَبِ

- ‌23 - باب فِي دِيَةِ الذِّمّيِّ

- ‌24 - باب في الرَّجُلِ يُقاتِلُ الرَّجُلَ فَيَدْفَعُه عَنْ نفْسِهِ

- ‌25 - باب فِيمَنْ تَطَبَّبَ ولا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فَأَعْنَتَ

- ‌26 - باب فِي دِيَةِ الخَطَإِ شِبْهِ العَمْدِ

- ‌27 - باب فِي جِنايَةِ العَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَراءِ

- ‌28 - باب فِيمَنْ قَتَلَ في عِمِّيّا بَيْنَ قَوْمٍ

- ‌29 - باب فِي الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِها

- ‌30 - باب العَجْماءُ والمَعْدِنُ والبِئْرُ جُبارٌ

- ‌31 - باب فِي النّارِ تَعَدَّى

- ‌32 - باب القِصاصِ من السِّنِّ

- ‌كتاب السنة

- ‌1 - باب شَرْحِ السُّنَّةِ

- ‌2 - باب النَّهْي عَنِ الجِدالِ واتِّباعِ مُتَشابِهِ القُرْآنِ

- ‌3 - باب مُجانَبَةِ أَهْلِ الأَهْواءِ وَبُغْضِهِمْ

- ‌4 - باب تَرْكِ السَّلامِ عَلَى أَهْلِ الأَهْواءِ

- ‌5 - باب النَّهْى عَنِ الجِدالِ في القُرْآنِ

- ‌6 - باب في لُزُومِ السُّنَّةِ

- ‌7 - باب لُزُوم السُّنَّةِ

- ‌8 - باب فِي التَّفْضِيلِ

- ‌9 - باب فِي الخُلَفاءِ

- ‌10 - باب فِي فَضْلِ أَصْحاب رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - باب فِي النَّهْي عَنْ سَبِّ أَصْحابِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - باب في اسْتِخْلافِ أَبي بكْرٍ رضي الله عنه

- ‌13 - باب ما يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الكَلامِ في الفِتْنَةِ

- ‌14 - باب فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الأَنْبِياءِ علَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ

- ‌15 - باب فِي رَدِّ الإِرْجاءِ

- ‌16 - باب الدَّلِيلِ عَلى زِيادَةِ الإِيمانِ وَنُقْصانِهِ

- ‌17 - باب فِي القَدَرِ

- ‌18 - باب في ذَراري المُشْرِكِينَ

- ‌19 - باب فِي الجَهْمِيَّةِ

- ‌20 - باب فِي الرُّؤْيَةِ

- ‌21 - باب فِي الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ

- ‌22 - باب فِي القُرْآنِ

- ‌23 - باب فِي الشَّفاعَةِ

- ‌24 - باب فِي ذِكْرِ البَعْثِ والصُّورِ

- ‌25 - باب في خَلْقِ الجَنَّة والنّارِ

- ‌26 - باب فِي الحَوْضِ

- ‌27 - باب فِي المَسْأَلَةِ في القَبْرِ وَعذابِ القَبْرِ

- ‌28 - باب فِي ذِكْرِ المِيزانِ

- ‌29 - باب فِي الدَّجّالِ

- ‌30 - باب في قَتْلِ الخَوارِجِ

- ‌31 - باب فِي قِتالِ الخَوارِجِ

- ‌32 - باب فِي قِتالِ اللُّصُوصِ

- ‌كتاب الأدب

- ‌1 - باب فِي الحِلْمِ وأَخْلاقِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - باب فِي الوَقارِ

- ‌3 - باب مَنْ كَظَمَ غَيْظًا

- ‌4 - باب ما يُقالُ عِنْدَ الغضَبِ

- ‌5 - باب فِي العَفْو والتَّجاوُزِ في الأَمْرِ

- ‌6 - باب فِي حُسْنِ العِشْرَةِ

- ‌7 - باب فِي الحَياءِ

- ‌8 - باب فِي حُسْنِ الخُلُقِ

- ‌9 - باب فِي كَراهِيَةِ الرِّفْعَةِ في الأُمُورِ

- ‌10 - باب في كَراهِيةِ التَّمادُحِ

- ‌11 - باب في الرِّفْقِ

- ‌12 - باب فِي شُكْرِ المَعْرُوفِ

- ‌13 - باب فِي الجُلُوسِ في الطُّرُقاتِ

- ‌14 - باب فِي سَعَةِ المَجْلِسِ

- ‌15 - باب فِي الجُلُوسِ بينَ الظِّلِّ والشَّمْسِ

- ‌16 - باب في التَّحَلُّقِ

- ‌17 - باب الجُلُوسِ وَسْطَ الحَلْقَةِ

- ‌18 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ

- ‌19 - باب مَنْ يُؤْمَرُ أَنْ يُجالَسَ

- ‌20 - باب فِي كَراهيَةِ المِراءِ

- ‌21 - باب الهَدي في الكَلامِ

- ‌22 - باب فِي الخُطْبَةِ

- ‌23 - باب فِي تَنْزيلِ النّاسِ مَنازِلَهُمْ

- ‌24 - باب فِي الرَّجُلِ يَجْلسُ بَينَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِهِما

- ‌25 - باب في جُلُوسِ الرَّجُلِ

- ‌26 - باب فِي الجِلْسَةِ المَكْرُوهَةِ

- ‌27 - باب النَّهْي عَنِ السَّمَرِ بَعْدَ العِشاءِ

- ‌29 - باب فِي التَّناجي

- ‌30 - باب إِذا قامَ مِنْ مَجْلِسٍ ثُمَّ رَجَعَ

- ‌31 - باب كَراهِيَةِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ولا يَذْكُرُ اللَّه

- ‌28 - باب فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا

- ‌32 - باب فِي كَفّارَةِ المَجْلِسِ

- ‌33 - باب فِي رَفْع الحَدِيثِ مِنَ المَجْلسِ

- ‌34 - باب فِي الحَذَرِ منَ النّاسِ

- ‌35 - باب فِي هَدي الرَّجْلِ

- ‌36 - باب فِي الرَّجُلِ يَضَعُ إحْدى رِجْليْهِ عَلى الأُخْرى

- ‌37 - باب فِي نَقْلِ الحَدِيثِ

- ‌38 - باب فِي القَتّاتِ

- ‌39 - باب في ذي الوَجْهَيْنِ

- ‌40 - باب فِي الغِيبَةِ

- ‌41 - باب منْ رَدَّ عَنْ مُسْلِمٍ غِيبَةً

- ‌42 - باب مَنْ لَيْسَتْ لَهُ غِيبَةٌ

- ‌43 - باب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُحِلُّ الرَّجُلَ قدِ اغْتَابَهُ

- ‌44 - باب في النَّهْي عَنِ التَّجَسُّسِ

- ‌45 - باب فِي السَّتْرِ عَنِ المُسْلِمِ

- ‌46 - باب المُؤاخاةِ

- ‌47 - باب المُسْتَبّانِ

- ‌48 - باب في التَّواضُعِ

- ‌49 - باب فِي الانْتِصارِ

- ‌50 - باب فِي النَّهْي عَنْ سَبِّ المَوْتَى

- ‌51 - باب فِي النَّهْي عَنِ البَغْي

- ‌52 - باب فِي الحَسَدِ

- ‌53 - باب فِي اللَّعْنِ

- ‌54 - باب فِيمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَ

- ‌55 - باب فِيمَنْ يَهْجُرُ أَخَاهُ المُسْلِمَ

- ‌56 - باب فِي الظَّنِّ

- ‌57 - باب فِي النَّصِيحَةِ والحِياطَةِ

- ‌58 - باب فِي إِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ

- ‌59 - باب فِي النَّهْي عَنِ الغِناءِ

- ‌60 - باب كَراهِيَةِ الغِناءِ والزَّمْرِ

الفصل: ‌8 - باب في حسن الخلق

‌8 - باب فِي حُسْنِ الخُلُقِ

4798 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ -يَعْني: الإِسْكَنْدَراني-، عَنْ عَمْرٍو عَنِ المطَّلِبِ، عَنْ عائِشَةَ رَحِمَها اللَّهُ قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ المُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصّائِمِ القائِمِ"(1).

4799 -

حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسي وَحَفْصُ بْن عُمَرَ قالا: حَدَّثَنا ح وَحَدَّثَنا ابن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا شُعْبَةُ، عَنِ القاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ عَطَاءٍ الكَيْخاراني، عَنْ أُمِّ الدَّرْداءِ، عَنْ أَبي الدَّرْداءِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"ما مِنْ شَيء أَثْقَلُ في المِيزان مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ". قالَ أَبُو الوَلِيدِ قالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً الكَيْخارانَيَّ.

قالَ أَبُو داوُدَ: وَهُوَ عَطَاءُ بْنُ يَعْقوبَ وَهُوَ خالُ إِبْراهِيمَ بْنِ نافِعٍ، يُقالُ: كَيْخاراني وَكَوْخارانيٌّ (2).

4800 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمانَ الدِّمَشْقي أَبُو الجَماهِرِ قالَ: حَدَّثَنا أَبُو كَعْبٍ أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدي، قالَ: حَدَّثَني سُلَيْمانُ بْنُ حَبِيب المُحارِبي، عَنْ أَبي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ في رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِراءَ وَإِنْ كانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ في وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَإِنْ كانَ مازِحًا، وَبِبَيْتٍ في أَعْلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ"(3).

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول"(166)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4427)، وابن حبان (480)، وتمّام في "فوائده"(1071)، والبيهقي في "الشعب"(7988). وصححه الألباني.

(2)

رواه الترمذي (2003)، وأحمد 6/ 446، وابن حبان (481).

وصححه الألباني في "الصحيحة"(876).

(3)

رواه الروياني (1200)، والدولابي في "الكنى"(1643)، والطبراني 8/ 98 (7488)، وابن بطة في "الإبانة"(533)، وتمام في "فوائده"(343).

قال الألباني في "حجة النبي صلى الله عليه وسلم" ص 24: رواه أبو داود بسند حسن عن أبي أمامة.

ص: 463

4801 -

حَدَّثَنا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمان ابنا أَبي شَيْبَةَ قالا: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيانَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خالِدٍ، عَنْ حارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ الجَوّاظُ وَلا الجَعْظَرِيُّ". قالَ: والجَوّاط الغَلِيظُ الفَظُّ (1).

* * *

باب في حسن الخلق

[4798]

(ثنا قتيبة بن سعيد) البلخي (ثنا يعقوب) بن عبد الرحمن (الإسكندراني) أخرج له الشيخان (عن عمرو) بن أبي عمرو مولى المطلب، صدوق، قال أحمد: ليس به بأس (2).

(عن) مولاه (المطلب) بن عبد اللَّه بن حنطب المخزومي المدني، قال أبو زرعة: ثقة أرجو أن يكون سمع من عائشة. وقال أبو حاتم: لم يدرك عائشة، ويشبه أن يكون أدرك جابرا، وعامة حديثه مراسيل (3).

(عن عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه) روى الترمذي عن عبد اللَّه بن المبارك أنه وصف حسن الخلق فقال: هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى (4).

(درجة الصائم القائم) ويوضحه رواية الحاكم: "إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل وصائم النهار"(5) ورواية الطبراني من

(1) رواه البخاري (4915)، ومسلم (2853).

(2)

انظر: "العلل" رواية عبد اللَّه (1525، 3203)، "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 18/ 392.

(3)

"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 8/ 359.

(4)

"سنن الترمذي"(2005).

(5)

"المستدرك" 1/ 60.

ص: 464

حديث أبي أمامة بلفظ: "إن الرجل ليدرك بحسن الخلق"(1) فضيلة مجبول عليها المؤمن أو مكتسب لها وهي مستمرة في الليل والنهار، فبالليل تدرك أعلى درجات الليل وهو القيام في التهجد، وأدركت في النهار أعلى درجات النهار وهي الصيام في شدة الهواجر.

[4799]

(ثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك (الطيالسي وحفص بن عمر قالا: ثنا، ح، وثنا محمد بن كثير) العبدي (ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزة) بفتح الباء الموحدة والزاي، وهو ابن نافع المكي.

(عن عطاء) بن نافع (الكيخاراني) بفتح الكاف، وسكون الياء تحتها نقطتان وفتح الخاء -يعني: المعجمة- وسكون الألفين بينهما راء مفتوحة وبعدهما نون، هذِه النسبة إلى كيخاران، وهي قرية من قرى اليمن، كذا ضبطه ابن السمعاني، قال: ومن زعم أنه سمع معاذًا فقد وهم (2). وقال أبو العباس المستغفري: كيخاران من قرى مرو. ثم قال: وهذا ليس صحيحا (3) فإن هذِه القرية لا تعرف بمرو، وإنما هي من اليمن. انتهى.

(قال أبو داود: وهو عطاء بن يعقوب، وهو خال إبراهيم، ويقال: كيخران) بفتح الكاف والخاء مع حذف الألف (وكورخان) بضم الكاف، وثقه ابن معين (4).

(عن أم الدرداء) الصغرى اسمها هجيمة، ويقال: جهيمة بنت حيي

(1)"المعجم الكبير" 8/ 169.

(2)

"الأنساب" 1/ 192 - 193.

(3)

في (ل)، (م): صحيح. والمثبت هو الصواب.

(4)

انظر: "تهذيب الكمال" 20/ 121.

ص: 465

الأوصابية، ويقال: الوصابية ووصاب بطن من حمير، وكانت فقيهة، وهي أم بلال بن أبي الدرداء.

(عن) زوجها (أبي الدرداء) عويمر، حكيم الأمة، ومن الذين أوتوا العلم، شهد ما بعد أحد من المشاهد رضي الله عنه.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من شيء) زاد الترمذي: "يوضع"(1)(في الميزان) من حسنات الأعمال التي توزن (أثقل) يجوز بالرفع على أنه صفة لمحل (ما من شيء) ويجوز النصب صفة على لفظ (شيء) المجرور، إلا أنه لا ينصرف للصفة ووزن الفعل (من حسن الخلق) لأنه أفضل أعمال بني آدم. ولفظ أبي الشيخ:"ألا أدلك على أفضل العبادة، وأخفها على البدن، وأثقلها في الميزان، وأهونها على اللسان"(2).

(قال أبو الوليد) الطيالسي (قال: سمعت عطاء الكيخاراني) بفتح الكاف كما تقدم.

[4800]

(حدثنا محمد بن عثمان) التنوخي (الدمشقي) الكفرسوسي (أبو الجماهر) قال عثمان بن سعيد الدارمي: هو أوثق من أدركنا بدمشق، ورأيت أهل دمشق مجتمعين على صلاحه (3).

(ثنا أبو كعب أيوب بن محمد) والمشهور أيوب بن موسى (السعدي) البلقاوي بفتح الموحدة وسكون اللام ثم قاف، صدوق (حدثني سليمان

(1)"سنن الترمذي"(2003).

(2)

"طبقات المحدثين بأصبهان" 4/ 303.

(3)

انظر: "تاريخ دمشق" 24/ 205، و"تهذيب الكمال" 26/ 100.

ص: 466

ابن حبيب المحاربي) أخرج له البخاري في الجهاد (1)(عن أبي أمامة) صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه.

(قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم) أي: ضامن وكفيل، ومنه قوله تعالى:{وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (2)(ببيت) أي: بقصر في الجنة، ومنه حديث:"بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب"(3)(في ربض) بفتح الموحدة وبالضاد المعجمة (الجنة) قال في "النهاية": هو ما حولها خارجًا عنها تشبيهًا بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع (4). انتهى.

وظاهر السياق أن ربض الجنة أسفلها (لمن ترك المراء) وحد المراء هو كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه، إما في اللفظ، وإما في المعنى، وإما في قصد المتكلم (وإن كان) في اعتراضه (محقًّا) وترك المراء بترك الإنكار والاعتراض، فكل كلام سمعته فإن كان حقًّا فصدق به، وإن كان باطلًا ولم يكن متعلقًا بأمور الدين فاسكت عنه. والطعن في كلام الغير تارة يكون من لفظه بإظهار خلل فيه من جهة النحو أو من جهة اللغة والعربية أو من جهة النظم والترتيب، وإما في المعنى بأن يقول: أخطأت في قولك كذا وكذا، وإما في قصده بأن يقول: هذا الكلام حق لكن ليس قصدك فيه الحق، إنما أنت صاحب غرض.

قال في "النهاية": يقال للمجادلة: مماراة لأن كل واحد منهما

(1)"صحيح البخاري"(2909).

(2)

يوسف: 72.

(3)

رواه البخاري (1792) من حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى.

(4)

"النهاية في غريب الحديث" 2/ 185.

ص: 467

يستخرج ما عند صاحبه، ويمتريه كما يمتري الحالبُ اللبن من الضرع (1).

ولفظ رواية الترمذي: "من ترك المراء وهو مبطل بنى اللَّه له بيتًا في ربض الجنة، ومن تركه وهو محق بنى له في وسطها"(2) وإنما حصل له هذا لشدة ذلك على النفس، وكثير ما طبعت عليه من الشبقية المحبة للقهر والغلبة على الغير، وأكثر ما يغلب ذلك في المذاهب والعقائد، فإن المراء طبع، فإذا علم أو ظن أن له عليه ثوابًا اشتد حرصه عليه وتعاون الطبع والشرع، وذلك خطأ محض.

(و) أنا زعيم (ببيت) أي: قصر (في وسط الجنة) والوسط بفتح السين: منزلة وسطى بين الربض والأعلى، ويستعمل الوسط بمعنى الخير، ومنه الحديث:"الوالد أوسط أبواب الجنة"(3)(لمن ترك الكذب) من كلامه (وإن كان) فيه (مازحًا) فالمزح مطايبة وانبساط مع الجليس؛ لتطييب قلبه ومؤانسته، وهو مشتق من زحت الشيء عن موضعه وأزحته عنه إذا نحيته؛ لأنه تنحية له عن حد القول.

ومما يصلح للمزاح (4) ما رواه الزبير بن بكار في كتاب "الفكاهة والمزاح" عن الضحاك بن سفيان الكلابي قال: عندي امراتان أحسن من هذِه الحميراء أفلا أنزل لك عن إحداهما فتتزوجها؟ وعائشة

(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر" 4/ 322.

(2)

"سنن الترمذي"(1993) من حديث أنس وقال: حديث حسن.

(3)

رواه أحمد 6/ 447، "الترمذي"(1900)، (3794) من حديث أبي الدرداء.

وصححه الألباني في "الصحيحة"(914).

(4)

ساقطة من (م).

ص: 468

جالسة قبل أن يضرب الحجاب، فقالت: هي أحسن أم أنت؟ قال: بل أنا أحسن منهما وأكرم. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان دميمًا (1). وروى ابن ماجه والحاكم من حديث صهيب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[قال لصهيب وبه رمد: "تأكل التمر وأنت رمد؟ " قال: إنما آكل على الشق الآخر. فتبسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم](2)(3).

(و) أنا زعيم (ببيت في أعلى الجنة من حسن) بتشديد السين (خلقه) قال الغزالي: تكلم الناس في حقيقة الخلق الحسن، وإنما تعرضوا لثمرته ولم يستوعبوها، وكشف الغطاء فيه أن الخلق والخُلق عبارتان عن الظاهر والباطن، فيراد بالخلق الصورة الظاهرة وبالخلق الصورة الباطنة، لأن الإنسان مركب من جسد مدرك بالبصر ومن روح مدرك بالبصيرة، والمدرك بالبصيرة أعظم، لأن اللَّه عظم أمره بالإضافة إلى نفسه فقال:{إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)} (4) فنبه على أن الجسد منسوب إلى الطين، والروح منسوب إلى

(1) قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء": أخرجه الزبير بن بكار في "الفكاهة" من رواية عبد اللَّه بن الحسن مرسلا أو معضلا، وللدارقطني نحو هذه القصة مع عييينة ابن حصن الفزاري بعد نزول الحجاب من حديث أبي هريرة. انتهى.

قال ابن القيم في "المنار المنيف" ص 60: قال المزي: كل حديث في ذكر الحميراء باطل إلا حديثا في الصوم في "سنن النسائي الكبرى".

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(3)

"سنن ابن ماجه"(3443)، "المستدرك" 3/ 399 ثقات. قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (1136): إسناد صهيب صحيح، ورجاله ثقات. وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه"(2776).

(4)

ص: 71 - 72.

ص: 469

اللَّه، والخلق عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة، فإن صدرت منها الأفعال الجميلة المحمودة عقلًا وشرعًا سميت الهيئة خلقا حسنا.

[4801]

(حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: ثنا وكيع، عن سفيان) بن سعيد الثوري (عن معبد بن خالد) الجدلي القيسي الكوفي (عن حارثة بن وهب) الخزاعي.

(قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة الجواظ) بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة (ولا الجعظري) بفتح الجيم وسكون العين وفتح الظاء المعجمة وكسر الراء وتشديد ياء النسب، كذا في "ديوان الأدب" للفارابي (1)، وهو الفظ الغليظ المتكبر. وقيل: هو الذي يتمدح وينتفخ بما ليس عنده أو فيه قصر.

(قال) المصنف: قال شيخنا: لعل تفسير الجواظ من سفيان (2).

(الجواظ) هو (الغليظ) الطبع (الفظ) والفظ هو السيئ الخلق، يقال: فلان أفظ من فلان. أي: أصعب خلقًا وأشرس.

والمراد بعدم دخول من هذِه [صفته](3) الجنة أنه لا يدخلها مع السابقين كالسهل العريكة وصاحب الخلق الحسن، بل يتأخر دخوله عن دخولهم، أنه (4) تلا قوله تعالى:{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} إلى قوله:

(1)"ديوان الأدب" ص 132.

(2)

"فتح الباري" 8/ 663.

(3)

زيادة يقتضيها السياق.

(4)

يعني: عن عبد اللَّه بن عمرو.

ص: 470

{زَنِيمٍ} (1) وقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول، لفظ رواية الطبراني والحاكم:"أهل النار كل جعظري جواظ متكبر، وأهل الجنة الضعفاء المغلوبون"(2).

ولفظ أحمد: "ألا أخبركم بشر عباد اللَّه؟ ! الفظ المستكبر، ألا أخبركم بخير عباد اللَّه؟ ! الضعيف المستضعف ذو الطمرين لا يوبه له لو أقسم على اللَّه لأبره"(3).

* * *

(1) القلم: 12 - 13.

(2)

"المعجم الكبير" 7/ 129 (6589)، "المعجم الأوسط" 3/ 283 (3157)، "المستدرك" 2/ 499 من حديث عبد اللَّه بن عمرو.

(3)

"مسند أحمد" 5/ 407 من حديث حذيفة.

ص: 471