الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: بيان حكم الرُّقَى والتمائم، ولم يجزم في الترجمة بأن ذلك من الشرك؛ لأن الرقى منها ما هو جائزٌ، ومنها ما هو شركٌ، وكذلك التمائم اختلف في بعض أنواعها كتعليق القرآن والأدعية المأثورة كما سيأتي بيانه. وهذا بخلاف الباب السابق؛ فإنه نص فيه على أن الحلقة والخيط من الشرك.
ومناسبة هذا الباب لما قبله واضحة جليةٌ؛ وذلك لأن هذا الباب يُعَدُّ مكملًا للباب السابق: (باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما
…
) والذي ذُكِر فيه أنواعٌ أخرى من أنواع الشرك الأصغر في ذات السياق المرتبط بالتعاويذ والرقى، و
الفرق بين الرقى والتمائم
هو أَنَّ الرُّقَى هي العوذة التي يعوذ بها من الكلام، والتمائم هي ما يعلق لتتميم الأمر جلبًا لنفعٍ أو دفعًا لضرٍّ، والفرق بينهما من جهة أن الرقى عوذة ملفوظة وينفث بها، وأن التمائم عوذة مكتوبة تعلق (1).
وقوله: «الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ» (الرُّقَى): جمع رقية، وهي تعاويذ وأدعية تقرأ؛ لتحصين المرقى عليه أو إشفائه (2).
و(التمائم): مضى التعريف بها في الباب السابق، وهي: اسم جامع لكل ما عُلق من أسباب غير شرعية أو قدرية لدفع ضر أو لرفعه سواء كانت من خشب أو خرز أو معدن أو غيرها.
(1) ينظر: شرح كتاب التوحيد للعصيمي ص (31).
(2)
ينظر: المخصص (4/ 21)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 254).
تعليق التمائم هل هو من الشرك الأكبر أم الأصغر؟
الجواب فيها تفصيل: «فمنها: ما هو شرك أكبر كالتي تشتمل على الاستغاثة بالشياطين أو غيرهم من المخلوقين.
ومنها: ما هو محرم كالتي فيها أسماء لا يفهم معناها؛ لأنها تجر إلى الشرك.
وأما التعاليق التي فيها قرآن أو أحاديث نبوية أو أدعية طيبة محترمة فالأولى تركها لعدم ورودها عن الشارع، ولكونها يتوسل بها إلى غيرها من المحرم؛ ولأن الغالب على متعلقها أنه لا يحترمها ويدخل بها المواضع القذرة» (1).
والرقى على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الرقية المشروعة: وهي ما اجتمع فيها ثلاثة أمور:
الأول: أن تكون بكلام الله أو بأسمائه أو صفاته أو ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن تكون باللسان العربي.
الثالث: أن لا يعتقد أن الرقية تؤثر بذاتها بل بإذن الله.
وقد أجمع العلماء على جواز الرقية عند اجتماع هذه الشروط، كما حكاه عدد من المحققين (2).
القسم الثاني: الرقية الممنوعة: وهي ما اختلَّ فيها شرط من شروط الرقية المشروعة، وهي على نوعين:
(1) القول السديد ص (36 - 38). وسيأتي بسط الخلاف في هذه المسألة.
(2)
ينظر: فتح الباري لابن حجر (10/ 195).
النوع الأول: الرقية الشركية: وهي التي يستعان فيها بغير الله، فيذكر فيها أسماء الجن وغيرهم من الخلق، وقد تكون بغير العربية ولكن يُتيقن أنها تتضمن الاستعانة بالجن وذكر أسمائهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:«الرقى؛ والعزائم الأعجمية: هي تتضمن أسماء رجال من الجن يدعون؛ ويستغاث بهم ويقسم عليهم بمن يعظمونه، فتطيعهم الشياطين بسبب ذلك في بعض الأمور. وهذا من جنس السحر والشرك» (1).
وجاء بيان هذا النوع من الرقى في أحاديث كثيرة، منها:
حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال:«كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ» (3).
(1) مجموع الفتاوى (1/ 362).
(2)
مجموع الفتاوى (19/ 13).
(3)
أخرجه مسلم (4/ 1727) رقم (2200).
فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَشيرٍ اَلأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ،
•---------------------------------•
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ الرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ» (1).
النوع الثاني: الرقية البدعية: وهي التي تكون على صفة مخالفة للرقية المشروعة، ولكنها لم تشتمل على شرك، كالرقية باللسان غير العربي، أو بما لا يعرف معناه؛ لأنها مظنة أن يدخلها شرك أو كفر.
قال السعدي رحمه الله في معرض حديثه عن الرقى والتمائم: «منها: ما هو شرك أكبر كالتي تشتمل على الاستغاثة بالشياطين أو غيرهم من المخلوقين
…
ومنها: ما هو محرم كالتي فيها أسماء لا يفهم معناها؛ لأنها تجر إلى الشرك» (2).
«فِي الصَّحِيحِ» أي: صحيح البخاري وصحيح مسلم (3).
«عَنْ أَبِي بَشيرٍ اَلأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه» صحابي ممن شهد الخندق، وهو مشهور بكنيته، وقد اختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، فقيل: قيس بن عبيد من بني النجار، وقيل: لا يوقف له على اسم صحيح (4).
«فَأَرْسَلَ رَسُولًا» قال ابن عبد البر رحمه الله: «رواه روح بن عبادة عن مالك فسمى الرسول فقال فيه: (أرسل زيدًا مولاه) وهو عندي زيد بن حارثة» (5).
(1) أخرجه أبو داود (4/ 9) رقم (3883)، وابن ماجه (2/ 1166) رقم (3530)، وأحمد في المسند (6/ 110) رقم (3615)، والحاكم في المستدرك (4/ 241) رقم (7505)، وصححه.
(2)
القول السديد ص (47).
(3)
أخرجه البخاري (4/ 59) رقم (3005)، ومسلم (3/ 1672) رقم (2115).
(4)
ينظر: الاستيعاب (4/ 1610)، وأسد الغابة (6/ 30)، والإصابة (7/ 35).
(5)
التمهيد (17/ 160).
فَأَرْسَلَ رَسُولًا أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلادَةٌ مِنْ وَتَرٍ، أَوْ قِلادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ».
•---------------------------------•
«أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ» كلمة (لَا يَبْقَيَنَّ): نهي مؤكَّد بنون التوكيد الثقيلة، والأصل في النهي التحريم.
وقوله: «رَقَبَةِ بَعِيرٍ» البعير: يطلق على الذكر والأنثى من الإبل، وجمعه أبعرة، وأَباعِرُ، وبُعْرانٌ (1).
وقوله: «رَقَبَةِ بَعِيرٍ» خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب عند العرب تعليق بعض الأشياء على رقبة البعير يعتقدون أنها تدفع العين عنه؛ ولذلك فالنهي يشمل التعليق على البعير أو غيره، وسواء كان التعليق على الرقبة أو أي موضع.
«قِلادَةٌ مِنْ وَتَرٍ، أَوْ قِلادَةٌ» شك من الراوي، والأولى أرجح؛ لأن القلائد كانت تتخذ من الأوتار، ويعتقدون أن ذلك يدفع العين عن البعير، وهذا اعتقاد فاسد؛ لأنه تعلُّق بما ليس بسبب، والتعلق بما ليس بسبب شرعي أو حسي شرك؛ لأنه بتعلقه أثبت للأشياء سببا لم يثبته الله لا بشرعه ولا بقدره، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع هذه القلائد. أما إذا كانت هذه القلادة من غير وتر، وإنما تستعمل للقيادة كالزمام؛ فهذا لا بأس به لعدم الاعتقاد الفاسد (2).
وقوله: «وَتَرٍ» المراد به وتر القوس، وقد كان الناس يقلدون الإبل أوتارًا لئلا تصيبها العين بزعمهم، فأمروا بقطعها إعلامًا بأن الأوتار لا ترد من أمر الله شيئًا (3).
(1) ينظر: الصحاح (2/ 593)، ولسان العرب (4/ 71).
(2)
القول المفيد (1/ 179).
(3)
غريب الحديث لأبي عبيد (2/ 2).
وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شركٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
•---------------------------------•
«إِلَّا قُطِعَتْ» فيه دلالة على وجوب قطع كل ما عُلِّق لأجل دفع العين ونحوها من الآفات؛ لأنه لا يرد الضرر ولا يدفعه إلَّا الله سبحانه.
ومناسبة الحديث للباب: هي أن القلائد التي تعلق على رقبة البعير من التمائم المنهي عنها؛ ولهذا جاء الأمر بقطعها.
«وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ» حديثه عند أحمد وأبي داود (1)، وإسناده ضعيف.
(1) أخرجه أحمد في مسنده (6/ 110) رقم (3615)، ومن طريقه ابنه عبد الله في السنة (1/ 366) رقم (792) وأبو داود في سننه (4/ 9) رقم (3883)، وأبو بكر الخلال في السنة من طريق أحمد أيضًا (5/ 18) رقم (1494)، والطبراني في الدعاء للطبراني ص (337) رقم (1106)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (2/ 744) رقم (1033)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 588) رقم (19603) من طريق أبي داود، والبغوي في شرح السنة (12/ 156) رقم (3240) من طريق أبي معاوية،
وابن ماجه في سننه (2/ 1166) رقم (3530) من طريق عبد الله بن بشر،
وأبو يعلى الموصلي في مسنده (9/ 133) رقم (5208)،
ثلاثتهم (أبو معاوية، وعبد الله بن بشر، وأبو يعلى) عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى ابن الجزار، عن ابن أخت زينب امرأة عبد الله بن مسعود، عن زينب، عن ابن مسعود، مرفوعًا، بألفاظ مختلفة، بعضها مطولًا وبعضها مختصرًا، وليس عند الطبراني في الدعاء قوله:«إِنَّ الرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ» .
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 463) رقم (8290) من طريق محمد بن مسلمة الكوفي، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن زينب، عن ابن مسعود مرفوعًا.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (13/ 456) رقم (6090)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 213) رقم (10503) من طريق فضيل بن عمرو، عن يحيى بن الجزار قال: «دَخَلَ عَبْدُ الله عَلَى امْرَأَةٍ وَفِي عُنُقِهَا شَيْءٌ مُعَوَّذٌ، فَجَذَبَهُ فَقَطَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ الله أَغْنِيَاءَ أَنْ =
«إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ» سبق التعريف بالرقى والتمائم في بداية هذا الباب.
«التِّوَلَةَ» خرز أو نحوه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى زوجته (1)، وهو نوع من السحر يسمى العطف.
وقد جاء تفسير التولة عن ابن مسعود في رواية ابن حبان (2): «قالوا: يا أبا عبد الرحمن، هذه الرقى والتمائم قد عرفناها، فما التولة؟ قال: شيء يصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن» .
وصارت التولة شركًا؛ لأنها ليست بسبب شرعي ولا قدري للمحبة، وهي نوع من أنواع السحر.
= يُشْرِكُوا بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ» قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذِهِ الرُّقَى وَالتَّمَائِمُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا التِّوَلَةُ؟ قَالَ شَيْءٌ يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ يَتَحَبَّبْنَ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ». وهو منقطع؛ لأن يحيى بن الجزار لم يسمع ابن مسعود، وابن أخت زينب امرأة ابن مسعود مجهول، وقد وقع في الحديث اضطراب في سنده ومتنه؛ فلهذه العلل المذكورة يكون الحديث ضعيفًا.
وقد أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (2/ 119) رقم (1442)، والحاكم في المستدرك (4/ 241) رقم (7505) من طريق قيس بن السكن، أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: كان مما حفظنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ مِنَ الشِّرْكِ. فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: وَمَا التِّوَلَةُ؟ قَالَ: التَّهْيِيجُ» . وقيس بن السكن ثقة، أخرج له مسلم.
(1)
ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد (4/ 50)، وتهذيب اللغة (14/ 228).
(2)
صحيح ابن حبان (13/ 456) رقم (6090).
وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُكَيْمٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «مَنْ تَعَلَّقَ شيئًا وُكِلَ إِلَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
•---------------------------------•
حديث عبد الله بن عكيم عند أحمد والترمذي وغيرهما (1)، وإسناده ضعيف.
«مَنْ تَعَلَّقَ شيئًا» أي: اعتمد على شيء، واستمسك به، وعلَّق به خوفه ورجاءه.
«وُكِلَ إِلَيْهِ» أي: وكله الله إليه، إلى ما علق قلبه به من دون الله، ومن وكله الله إلى غيره ضل وهلك (2).
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده (2/ 288) رقم (786)، وفي مصنف (5/ 35) رقم (23457)، وأحمد في مسنده (31/ 77) رقم (18781)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 589) رقم (19610) من طريق وكيع،
وأحمد في مسنده (31/ 81) رقم (18786)، وابن أبي عاصم الآحاد والمثاني (5/ 37) رقم (2576) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1742) رقم (4419) من طريق شعبة،
والترمذي في جامعه (4/ 403) رقم (2072)، والحاكم في المستدرك (4/ 241) رقم (7503) من طريق عبيد الله بن موسى،
والطبراني في المعجم الكبير (22/ 385) رقم (960)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3018) رقم (7000) من طريق المطلب بن زياد،
والترمذي في الموضع السابق (4/ 403)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 117) من طريق يحيى بن سعيد،
أربعتهم (وكيع، وشعبة، وعبيد الله، والمطلب) عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أخيه عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث فيه علتان:
العلة الأولى: أن الحديث من رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ضعيف سيئ الحفظ.
العلة الثانية: أن عبد الله بن عكيم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الترمذي وغيره.
(2)
ينظر: قرة عيون الموحدين ص (60).
التَّمَائِمُ: شيءٌ يُعَلَّقُ عَلَى الأَوْلَادِ يَتَّقُونَ بِهِ العَيْنَ لَكِنْ إِذَا كَانَ المُعَلَّقُ مِنَ القُرْآنِ فَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ السَّلَفِ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ، وَيَجْعَلُهُ مِنَ المَنْهِيِّ عَنْهُ. مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
•---------------------------------•
«التَّمَائِمُ: شيءٌ يُعَلَّقُ عَلَى الأَوْلَادِ يَتَّقُونَ بِهِ العَيْنَ» هذا تعريف من المصنف للتمائم، وقد سبق الحديث عنها.
وقوله: «شيءٌ يُعَلَّقُ» يشمل الخرز والوَدْع والورق وغيرها من الأشياء التي تعلق.
وقوله: «يُعَلَّقُ عَلَى الأَوْلَادِ» هذا الغالب في التمائم، وإلا فهي تعلق على الكبار من الرجال والنساء، وتعلق على الدواب، والبيوت، وغير ذلك.
وقوله: «يَتَّقُونَ بِهِ العَيْنَ» الغالب في التمائم أن يتقى بها العين، وتعلق أيضًا من أجل دفع المضار وجلب المنافع.
«لَكِنْ إِذَا كَانَ المُعَلَّقُ مِنَ القُرْآنِ فَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ السَّلَفِ
…
إلخ».
اختلف العلماء في حكم التمائم إذا كانت من القرآن، على رأيين:
الرأي الأول: جواز ذلك، وهو مروي عن بعض الصحابة: كعائشة (1)، وعبد الله بن عمرو (2).
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 242) رقم (7506)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 589) رقم (19606)، وسيأتي في أدلة هذا الرأي.
(2)
أخرجه أبو داود (4/ 12) رقم (3893)، والترمذي (5/ 541) رقم (3528)، وسيأتي في الأدلة.
ومروي عن بعض التابعين: كابن المسيب (1)، وابن سيرين (2)، وعطاء (3)، ومجاهد (4)، وأبي جعفر الباقر (5).
وقال به بعض فقهاء الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، وأحمد في رواية (9).
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 43) رقم (23543) من طريق شعبة عن أبي عصمة، قال: سألت سعيد بن المسيب عن التعويذ، فقال:«لا بأس إذا كان في أديم» . وسنده ضعيف؛ لأن أبا عصمة هو نوح بن أبي مريم، وهو متهم بالكذب.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 44) رقم (23548)، عن إسماعيل بن مسلم، عن ابن سيرين:«أنه كان لا يرى بأسًا بالشيء من القرآن» ، وإسناده ضعيف، لضعف إسماعيل بن مسلم المكي.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 44) رقم (23550)، عن ليث بن أبي سليم، عن عطاء، قال:«لا بأس أن يعلق القرآن» . وإسناده صحيح.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 44) رقم (23545) عن ثُوَيْر بن أبي فاختة، قال:«كان مجاهد يكتب للناس التعويذ فيعلقه عليهم» . وسنده ضعيف؛ لضعف ثُوَيْر بن أبي فاختة.
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 44) رقم (23546)، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه:«أنه كان لا يرى بأسًا أن يُكتب القرآن في أديم ثم يعلقه» . وإسناده حسن.
(6)
ينظر: المغرب في ترتيب المعرب ص (62)، وحاشية ابن عابدين (6/ 363).
(7)
ينظر: البيان والتحصيل (1/ 439)، والذخيرة للقرافي (13/ 327)، والقوانين الفقهية ص (295).
(8)
المجموع شرح المهذب (9/ 66) تحفة المحتاج (1/ 149)، وِأسنى المطالب (1/ 61).
(9)
نقل ابن مفلح في الفروع (3/ 249) عن الميموني: قال: سمعت من سأل أبا عبد الله عن التمائم تعلق بعد نزول البلاء؟ قال: «أرجو أن لا يكون به بأس» .
وقال ابنه عبد الله في مسائله ص (447): «رأيت أبي يكتب التعاويذ للذي يقرع وللحمى لأهله وقراباته، ويكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة في جام، أو شيء لطيف ويكتب حديث ابن عباس، إلا أنه كان يفعل ذلك عند وقوع البلاء، ولم أره يفعل هذا قبل وقوع البلاء» .
وقال أبو داود في مسائله ص (349): «رأيت على ابن لأحمد، وهو صغير، تميمة في رقبته في أديم» .
وذهب إلى ذلك القرطبي (1)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (2)، وابن القيم (3)، وابن حجر (4)، وغيرهم.
واستدل أصحاب هذا الرأي بما يلي:
1 -
ما روي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات:«أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ، مِنْ غَضَبِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ» ، وكان عبد الله بن عمر يعلمهن من عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبه فأعلقه عليه (5).
2 -
ما روي عن عائشة أنها قال: «التَّمَائِمُ مَا عُلِّقَ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ، وَمَا عُلِّقَ بَعْدَهُ فَلَيْسَ بِتَمِيمَةٍ» (6).
(1) الجامع لأحكام القرآن (10/ 320).
(2)
ذكر فصلًا في مجموع الفتاوى (19/ 64) بأنه يجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئًا من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى، وختم هذا الفصل بقوله:«قال علي: يكتب في كاغدة فيعلق على عضد المرأة، قال علي: وقد جربناه فلم نر شيئًا أعجب منه، فإذا وضعت تحله سريعًا ثم تجعله في خرقة أو تحرقه» . ولم يعلق على ذلك كالمقر له.
(3)
حيث عقد فصلًا في الزاد (4/ 326)، ذكر فيه عددًا من الآثار والأقوال الدالة على جواز ذلك.
(4)
قال في فتح الباري (6/ 142) بعد ذكره للأحاديث والآثار في النهي عن تعليق التمائم: «هذا كله في تعليق التمائم وغيرها مما ليس فيه قرآن ونحوه، فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه، فإنه إنما يجعل للتبرك به والتعوذ بأسمائه وذكره» .
(5)
أخرجه أبو داود (4/ 12) رقم (3893)، والترمذي (5/ 541) رقم (3528)، وأحمد في مسنده (11/ 295) رقم (6696)، وقال الترمذي:«حسن غريب» .
(6)
أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 463) رقم (8291)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 589) رقم (19606)، وقال الحاكم:«صحيح الإسناد» .
الرأي الثاني: النهي عن ذلك، وهو مروي عن ابن مسعود (1)، وابن عباس (2)، وحذيفة (3)، وعقبة بن عامر (4)، وعكيم (5)، وإبراهيم النخعي (6)، والحسن البصري (7)، وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه (8).
واستدل أصحاب هذا الرأي بما يلي:
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 35) رقم (23464) وسيأتي لفظه في أدلة المانعين.
(2)
أورده ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/ 81) عن وكيع عن ابن عباس قال: «اتفل بالمعوذتين ولا تعلق» .
(3)
سبق تخريجه.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 35) رقم (23465) من طريق أبي الحر، عن عقبة بن عامر، قال:«موضع التميمة من الإنسان والطفل شرك» .
(5)
أخرجه الترمذي في جامعه (4/ 403) رقم (2072)، وأحمد في مسنده (31/ 77) رقم (18781)، عن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:«دخلت على عبد الله بن عكيم أبي معبد الجهني، أعوده وبه حمرة، فقلنا: ألا تعلق شيئا؟ قال: الموت أقرب من ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تعلق شيئًا وكل إليه» . وقد تقدم تخريج الحديث المرفوع.
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 36) عن مغيرة بن مقسم الضبي، قال:«قلت لإبراهيم: أعلق في عضدي هذه الآية: {يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] من حمى كانت بي، فكره ذلك» . وإسناده صحيح.
(7)
أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص (382)، عن يونس بن عبيد، عن الحسن:«أنه كان يكره أن يغسل القرآن، ويسقاه المريض، أو يتعلق القرآن» .
(8)
قال الكوسج في مسائله لأحمد (9/ 4712)، قلت: ما يكره من الرقى، وما يرخص منها؟ قال:«التعليق كله يكره» .
وَالرُّقَى: هِيَ الَّتِي تُسَمَّى العَزَائِمَ، وَخَصَّ مِنْهَا الدَّلِيلُ مَا خَلا مِنَ الشركِ، فَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ العَيْنِ وَالحُمَةِ.
•---------------------------------•
1 -
عموم النهي الوارد في تحريم التمائم، ولا مخصص لهذا العموم.
2 -
سد الذريعة؛ فإن تعليق ما فيه قرآن يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك.
3 -
أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك (1).
وأجابوا عن أدلة الرأي الأول: بأن الرواية عن عبد الله بن عمرو ضعيفة، وعلى فرض صحتها، فإن ذلك يُعَدُّ اجتهادًا من عبد الله بن عمرو، وقد وُجد من خالفه من الصحابة.
وأثر عائشة أيضًا يعد اجتهادًا منها، ثم إن الاستدلال به ليس ظاهرًا.
والذي يظهر - والله أعلم - جواز تعليق التمائم من القرآن والأدعية المشروعة، إلا أن سبيل الاحتياط ترك ذلك، فهو أولى احتياطًا وسدًّا للذريعة.
«وَالرُّقَى: هِيَ الَّتِي تُسَمَّى العَزَائِمَ» العزائم: جمع عزيمة، وهي قراءة الآيات على المريض رجاء بركتها والبُرْءِ بها (2).
«وَخَصَّ مِنْهَا الدَّلِيلُ مَا خَلا مِنَ الشركِ فَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم» يدل على أن الأصل في الرقى المنع؛ لقوله: «رَخَّصَ فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم» ؛ لأن الترخص لا يكون إلا بعد المنع كما هو مقرر في علم الأصول، ومراد المصنف أن هناك مستثنيات من المنع، وهي الرقى الخالية من الشرك.
(1) ينظر هذه الأوجه الثلاثة في فتح المجيد ص (128).
(2)
ينظر: مجمل اللغة ص (666)، ولسان العرب (12/ 400).
وَالتِّوَلَةُ: هِيَ شيءٌ يَصْنَعُونَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ المَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا وَالرَّجُلَ إِلَى امْرَأَتِهِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ رُوَيْفِعٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله? : «يَا رُوَيْفِعُ، .........
•---------------------------------•
«مِنَ العَيْنِ وَالحُمَةِ» «ظاهر كلام المؤلف: أن الدليل لم يرخص بجواز القراءة إلا في هذين الأمرين: (العين، والحمة)، لكن ورد بغيرهما؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفخ على يديه عند منامه بالمعوذات، ويمسح بهما ما استطاع من جسده وهذا من الرقية، وليس عينا ولا حمة» (1).
«وَالتِّوَلَةُ: هِيَ شيءٌ يَصْنَعُونَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ المَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا» عرفها بذلك ابن مسعود رضي الله عنه في إحدى الروايات كما مر معنا.
«وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ رُوَيْفِعٍ
…
» عند أحمد وغيره (2)، وإسناده ضعيف.
(1) القول المفيد (1/ 186).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده (28/ 210) رقم (17000)، عن يحيى بن غيلان،
وأبو داود في سننه (1/ 9) رقم (36)، ومن طريقه الخطابي في غريب الحديث (1/ 422)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 178) رقم (534)، والبغوي في شرح السنة (11/ 28) رقم (2680) عن يزيد بن خالد الهمداني،
والطبراني في المعجم الكبير (5/ 28) رقم (4491) من طريق سعيد بن أبي مريم،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 210) رقم (2196) من طريق معلى بن منصور،
والبزار في مسنده (6/ 301)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 1067) رقم (2704)، والمزي في تهذيب الكمال (12/ 591، 592) من طريق عبد الأعلى بن حماد،
خمستهم (يحيى بن غيلان، ويزيد بن خالد، وسعيد بن أبي مريم، ومعلى بن منصور، والأعلى بن حماد) عن المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس القتباني، عن شييم بن بيتان، عن شيبان القتباني، عن رويفع بن ثابت الأنصاري مرفوعًا.
وأخرجه أحمد في مسنده (28/ 203) رقم (16994)، و (28/ 204) رقم (16995)، (28/ 206) رقم (16996) من طريق ابن لهيعة،
لَعَلَّ الحَيَاةَ تَطُولُ بِكَ، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَو اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ».
•---------------------------------•
و«رُوَيْفِعُ» : هو ابن ثابت بن السكن، الأنصاري المدني صحابي، له ثمانية أحاديث، نزل مصر وولي بَرْقَة، وتوفي بها سنة (56 هـ)(1).
«لَعَلَّ الحَيَاةَ تَطُولُ بِكَ» فيه عَلَم من أعلام النبوة؛ لأنه وقع كما أخبر، فإنَّ رويفعًا عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستًّا وأربعين سنة.
«فَأَخْبِرِ النَّاسَ» فيه دليل على وجوب إخبار الناس، وليس هذا مختصًّا برويفع، بل كل من كان عنده علم ليس عند غيره مما يحتاج إليه الناس وجب إعلامهم به، فإن اشترك هو وغيره في علم ذلك فالتبليغ فرض كفاية.
«مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ» النهي عن عقد اللحية فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه نهى عن عقدها لكونه من زِيِّ الكفار، وعادة بعض الأعاجم، وكانوا يعقدونها في الحرب وغيرها.
والنسائي في المجتبى (8/ 135) رقم (5067)، والكبرى (8/ 323) رقم (9284)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 123) رقم (752) من طريق حيوة بن شريح،
كلاهما (ابن لهيعة، وحيوة) عن عياش بن عباس القتباني، عن شييم بن بيتان، عن رويفع، دون ذكر شيبان القتباني، إلا في أحد الروايات عن ابن لهيعة عند أحمد (28/ 203) رقم (16994)، فجاء فيها زيادة أبي سالم، وشيبان بن أمية في الإسناد بين شييم ورويفع، مع اختصار في متن الحديث.
وأخرج الحديث أيضًا ابن أبي شيبة في مسنده (2/ 246) رقم (736) من طريق حنش الصنعاني، عن شييم بن بيتان، عن شيبان، عن رويفع بن ثابت.
ومدار الحديث على شيبان بن أمية القتباني، وهو مجهول. وجوَّد إسناده بعضهم، فقال النووي في المجموع (1/ 292)، وابن الملقن في البدر المنير (2/ 352): إسناده جيد.
(1)
ينظر: الطبقات الكبرى (4/ 353)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2/ 1062)، ومعرفة الصحابة لابن منده ص (642).
والثاني: أن المراد النهي عن معالجة الشعر ليتعقد ويتجعد؛ لأنه من زي أهل التَوضُّع والتأنيث (1).
والثالث: الخوف من العين؛ لأنها إذا كانت حسنة وجميلة ثم عقدت أصبحت قبيحة، فمن عقدها لذلك؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بريء منه (2).
«أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا» الوَتر: بالفتح: وتر القوس، أو مطلق الحبل والخيط (3).
علة النهي عن تقليد الوتر
واختلفوا في علية النَّهي عن تقليد الوتر وغيره على عدة آراء (4):
أحدها: أن النهي من أجل العوذ والتَّمائم المشتملة على رُقَى الجاهلية، كانوا يعلِّقونها في الرِّقاب، ويشدُّونها بالأوتار، ويرونها تدفع الآفات، فنهى عنها.
والثاني: نهى عنها بسبب الأجراس التي تعلَّق فيها، فهي مزامير الشيطان.
والثالث: نهى عن تعليق الأوتار في رقاب الخيل؛ لئلَّا تختنق بها عند شِدَّة الركض لانتفاخ أوداجها. ولعل الأقرب القول الأول.
«أَو اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ» (الاستنجاء): لغة القطع، واصطلاحًا: قطع أثر الخارج من السبيلين بالماء أو الحجارة أو نحوهما.
ورجيع الدابة: هو الروث والعذرة، سميا رجيعًا؛ لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان علفًا أو طعامًا (5).
(1) ينظر هذان التأولان في: معالم السنن (1/ 27)، وشرح سنن أبي داود للنووي ص (190).
(2)
القول المفيد (1/ 188).
(3)
ينظر: الصحاح (2/ 842)، ولسان العرب (5/ 278)، ومرقاة المفاتيح (6/ 2507).
(4)
ينظر هذه الأقوال الثلاثة في معالم السنن (1/ 27)، وغريب الحديث له (1/ 423)، والفائق في غريب الحديث (3/ 10)، وشرح سنن أبي داود للنووي ص (191).
(5)
ينظر: حاشية السيوطي على سنن النسائي (8/ 136).