الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب التوحيد
•---------------------------------•
«كتابُ التَّوحيدِ» الملاحظ هنا أنَّ المؤلف ترجم بكتاب وما بعده كلها أبواب؛ وليس مع هذا الكتاب كتب أخرى، ومن حيث الترتيب المنهجي للتأليف كان الأولى أن تكون الترجمة هنا بالباب؛ ويؤكد ذلك أنَّ المؤلف أجراه مجرى الأبواب فسرد فيه النصوص، وذكر تحتها المسائل؛ ولذلك اختلفت الآراء حول هذه الترجمة:
فبعضهم جعلها عنوانًا عامًّا للكتاب، فجاء في بعض الطبعات:«باب قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}» ، وهذا ليس بجيد؛ لأن عنوان الكتاب المشهور:«كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد» ، ويسمى اختصارًا (كتاب التوحيد).
وبعضهم يرى أن هذه الترجمة قامت مقام خطبة الكتاب، يقول السعدي رحمه الله:«هذه الترجمة تدل على مقصود هذا الكتاب من أوله إلى آخره؛ ولهذا استغني بها عن الخطبة، أي أن هذا الكتاب يشتمل على توحيد الألوهية والعبادة بذكر أحكامه، وحدوده وشروطه، وفضله وبراهينه، وأصوله وتفاصيله، وأسبابه وثمراته ومقتضياته، وما يزداد به ويقويه، أو يضعفه ويوهيه، وما به يتم أو يكمل» (1).
وبعض الشراح قدَّر لهذه الترجمة معنًى، فقال:(كتاب التوحيد) أي وجوب التوحيد (2)؛ استنباطًا من النصوص التي تحت الترجمة.
(1) القول السديد ص (17).
(2)
القول السديد ص (23)، والقول المفيد (1/ 60).
وقوله: «كتابُ التَّوحيدِ» خبر لمبتدأ محذوف تقديره: (هذا كتاب التوحيد)، أو مبتدأ لخبر محذوف تقديره:(كتاب التوحيد هذا موضعه)، ويجوز غير ذلك.
و«كتاب» مصدر كتب يكتب كتابًا وكتابةً وكَتْبًا (1)، ويكون بمعنى مكتوب «أي هذا مكتوب جامع لخصائص التوحيد وحقوقه ومكملاته، وما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر» (2).
و«التَّوحيد» لغة: مصدر وَحَّدَ يُوَحِّد توحيدًا، أي: جعل الشيءَ واحدًا، وأصل التوحيد في اللغة إفراد الشيء عن غيره (3).
وشرعًا: إفراد الله تعالى بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات (4).
وقد قسم علماء أهل السنة والجماعة التوحيد إلى ثلاثة أقسام (5):
الأول: توحيد الربوبية: وهو إفراد الله تعالى بما يختص به من الخلق، والملك، والتدبير، والرَّزْق والإحياء والإماتة، ونحوها من خصائص ربوبيته.
وهذا القسم من التوحيد أقرَّ به المشركون الأوائل ولم ينكروه، لكنهم لم يدخلوا به في الإسلام؛ لأنهم لم يفردوا الله بالعبادة.
(1) ينظر: تهذيب اللغة (10/ 88)، والصحاح للجوهري (1/ 208)، ولسان العرب (1/ 698).
(2)
حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص (11).
(3)
ينظر: لسان العرب (3/ 450)، والقاموس المحيط ص (324).
(4)
ينظر: القول المفيد (1/ 11).
(5)
ينظر: شرح الطحاوية (1/ 24).
الثاني: توحيد الألوهية (1): وهو إفراد الله تعالى بالعبادة، كالدعاء والخوف، والرجاء، والمحبة، والتوكل، والإنابة وغيرها من أنواع العبادة.
وهذا التوحيد هو أعظم أنواع التوحيد وأهمها على الإطلاق؛ لأنه الغاية التي خُلِقَ من أجلها الإنسان، وهو الذي أُنزلت من أجله الكتب وأُرسلت الرسل.
الثالث: توحيد الأسماء والصفات: وهو إفراد الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الواردة في الكتاب والسنة، اسمًا ومعنًى وحُكْمًا، من غير تحريف ولا تكييف، ولا تعطيل ولا تمثيل.
وهذا التوحيد ضلت فيه كثير من الفرق التي تنتسب إلى الإسلام، كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرها.
وقَسَّم ابن القيم رحمه الله التوحيد إلى قسمين (2):
الأول: توحيد المعرفة والإثبات: ويسمى أيضًا: (التوحيد العلمي الخبري)، ومعناه: إثبات حقيقة ذات الرب تعالى، والإخبار عنه سبحانه وعن صفاته وأفعاله وأسمائه، كما أخبر عن نفسه، وكما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه.
الثاني: توحيد الطلب والقصد: ويسمى أيضًا: (التوحيد الإرادي الطلبي): وهو نظير توحيد الألوهية في التقسيم السابق، ويحمل التعريف نفسه.
(1) ويقال له أيضًا: (توحيد العبادة)، فباعتبار إضافته إلى الله يسمى: توحيد الألوهية، وباعتبار إضافته إلى الخلق يسمى توحيد العبادة. ينظر: القول المفيد (1/ 14).
(2)
ينظر: مدارج السالكين (3/ 417).