الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ» : أي: أخذ قطعة من علم السحر، وهو العلم المحرم المذموم (1).
«زَادَ مَا زَادَ» : «يعنى: كلما زاد من علم النجوم زاد له من الإثم مثل إثم الساحر، أو زاد اقتباس شعب السحر ما زاده من اقتباس علم النجوم» (2).
حكم تعلم النجوم:
تعلم النجوم على قسمين:
القسم الأول: علم التسيير: وهو ما يدرك بطريق المشاهدة كالاستدلال بالشمس والقمر والنجوم على أوقات الصلوات وجهة القبلة ونحو ذلك، فهذا جائز.
قال شيخنا ابن باز رحمه الله: «الاستفادة من النجوم وسيرها في معرفة القبلة والحر والبرد لا بأس به؛ لأنه من علم التسيير لا من علم التأثير» (3).
القسم الثاني: علم التأثير: وهو علم النجوم الذي يستدل به على الحوادث الأرضية؛ فيستدل مثلًا باقتران النجم الفلاني على أنه سيحدث كذا وكذا. ويستدل بولادة إنسان في هذا النجم على أنه سيكون سعيدًا، وفي النجم الآخر على أنه سيكون شقيًّا، فيستدلون باختلاف أحوال النجوم على اختلاف الحوادث الأرضية، فهذا محرم.
(1) ينظر: مرقاة المفاتيح (7/ 2912)، ودليل الفالحين (8/ 501).
(2)
التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 403).
(3)
شرح كتاب التوحيد ص (134).
وَلِلْنَسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشركَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شيئًا وُكِلَ إِلَيْهِ» .
•---------------------------------•
ومناسبة الحديث للترجمة: أنه دَلَّ على أن التنجيم نوعٌ من أنواع السحر؛ لأن المنجم والساحر يدعيان علم الغيب الذي هو خاصٌّ بالله سبحانه وتعالى (1).
«وَلِلْنَسَائِيِّ» : يعني في سننه الصغرى، وقد رواه غيره، والحديث ضعيف لعلتين (2).
(1) ينظر: القول المفيد (1/ 521)، وإعانة المستفيد (1/ 360)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (206)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (231).
(2)
أخرجه النسائي في السنن الصغرى (7/ 112) رقم (4079)، وفي السنن الكبرى (3/ 449) رقم (3528) من طريق عمرو بن علي،
والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 127، 128) رقم (1469) من طريق أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف السدوسي،
كلاهما (عمرو بن علي، وأحمد بن عبد الله) عن أبي داود الطيالسي، عن عباد بن ميسرة المنقري، عن الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد روى الحديث عبد الرزاق في جامع معمر بن راشد-ضمن مصنفه (11/ 17) رقم (19772) بإسناد آخر مرسلًا، فقال:(أخبرنا عبد الرزاق، عن أبان، عن الحسن، يرفع الحديث قال) فذكره.
والحديث ضعيف لعلتين هما:
الأولى: عباد بن ميسرة: ضعيف الحديث، قال يحيى بن معين في تاريخه- رواية الدوري (4/ 103)، والنسائي في الضعفاء والمتروكون ص (74):(ليس بالقوي).
والثانية: الحسن لم يسمع من أبي هريرة، كما نص على ذلك الأئمة: كابن أبي حاتم في علل الحديث (3/ 96)، وابن القيسراني في تذكرة الحفاظ ص (202)، وغيرهم.
«مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ» : العقدة مفرد عُقَد وهي ما تعقده السحرة، ويقال لها (العزيمة) أيضًا، والنفث: هو النفخ مع ريق، وهو مرتبة بين النفخ والتفل. ووجه قوله:(فقد سحر) هو أن السحرة إذا أرادوا عمل السحر عقدوا الخيوط، ونفثوا على كل عقدة، حتى ينعقد ما يريدونه من السحر بإذن الله تعالى، ولهذا أمر الله بالاستعاذة من شرهم في قوله:{وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفَلَق: 4] يعني السواحر اللاتي يفعلن ذلك (1).
«وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشركَ» : هذه الجملة احتج بها من يرى أن الساحر مشرك مطلقًا، وأن السحر لا يتأتى إلا بالشرك، ولكن أجاب بعضهم بأن هذا مخصوص؛ فلا يتناول جميع السحر، إنما يقصد بالسحر هنا: السحر بالطرق الشيطانية، وأما مَنْ سَحَر بالعقاقير والأدوية ونحو ذلك فلا يكون مشركًا (2).
وجوابٌ آخر: أن الحديث ضعيفٌ، وعليه فلا يصح الاستدلال به.
«وَمَنْ تَعَلَّقَ شيئًا» : فيه معنيان:
الأول: من استمسك بشيءٍ واعتمد عليه؛ بحيث يعتقد فيه الضر أو النفع من دون الله (3).
والثاني: «من علق شيئًا بعنقه أو عنق صغير، من التعلق بمعنى التعليق» (4).
(1) ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (343)، وحاشية كتاب التوحيد ص (198).
(2)
ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (343)، والقول المفيد (1/ 522).
(3)
ينظر: حاشية كتاب التوحيد ص (199)، القول المفيد (1/ 522)، وإعانة المستفيد (1/ 361).
(4)
حاشية السندي على سنن النسائي (7/ 112).
وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ مَا العَضْهُ؟ هِيَ النَّمِيمَةُ، القَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ» رَوَاهُ مسلم.
•---------------------------------•
«وُكِلَ إِلَيْهِ» : أي: جعل هذا الشيء الذي تعلق به عمادًا له، وتركه الله له، وخلى بينه وبينه (1).
ومناسبة الحديث للباب: أن فيه بيان شيء من أنواع السحر، وهو سحر العُقَد والنفث فيها، وهو ما يسمى بـ (العزيمة)(2).
«وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه
…
» الحديث رواه مسلم في صححه (3).
«العَضْهُ» : هذه فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأنها النميمة؛ ولذلك قال القاضي عياض: «قد جاء مفسرًا في الحديث بما لا يحتاج إلى غيره» (4).
«النَّمِيمَةُ» : مِن نَمَّ، يَنُمُّ-بالكسر والضم-، نَمًّا، فهو نَمَّام، وهي نقل الحديث من قوم إلى قوم بغيًا، على غير وجه الصلاح والخير، بل من باب الإفساد والشر (5).
«القَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ» : أي: نقل القول للناس، وإيقاع الخصومة بينهم؛ بما يحكى للبعض عن البعض (6).
(1) ينظر: حاشية كتاب التوحيد ص (199)، والقول المفيد (1/ 522).
(2)
ينظر: إعانة المستفيد (1/ 361)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (209)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (233).
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2012) رقم (2606) عن محمد بن المثنى، وابن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(4)
إكمال المعلم (8/ 80).
(5)
ينظر: مشارق الأنوار (2/ 13)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 120).
(6)
ينظر: مطالع الأنوار على صحاح الآثار (5/ 401)، والنهاية في غريب الحديث (4/ 123).
وَلَهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنِّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا» .
•---------------------------------•
مناسبة الحديث للترجمة: تظهر من مشابهة النميمة للسحر من وجهين:
الأول: أن النمام يمشي بالنميمة بين الناس على وجه المكر والحيلة، وهذا أشبه ما يكون بالسحر.
والثاني: أن ما يفعله النمام من الإفساد والوقيعة بين الناس يساوي عمل الساحر أو يفوقه (1).
ويمكن إضافة وجه ثالث: وهو خفاء السبب؛ فكما أن نتائج السحر سببها خفي، فكذلك ما يترتب على النميمة.
«وَلَهُمَا» : أي البخاري ومسلم (2).
«إِنِّ مِنَ البَيَانِ» : البيان هو البلاغة والفصاحة، و (مِن) هنا للتبعيض لا لبيان الجنس، أي أن بعض أنواع البيان سحر.
(1) ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (344، 345)، وإعانة المستفيد (1/ 362)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (235).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 19) رقم (5146) عن قبيصة، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما، ولم يرد عند مسلم من مسند ابن عمر، وإنما أخرجه عن صحابي آخر وهو عمار بن ياسر (2/ 594) رقم (869) عن سريج بن يونس، عن عبد الرحمن ابن عبد الملك بن أبجر، عن أبيه، عن واصل بن حيان، عن أبي وائل، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه.
(3)
القول المفيد (1/ 527، 528).
وبناءً على ذلك: فقد يكون البيان محمودًا وقد يكون مذمومًا؛ فإذا كان البيان في نصرة الحق والدفاع عنه فهو محمود، وإذا كان في نصرة الباطل والمنكر وترويج شبهاته فهو مذموم، وفي كلتا الحالتين هو نوع من السحر بالمعنى اللغوي العام (1).
ومناسبة الحديث للباب: أنه دَلَّ على أن بعض أنواع البيان من السحر؛ وذلك لأن صاحب البيان يسحر الناس بكلامه، ويستميل القلوب بحجته (2).
(1) ينظر: تأويل مختلف الحديث ص (426)، وتيسير العزيز الحميد ص (345).
(2)
ينظر: الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (212).