المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الجمع بين حديث: «لا عدوى» وحديث: «فر من المجذوم» - غاية المريد شرح كتاب التوحيد

[عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌منهجية التميز

- ‌ترجمة موجزةللإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده ونشأته وطلبه للعلم:

- ‌ حال الناس قبل دعوته:

- ‌ ظهور دعوته:

- ‌ الافتراءات والشبهات حول دعوته:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته وآثاره العلمية:

- ‌ مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه:

- ‌ عقيدته ومذهبه:

- ‌ وفاته:

- ‌نبذة تعريفيةبكتاب التوحيد

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌ نسبة الكتاب إلى مؤلفه:

- ‌ تاريخ تأليفه ومكانه:

- ‌ سبب تأليفه:

- ‌ أهميته:

- ‌ ثناء العلماء على الكتاب:

- ‌ موضوع الكتاب:

- ‌ منهج المؤلف في كتابه:

- ‌ عناية العلماء بالكتاب:

- ‌أولًا: الشروح والتعليقات والحواشي:

- ‌ثانيًا: الكتب التي خدمت الكتاب:

- ‌ثالثًا: مختصرات كتاب التوحيد:

- ‌كتاب التوحيد

- ‌ العلاقة بين أقسام التوحيد

- ‌بابُ فَضْلِ التَّوْحِيدِ وَمَا يُكفِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ

- ‌ شروط (لا إله إلا الله)

- ‌بابُ مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ

- ‌ الاسترقاء والكي ليسا بمذمومين

- ‌بَابُ الخَوْفِ مِنَ الشركِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ

- ‌بَابُ تَفْسيرِ التَّوْحِيدِ وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ لُبْسُ الحَلْقَةِ وَالخَيْطِ وَنَحْوِهِمَالِرَفْعِ البَلاءِ أَوْ دَفْعِهِ

- ‌ أحكام الأسباب

- ‌ حكم لبس الحلقة والخيط ونحوهما

- ‌ تغيير المنكر باليد

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ

- ‌الفرق بين الرقى والتمائم

- ‌ سبب النَّهي عن الاستنجاء برجيع الدابة أو العظم

- ‌بَابُ مَنْ تَبَرَّكَ بِشَجَرَةٍ أَوْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِمَا

- ‌ حكم التبرك بالأحجار والأشجار ونحوها

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّبْحِ لِغَيْرِ الله

- ‌«الذبح لغير الله ينقسم إلى قسمين:

- ‌بَابٌ لا يُذبَحُ للهِ بمكانٍ يُذبَح فيه لغير الله

- ‌بابٌ مِنَ الشركِ النَّذْرُ لِغَيْرِ الله

- ‌ هل ينعقد نذر المعصية

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ الاسْتِعَاذَةُ بِغَيْرِ الله

- ‌ حكم الاستعاذة بالمخلوق

- ‌ الفرق بين العياذ واللياذ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ الله أَوْ يَدْعُوَ غَيْرَهُ

- ‌بابقول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}

- ‌السر في الأمر بإنذار الأقربين أولًا

- ‌باب قول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ

- ‌ أنواع العلو

- ‌بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌أقسام الناس في الشفاعة:

- ‌الشفاعة الوارة في القرآن والسنة من حيث الإثبات والنفي نوعان:

- ‌القسم الأول: الشفاعة الخاصة

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية

- ‌بَابُ مَا جَاء أَنَّ سَبَبَ كُفْرِ بَنِي آدَمَوَتَرْكِهِمْ دِينَهُمْ هُوَ الغُلُوُّ فِي الصَّالِحِينَ

- ‌الناس في معاملة الصالحين ثلاثة أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّغْلِيظِ فِيمَنْ عَبَدَ اللهَعِنْدَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ فَكَيْفَ إِذَا عَبَدَهُ

- ‌اتخاذ القبور مساجد، يشمل ثلاثة معان:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الغُلُوَّ فِي قُبُورِ الصَّالِحِينَيُصيرُهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله

- ‌ حكم زيارة النساء للقبور

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايِةِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جَنَابَ التَّوْحِيدِوَسَدهِ كُلَّ طَرِيقٍ يُوصِلُ إِلَى الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأُمَّةِ يَعْبُدُ الأَوْثَانَ

- ‌الفرق بين الوثن والصنم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّحْرِ

- ‌هل للسحر حقيقة

- ‌ حكم تعلم السحر:

- ‌بَابُ بَيَانِ شيءٍ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ

- ‌«ووجه كون العيافة من السحر:

- ‌حكم تعلم النجوم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الكُهَّانِ وَنَحْوِهِمْ

- ‌سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:

- ‌كتابة أبي جاد على قسمين:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّشرةِ

- ‌ حل السحر بالسحر

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَيُّرِ

- ‌ الجمع بين حديث: «لَا عَدْوَى» وحديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ»

- ‌الفرق بين الطيرة والفأل:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّنْجِيمِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌أقسام المحبة:

- ‌ بواعث حب الله

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌الخوف من غير الله ينقسم إلى أربعة أقسام:

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [

- ‌بَابٌ مِنَ الإِيمَانِ باللهِ الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ الله

- ‌الصبر ثلاثة أنواع:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ

- ‌ حكم العبادة إذا خالطها الرياء

- ‌ الشركُ الخَفِيُّ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ إِرَادَةُ الإِنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا

- ‌ فعل الإنسان للعمل الصالح بقصد الدنيا هو من الشرك الأصغر

- ‌بَابُ مَنْ أَطَاعَ العُلَمَاءَ وَالأُمَرَاءَ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهأَوْ تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَه فَقَدْ اتَّخَذَهُمْ أَرْبَابًا

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ

- ‌بَابُ مَنْ جَحَدَ شيئًا مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ

- ‌ حكم من جحد شيئًا من الأسماء والصفات

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}

- ‌ حكم قول القائل: (لولا فلان لم يكن كذا):

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

- ‌ الحلف بصفات الله

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَقنَعْ بِالْحَلِفِ بالله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»

- ‌بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ

- ‌بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضي القُضَاةِ وَنَحْوِهِ

- ‌بَابُ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ الله تَعَالَى وَتَغْيِيِرِ الاسْمِ لأَجْلِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ مَنْ هَزَلَ بِشيءٍ فِيهِ ذِكْرُ الله أَو القُرْآنِ أَو الرَّسُولِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}

- ‌بَابٌ لا يُقَالُ السَّلامُ عَلَى الله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ»

- ‌بَابٌ لا يَقُولُ: «عَبْدِي وَأَمَتِي»

- ‌بَابٌ لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ

- ‌بَابٌ لا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلَاّ الجَنَّةُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي اللَوْ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُنْكِري القَدَرِ

- ‌تعريف القدر:

- ‌مراتب القدر:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي المُصَوِّرِينَ

- ‌ اقتناء الصور على أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ الحَلِفِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِمَّةِ الله وَذِمَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الإِقْسَامِ عَلَى الله

- ‌بَابٌ لا يُسْتَشْفَعُ بِاللهِ عَلَى خَلْقِهِ

- ‌ تحريم الاستشفاع بالله على خلقه

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَى التَّوْحِيدِوَسَدِّهِ طُرُقَ الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

الفصل: ‌ الجمع بين حديث: «لا عدوى» وحديث: «فر من المجذوم»

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ» . أَخْرَجَاهُ، زَادَ مُسْلِمٌ:«وَلَا نَوْءَ، وَلَا غُولَ» .

---------------------------------•

حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين (1)، كما أشار المؤلف.

قوله: «لَا عَدْوَى» : هذا حمله العلماء على أحد وجهين:

الأول: أن المقصود بذلك إضافة الأشياء إلى القدر: أي لا يعدي شيءٌ شيئًا بذاته مستقلًا عن قدر الله، بل كل ذلك يجري بقدر الله وقضائه.

والثاني: أن هذا مخصوص، ويراد به شيء دون شيء: أي لا عدوى إلا من الجذام والبرص والجرب، فهذه هي التي تكون فيها العدوى دون سواها.

والصواب القول الأول (2).

كيف‌

‌ الجمع بين حديث: «لَا عَدْوَى» وحديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ»

؟

قال البيهقي وابن الصلاح، وابن القيم، وابن رجب، وابن مفلح وغيرهم: إن قوله: «لا عَدْوَى» أي: على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وأن هذه الأمراض تعدي بطبعها.

وأمَّا حديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ» فهو من قبيل الأخذ بالأسباب الشرعية؛ ولهذا قال: «فِرَّ مِن المجْذُومِ، كَمَا تَفِرُّ مِن الْأَسَدِ» (3).

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 135) رقم (5757) من طريق أبي صالح،

وأخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1743) رقم (2220) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن،

كلاهما: (أبو صالح، وأبو سلمة بن عبد الرحمن) عن أبي هريرة مرفوعًا.

(2)

ينظر: معالم السنن للخطابي (4/ 233)، وشرح صحيح البخاري لابن بطال (9/ 410).

(3)

أخرجه البخاري (5/ 2158) رقم (5380).

ص: 302

وقال: «لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» (1)، وقال في الطاعون:«فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلَا يَقْدَمَنَّ عَلَيْهِ» (2)، وكل ذلك بتقدير الله تعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم:«فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ » يشير إلى أن الأول إنما جرِب بقضاء الله وقدره.

فيكون أمره بالفرار من المجذوم ونهيه عن إيراد الممرض على المصح، وعن الدخول إلى موضع الطاعون، من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى، وجعلها أسبابًا للهلاك والأذى، والعبد مأمور باتقاء أسباب الشر إذا كان في عافية، فكما أنه يؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء أو في النار أو تحت الهدم أو نحو ذلك، فكذلك يشرع له اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم، وقدوم بلد الطاعون؛ فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف، والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها لا خالق غيره.

«وَلَا طِيَرَةَ» : الطيرة من التطير وهي معروفة، وقد مرت معنا سابقًا.

«وَلَا هَامَةَ» : (الهامة): هو طائر كبير يضعف بصره بالنهار، ويطير بالليل، ويصوت فيه، ويقال له: بوم، والعرب يتشاءمون بصوته، ويسمونه:(الصَّدَى)

وكانوا يقولون: إن روح القتيل الذي لا يدرك ثأره يصير هامة، وتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أدرك ثأره طارت (3).

(1) أخرجه مسلم (4/ 1743) رقم (2221).

(2)

أخرجه البخاري (6/ 2557) رقم (6573)، ومسلم (4/ 1737) رقم (2218).

(3)

ينظر: الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 190)، وتحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (3/ 182).

ص: 303

«وَلَا صَفَرَ» : (صفر): قيل: هو حية في بطن الإنسان تعتقد العرب أنها تعض الإنسان إذا جاع وتؤذيه، وذلك مذكور في أشعارهم، وقيل المقصود بذلك: أنهم كانوا يتشاءمون بدخول صفر؛ فيحلونه عامًا، ويحرمونه عامًا، وهذا أقرب الأقوال (1).

«وَلَا نَوْءَ» : الأنواء هي منازل القمر، وهي ثمانية وعشرون نجمًا، وكانت العرب يعتقدون عند كل نوء حصول أحداث معينة كالمطر والريح ونحو ذلك، فأبطل الإسلام هذا المعتقد (2).

«وَلَا غُولَ» : (الغُول): واحد الغِيلان، وهي جنس من الجن والشياطين، كانت العرب تزعم أنها تظهر للناس في الفَلَوات، فتفزعهم، وتضلهم عن الطريق، وتهلكهم، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأبطله (3).

إشكال وجوابه:

جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ» (4) فما المراد بذلك؟

الجواب من وجوه:

(1) ينظر: الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 190)، وتحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (3/ 182)، وشرح المشكاة للطيبي (9/ 2980).

(2)

ينظر: شرح المشكاة للطيبي (9/ 2980)، وتحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (3/ 183).

(3)

ينظر: شرح المشكاة للطيبي (9/ 2981)، وكشف المشكل لابن الجوزي (3/ 93).

(4)

أخرجه البخاري (3/ 1049) رقم (2703)، ومسلم (4/ 1746) رقم (2225).

ص: 304

«وَلَهُمَا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله? : «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، ..

---------------------------------•

الوجه الأول: أن معنى الحديث إن كان الشؤم في شيء حقًّا فهو في هذه الثلاث، باعتبار أن النفوس البشرية يقع منها التشاؤم بهذه الأشياء أكثر من غيرها.

وقد جاء ذلك صريحًا في حديث عن ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالمَرْأَةِ، وَالفَرَسِ» (1).

الوجه الثاني: «إخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم في هذه الثلاثة، ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها الله، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق أعيانًا منها مشؤومة على من قاربها وسَكَنها، وأعيانًا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر» (2).

ومناسبة الحديث للباب: أنه جاء في الحديث النهي عن الطيرة، وإبطالها، وبيان أنها معتقد جاهلي، مبني على تعليق القلب بغير الله، وهذا من الشرك بالله عز وجل (3).

«وَلَهُمَا» أي البخاري ومسلم (4):

«لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ» : مَرَّ معنا شرح معنى العدوى والطيرة في الحديث السابق.

(1) أخرجه البخاري (7/ 8) رقم (5094)، ومسلم (4/ 1748) رقم (2225).

(2)

مفتاح دار السعادة (2/ 257).

(3)

ينظر: إعانة المستفيد (2/ 10)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (229).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 139) رقم (5776)، ومسلم في صحيحه (4/ 1746) رقم (2224) عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وقرن البخاري مع محمد بن بشار (محمد بن المثنى).

ص: 305