الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَقنَعْ بِالْحَلِفِ بالله
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: التحذير من عدم تصديق الحالف بالله الذي عُلِمَ منه بالتجربة والاستقراء أنه صادق أو أنه مستور الحال، ولم يعرف عنه كذب، وبيان ما جاء في ذلك من الوعيد.
وعدم التصديق في هذه الحال يدل على ضعف تعظيم الله تعالى؛ لأن تعظيم الحلف من تعظيم المحلوف به. وقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: «بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَقنَعْ بِالْحَلِفِ بالله» أي ما جاء من الوعيد في ذلك.
«وهذا الباب فيه نوع تردد عند الشراح، والظاهر في المراد منه أن الإمام المصنف رحمه الله ذكره تعظيمًا لله جل وعلا، وقد ذكر في الباب قبله من حلف بغير الله، وأن حكمه أنه مشرك، فهذا فيه أن الحلف بالله يجب تعظيمه، وأن لا يحلف المرء بالله إلا صادقًا، وأن لا يحلف بآبائه، وأن لا يحلف بغير الله، ومن حُلف له بالله فواجب عليه الرضا تعظيما لاسم الله، وتعظيمًا لحق الله جل وعلا، حتى لا يقع في قلبه استهانة باسم الله الأعظم، وعدم اكتراث به أو بالكلام المؤكد به.
وعلاقة هذا الباب بكتاب التوحيد: أَنَّ الباب متعلق بالشرك في توحيد الربوبية؛ لأن من لم يقنع بالحلف بالله عنده نقصٌ في تعظيمه للمحلوف به؛ ولو كان يعظم الله تعالى لرضي بالحلف به، فلما لم يرض بذلك؛ علمنا نقص توحيده وضعفه (1).
(1) القول المفيد (2/ 224)، وإعانة المستفيد (2/ 165).
عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ حَلَفَ بالله فَلْيَصْدُقْ، وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بالله فَلْيَرْضَ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ مِنَ الله» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه بِسَنَدٍ حَسَنٍ.
•---------------------------------•
هذا وقد جعل بعض أهل العلم قول المصنف: «باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله» خاصا بما إذا توجهت اليمين على أحد المتخاصمين عند القاضي، وأن طائفة من أهل العلم قالوا في قوله:«ومن حلف له بالله فليرض» : إن هذا عام في كل من حلف له بالله، فإنه يجب عليه الرضا، وآخرون قالوا: يفرق بين من ظاهره الصدق، ومن ظاهره الكذب، والله أعلم» (1).
قوله: «عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» حديث ابن عمر رواه ابن ماجه وغيره (2)، وإسناده حسن.
«لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» تقدم ما يتعلق به في الباب قبله.
«مَنْ حَلَفَ بالله فَلْيَصْدُقْ» أي: وجوبًا؛ لأن الصدق واجب ولو لم يحلف بالله، فكيف إذا حلف به؟ وأيضًا فالكذب حرام لو لم يؤكد الخبر باسم الله، فكيف إذا أكده باسم الله؟
(1) التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (460، 461).
(2)
أخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 679) رقم (2101)، والمحاملي في أماليه ص (63) رقم (6)، وقوام السنة في الترغيب والترهيب (2/ 60) رقم (1151) من طريق محمد بن إسماعيل الأحمسي،
والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 305) رقم (20723) من طريق الحسن بن علي بن عفان،
كلاهما (الأحمسي، والحسن بن علي) عن أسباط بن محمد، عن محمد بن عجلان، عن نافع عن ابن عمر، قال: سمع النبي رجلًا يحلف بأبيه فقال:
…
الحديث.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 133): «إسناد صحيح رجاله ثقات» .
«وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بالله فَلْيَرْضَ» أي: وجوبًا كما يدل عليه قوله: «وَمَنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ مِنَ الله» (1).
ولهذا لما رأى عيسى عليه السلام رجلًا يسرق فقال له: «أَسَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلَّا وَالله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِالله، وَكَذَّبْتُ عَيْنِي» (2).
(1) تيسير العزيز الحميد ص (517).
(2)
أخرجه البخاري 3/ 1271 رقم (3260)، ومسلم 4/ 1838 رقم (2368).