الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا، قَالَ الله تَعَالَى:«أَنَا أَغْنَى الشركَاءِ عَنِ الشركِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشركَ مَعِيَ فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشركَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
•---------------------------------•
{فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} وهو ما كان موافقًا لشرع الله، مقصودًا به وجهه.
{وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} أن لا يرائي بعمله، بل لا بد أن يريد به وجه الله وحده لا شريك له.
وخلاصة دلالة الآية: أن العمل لا يقبل إلا إذا كان خاليًا من الشرك، ومن الشرك الرياء، فهو نوع من أنواع الشرك، والعبادة لا تصح إذا خالطها الرياء.
«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا
…
» الحديث عند مسلم، كما ذكر المصنف (1).
وقوله: «أَنَا أَغْنَى الشركَاءِ عَنِ الشركِ» لَمَّا كان المرائي قاصدًا بعمله الله تعالى وغيره، كان قد جعل لله تعالى شريكًا.
«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشركَ مَعِيَ فِيهِ غَيْرِي» أي: من قصد بذلك العمل الذي يعمله لوجهي غيري من المخلوقين.
«تَرَكْتُهُ وَشركَهُ» وفي رواية لابن ماجه: «فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ» (2). والمعنى: تركته عن نظر الرحمة وتركت عمله المشترك عن درجة القبول.
وما
حكم العبادة إذا خالطها الرياء
؟
الجواب: أن مخالطة الرياء للعبادة تأتي على ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس من الأصل، كمن قام يصلي من أجل مراءاة الناس ولم يقصد وجه الله؛ فهذا شرك والعبادة باطلة.
(1) صحيح مسلم (4/ 2289) رقم (2985).
(2)
رواه ابن ماجه (2/ 1405) رقم (4202)، وغيره.
الثاني: أن يكون مشاركًا للعبادة في أثنائها، بمعنى أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله ثم يطرأ الرياء في أثناء العبادة.
فإن كانت العبادة لا ينبني آخرها على أولها؛ فأولها صحيح بكل حال، والباطل آخرها.
مثال ذلك: رجل عنده مائة ريال قد أعدها للصدقة، فتصدق بخمسين مخلصًا وراءى في الخمسين الباقية؛ فالأولى حكمها صحيح، والثانية باطلة.
أمَّا إذا كانت العبادة يبنى آخرها على أولها؛ فهي على حالين:
أ) أن يدافع الرياء ولا يسكن إليه، بل يعرض عنه ويكرهه؛ فإنه لا يؤثر فيه شيئًا.
مثال ذلك: رجل قام يصلي ركعتين مخلصًا لله، وفي الركعة الثانية أحس بالرياء فصار يدافعه؛ فإن ذلك لا يضره ولا يؤثر في صلاته شيئًا.
ب) أن يطمئن إلى هذا الرياء ولا يدافعه؛ فحينئذ تبطل جميع العبادة؛ لأن آخرها مبنى على أولها ومرتبط به.
مثال ذلك: رجل قام يصلي ركعتين مخلصًا لله، وفي الركعة الثانية طرأ عليه الرياء لإحساسه بشخص ينظر إليه، فاطمأن لذلك ونزع إليه؛ فتبطل صلاته كلها لارتباط بعضها ببعض.
الثالث: ما يطرأ بعد انتهاء العبادة؛ فإنه لا يؤثر فيها شيئًا، اللهم إلَّا أن يكون فيه عدوان؛ كالمنِّ والأذى بالصدقة، فإن هذا العدوان يكون إثمه مقابلًا لأجر الصدقة، وليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته؛ لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة، ولكن قد ينقص الأجر.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ المَسيحِ الدَّجَّالِ؟
•---------------------------------•
ومناسبة الحديث للباب وللتوحيد: أن الرياء نوع من الشرك يبطل العمل الذي خالطه على صاحبه، ولا يقبله الله تعالى.
«وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا» الحديث رواه أحمد كما ذكر المصنف (1)، إسناده ضعيف.
(1) أخرجه أحمد في مسنده (17/ 3354، 355) رقم (11252)، وأحمد بن منيع في مسنده كما في (إتحاف الخيرة المهرة)(1/ 259) رقم (399)، والبزار في مسنده كما في (كشف الأستار)(3/ 149) رقم (2447)، والطبري في تهذيب الآثار (مسند عمر)(2/ 794) رقم (1117)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 35) رقم (1781)، وابن عدي في الكامل (4/ 111)، والبيهقي في شعب الإيمان (9/ 155) رقم (6413) من طريق أبي أحمد الزبيري،
وأبو سعيد الأشج في جزئه ص (231) رقم (115)، وابن ماجه (2/ 1406) رقم (4204)، وحنبل بن إسحاق في الفتن ص (136) رقم (30) من طريق أبي خالد الأحمر،
وابن أبي حاتم في تفسيره كما في (تفسير ابن كثير)(8/ 42) من طريق سفيان بن حمزة،
والحاكم في المستدرك (4/ 365) رقم (7936) من طريق أبي الهيثم سليمان بن عمرو،
أربعتهم (أبو أحمد الزبيري، وأبو خالد الأحمر، وسفيان بن حمزة، وأبو الهيثم) عن كثير بن زيد، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن جده، قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنبيت عنده تكون له الحاجة، أو يطرقه أمر من الليل، فيبعثنا فيكثر المحتسبين، وأهل النوب، فكنا نتحدث فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال:«مَا هَذِهِ النَّجْوَى؟ أَلَمْ أَنْهَكُمْ عَنِ النَّجْوَى» ، قال: قلنا نتوب إلى الله يا نبي الله، إنما كنا في ذكر المسيح فرقا منه، فقال:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمَسِيحِ عِنْدِي؟ » قال: قلنا: بلى، قال:«الشِّرْكُ الْخَفِيُّ: أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ لِمَكَانِ رَجُلٍ» . ولفظه عند البزار مختصر، وليس فيه ذكر الشرك، وهو ضعيف؛ لأن مداره على كثير بن زيد الأسلمي، وهو ضعيف.