الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ لا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلَاّ الجَنَّةُ
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: النهي عن السؤال بوجه الله إلا الجنة، وعبر عن النهي بصيغة النفي متابعةً منه للفظ الحديث.
وقوله: «بَابٌ لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلَّا الجَنَّةُ» «أي لا يجوز ذلك، إجلالًا لله وإكرامًا وإعظامًا له أن يسأل بوجهه العظيم ما هو حقير لديه من حوائج الدنيا، ما لم يرد به غاية المطالب وهي الجنة، أو الإعانة على أعمال الآخرة الموصلة إلى الجنة» (1).
ومناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن عدم السؤال بوجه الله إلا في المطالب العالية هو من باب تعظيم صفات الله تعالى الذاتية والفعلية، الذي هو من تعظيم توحيد الأسماء والصفات. وكل ذلك من كمال الأدب والتعظيم لله تعالى (2).
وأما علاقة هذا بما قبله: فهو أن كلا البايبين يتعلقان بتوحيد الأسماء والصفات، وبالأخص في موضوع السؤال بالله تعالى، وتعظيم جناب الله تعالى في أسمائه وصفاته وأفعاله، والفرق بين البابين: أن الباب الأول: (لا يرد من سأل بالله): خطابٌ للمسئول ألا يرد السائل بالله، وأما بابنا هذا:(لا يُسْأَل بوجه الله إلا الجنة)؛ فهو خطابٌ للسائل أَلَّا يسأل بوجه الله إلا الأمور العظام، لا الحقيرة ولا الدنيئة (3).
(1) حاشية كتاب التوحيد ص (350).
(2)
ينظر: شرح كتاب التوحيد لابن باز ص (248)، والقول المفيد (2/ 356).
(3)
ينظر: القول السديد ص (168، 169).
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله? : «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلَّا الجَنَّةُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
•---------------------------------•
حديث جابر عند أبي داود (1) كما قال المصنف. وهو ضعيف الإسناد (2).
قال شيخنا ابن باز رحمه الله: «وإسناد الحديث فيه لين وضعف لكنه ينجبر بما جاء في الروايات الأخرى من النهي عن السؤال بوجه الله» (3).
«لَا يُسْأَلُ» : روي بالنفي والنهي، وروي بالبناء للمجهول، وهو الذي في الأصل، وروي بالخطاب للمفرد (4). فقوله:«لَا يُسْأَلُ» : «هذا نفي يتضمن النهي المؤكد، كأنه قال: لا يسأل أحد بوجه الله إلا الجنة، أو لا تسأل بوجه الله إلا الجنة، فعدل عن النهي إلى النفي لكي يتضمن أن هذا منهي عنه وأنه لا يسوغ وقوعه أصلا لما يجب من تعظيم الله جل جلاله وتعظيم توحيده، وتعظيم أسماء الله جل وعلا وصفاته» (5).
(1) أخرجه أبو داود في سننه (2/ 127) رقم (1671)، وابن عدي في الكامل (4/ 241)، وابن منده في الرد على الجهمية ص (53) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 333) رقم (7889)، والأسماء والصفات (2/ 93) رقم (661) والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 351)، والمزي في تهذيب الكمال (34/ 21) من طريق أبي العباس القلوري،
…
والفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 361، 362)، والبيهقي في الشعب (5/ 172) رقم (3259)، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 351) من طريق محمد بن عبد الله بن عمار،
كلاهما (أبو العباس، ومحمد بن عبد الله بن عمار) عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي، عن سليمان بن معاذ التميمي، محمد بن المنكدر، عن جابر، مرفوعًا.
(2)
لأن في سنده سليمان بن معاذ التميمي، وهو ضعيف لسوء حفظه.
(3)
التعليق المفيد ص (724).
(4)
تيسير العزيز الحميد ص (573).
(5)
التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (527).
قوله: (لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله) اختلف في المراد بذلك على رأيين:
الرأي الأول: أن المراد: لا تسألوا أحدًا من المخلوقين بوجه الله، فإذا أردت أن تسأل أحدًا من المخلوقين، فلا تسأله بوجه الله، لأنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، والخلق لا يقدرون على إعطاء الجنة، فإذًا لا يسألون بوجه الله مطلقًا.
الرأي الثاني: أنك إذا سألت الله، فإن سألت الجنة وما يستلزم دخولها، فلا حرج أن تسأل بوجه الله، وإن سألت من أمور الدنيا، فلا تسأله بوجه الله؛ لأن وجه الله أعظم من أن يسأل به شيء من أمور الدنيا.
فأمور الآخرة تسأل بوجه الله، كقولك مثلًا: أسألك بوجهك أن تنجيني من النار، والنبي صلى الله عليه وسلم استعاذ بوجه الله لما نزل قوله تعالى:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} ، قال: أعوذ بوجهك، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ، قال: أعوذ بوجهك، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65]، قال: هذه أهون أو أيسر (1).
ولو قيل: إنه يشمل المعنيين جميعًا، لكان له وجه.
«بِوَجْهِ الله» : وجه الله جل جلاله صفة ذات من صفاته سبحانه، وهو غير الذات (2).
(1) أخرجه البخاري 4/ 1694 رقم (4352) من حديث جابر بن عبد الله.
(2)
التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (527).