الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضي القُضَاةِ وَنَحْوِهِ
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: بيان حكم التسمي بقاضي القضاة ونحوه، كملك الأملاك، أو ملك الملوك. وأن ذلك من شرك الألفاظ؛ ولذلك فهو محرَّمٌ أشد التحريم، وهذه التسمية شركٌ من جانبين:
أولًا: من جانب الربوبية: لأنه شَرَّك غيرَ الله معه في ملكه وسلطانه وأمره.
وثانيًا: هو شركٌ في الأسماء والصفات؛ لأنه إلحادٌ في أسماء الله وصفاته تعالى.
وعلاقة هذا الباب بالذي قبله: أن الباب الذي قبله فيه النهي عن مسبة الدهر؛ لأن ذلك يؤذي الله سبحانه وتعالى. وهذا الباب في النهي عن التسمي بالأسماء الضخمة التي فيها العظمة التي لا تليق إلا بالله سبحانه وتعالى؛ لأن هذا يغيظ الله سبحانه وتعالى، وكلا الأمرين محرم شديد التحريم. ثم يأتي بعد هذا الباب: «باب احترام أسماء الله (1).
وما حكم تقييد قاضي القضاة بشي معين مثل: قاضي قضاة مصر؟
الجواب: أن هذا جائز، لأنه مقيد.
فإذا قيد بزمان أو مكان ونحوهما، فهو جائز، وتركه أفضل، وما الحكم لو قيد بفن من الفنون، هل يكون جائزًا؟
مقتضى التقييد أن يكون جائزًا، (عالم العلماء في الفقه).
وكذا إذا قيد بقبيلة مثل عالم بني تميم، فهو جائز، لكن يجب مع الجواز مراعاة جانب الموصوف بأن لا يغتر ويعجب بنفسه.
(1) إعانة المستفيد (2/ 180).
فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ الله، رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ، لَا مَالِكَ إِلَّا اللهُ» . قَالَ سُفْيَانُ: «مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى الله يَوْمَ القِيِامَةِ وَأَخْبَثُهُ» ، قَوْلُهُ:«أَخْنَعُ» يَعْنِي: أَوْضَعَ.
•---------------------------------•
حديث أبي هريرة في الصحيحين (1).
«أَخْنَعَ» : يعني أوضع. قال القاضي عياض رحمه الله: «معناه أنه أشد الأسماء صغارًا» (2)، والخانع الذليل، وخنع الرجل ذل.
«رَجُلٌ تَسَمَّى» : تسمى بفتح التاء والسين وتشديد الميم المفتوحة ماضٍ معلوم من التسمي، أي: سمى نفسه. وفي بعض الروايات: بصيغة المجهول من التسمية، أي: يدعى بذلك ويرضى به.
«مَلِكَ الأَمْلَاكِ» : هو بكسر اللام من ملك. والأملاك جمع مَلِك.
«قَالَ سُفْيَانُ» : هو ابن عيينة.
«مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ» : هو بسكون النون وبهاء في آخره، وقد تنون وليست هاء تأنيث فلا يقال بالمثناة أصلًا، وإنما مثَّل سفيان بشاهان شاه لأنه قد كثرت التسمية به في ذلك العصر، فنبه سفيان على أن الاسم الذي ورد الخبر بذمه لا ينحصر في ملك الأملاك، بل كل ما أدى معناه بأي لسان كان، فهو مراد بالذم (3).
(1) صحيح البخاري (8/ 45) رقم (6206)، وصحيح مسلم (3/ 1688) رقم (2143).
(2)
مشارق الأنوار 1/ 241.
(3)
ينظر: فتح الباري لابن حجر (10/ 590).
وخلاصة ما يدل عليه الحديث: تحريم التسمي بملك الأملاك وما يلحق به كقاضي القضاة ونحوه؛ لأن ذلك شرك مع الله في ربوبيته (1).
قال ابن حجر رحمه الله: «ومن النوادر أن القاضي عز الدين بن جماعة - وكان يقال له: قاضي القضاة - قال: إنه رأى أباه في المنام فسأله عن حاله فقال: ما كان علي أضر من هذا الاسم، فأمر الموقعين أن لا يكتبوا له في السجلات قاضي القضاة بل قاضي المسلمين» (2).
(1) ينظر: الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (344)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (384).
(2)
فتح الباري 10/ 590.