الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الله
…
» «من» : شرطية؛ فتكون للعموم؛ فتشمل كل محلوف به سوى الله، سواء بالكعبة أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو السماء أو غير ذلك، ولا يشمل
الحلف بصفات الله
؛ لأن الصفة تابعة للموصوف، وعلى هذا؛ فيجوز أن تقول: وعزة الله؛ لأفعلن كذا (1).
«فَقَدْ كَفَرَ، أَوْ أَشركَ» «يحتمل أن يكون شكًّا من الراوي، ويحتمل أن تكون أو بمعنى الواو، فيكون قد كفر وأشرك. ويكون من الكفر الذي هو دون الكفر الأكبر، كما هو من الشرك الأصغر» (2).
والجمهور أنه من الشرك الأصغر، وهو رأي ابن عباس رضي الله عنه.
ومناسبة الحديث للباب: أنه يدل على أن من حلف بغير الله فقد اتخذ المحلوف به ندًّا لله (3).
= و (12/ 23) رقم (5393)، وأبو عوانة في مستخرجه (4/ 44) رقم (5971) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 299) رقم (830)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 253) من طرق عن سعد بن عبيدة، عن ابن عمر، بنحوه.
والحديث ظاهره الصحة، ولكن أعله بعضهم بالانقطاع؛ قال البيهقي في السنن الكبرى (10/ 52):«هذا مما لم يسمعه سعد بن عبيدة من ابن عمر» ، ثم ساق من طريق الإمام أحمد، وهو فى المسند (9/ 422) رقم (5593) من طريق شعبة عن منصور عن سعد بن عبيدة، قال: كنت عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقمت ، وتركت رجلًا عنده من كندة، فأتيت سعيد بن المسيب قال: فجاء الكندي فزعا، فقال: جاء ابن عمر رجل، فقال: احلف بالكعبة، قال: لا، ولكن أحلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.
والكندي هذا مجهول.
(1)
القول المفيد (2/ 212، 213).
(2)
فتح المجيد ص (413).
(3)
الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (326).
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «لأَنْ أَحْلِفَ بالله كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا» .
•---------------------------------•
أثر ابن مسعود أخرجه عبد الرزاق وغيره (1).
«لأَنْ أَحْلِفَ بالله كَاذِبًا» اللام: لام الابتداء، و «أن» مصدرية؛ فيكون قوله:«أن أحلف» مؤوَّلا بمصدر مبتدأ تقديره لحلفي بالله (2).
وعلاقة الأثر بالباب: أنه يدل على تحريم الحلف بغير الله (3)؛ لأن ذلك تعظيم للمخلوق المحلوف به، والتعظيم عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك (4).
(1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8/ 469) رقم (15929)، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 183) رقم (8902)، من طريق أبي سلمة مسعر بن كدام،
وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 79) رقم (12281) من طريق عبد الملك بن ميسرة،
كلاهما (أبو سلمة، وعبد الملك) عن وبرة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود موقوفًا عليه، وإسناده صحيح.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة (أبي بردة) بدل (وبرة)، ولعلَّه تحريف.
وفي مصنف عبد الرزاق شك أبو سلمة في روايته عن وبرة، فقال: قال عبد الله: لا أدري ابن مسعود أو ابن عمر.
وأخرجه أبو الشيخ في تاريخ أصبهان (2/ 177)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 151)، وفي حلية الأولياء (7/ 267) من طريق محمد بن معاوية العتكي، عن عمر بن علي، عن مسعر ابن كدام، عن وبرة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن أحلف بالله وأكذب أحب إلي من أن أحلف بغير الله وأصدق» . وهو حديث ضعيف جدًّا؛ لأن في سنده محمد بن معاوية العتكي، وقد كذبه ابن معين والدارقطني.
والخلاصة: أن الحديث لا يصح مرفوعًا، وإنما هو موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه.
(2)
القول المفيد (2/ 217).
(3)
الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (328).
(4)
الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (367).
وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه ، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللهُ وَفُلَانٌ، وَلِكَنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
•---------------------------------•
أثر حذيفة رواه أبو داود وغيره (1)، وإسناده صحيح.
«لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللهُ وَفُلَانٌ» العلة في ذلك أن الواو تقتضي تسوية المعطوف بالمعطوف عليه، فيكون القائل: ما شاء الله وشئت مسويًا مشيئة الله بمشيئة المخلوق، وهذا شرك، ثم إن اعتقد أن المخلوق أعظم من الخالق، أو أنه مساو له، فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنه أقل، فهو شرك أصغر (2).
(1) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (1/ 344) رقم (431)،
وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 340) رقم (26690) عن غندر،
وأحمد في مسنده (38/ 299) رقم (23265)، و (38/ 396) رقم (23381) عن يحيى بن سعيد، وحجاج،
وأحمد في المسند أيضًا (38/ 370) رقم (23347)، والطَّحَاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 219) رقم (236) من طريق عفان بن مسلم،
وأحمد في المسند (38/ 396) رقم (23381)، وابن السني في عمل اليوم والليلة ص (616) رقم (666) من طريق محمد بن جعفر،
وأبو داود في سننه (4/ 295) رقم (4980)، ومن طريقه البيهقي في الأسماء والصفات (1/ 365) رقم (294) من طريق أبي الوليد الطيالسي،
والنسائي في السنن الكبرى (9/ 361) رقم (10755)، وعمل اليوم والليلة ص (544) رقم (985) من طريق خالد بن الحارث،
وابن أبي الدنيا في الصمت ص (192) رقم (341) من طريق يزي د بن هارون،
والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 306) رقم (5810)، والاعتقاد ص (156) من طريق حفص بن عمر الحوضي،
كلهم عن شعبة، عن منصور، عن عبد الله بن يسار، عن حذيفة مرفوعًا.
والحديث إسناده صحيح.
(2)
القول المفيد 2/ 219.
وَجَاءَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَخَعِيِّ: أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَعُوذُ بالله وَبِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: بالله ثُمَّ بِكَ، قَالَ: وَيَقُولُ: لَوْلَا اللهُ ثُمَّ فُلَانٌ، وَلَا تَقُوْلُوا لَوْلَا اللهُ وَفُلَانٌ.
•---------------------------------•
أثر إبراهيم رواه عبد الرزاق، وغيره (1).
«أَعُوذُ بالله وَبِكَ» هذا محرَّم؛ لأنه جمع بين الله والمخلوق بحرف يقتضي التسوية، وهو الواو. والعياذ: الاعتصام بالمستعاذ به عن المكروه، واللِّياذ بالشخص: هو اللجوء إليه لطلب المحبوب (2).
ومناسبة الأثر للباب وللتوحيد: حيث دل على تحريم عطف الاستعاذة بالمخلوق على الاستعاذة بالله بالواو؛ لأن (الواو) تقتضي التشريك بين المتعاطفين، وذلك يؤدي إلى الشرك بالله، وهو محمول على الشرك الأصغر وكذا تعلق منفعة على فعل الله ومعه غيره، كقولك: لولا الله وفلان لما شفيت (3).
(1) أخرجه عبد الرزاق في جامعه (11/ 27) رقم (19811) عن معمر،
وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت ص (193، 194) من طريق أبي يحيى التيمي،
كلاهما (معمر، وأبو يحيى) عن المغيرة بن مقسم الضبي عن إبراهيم النخعي، ولفظه في رواية معمر:«عن إبراهيم، أنه كان يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، حتى يقول: ثم بك» .
والأثر مداره على المغيرة، وهو ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم.
(2)
القول المفيد (2/ 221).
(3)
الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (369).