المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله - غاية المريد شرح كتاب التوحيد

[عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌منهجية التميز

- ‌ترجمة موجزةللإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده ونشأته وطلبه للعلم:

- ‌ حال الناس قبل دعوته:

- ‌ ظهور دعوته:

- ‌ الافتراءات والشبهات حول دعوته:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته وآثاره العلمية:

- ‌ مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه:

- ‌ عقيدته ومذهبه:

- ‌ وفاته:

- ‌نبذة تعريفيةبكتاب التوحيد

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌ نسبة الكتاب إلى مؤلفه:

- ‌ تاريخ تأليفه ومكانه:

- ‌ سبب تأليفه:

- ‌ أهميته:

- ‌ ثناء العلماء على الكتاب:

- ‌ موضوع الكتاب:

- ‌ منهج المؤلف في كتابه:

- ‌ عناية العلماء بالكتاب:

- ‌أولًا: الشروح والتعليقات والحواشي:

- ‌ثانيًا: الكتب التي خدمت الكتاب:

- ‌ثالثًا: مختصرات كتاب التوحيد:

- ‌كتاب التوحيد

- ‌ العلاقة بين أقسام التوحيد

- ‌بابُ فَضْلِ التَّوْحِيدِ وَمَا يُكفِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ

- ‌ شروط (لا إله إلا الله)

- ‌بابُ مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ

- ‌ الاسترقاء والكي ليسا بمذمومين

- ‌بَابُ الخَوْفِ مِنَ الشركِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ

- ‌بَابُ تَفْسيرِ التَّوْحِيدِ وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ لُبْسُ الحَلْقَةِ وَالخَيْطِ وَنَحْوِهِمَالِرَفْعِ البَلاءِ أَوْ دَفْعِهِ

- ‌ أحكام الأسباب

- ‌ حكم لبس الحلقة والخيط ونحوهما

- ‌ تغيير المنكر باليد

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ

- ‌الفرق بين الرقى والتمائم

- ‌ سبب النَّهي عن الاستنجاء برجيع الدابة أو العظم

- ‌بَابُ مَنْ تَبَرَّكَ بِشَجَرَةٍ أَوْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِمَا

- ‌ حكم التبرك بالأحجار والأشجار ونحوها

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّبْحِ لِغَيْرِ الله

- ‌«الذبح لغير الله ينقسم إلى قسمين:

- ‌بَابٌ لا يُذبَحُ للهِ بمكانٍ يُذبَح فيه لغير الله

- ‌بابٌ مِنَ الشركِ النَّذْرُ لِغَيْرِ الله

- ‌ هل ينعقد نذر المعصية

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ الاسْتِعَاذَةُ بِغَيْرِ الله

- ‌ حكم الاستعاذة بالمخلوق

- ‌ الفرق بين العياذ واللياذ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ الله أَوْ يَدْعُوَ غَيْرَهُ

- ‌بابقول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}

- ‌السر في الأمر بإنذار الأقربين أولًا

- ‌باب قول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ

- ‌ أنواع العلو

- ‌بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌أقسام الناس في الشفاعة:

- ‌الشفاعة الوارة في القرآن والسنة من حيث الإثبات والنفي نوعان:

- ‌القسم الأول: الشفاعة الخاصة

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية

- ‌بَابُ مَا جَاء أَنَّ سَبَبَ كُفْرِ بَنِي آدَمَوَتَرْكِهِمْ دِينَهُمْ هُوَ الغُلُوُّ فِي الصَّالِحِينَ

- ‌الناس في معاملة الصالحين ثلاثة أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّغْلِيظِ فِيمَنْ عَبَدَ اللهَعِنْدَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ فَكَيْفَ إِذَا عَبَدَهُ

- ‌اتخاذ القبور مساجد، يشمل ثلاثة معان:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الغُلُوَّ فِي قُبُورِ الصَّالِحِينَيُصيرُهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله

- ‌ حكم زيارة النساء للقبور

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايِةِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جَنَابَ التَّوْحِيدِوَسَدهِ كُلَّ طَرِيقٍ يُوصِلُ إِلَى الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأُمَّةِ يَعْبُدُ الأَوْثَانَ

- ‌الفرق بين الوثن والصنم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّحْرِ

- ‌هل للسحر حقيقة

- ‌ حكم تعلم السحر:

- ‌بَابُ بَيَانِ شيءٍ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ

- ‌«ووجه كون العيافة من السحر:

- ‌حكم تعلم النجوم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الكُهَّانِ وَنَحْوِهِمْ

- ‌سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:

- ‌كتابة أبي جاد على قسمين:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّشرةِ

- ‌ حل السحر بالسحر

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَيُّرِ

- ‌ الجمع بين حديث: «لَا عَدْوَى» وحديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ»

- ‌الفرق بين الطيرة والفأل:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّنْجِيمِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌أقسام المحبة:

- ‌ بواعث حب الله

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌الخوف من غير الله ينقسم إلى أربعة أقسام:

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [

- ‌بَابٌ مِنَ الإِيمَانِ باللهِ الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ الله

- ‌الصبر ثلاثة أنواع:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ

- ‌ حكم العبادة إذا خالطها الرياء

- ‌ الشركُ الخَفِيُّ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ إِرَادَةُ الإِنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا

- ‌ فعل الإنسان للعمل الصالح بقصد الدنيا هو من الشرك الأصغر

- ‌بَابُ مَنْ أَطَاعَ العُلَمَاءَ وَالأُمَرَاءَ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهأَوْ تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَه فَقَدْ اتَّخَذَهُمْ أَرْبَابًا

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ

- ‌بَابُ مَنْ جَحَدَ شيئًا مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ

- ‌ حكم من جحد شيئًا من الأسماء والصفات

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}

- ‌ حكم قول القائل: (لولا فلان لم يكن كذا):

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

- ‌ الحلف بصفات الله

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَقنَعْ بِالْحَلِفِ بالله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»

- ‌بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ

- ‌بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضي القُضَاةِ وَنَحْوِهِ

- ‌بَابُ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ الله تَعَالَى وَتَغْيِيِرِ الاسْمِ لأَجْلِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ مَنْ هَزَلَ بِشيءٍ فِيهِ ذِكْرُ الله أَو القُرْآنِ أَو الرَّسُولِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}

- ‌بَابٌ لا يُقَالُ السَّلامُ عَلَى الله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ»

- ‌بَابٌ لا يَقُولُ: «عَبْدِي وَأَمَتِي»

- ‌بَابٌ لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ

- ‌بَابٌ لا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلَاّ الجَنَّةُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي اللَوْ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُنْكِري القَدَرِ

- ‌تعريف القدر:

- ‌مراتب القدر:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي المُصَوِّرِينَ

- ‌ اقتناء الصور على أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ الحَلِفِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِمَّةِ الله وَذِمَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الإِقْسَامِ عَلَى الله

- ‌بَابٌ لا يُسْتَشْفَعُ بِاللهِ عَلَى خَلْقِهِ

- ‌ تحريم الاستشفاع بالله على خلقه

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَى التَّوْحِيدِوَسَدِّهِ طُرُقَ الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

الفصل: ‌باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله

‌بَابٌ لا يُذبَحُ للهِ بمكانٍ يُذبَح فيه لغير الله

---------------------------------•

مقصود الترجمة: بيان تحريم الذبح لله في مكانٍ يُذْبَحُ فيه لغير الله، وهذا الحكم عام فـ «لا يجوز للمؤمنين التشبه بأهل المعاصي ولا مشاركتهم في أماكن المعصية وفي أماكن تعبدهم ولو بغير الذبح، حتى لا ينسب إليهم ويشاركهم» (1).

ومناسبة هذا الباب للذي قبله: أنه تابعٌ له ومُكَمِّلٌ له؛ فالباب السابق يتكلم عن الذبح لغير الله وهو شركٌ، وهذا الباب هو سدٌّ للذريعة التي تؤدي إلى الذبح لغير الله.

وقد أحسن المؤلف رحمه الله حيث أتبع هذا الباب الباب الذي قبله، فالذي قبله من المقاصد وهذا من الوسائل، ذاك من باب الشرك الأكبر، وهذا من وسائل الشرك القريبة؛ فإن المكان الذي يذبح فيه المشركون لآلهتهم تقربًا إليها وشركا بالله قد صار مشعرًا من مشاعر الشرك، فإذا ذبح فيه المسلم ذبيحة ولو قصدها لله، فقد تشبه بالمشركين وشاركهم في مشعرهم، والموافقة الظاهرة تدعو إلى الموافقة الباطنة والميل إليهم (2).

«لَا يُذبَحُ» بالبناء للمجهول، و (لا) هنا يجوز فيها وجهان:

الأول: أن تكون نافية (لا يُذْبَحُ) بضم الحاء، ويكون النفي بمعنى النهي.

والثاني: أن تكون لا ناهية (لا يُذْبَحْ) بإسكان الحاء، فتكون الجملة واضحةً في النهي.

(1) التعليق المفيد ص (83).

(2)

ينظر: القول السديد ص (61).

ص: 145

وَقَوْلُ الله تَعَالَى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].

---------------------------------•

في قوله تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} نهي من الله عز وجل لنبيه أن يقوم في مسجد الضرار الذي أسس على معصية الله تعالى، فبناه المنافقون؛ لأغراض فاسدة جاء ذكرها في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: 107]. وأمره أن يقوم بمسجد قباء الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم.

ووجه مناسبة الآية للباب: من جهة القياس، فمَنْعُ النبي صلى الله عليه وسلم من أن يقوم في مسجد الضرار مع أنه يتعبد فيه لله، دليل على أنَّ المكان الذي يعصى الله فيه لا يصح أن يقام فيه، فكذلك الأماكن التي يذبح فيها لغير الله، لا يجوز أن يذبح فيها لله.

«ومطابقة الآية للترجمة أن هذا المسجد لما أسس على معصية الله والكفر به، صار محل غضب، فنهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيه، لوجود العلة المانعة، وهو صلى الله عليه وسلم لا يصلي إلا لله، فكذلك المواضع المعدة للذبح لغير الله يجب اجتناب الذبح فيها لله، وهذا قياس صحيح» (1).

(1) حاشية كتاب التوحيد ص (103).

ص: 146

عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه قَالَ: نَذَرَ رَجُلٌ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ » قَالُوا: لَا، قَالَ:«فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟ » قَالُوا: لَا، فَقَالَ رَسُولُ الله? :«أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصيةِ الله، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شرطِهِمَا.

---------------------------------•

حديث ثابت بن الضحاك رواه أبو داود وغيره (1)، وإسناده صحيح.

(1) أخرجه داود في سننه (3/ 238) رقم (3313)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 142) رقم (20139)، والسنن الصغير (4/ 120) رقم (3223)،

والطبراني في المعجم الكبير (2/ 75) رقم (1341) عن عبد الله بن أحمد،

كلاهما (أبو داود، وعبد الله بن أحمد) عن داود بن رشيد، حدثنا شعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو قلابة، قال: حدثني ثابت بن الضحاك، قال: «نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

» الحديث.

والحديث صحيح، وله شواهد منها:

- حديث ميمونة بنت كردم بن سفيان عن أبيها، أخرجه أبو داود (3/ 238) رقم (3314)، وابن ماجه (1/ 688) رقم (2131)، وأحمد في مسنده (44/ 622) رقم (27066) عن ميمونة:«أَنَّ أَبَاهَا لَقِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ رَدِيفَةٌ لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: هَلْ بِهَا وَثَنٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ» . وإسناد حسن.

- حديث ابن عباس رضي الله عنه، أخرجه ابن ماجه (1/ 688) رقم (2130)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 22) رقم (12356)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 143) رقم (20141)، من طريق عبد الله بن رجاء عن المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:«أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ، فَقَالَ: فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ» . وإسناده حسن.

والحديث صححه جماعة منهم: النووي في المجموع (8/ 467)، وشيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 490)، وابن الملقن في البدر المنير (9/ 518)، وابن حجر في التلخيص (4/ 439).

ص: 147

«نَذَرَ رَجُلٌ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ» بوانة: هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر (1).

«هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ » «هذا السؤال يدل على أنه لو وجد هذا الوصف، وهو أنه كان ثَمَّ وثن من أوثان الجاهلية يعبد، لم يجز النحر في ذلك الموضع، وهو المراد من إيراد هذا الحديث في الباب، وهو وجه الاستدلال» (2).

«فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟ » أي: هل كان هذا الموضع الذي تريد أن تنحر فيه، من الأماكن التي اعتاد أهل الجاهلية المجيء إليها، ليتقربوا فيها إلى معبوداتهم بإراقة الدماء، وغيرها من العبادات الشركية.

فالذبح لله في أماكن يذبح فيها لغيره، وسيلة إلى الذبح إلى غير الله في تلك الأماكن، وهو شرك.

والنبي صلى الله عليه وسلم سأل عن أمرين: عن الشرك، ووسائله. فالشرك: هل كان فيها وثن؟ ووسائله: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟

ولما كانت الإجابة بالنفي قال له: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ» أي: إذا انتفت الأوصاف السابقة في المكان الذي نذرت أن تذبح فيه، فأوف بنذرك؛ لأنه انتفى المانع.

(1) النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 164)، ومعجم البلدان (1/ 505)، والمعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص (54)

(2)

التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (155).

ص: 148

«فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصيةِ الله» أي: لو ثبت أنَّ هناك وثنًا يعبد، أو عيدًا من أعياد الجاهلية، فإنه لا يجوز الوفاء بالنذر حينئذٍ. وفي هذا «دليل على أن هذا نذر معصية لو قد وجد في المكان بعض الموانع. وما كان من نذر المعصية، فلا يجوز الوفاء به بإجماع العلماء» (1).

«وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» «الذي لا يملكه ابن آدم يحتمل معنيين:

الأول: ما لا يملك فعله شرعا، كما لو قال: لله علي أن أعتق عبد فلان، فلا يصح لأنه لا يملك إعتاقه.

الثاني: ما لا يملك فعله قدرًا، كما لو قال: لله علي نذر أن أطير بيدي، فهذا لا يصح لأنه لا يملكه. والفقهاء رحمهم الله يمثلون بمثل هذا للمستحيل» (2).

(1) فتح المجيد ص (155).

(2)

القول المفيد (1/ 240).

ص: 149