المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم من جحد شيئا من الأسماء والصفات - غاية المريد شرح كتاب التوحيد

[عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌منهجية التميز

- ‌ترجمة موجزةللإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده ونشأته وطلبه للعلم:

- ‌ حال الناس قبل دعوته:

- ‌ ظهور دعوته:

- ‌ الافتراءات والشبهات حول دعوته:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته وآثاره العلمية:

- ‌ مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه:

- ‌ عقيدته ومذهبه:

- ‌ وفاته:

- ‌نبذة تعريفيةبكتاب التوحيد

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌ نسبة الكتاب إلى مؤلفه:

- ‌ تاريخ تأليفه ومكانه:

- ‌ سبب تأليفه:

- ‌ أهميته:

- ‌ ثناء العلماء على الكتاب:

- ‌ موضوع الكتاب:

- ‌ منهج المؤلف في كتابه:

- ‌ عناية العلماء بالكتاب:

- ‌أولًا: الشروح والتعليقات والحواشي:

- ‌ثانيًا: الكتب التي خدمت الكتاب:

- ‌ثالثًا: مختصرات كتاب التوحيد:

- ‌كتاب التوحيد

- ‌ العلاقة بين أقسام التوحيد

- ‌بابُ فَضْلِ التَّوْحِيدِ وَمَا يُكفِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ

- ‌ شروط (لا إله إلا الله)

- ‌بابُ مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ

- ‌ الاسترقاء والكي ليسا بمذمومين

- ‌بَابُ الخَوْفِ مِنَ الشركِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ

- ‌بَابُ تَفْسيرِ التَّوْحِيدِ وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ لُبْسُ الحَلْقَةِ وَالخَيْطِ وَنَحْوِهِمَالِرَفْعِ البَلاءِ أَوْ دَفْعِهِ

- ‌ أحكام الأسباب

- ‌ حكم لبس الحلقة والخيط ونحوهما

- ‌ تغيير المنكر باليد

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ

- ‌الفرق بين الرقى والتمائم

- ‌ سبب النَّهي عن الاستنجاء برجيع الدابة أو العظم

- ‌بَابُ مَنْ تَبَرَّكَ بِشَجَرَةٍ أَوْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِمَا

- ‌ حكم التبرك بالأحجار والأشجار ونحوها

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّبْحِ لِغَيْرِ الله

- ‌«الذبح لغير الله ينقسم إلى قسمين:

- ‌بَابٌ لا يُذبَحُ للهِ بمكانٍ يُذبَح فيه لغير الله

- ‌بابٌ مِنَ الشركِ النَّذْرُ لِغَيْرِ الله

- ‌ هل ينعقد نذر المعصية

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ الاسْتِعَاذَةُ بِغَيْرِ الله

- ‌ حكم الاستعاذة بالمخلوق

- ‌ الفرق بين العياذ واللياذ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ الله أَوْ يَدْعُوَ غَيْرَهُ

- ‌بابقول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}

- ‌السر في الأمر بإنذار الأقربين أولًا

- ‌باب قول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ

- ‌ أنواع العلو

- ‌بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌أقسام الناس في الشفاعة:

- ‌الشفاعة الوارة في القرآن والسنة من حيث الإثبات والنفي نوعان:

- ‌القسم الأول: الشفاعة الخاصة

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية

- ‌بَابُ مَا جَاء أَنَّ سَبَبَ كُفْرِ بَنِي آدَمَوَتَرْكِهِمْ دِينَهُمْ هُوَ الغُلُوُّ فِي الصَّالِحِينَ

- ‌الناس في معاملة الصالحين ثلاثة أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّغْلِيظِ فِيمَنْ عَبَدَ اللهَعِنْدَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ فَكَيْفَ إِذَا عَبَدَهُ

- ‌اتخاذ القبور مساجد، يشمل ثلاثة معان:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الغُلُوَّ فِي قُبُورِ الصَّالِحِينَيُصيرُهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله

- ‌ حكم زيارة النساء للقبور

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايِةِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جَنَابَ التَّوْحِيدِوَسَدهِ كُلَّ طَرِيقٍ يُوصِلُ إِلَى الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأُمَّةِ يَعْبُدُ الأَوْثَانَ

- ‌الفرق بين الوثن والصنم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّحْرِ

- ‌هل للسحر حقيقة

- ‌ حكم تعلم السحر:

- ‌بَابُ بَيَانِ شيءٍ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ

- ‌«ووجه كون العيافة من السحر:

- ‌حكم تعلم النجوم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الكُهَّانِ وَنَحْوِهِمْ

- ‌سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:

- ‌كتابة أبي جاد على قسمين:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّشرةِ

- ‌ حل السحر بالسحر

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَيُّرِ

- ‌ الجمع بين حديث: «لَا عَدْوَى» وحديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ»

- ‌الفرق بين الطيرة والفأل:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّنْجِيمِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌أقسام المحبة:

- ‌ بواعث حب الله

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌الخوف من غير الله ينقسم إلى أربعة أقسام:

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [

- ‌بَابٌ مِنَ الإِيمَانِ باللهِ الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ الله

- ‌الصبر ثلاثة أنواع:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ

- ‌ حكم العبادة إذا خالطها الرياء

- ‌ الشركُ الخَفِيُّ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ إِرَادَةُ الإِنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا

- ‌ فعل الإنسان للعمل الصالح بقصد الدنيا هو من الشرك الأصغر

- ‌بَابُ مَنْ أَطَاعَ العُلَمَاءَ وَالأُمَرَاءَ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهأَوْ تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَه فَقَدْ اتَّخَذَهُمْ أَرْبَابًا

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ

- ‌بَابُ مَنْ جَحَدَ شيئًا مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ

- ‌ حكم من جحد شيئًا من الأسماء والصفات

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}

- ‌ حكم قول القائل: (لولا فلان لم يكن كذا):

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

- ‌ الحلف بصفات الله

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَقنَعْ بِالْحَلِفِ بالله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»

- ‌بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ

- ‌بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضي القُضَاةِ وَنَحْوِهِ

- ‌بَابُ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ الله تَعَالَى وَتَغْيِيِرِ الاسْمِ لأَجْلِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ مَنْ هَزَلَ بِشيءٍ فِيهِ ذِكْرُ الله أَو القُرْآنِ أَو الرَّسُولِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}

- ‌بَابٌ لا يُقَالُ السَّلامُ عَلَى الله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ»

- ‌بَابٌ لا يَقُولُ: «عَبْدِي وَأَمَتِي»

- ‌بَابٌ لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ

- ‌بَابٌ لا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلَاّ الجَنَّةُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي اللَوْ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُنْكِري القَدَرِ

- ‌تعريف القدر:

- ‌مراتب القدر:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي المُصَوِّرِينَ

- ‌ اقتناء الصور على أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ الحَلِفِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِمَّةِ الله وَذِمَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الإِقْسَامِ عَلَى الله

- ‌بَابٌ لا يُسْتَشْفَعُ بِاللهِ عَلَى خَلْقِهِ

- ‌ تحريم الاستشفاع بالله على خلقه

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَى التَّوْحِيدِوَسَدِّهِ طُرُقَ الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

الفصل: ‌ حكم من جحد شيئا من الأسماء والصفات

وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} .

---------------------------------•

وما‌

‌ حكم من جحد شيئًا من الأسماء والصفات

؟

الجحد: الإنكار، والإنكار قسمان:

أولهما: إنكار تكذيب، وهذا كفر بلا شك، فلو أن أحدًا أنكر اسمًا من أسماء الله أو صفة من صفاته الثابتة في الكتاب والسنة، مثل أن يقول: ليس لله يد، أو أن الله لم يستو على عرشه، أو ليس له عين، فهو مكذب للكتاب والسنة.

وثانيهما: إنكار تأويل، وهو أن لا ينكرها ولكن يتأولها إلى معنى يخالف ظاهرها، وهذا نوعان:

الأول: أن يكون للتأويل مُسَوِّغ في اللغة العربية، فهذا لا يُوجب الكفر، ولا يلزم أن يكون مكذبًا.

الثاني: أن لا يكون له مسوغ في اللغة العربية؛ فهذا تكذيب للكتاب والسنة؛ لأنه إذا لم يكن له مسوغ صار في الحقيقة تكذيبًا (1).

وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} المراد بذلك كفار قريش أو طائفة منهم، وليس المقصود أنهم يجحدون وجود الله أو لا يؤمنون به، بل المعنى يجحدون هذا الاسم المعين عنادًا أو جهلًا.

قال البغوي: «والمعروف أن الآية مكية، وسبب نزولها: أن أبا جهل سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الحجر يدعو: (يا الله يا رحمن)، فرجع إلى المشركين فقال:

(1) ينظر: القول المفيد (2/ 183).

ص: 398

وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ، قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه:«حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ» .

---------------------------------•

إن محمدًا يدعو إلهين، يدعو الله ويدعو إلها آخر يسمى الرحمن، ولا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، فنزلت هذه الآية، ونزل قوله تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]» (1).

ولذلك رفضوا أن يكتبوه في صلح الحديبية، فقال أحدهم:«أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَالله مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ» (2).

ومناسبة الآية للترجمة ظاهرة، لأن الله تعالى سمى جحود اسم من أسمائه كفرًا، فدل على أن جحود شيء من أسماء الله وصفاته كفر، فمن جحد شيئًا من أسماء الله وصفاته، من الفلاسفة والجهمية والمعتزلة ونحوهم، فله نصيب من الكفر بقدر ما جحد من الاسم أو الصفة، فإن الجهمية والمعتزلة ونحوهم، وإن كانوا يقرون بجنس الأسماء والصفات، فعند التحقيق لا يقرون بشيء، لأن الأسماء عندهم أعلام محضة، لا تدل على صفات قائمة بالرب تبارك وتعالى، وهذا نفس كفر الذين جحدوا اسم الرحمن (3).

وأثر علي: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ

» رواه البخاري في صحيحه (4).

(1) معالم التنزيل 4/ 318.

(2)

رواه البخاري في صحيحه (3/ 195) رقم (2731).

(3)

تيسير العزيز الحميد ص (498).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 37) رقم (127).

ص: 399

«حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ» أي: بما يفهمون (1).

«أَتُرِيدُونَ» بهمزة الاستفهام الإنكارية (2).

والأثر دليل على منع تحديث الناس بما لا تدركه عقولهم.

و«مناسبة هذا الأثر لهذا الباب: أن من أسباب جحد الأسماء والصفات أن يحدث المرء الناس بما لا يعقلونه من الأسماء والصفات؛ لأن عامة الناس عندهم إيمان إجمالي بالأسماء والصفات يصح معه توحيدهم وإيمانهم وإسلامهم، فالدخول في تفاصيل ذلك غير مناسب إلا إذا كان المخاطب يعقل ذلك ويعيه، وليس أكثر الناس كذلك» (3).

وأخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن ص (362) رقم (610)، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي (2/ 108) رقم (1318)، والسمعاني في أدب الإملاء والاستملاء ص (59) من طريق عبيد الله بن موسى،

وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 1003) رقم (1911) من طريق أبي بكر بن عياش،

والخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 481) من طريق عبد الله بن داود،

ثلاثتهم (عبيد الله، وابن عياش، وابن داود) عن معروف بن خَرَّبُوذَ، عن أبي الطفيل، عن عليٍّ رضي الله عنه موقوفًا عليه.

(1)

تيسير العزيز الحميد ص (499).

(2)

تحقيق التجريد (2/ 403).

(3)

التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (439، 440).

ص: 400

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَرٍ، عَن ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا انْتَفَضَ لَمَّا سَمِعَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصِّفَاتِ، اسْتِنْكَارًا لِذَلِكَ، فَقَالَ: مَا فَرَقُ هَؤُلَاءِ؟ يَجِدُونَ رِقَّةً عِنْدَ مُحْكَمِهِ، وَيَهْلِكُونَ عِنْدَ مُتَشَابِهِهِ. انْتَهَى.

---------------------------------•

أثر ابن عباس رواه عبد الرزاق وغيره (1)، إسناده صحيح.

«رَأَى رَجُلًا» لم يسم هذا الرجل.

«انْتَفَضَ» أي: ارتعد لما سمع حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم فاستنكره، إما لأن عقله لا يحتمله، أو لكونه اعتقد عدم صحته فأنكره.

«فَقَالَ» أي: ابن عباس رضي الله عنه.

«مَا فَرَقُ هَؤُلَاءِ» يحتمل وجهين:

أحدهما: أن تكون «ما» استفهامية إنكارية. وفرق بفتح الفاء والراء وهو الخوف والفزع، أي: ما فزع هذا وأضرابه من أحاديث الصفات واستنكارهم لها؟ والمراد الإنكار عليهم.

(1) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (3/ 231)، وفي جامع معمر (11/ 423) رقم (20893)،

وابن أبي شيبة في مصنفه (7/ 556) رقم (37902)، وابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 214)، وإسماعيل القاضي في أحكام القرآن كما في (إتحاف المهرة)(7/ 301) من طريق سفيان بن عيينة،

وابن أبي عاصم في السنة (1/ 212) رقم (485) من طريق ابن ثور،

ثلاثتهم (عبد الرزاق، وابن عيينة، وابن ثور) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنه موقوفًا عليه.

وفي مصنف ابن أبي شيبة زيادة (رِبْعِيٍّ) في الإسناد بين معمر وابن طاوس.

والأثر إسناده صحيح، وصرح بتصحيحه ابن حجر في فتح الباري (12/ 300).

ص: 401

وَلما سَمِعَتْ قُرَيْشٌ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الرَّحْمَنَ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ:{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} .

---------------------------------•

والثاني: أن يكون بفتح الفاء وتشديد الراء، ويجوز تخفيفها. و «ما» نافية أي: ما فرَّق هذا وأضرابه بين الحق والباطل، ولا عَرَفوا ذلك (1).

«وَلما سَمِعَتْ قُرَيْشٌ رَسُولَ الله» الحديث أخرجه ابن جرير في تفسيره، وهو ضعيف (2)، ولفظه عن قتادة، قال:«{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} ذكر لنا أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الحديبية حين صالح قريشًا كتب: هذا ما صالح عليه محمدٌ رسول الله. فقال مشركو قريش: لئن كنت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ثم قاتلناك لقد ظلمناك! ولكن اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعنا يا رسول الله نقاتلهم! فقال: لا ولكن اكتبوا كما يريدون إنِّي محمد بن عبد الله. فلما كتب الكاتب: (بسم الله الرحمن الرحيم)، قالت قريش: أما (الرحمن) فلا نعرفه؛ وكان أهل الجاهلية يكتبون: (باسمك اللهم)، فقال أصحابه: يا رسول الله، دعنا نقاتلهم! قال: لا ولكن اكتبوا كما يريدون» .

ومناسبة الحديث للباب ولكتاب التوحيد أن الأثر يدل على كفر من أنكر شيئًا من أسماء الله وصفاته؛ لأن ذلك ينافي توحيد الأسماء والصفات (3).

(1) تيسير العزيز الحميد ص (501، 502).

(2)

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (13/ 530)، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في الدر المنثور (4/ 650) عن قتادة.

وأخرجه ابن جرير أيضًا في تفسيره (13/ 530) عن ابن جريج عن مجاهد، بلفظ مختصر.

(3)

الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (357).

ص: 402