الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} : «يسأل أهل كل سماء الذين فوقهم إذا خُلي عن قلوبهم ماذا قال ربكم؟ » (1).
{قَالُوا الْحَقَّ} : «فيقولون الحق؛ أي: هو الحق يعنون: الوحي» (2).
{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} : تشمل
أنواع العلو
الثلاثة:
1 -
علو القدر.
2 -
علو الذات.
3 -
علو القهر.
فهو {الْعَلِيُّ} بذاته، فوق جميع مخلوقاته، وقهره لهم، وعلو قدره، بما له من الصفات العظيمة، جليلة المقدار {الْكَبِيرُ} في ذاته وصفاته» (3).
وفي الآية فائدة: وهي إثبات صفة القول لله تعالى.
وتدل الآية على أن الملائكة مع علو مقامهم يخافون من الله عز وجل ويخشونه ويتذللون له، فهذا يدل على أن الله وحده هو المنفرد بالعظمة والجبروت والكبرياء؛ فإذا كان ذلك كذلك فكيف يُقْدِم بعضُ المشركين على عبادة هؤلاء الملائكة الذين هم عبيدٌ لله، وما بالك بِمَن يعبدُ مَن هو دونهم مِن الأولياء والصالحين؟ ! (4).
(1) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (4/ 15).
(2)
تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (4/ 15).
(3)
تفسير السعدي ص (679).
(4)
ينظر: القول المفيد (1/ 308)، والتوضيح الرشيد ص (119)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (148).
فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَضى اللهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضربَتِ المَلائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} .
•---------------------------------•
«فِي الصَّحِيحِ» : أي صحيح البخاري (1).
«كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ» : الصفوان هو الصخر الأملس (2)، فإذا جُرَّت عليه سلاسل الحديد أزعجت القلوب بالرعب (3).
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: «وليس المراد تشبيه صوت الله تعالى بهذا؛ لأن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، بل المراد تشبيه ما يحصل لهم من الفزع عندما يسمعون كلامه بفزع من يسمع سلسلة على صفوان» (5).
«يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ» : أي القول، والضمير في (ينفذهم) عائد على الملائكة، أي يخلص ذلك القول ويمضي فيهم حتى يفزعوا منه.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 122) رقم (4800) عن الحميدي، عن سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
ينظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (3/ 41).
(3)
ينظر: كشف المشكل لابن الجوزي (3/ 548)، وفتح الباري لابن حجر (8/ 538).
(4)
أعلام السنة المنشورة ص (73، 74).
(5)
القول المفيد (1/ 310).
فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، (وَصَفُهُ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ، فَحَرَّفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِه)، فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِئَةَ كَذْبَةٍ. فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وكَذَا؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ».
•---------------------------------•
«فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ» : أي: يسمع مسترقو السمع، وهم الشياطين، الكلمة التي يقضيها الله عز وجل؛ بأن يركب بعضهم فوق بعض، فيسمعون أصوات الملائكة بالأمر الذي يقضيه الله (1).
«فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيهَا» الشهاب مفرد شُهُب: وهو جرم سماوي يسبح في الفضاء، فإذا دخل في الغلاف الجوي اشتعل وصار رمادًا، وقد جعل الله هذه الشُّهُب رجومًا للشياطين، كما قال:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [المُلك: 5]، فمن يسترق السمع من الشياطين، يرجمه الشهاب كما قال تعالى:{إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحِجر: 18].
(1) ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (222).
(2)
الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (138).
وَعَنِ النَّوَّاسِِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله? : «إِذَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُوحِيَ بِالأَمْرِ، تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ أَخَذَتِ السَّمَوَاتِ مِنْهُ رَجْفَةٌ، (أَوْ قَالَ: رِعْدَةٌ شَدِيدَةٌ)، خَوْفًا مِنَ الله عز وجل، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ أَهَلُ السَّمَوَاتِ صَعِقُوا وَخَرُّوا لله سُجَّدًا، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأسَهُ جِبْرِيلُ، فَيُكَلِّمَهُ اللهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، ثُمَّ يَمُرُّ جِبْرِيلُ عَلَى المَلائِكَةِ، كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلائِكَتُهَا: مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ: قَالَ الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْي إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ اللهُ عز وجل» . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
•---------------------------------•
حديث النواس رواه ابن أبي حاتم وغيره (1)، وفي إسناده ضعف.
(1) أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة (1/ 226، 227) رقم (515)، وابن أبي حاتم- كما في تفسير ابن كثير (6/ 456) -، من طريق محمد بن عوف،
والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/ 236) رقم (216) من طريق محمد بن يحيى،
وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/ 348، 349)، والطبري في تفسيره (20/ 397، 398)، من طريق زكريا بن يحيى بن إياس المصري،
وابن أبي حاتم (10/ 3197)، وابن الأعرابي في معجمه (2/ 453) رقم (884)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 512) رقم (435) من طريق أحمد بن منصور الرمادي،
والآجري في الشريعة (3/ 1092، 1093) رقم (668)، وأبو الشيخ الأصبهاني في كتاب العظمة (2/ 500، 501) من طريق محمد بن سهل بن عسكر،
وأبو نُعَيْم في حلية الأولياء (5/ 152) من طريق يحيى بن عثمان، وبكر بن سهل.
سبعتهم عن نعيم بن حماد، عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عبد الله ابن أبي زكريا، عن رجاء بن حيوة، عن النواس بن سمعان.
وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب العظمة (2/ 501) من طريق عمرو بن مالك الراسبي، عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عبد الله بن أبي زكريا، عن رجاء بن حيوة، عن النواس بن سمعان =
«إِذَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُوحِيَ بِالأَمْرِ» : «(بالأمر) أي: بالشأن من شؤون الكون والمخلوقات، أو بالأمر من الوحي المنزل على الرسل، فهو عام» (1).
«أَخَذَتِ السَّمَوَاتِ مِنْهُ رَجْفَةٌ، (أَوْ قَالَ: رِعْدَةٌ شَدِيدَةٌ)» «وإنما تأخذ السماوات الرجفة أو الرعدة؛ لأنه سبحانه عظيم يخافه كل شيء، حتى السماوات التي ليس فيها روح» (2).
و«هذا -والله أعلم- في جميع الأمور التي يقضيها الرب تبارك وتعالى، كما يدل عليه عموم اللفظ» (3).
وحديث النواس، وإن كان في إسناده ضعف، إلا أن فيه ما في النصوص قبله من بيان عظمة الله وخوف الملائكة والسماوات منه، وأنه الله العظيم المستحق للتعظيم والعبادة، وأن مَنْ سواه مخلوق مربوب فقير إلى الله تعالى، فدل ذلك على إبطال كل عبادة لغير الله سبحانه، وأن كل من عبد من دون الله، فإنه لا يملك شيئًا {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 13 - 15].
= والحديث ضعيف؛ لأن الوليد بن مسلم شديد التدليس وقد عنعن، ونعيم بن حماد يخطئ كثيرًا، ويتفرد بمناكير؛ ولعل هذا الحديث منها؛ ولهذا قال دحيم كما في تاريخ أبي زرعة الدمشقي ص (621):«لا أصل له» . وقال أبو حاتم: «ليس هذا الحديث بالتام عن الوليد بن مسلم» . ينظر: تفسير ابن كثير (6/ 456).
(1)
إعانة المستفيد (1/ 230).
(2)
القول المفيد (1/ 318).
(3)
تيسير العزيز الحميد ص (225).