الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعلم أن «الناس في الأسباب طرفان ووسط:
الأول: من ينكر الأسباب، وهم كل من قال بنفي حكمة الله، كالجبرية، والأشعرية.
الثاني: من يغلو في إثبات الأسباب حتى يجعلون ما ليس بسبب سببًا، وهؤلاء هم عامة الخرافيين من الصوفية ونحوهم.
الثالث: من يؤمن بالأسباب وتأثيراتها، ولكنهم لا يثبتون من الأسباب إلا ما أثبته الله سبحانه ورسوله، سواء كان سببًا شرعيًا أو كونيًا.
وهؤلاء هم الذين آمنوا بالله إيمانًا حقيقيًا، وآمنوا بحكمته» (2)، وهم الوسط بين هؤلاء وهؤلاء.
ما
حكم لبس الحلقة والخيط ونحوهما
؟
الجواب: أن لبس الحلقة ونحوها الأصل فيه أنه من الشرك الأصغر، ولكن قد يرتقي إلى الشرك الأكبر، فإن اعتقد لابسها أنها سبب، ولكنه ليس مؤثرًا بنفسه، فهو مشرك شركًا أصغر، وإن اعتقد أنها مؤثرةٌ بنفسها دون الله، فهو مشرك شركًا أكبر في توحيد الربوبية؛ لأنه اعتقد أن مع الله خالقًا غيره.
(1) مدارج السالكين (3/ 495).
(2)
القول المفيد (1/ 164).
وَقَوْلُ الله تَعَالَى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} الآية.
•---------------------------------•
كيف ندرك أن السبب صحيح؟
الجواب: العلم بأن الشيء سبب صحيح، إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]، وكقراءة القرآن، قال الله تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82].
وإما عن طريق القدر، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهرًا مباشرًا (1).
«وَقَوْلُ الله تَعَالَى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ} الآية» أي: قل لهم: هل تستطيع هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله أن تُبْعِدَ عني أذًى قدَّره الله عليَّ، أو تزيلَ مكروهًا لَحِق بي؟ وهل تستطيع أن تمنع نفعا يسَّره الله لي، أو تحبس رحمة الله عني؟
و(ما) في قوله: {مَا تَدْعُونَ} عامة؛ لأنها اسم موصول بمعنى الذي؛ فتشمل كل ما يدعى من دون الله.
واستعملت (ما) في الآية لبيان أنَّ آلهتهم لا تعقل؛ لأن (ما) في اللغة تستعمل لغير العاقل.
والضمير {هُنَّ} في قوله: {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} يؤكد أيضًا أنَّ آلهتهم لا تعقل شيئًا؛ لأن الضمير {هُنَّ} إما أن يكون للإناث أو يستعمل لجمع غير العاقل، والأخير يتناسب مع (ما) التي هي لغير العاقل.
(1) ينظر: القول المفيد (1/ 117).
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصينٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ، فَقَالَ:«مَا هَذِهِ؟ » قَالَ: مِنَ الوَاهِنَةِ، فَقَالَ:«انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا، فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا» رواهُ أحمدُ بسندٍ لا بأسَ بِهِ.
•---------------------------------•
وقوله: {إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ} الضُر سوء الحال، ويشمل المرض والفقر والبلاء والشدة ونحوها.
«عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصينٍ
…
» الحديث رواه أحمد، وابن ماجه وغيرهما (2)، وإسناده مرفوعًا ضعيف، والصحيح وقفه.
(1) القول المفيد (1/ 168).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده (33/ 204) رقم (20000) عن خلف بن الوليد،
وابن ماجه في سننه (2/ 1167) رقم (3531) من طريق وكيع بن الجراح،
والبزار في مسنده (9/ 32) رقم (3547) من طريق حبان بن هلال الباهلي،
وابن حبان في صحيحه (13/ 449) رقم (6085)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 172) رقم (391) من طريق أبي الوليد الطيالسي،
والطبراني في المعجم الكبير أيضًا (18/ 172) رقم (391) من طريق حجاج بن المنهال، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي،
وإبراهيم الحربي في غريب الحديث (3/ 1055) عن سعيد بن سليمان الواسطي،
سبعتهم (خلف، ووكيع، وحبان، وأبو الوليد، وحجاج، وعبد الرحمن، وسعيد) عن مبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، عن عمران رضي الله عنه.
وليس في رواية ابن ماجه، والبزار، والحربي، قوله:«فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا» .
وعند ابن حبان والطبراني: «وُكِلْتَ إِلَيْهَا» بدل: «مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا» .
وأخرجه البزار في مسنده (9/ 31) رقم (3545) من طريق يونس بن عُبيد، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والروياني في مسنده (1/ 100) رقم (72)، والدينوري في المجالسة (5/ 42) رقم (1838)، وابن حبان في صحيحه (13/ 453) رقم (6088)، والطبراني في الكبير (18/ 159) رقم (348)، والحاكم في المستدرك (4/ 240) رقم (7502)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 589) رقم (19609)، والخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 181، 182) رقم (255) من طريق أبي عامر الخزاز،
كلاهما (يونس، وأبو عامر) عن الحسن، عن عمران رضي الله عنه، وفي رواية أبي عامر أنَّ عمران هو الذي كان لابسًا للحلقة، وعند البيهقي:«فِي عُنُقِهِ حَلْقَةٌ» بدل: «فِي عَضُدِهِ حَلْقَةُ» .
وأخرجه عبد الرزاق في (جامع معمر)(11/ 209) رقم (20344) من طريق معمر،
وابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 35) رقم (23460) من طريق يونس بن عُبيد،
وابن أبي شيبة أيضًا في مصنفه (5/ 35) رقم (23461)، وأبو بكر الخلال في السنة (5/ 64) رقم (1623)، والطبراني في الكبير (18/ 179) رقم (414)، وابن بطة في الإبانة (2/ 860) رقم (1172) من طريق منصور بن زاذان،
والطبراني في الكبير (18/ 162) رقم (355) من طريق إسحاق بن الربيع العَطَّار،
أربعتهم (معمر، ويونس، ومنصور، وإسحاق) يروونه عن عمران موقوفًا عليه.
وخلاصة القول: أن المرفوع ضعيف لأربع علل:
العلة الأول: عنعنة مبارك بن فضالة، فهو مدلس ولم يصرح بسماعه من الحسن، وقد تابعه أبو عامر الخزاز وهو كثير الخطأ، وتابعه أيضًا يونس بن عُبيد، ولكن قال البزار:«لا نعلم يروى من حديث يونس عن الحسن إلا من حديث محمد بن عبد الرحمن الطُّفَاوِيِّ» . ومحمد بن عبد الرحمن هذا وصف بالوهم والتدليس. ينظر: تقريب التهذيب ص (493)، وطبقات المدلسين ص (43).
العلة الثانية: الانقطاع، فالحسن لم يسمع من عمران كما نص على ذلك الأئمة، كابن المديني، وابن أبي حاتم، وغيرهما. ينظر: العلل لابن المديني ص (51)، والمراسيل لابن أبي حاتم ص (38).
العلة الثالثة: اضطراب متن الحديث، ففي رواية مبارك بن فضالة ويونس بن عُبيد:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ» ، وفي رواية أبي عامر الخزاز:«أنَّ عِمْرَانَ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وفِي عَضُدِهِ حَلْقَةٌ» ، وفي بعضها:«فِي عُنُقِهِ حَلْقَةٌ» .
العلة الرابعة: الاختلاف في رفعه ووقفه، حيث اختلف فيه على الحسن، فرواه بعضهم عنه، عن عمران مرفوعًا، ورواه البعض الآخر عن الحسن موقوفًا على عمران رضي الله عنه. والذين رووه موقوفًا ثقات ومن كبار أصحاب الحسن، خلافًا لمن رواه مرفوعًا، وعليه تترجح رواية الوقف.
«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا» لم يذكر اسم الرجل في أكثر الروايات، ورواية الحاكم تبين أنَّ الذي كان لابسًا للحلقة هو عمران نفسه، حيث قال:«دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عَضُدِي حَلْقَةُ صُفْرٍ» (1).
وقوله في رواية حديث الباب: «فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ» وفي رواية عند البيهقي: «فِي عُنُقِهِ حَلْقَةٌ» (2).
والحلقة في اللغة: كل شيء استدار كحلقة الذهب والفضة، ويقال حلقة القوم دائرتهم (3).
وكان المشركون يجعلون في أعضادهم حلقة من صفر وغيره، يزعمون أنها تحفظهم من أذى العين والجن ونحوهما، وكذا لبسها للبركة، أو لمنع بعض الأمراض.
«مِنْ صُفْرٍ» الصُّفر - بضم الصاد وسكون الفاء - النُّحَاس.
«فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ » يحتمل أن يكون الاستفهام للاستفصال عن سبب لبسها؛ لأنه قد يكون لابسًا لها زينةً، ويحتمل أن يكون للإنكار، وهذا أقرب، وتؤيده رواية:«وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟ » (4).
(1) المستدرك (4/ 240) رقم (7502).
(2)
السنن الكبرى (9/ 589) رقم (19609).
(3)
ينظر: الصحاح (4/ 1462)، والمحكم لابن سيده (3/ 6).
(4)
أخرجه أحمد في مسنده (33/ 204) رقم (20000).
«مِنَ الوَاهِنَةِ» الوَاهِنَة: علة تصيب الذراع أو العضد فتضعف قوته وحركته (1).
«انْزِعْهَا» أي: أزلها، وأصل النزع في اللغة: الجذب والقلع (2).
«فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا» أي: أنَّ هذه الحلقة التي تلبسها من أجل الواهنة فإنَّها لا تزيدك إلا ضعفًا.
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: «(لا تزيدك إلا وهنًا)، أي: وهنًا في النفس لا في الجسم، وربما تزيده وهنًا في الجسم، أما وهن النفس؛ فلأن الإنسان إذا تعلقت نفسه بهذه الأمور ضعفت واعتمدت عليها، ونسيت الاعتماد على الله عزوجل
…
فأحيانا يتوهم الصحيح أنه مريض فيمرض
…
ولهذا تجد بعض الذين يصابون بالأمراض النفسية يكون أصل إصابتهم ضعف النفس من أول الأمر، حتى يظن الإنسان أنه مريض بكذا أو بكذا; فيزداد عليه الوهم حتى يصبح الموهوم حقيقة» (3).
«فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا» أي: لو مات ولم يتب منها ما أفلح أبدًا. وبهذا استدل القائلون بأن الشرك لا يُغفر حتى ولو كان شركًا أصغر، يُعذَّب به صاحبه، وإن كان لا يعذَّب تعذيب المشرك الشرك الأكبر؛ فلا يخلَّد في النار، لكن يعذَّب بها بقدره (4).
(1) ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 234).
(2)
ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 41).
(3)
القول المفيد (1/ 169).
(4)
ينظر: إعانة المستفيد (1/ 139).
وَلَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللهُ لَهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشركَ» .
•---------------------------------•
حديث عقبة بن عامر عند أحمد وغيره (1)، وإسناده ليس بالقوي.
(1) أخرجه ابن وهب في جامعه ص (748) رقم (662)، ومن طريقه الروياني في مسنده (1/ 172) رقم (217)، وابن حبان في صحيحه (13/ 450) رقم (6086)، وابن عدي في الكامل (8/ 232)، والحاكم في المستدرك (4/ 240) رقم (7501)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 588) رقم (19605)،
وابن عبد الحكم في فتوح مصر والمغرب ص (321)، والدولابي في الكنى (3/ 1017) رقم (1780)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 162) من طريق وهب الله بن راشد،
وأحمد في مسنده (28/ 623) رقم (17404)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر والمغرب ص (321)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 325) رقم (7172) من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ،
وأبو يعلى في مسنده (3/ 295) رقم (1759)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 297) رقم (820)، والحاكم في المستدرك (4/ 463) رقم (8289) من طريق أبي عاصم النبيل،
أربعتهم (ابن وهب، وابن راشد، وأبو عبد الرحمن المقرئ، وأبو عاصم النبيل) عن حيوة بن شريح، عن خالد بن عبيد، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر مرفوعًا.
والحديث ليس بالقوي؛ لأنه من رواية مشرح بن هاعان، قال ابن حبان في الثقات (5/ 452):«يخطئ وَيُخَالف» ، وقال في المجروحين:«يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها» .
وأخرجه أحمد في مسنده (28/ 636) رقم (17422)، والحارث في مسنده (بغية الباحث)(2/ 600) رقم (563)، ومن طريقه قاضي المارستان في مشيخته (3/ 1113) رقم (521)، والحاكم في المستدرك (4/ 243) رقم (7513) من طريق دخين الحجري،
والطبراني في مسند الشاميين (1/ 146) رقم (234) من طريق أبي سعيد المقبري،
كلاهما (دخين، وأبو سعيد) عن عقبة بن عامر مرفوعًا. وتحرَّف في المطبوع من المستدرك (الدُّخين) إلى: الرجلين، ولفظ الحديث في رواية دخين:«مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ» .
وفي إسناده خالد بن عبيد المعافري، ترجم له ابن حجر في التعجيل (1/ 494)، ولم يذكر في الرواة عنه سوى مشرح بن هاعان، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. وقد تابعه ابن لهيعة كما في التخريج، وهو سيئ الحفظ.
«وَفِي رِوَايَةٍ: مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشركَ» هذه الرواية أخرجها أحمد والحاكم وغيرهما (1)، من طريق دخين الحجري، كما في تخريج الحديث.
«مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً» التميمة: هي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام (2).
وهذا بعض أنواعها وهو المعروف عند العرب قديمًا، ولكن معناها أعم من ذلك، فكل ما يُعَلَّق على الشيء بقصد دفع الضرر وجلب النفع فهو تميمة، والكلمة مأخوذة من الإتمام أي إتمام الدواء والشفاء المطلوب (3).
«فَلَا أَتَمَّ اللهُ لَهُ» فيه الدعاء على من اعتقد في التمائم وعلقها على نفسه بضد قصده وهو عدم التمام لما قصده من التعليق (4).
«وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً» الودعة: شيء أبيض يشبه الصدف مشقوق الوسط، يقذفه البحر، فيثقب ويعلق على الشيء لدفع العين (5).
«فَلَا وَدَعَ اللهُ لَهُ» أي لا جعله في دعة وسكون. وقيل: هو لفظ مبني من الودعة: أي لا خفف الله عنه ما يخافه (6).
«مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشركَ» دلَّ على أن من علق تميمة معتقدًا فيها النفع فقد أشرك؛ لأنَّ جلب النفع ودفع الضر من الأفعال الخاصة بالله.
(1) مسند أحمد (28/ 636) رقم (17422)، والمستدرك (4/ 243) رقم (7513).
(2)
ينظر: تهذيب اللغة (14/ 184)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 197).
(3)
ينظر: مقاييس اللغة (1/ 339).
(4)
ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (127)، ونيل الأوطار (8/ 244).
(5)
ينظر: الصحاح (3/ 1295)، والقاموس المحيط ص (769).
(6)
ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 168).
وَلاِبْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ خَيْطٌ مِنَ الحُمَّى، فَقَطَعَهُ، وَتَلَا قَوْلَهُ:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} .
•---------------------------------•
وتعليق التمائم يكون شركًا أكبر إن اعتقد أنها ترفع أو تدفع بذاتها دون الله، وإلَّا فهو أصغر.
قال ابن الأثير رحمه الله: «إنما جعلها شركًا؛ لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم، فطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه» (1).
ومناسبة الحديث للباب ظاهرة: وهي أن تعليق التميمة والودعة ونحوهما؛ لأجل رفع البلاء أو دفعه شرك، كما جاء ذلك صريحًا في الرواية الثانية للحديث.
«وَلاِبْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ
…
» الأثر عند ابن حاتم وغيره، وإسناده صحيح (2).
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 198).
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (7/ 2208) عن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن إِشْكَابَ، عن يونس بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن عَزْرَةَ، قال:«دَخَلَ حُذَيْفَةُ عَلَى مَرِيضٍ فَرَأَى فِي عَضُدِهِ سَيْرًا فَقَطَعَهُ أَوِ انْتَزَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]» .
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 35) رقم (23463)، من طريق أبي معاوية الضرير،
وحرب الكرماني في مسائله (2/ 819) من طريق عيسى بن يونس،
وأبو بكر الخلال في السنة (5/ 13) رقم (1482)، وابن بطة في الإبانة (2/ 743) رقم (1030) من طريق وكيع،
وأبو بكر الخلال في السنة أيضًا (5/ 64) رقم (1624)، وابن بطة في الإبانة (2/ 743) رقم (1031) من طريق سفيان الثوري،
«أَنَّهُ رَأَى رَُجُلًا» جاء في رواية: «رَجُل مِنْ بَنِي عَبْسٍ» ، وفي رواية أخرى:«رَجُلٍ مِنَ النَّخَعِ» (1)، والنخع: قبيلة عربية من اليمن نزلت الكوفة (2).
«فِي يَدِهِ خَيْطٌ» ، جاء في رواية:«رأى في عَضُدِهِ سَيْرًا» ، وفي رواية:«فَرَأَى تَعْوِيذًا عَلَى عَضُدِهِ» ، كما جاء في التخريج.
«مِنَ الحُمَّى» (من) هنا للسببية؛ أي: في يده خيط لبسه من أجل الحمى لتبرد عليه أو يشفى منها (3).
و«الحُمَّى» : - بضم الحاء وتشديد الميم - معروفة، وهي: عِلَّة يسْتَحِرُّ بِها
الجسم، من الحميم، وسميت بذلك لما فيها من الحرارة المفرطة (4).
«فَقَطَعَهُ» دلَّ على أمرين:
الأول: أنَّ ربط الخيط ونحوه من أجل الحمى وغيرها منكر عظيم، يجب إنكاره.
أربعتهم (أبو معاوية، وعيسى بن يونس، ووكيع، والثوري) عن الأعمش، عن أبي ظَبْيَانَ حُصَين بن جُنْدُبٍ، قال:«دَخَلَ حُذَيْفَةُ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَلَمَسَهُ بِيَدِهِ فَرَأَى تَعْوِيذًا عَلَى عَضُدِهِ؛ فَقَامَ غَضْبَانَ وَقَالَ: لَوْ مُتَّ وَهَذِهِ عَلَيْكَ؛ مَا صَلَّيْتُ عَلَيْكَ» . وفي لفظ رواية وكيع: «دَخَلَ حُذَيْفَةُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ» .
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 35) رقم (23462) من طريق يزيد بن أبى زياد، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، بنحو اللفظ السابق، وفيه:«انْطَلَقَ حُذَيْفَةُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ النَّخَعِ» .
وسند ابن أبي حاتم فيه عَزْرة بن عبد الرحمن الْخُزَاعِيُّ، لم يُعرف له سماع عن حذيفة رضي الله عنه.
(1)
مضى ذكر هذه الروايات في تخريج الأثر.
(2)
ينظر: الأنساب للسمعاني (13/ 62).
(3)
القول المفيد (1/ 172).
(4)
ينظر: المحكم لابن سيده (2/ 553)، ولسان العرب (12/ 155)، وتاج العروس (32/ 17).