الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَوْلِ: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»
•---------------------------------•
مقصود الترجمة بيان حكم قول: «ما شاء الله وشئت» ، وأنه من الشرك الأصغر المنافي للتوحيد، وأَنَّ ذلك من جملة الأمور التي يتخذ فيها الإنسان أندادًا مع الله تعالى (1).
«(باب قول ما شاء الله وشئت): أي ما حكم التكلم بذلك، هل يجوز أم لا؟ وإذا قلنا: لا يجوز؛ فهل هو من الشرك أم لا؟ » (2). والجواب: أنه إن اعتقد أن المعطوف مساو لله؛ فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنه دونه لكن أشرك به في اللفظ؛ فهو أصغر (3).
وهذه الترجمة داخلةٌ في الترجمة السابقة: «فلا تجعلوا لله اندادًا» ، ولكن أفردها المصنف هنا ببابٍ خاصٍّ؛ لأهميتها، وعموم البلوى بها، وجهل كثير من الناس بخطورتها. مع أن النصوص جاءت بالتحذير منها لفظًا لا معنًى، وهذا من أوضح الأدلة على المنع من ذلك.
فإذا عُلِمَ دخول هذه الترجمة في الباب السابق: «فلا تجعلوا لله أندادًا
…
الخ الآية» عُلِمَ مناسبة الباب لكتاب التوحيد، ومن ثَمَّ مناسبته للباب السابق أو الأبواب السابقة، إذ التشريك بين الله وبين خلقه في المشيئة من الشرك الأكبر أو الأصغر المنافي لكمال التوحيد الواجب (4).
(1) حاشية كتاب التوحيد ص (307).
(2)
تيسير العزيز الحميد ص (518).
(3)
القول المفيد (2/ 228).
(4)
ينظر: القول السديد ص (147)، والتمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (461).
عَنْ قُتَيْلَةَ أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُشركُونَ، تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، وَتَقُولُونَ: وَالكَعْبَةِ، فَأَمَرَهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا: وَرَبِّ الكَعْبَةِ، وَأَنْ يَقُولُوا:«مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ.
•---------------------------------•
حديث قتيلة عند النسائي وغيره (1)، وإسناده صحيح.
«عَنْ قُتَيْلَةَ» بضم القاف وفتح التاء بعدها مثناة تحتية مصغرًا؛ بنت صيفي الجهنية الأنصارية، صحابية.
«إِنَّكُمْ تُشركُونَ، تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ» هذا نص في أن هذا اللفظ من الشرك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر اليهودي على تسمية هذا اللفظ تنديدًا أو شركًا. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأرشد إلى استعمال اللفظ البعيد من الشرك.
(1) أخرجه ابن راهويه في مسنده (5/ 254) رقم (2407)، وأحمد في مسنده (45/ 43) رقم (27093)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 180) رقم (3408)، والطَّحَاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 220) رقم (238)، ومشكل الآثار (2/ 294) رقم (824)، والطبراني في المعجم الكبير (25/ 13) رقم (5) و (25/ 14) رقم (7)، وابن المقرئ في معجمه ص (249) رقم (813)، والحاكم في المستدرك (4/ 331) رقم (7815)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 307) رقم (5811) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي،
والنسائي في السنن (7/ 6) رقم (3773)، وفي الكبرى (4/ 436) رقم (4696)، و (9/ 362) رقم (10756)، والترمذي في العلل ص (253) رقم (457)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3427) رقم (7815) من طريق مسعر بن كدام،
كلاهما (المسعودي، ومسعر بن كدام) عن عبد الله بن يسار، عن قتيلة مرفوعًا.
وإسناده صحيح.
وَلَهُ أَيْضًا عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلْنَّبِيِّ? : مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، فَقَالَ:«أَجَعَلْتَنِي لله نِدًّا؟ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» .
•---------------------------------•
حديث ابن عباس رواه النسائي في السنن الكبرى (1)، كما أشار المؤلف بقوله:(وله)، وفي إسناده مقال؛ لأن مداره على الأجلح بن عبد الله وهو متكلم فيه.
(1) أخرجه ابن المبارك في مسنده ص (108) رقم (181)،
وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 340) رقم (26691)، والطبراني في الكبير (12/ 244) رقم (13006) من طريق علي بن مسهر،
وأحمد في المسند (3/ 339) رقم (1839)، وأحمد في المسند (3/ 431) رقم (1964)، وابن المقرئ في معجمه ص (165) رقم (484) من طريق هشيم،
وأحمد في المسند (4/ 341) رقم (2561)، والبخاري في الأدب المفرد ص (274) رقم (783)، والباغندي في أماليه ص (52) رقم (36)، والطبراني في الكبير (12/ 244) رقم (13005)، وابن السني في عمل اليوم والليلة ص (617) رقم (667)، وابن عدي في الضعفاء (2/ 140)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 99)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 676)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 325)، وأبو طاهر السلفي في الطيوريات (2/ 417) رقم (368) من طريق سفيان الثوري،
وأحمد في المسند (5/ 297) رقم (3247) عن يحيى بن سعيد القطان،
وابن ماجه في سننه (1/ 684) رقم (2117)، والنسائي في الكبرى (9/ 362) رقم (10759)، وعمل اليوم والليلة ص (545) رقم (988)، وأبو بكر الحازمي في الناسخ والمنسوخ ص (242) من طريق عيسى بن يونس،
وابن أبي الدنيا في الصمت ص (192) رقم (342) من طريق عبد الرحمن المحاربي،
والطَّحَاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 218) رقم (235) من طريق شيبان النحوي،
والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 307) رقم (5812)، والأسماء والصفات (1/ 364) رقم (293) من طريق جعفر بن عون، =
وَلابْنِ مَاجَه عَن الطُّفَيْلِ أَخِي عَائِشَةَ لأُمِّهَا، .........................
•---------------------------------•
والحديث دل على أن قول: (ما شاء الله وشئت) شرك أصغر.
«وَلابْنِ مَاجَه عَن الطُّفَيْلِ
…
» الحديث عند ابن ماجه كما ذكر المصنف وعند غيره (2)، وإسناده صحيح.
= تسعتهم (ابن المبارك، وابن مسهر، وهشيم، والثوري، والقطان، وعيسى، والمحاربي، والنحوي، وابن عون) عن الأجلح بن عبد الله، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس مرفوعًا.
وفي الضعفاء لابن عدي والطيوريات لأبي طاهر تحريف في السند.
(1)
الجواب الكافي ص (93).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده (2/ 165) رقم (652)، وأحمد في المسند (34/ 296، 297) رقم (20694)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 214) رقم (2743)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 861) رقم (874)، والبغوي في معجم الصحابة (3/ 430)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 324) رقم (8214)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1565)، والبيهقي في دلائل النبوة (7/ 22)، وأبو بكر الحازمي في الناسخ والمنسوخ ص (242)، والضياء المقدسي في المختارة (8/ 143) رقم (155) من طريق حماد بن سلمة، =
«وَلابْنِ مَاجَه عَن الطُّفَيْلِ أَخِي عَائِشَةَ لأُمِّهَا» الطفيل هو: الطفيل بن عبد الله ابن سخبرة الأزدي، نسبة إلى الأزد؛ قبيلة عربية مشهورة، وهو أحد الصحابة.
= والدارمي في سننه (3/ 1769) رقم (2741)، وأبو يعلى في مسنده (8/ 118) رقم (4655)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 50)، وابن بشران في أماليه (1/ 103) رقم (209)، والخطيب البغدادي في المتفق والمفترق (2/ 1242)، وفي موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 295)، وأبو بكر الحازمي في الناسخ والمنسوخ ص (243)، والضياء المقدسي في المختارة (8/ 144) رقم (156) من طريق شعبة،
وابن ماجه في سننه (1/ 685) رقم (2118) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله،
…
والبغوي في معجم الصحابة (3/ 431)، والحاكم في المستدرك (3/ 523) رقم (5945)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 358) رقم (292) من طريق عبيد الله بن عمرو،
والطبراني في المعجم الكبير (8/ 325) رقم (8215)، من طريق زيد بن أبي أنيسة،
والضياء المقدسي في المختارة (8/ 142) رقم (154) من طريق زياد بن عبد الله البكائي،
ستتهم (حماد، وشعبة، وأبو عوانة، وعبيد الله، وابن أبي أنيسة، والبكائي) عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن طفيل بن سخبرة.
وخالف الجميع سفيان بن عيينة، فرواه عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة ابن اليمان أن رجلًا من المسلمين رأى في النوم أنه لقي رجلًا من أهل الكتاب
…
الحديث. كما عند أحمد في المسند (38/ 364) رقم (23339)، وابن ماجه في سننه (1/ 685) رقم (2118)، وأبي بكر الحازمي في الناسخ والمنسوخ ص (243).
والوهم من سفيان، والراجح رواية الجماعة، قال ابن حجر في الفتح (11/ 540):«وهو الذي رجحه الحفاظ، وقالوا: إن ابن عيينة وهم في قوله عن حذيفة» .
وخالفهم أيضًا معمر، فرواه عن عبد الملك بن عمير، أن رجلًا رأى في زمان النبي صلى الله عليه وسلم في المنام: أنه مر بقوم من اليهود فأعجبته هيئتهم
…
الحديث. كما في جامعه (11/ 28) رقم (19813).
والراحج رواية الجماعة كما سبق.
قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ، قُلْتُ: إِنَّكُمْ لأَنْتُمُ القَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عُزَيْرٌ ابْنُ الله، قَالُوا: وَأَنْتُمْ لأَنْتُم القَوْمَ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنَ النَّصَارَى، فَقُلْتُ: إِنَّكُمْ لأَنْتُمْ القَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: المَسيحُ ابْنُ الله. قَالُوا: وَأَنْتُمْ لأَنْتُمْ القَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، فَلَمَّا أصْبَحْتُ أَخْبَرْتُ بِهَا مَنْ أَخْبَرْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ،
•---------------------------------•
«رَأَيْتُ كَأَنِّي أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ» هذه الرؤيا في المنام، ويدل على ذلك ما جاء في بعض روايات الحديث:«رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي مَرَرْتُ بِرَهْطٍ مِنَ الْيَهُودِ» (1).
«إِنَّكُمْ لأَنْتُمُ القَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عُزَيْرٌ ابْنُ الله» أي: نعم القوم أنتم لولا الشرك الذي أنتم عليه، وهو نسبة الولد إلى الله تعالى.
وعزير: رجل صالح، زعم اليهود أنه ابن الله، وهو كذب وكفر، وهذا من أبطل ما قالوا به.
«إِنَّكُمْ لأَنْتُم القَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: المَسيحُ ابْنُ الله» وهو عيسى ابن مريم، وسمي بالمسيح؛ لأنه كان إذا مسح على أصحاب العاهات شفوا بإذن الله، كما في قوله تعالى:{وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي} [المائدة: 110].
(1) رواها ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 165) رقم (652)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 213) رقم (2743)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 324) رقم (8214)، والحاكم في المستدرك (3/ 524) رقم (5946)، والضياء المقدسي في المختارة (8/ 143) رقم (155).
قَالَ: هَلْ أَخْبَرْتَ بِهَا أَحَدًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيَا أَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ، وَإِنَّكُمْ قُلْتُمْ كِلَمَةً كَانَ يَمْنَعُنِي كَذَا وَكَذَا أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا، فَلَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» .
•---------------------------------•
«هَلْ أَخْبَرْتَ بِهَا أَحَدًا؟ » هذا السؤال من النبي صلى الله عليه وسلم يفهم منه أنَّ الطفيل إذا لم يخبر به، لقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخبر أحدًا، ولكنه لما أخبر به لم يكن بُدٌّ من بيانه للناس لأنه انتشر بينهم.
«وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» هذا على سبيل الاستحباب، وإلا فيجوز أن يقول: ما شاء الله ثم شاء محمد، وعليه صارت الأحكام ثلاثة: مستحب، وجائز، ومحرم.
1) ما شاء الله وحده، مستحب.
2) ما شاء الله ثم شئت، جائز.
3) ما شاء الله وشئت، محرم.