الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّشرةِ
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: بيان ما جاء في حكم النُّشْرَة بالتفصيل، وهل هي ممنوعةٌ بإطلاق، أو منها ما هو مباحٌ وجائزٌ؟ ؛ ولذلك لم يجزم المؤلف في تبويبه بتحريمٍ أو كراهةٍ (1).
النُّشْرَة في اللغة: -بالنون المضمومة- فُعْلَة مِن النشر: أي الكشف والزوال، ومنه استخدم المعنى الاصطلاحي لها: أي أن هذا العلاج يكشف المرض الذي لابس ذلك المريض (2).
والنُّشْرَة اصطلاحًا: هي ضربٌ من الرقية والعلاج يُستخدم لحل السحر عَمَّن يُظَنُّ أَنَّ به سحرًا أو مسًّا من الجن (3)، و (الـ) هنا للاستغراق وليست للعهد؛ لأن المؤلف قصد بيان كل أنواع النُّشْرَة وأحكامها، ولم يقتصر على نوعٍ معينٍ (4).
ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة: وهي أنه كما أن السحر شرك بالله- جل وعلا- يقدح في أصل التوحيد، وأن الساحر مشرك الشرك الأكبر بالله؛ فالنشرة التي هي حل السحر قد تكون من ساحر، وقد تكون من غير ساحر بالأدوية المأذون بها، أو الأدعية ونحو ذلك.
(1) ينظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (325)، والتوضيح الرشيد ص (245).
(2)
يراجع: لسان العرب (5/ 209)، وتاج العروس (14/ 217).
(3)
ينظر: السنن الصغرى للبيهقي (4/ 75)، والقول السديد ص (102).
(4)
ينظر: القول المفيد (1/ 553).
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ النُّشرةِ؟ فَقَالَ: «هِيَ مِنْ عَمَلِ الشيطَانِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ]، وَقَالَ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْهَا فَقَالَ: ابْنُ مَسْعُودٍ يَكْرَهُ هَذَا كُلَّهُ.
•---------------------------------•
فإذا كانت من ساحر فإنها مناقضة لأصل التوحيد، ومنافية لأصله؛ لأن الساحر غالبًا لا يمكن أن يعالج بالسحر إلا عن طريق الشياطين الذين يخدمونه عوضًا عن وقوعه في الشرك أو أيِّ فعل يكفر به، وإن لم تكن بالسحر إنما بأدوية وعقاقير ونحو ذلك فالأصل جوازها.
ومناسبة الباب للأبواب السابقة: تظهر من وجوه:
الوجه الأول: أن المصنف لما ذَكَرَ في الأبواب السالفة ما يتعلق بالسحر وأنواعه ناسب هنا أن ينتقل من السحر إلى كيفية حل هذا السحر.
الوجه الثاني: أن النُّشرة قد تكون بأشياء لا علاقة لها بالسحر، وحينئذٍ تكون مباحة؛ فيجب التفريق في ذلك بين ما هو سحر وما هو غير سحر؛ حتى لا يختلط ذلك على الناس، فيُجتنب المحرم ويُفعل المباح (1).
الوجه الثالث: «الرد على شبهة إتيان الناس إلى السحرة والكهان بقصد حل السحر عن المسحور» (2).
«عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ النُّشرةِ
…
» الحديث رواه أحمد وأبو داود وغيرهما (3)، وفي سنده انقطاع.
(1) يراجع: تيسير العزيز الحميد ص (356)، والتوضيح الرشيد ص (245).
(2)
التوضيح الرشيد ص (245).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في جامع معمر بن راشد- المطبوع ضمن مصنفه (11/ 13) رقم (19762)، =
«سُئِلَ عَنِ النُّشرةِ؟ » : سبق بيان معنى النشرة في مقدمة الباب، والألف واللام في (النشرة) للعهد، وليست للاستغراق، أي النشرة المعهودة التي كان أهل الجاهلية يصنعونها، فجاء الجواب:«هِيَ مِنْ عَمَلِ الشيطَانِ» : أي: من العمل الذي يفعل بواسطة وحيه وأمره (1)، والمقصود بـ (الشيطان) جنس الشياطين، والنشرة هنا هي ما كان يتعاطاه أهل الجاهلية في حل السحر.
ومناسبة الحديث لكتاب التوحيد والباب: أنه يدل على تحريم النُّشرة التي هي من عمل الشيطان، ومِن نُشرة الجاهلية التي لا تتم إلا بالشرك بالله (2).
= ومن طريقه أحمد في مسنده (22/ 40) رقم (14135)،
ومن طريق أحمد أبو داود في سننه (4/ 6) رقم (3868)،
ومن طريق أبي داود البيهقي في السنن الكبرى (9/ 590) رقم (19613) عن عقيل بن معقل، عن وهب بن منبه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
والحديث حَسَّنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/ 233)، وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/ 77):(إسناد جيد)، وقال شعيب الأرناؤوط ومجموعته في تحقيق مسند أحمد (22/ 40):(إسناده صحيح). ولكن الحديث معلول بعلتين:
الأولى: الانقطاع: فإن وهب بن منبه لم يلق جابرًا كما نَصَّ على ذلك يحيى بن معين في تاريخه -رواية الدوري (3/ 118)، وبذلك أَعَلَّهُ مقبل الوادعي في أحاديث معلة ظاهرها الصحة ص (94، 95).
والثانية: الإرسال: قال البيهقي في السنن الكبرى (9/ 590): «ورُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهو مع إرساله أصح» .
(1)
يراجع: حاشية كتاب التوحيد ص (209)، والقول المفيد (1/ 554).
(2)
يراجع: الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (222).
وَفِي البُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ: قُلْتُ لاِبْنِ المُسيبِ: رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ، أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشر؟
•---------------------------------•
«وَفِي البُخَارِيِّ» : معلقًا (1)، ووصله ابن أبي شيبة في مصنفه، قال ابن حجر:«إسناده صحيح» (2).
«رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ» : بكسر الطاء، أي: سحر، يقال: طُب الرجل بالضم: إذا سحر، كَنَوا عن السحر بالطب تفاؤلًا، كما يقولون للديغ: سليم، وللكسير: جبير، من باب الفأل بالسلامة، وجبران الكسر، والطب من الأضداد يقال لعلاج الداء: طب، ويقال للسحر أيضًا (3).
«يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ» : (يُؤَخَّذ) بتشديد الخاء، أي: يُحْبَس عن امرأته حتى لا يستطيع أن يصل إلى جماعها، والأُخذة -بضم الهمزة-: هي رقية الساحر (4).
«أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشر» : (يُحَلُّ) بضم الياء وفتح الحاء مبني للمجهول (5). يحل مِن حَلَّ العقدة يحلها؛ نقضها وفكها، ويُنَشَّر بضم الياء وتشديد الشين (6)، ويحل وينشر بمعنى واحد (7).
(1) صحيح البخاري (7/ 137) معلقًا.
(2)
تغليق التعليق (5/ 49).
(3)
ينظر: الكواكب الدراري (21/ 39)، والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (27/ 543).
(4)
ينظر: الكواكب الدراري (21/ 39)، والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (27/ 543).
(5)
ينظر: عمدة القاري (21/ 283)، وإرشاد الساري للقسطلاني (8/ 405).
(6)
ينظر: حاشية كتاب التوحيد ص (210).
(7)
ينظر: إعانة المستفيد (1/ 378).