الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ الله تَعَالَى وَتَغْيِيِرِ الاسْمِ لأَجْلِ ذَلِكَ
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: تأكيد وجوب احترام أسماء الله تعالى وتعظيمها، والحذر من امتهانها أو احتقارها، أو تسمية غير الله بها (1)، ولزوم تغيير الاسم لأجل احترام أسماء الله تعالى (2).
وعلاقة هذا الباب بالذي قبله: أن كلا البابين يتعلقان بالنهي عن تسمية أحد باسم فيه نوع مشاركة لله تعالى في أسمائه وصفاته كقاضي القضاة، وملك الملوك وحاكم الحكام، وأبي الحكم (3).
وعليه فإن «الفرق بين هذا الباب والذي قبله: أن الذي قبله من باب المنازعة ومن باب مشاركة الرب جل وعلا فيما هو خاص به، وهذا أمره عظيم جدًّا.
(1) وهذا فيما يتعلق بالأسماء التي اختص بها الله وحده. ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (533)، وشرح كتاب التوحيد لابن باز ص (222).
(2)
ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (533)، وحاشية كتاب التوحيد ص (316)، وشرح كتاب التوحيد لابن باز ص (222).
(3)
القول السديد ص (151، 152).
(4)
التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (478).
أما هذا فليس من باب المنازعة؛ لأنه قد يكون غير مقصود، وقد يكون لأمر يفعله الفاعل فيسمى باسم مأخوذ من الفعل كما في هذا الحديث، وقد يكون أيضًا عن قصد حسن، ولكنه ما فهم معنى هذا التكني أو هذا التسمي، فيكون غير آثم حتى يطلع على الحكم، فإذا اطلع على ذلك وجب عليه أن يغير الاسم، تعظيمًا لله جل وعلا واحترامًا لأسمائه، فيكون هذا الباب في الخطورة أقل من الباب الذي قبله.
وأما مناسبة الباب لكتاب التوحيد فظاهرة: إذ إن احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم من أجل ذلك من تمام تحقيق التوحيد (1).
(1) الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (345).
عَنْ أَبِي شريْحٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا الحَكَمِ، ........................
•---------------------------------•
حديث أبي شريح عند أبي داود وغيره، كما ذكر المصنف (1)، وإسناده صحيح.
وأبو شريْحٍ: - بضم الشين وفتح الراء- هو هانئ بن يزيد الكندي، صحابي جاء وافدًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه، وله رواية.
«يُكْنَى أَبَا الحَكَمِ» : أي: ينادى به.
(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص (282) رقم (811) من طريق أحمد بن يعقوب،
وأبو داود في سننه (4/ 289) رقم (4955)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (10/ 244) رقم (20511)، وفي الصغرى (4/ 137) رقم (3274) من طريق الربيع بن نافع،
والنسائي في سننه (8/ 226) رقم (5387)، وفي الكبرى (5/ 403) رقم (5907)، والدولابي في الكنى (1/ 225) رقم (407) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2747) رقم (6547) من طريق قتيبة بن سعيد،
وابن حبان في صحيحه (2/ 257) رقم (504) والحاكم في المستدرك (1/ 74) رقم (61) من طريق يحيى بن يحيى،
والطبراني في المعجم الكبير (22/ 179) رقم (466)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1480) رقم (3749)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 201) من طريق منصور بن أبي مزاحم،
والحاكم في المستدرك (1/ 75) رقم (62)، ومن طريقه البيهقي في الأسماء والصفات (1/ 198) رقم (134) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين،
ستتهم (أحمد بن يعقوب، والربيع، وقتيبة، ويحيى، ومنصور، وأبو نعيم) عن يزيد بن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده شريح، عن أبيه هانئ.
وإسناده صحيح.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (متمم الصحابة) ص (763) رقم (359)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 178) رقم (464) والحاكم في المستدرك (4/ 310) رقم (7741) من طريق قيس بن الربيع،
والطبراني أيضًا في المعجم الكبير (22/ 179) رقم (465) من طريق شريك،
كلاهما (قيس، وشريك) عن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن جده.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ? : «إِنَّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الحُكْمُ» ، فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شيءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ، فَرَضيَ كِلَا الفَرِيقَيْنِ، فَقَالَ: «مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الوَلَدِ؟ ...........................................
•---------------------------------•
«إِنَّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ» : على سبيل الإنكار على أبي شريح (1)، والحَكَم هو من أسماء الله تبارك وتعالى. قال البغوي:«والحَكَم: هو الحاكم الذي إذا حكم لا يرد حكمه، وهذه الصفة لا تليق بغير الله عز وجل» (2).
«وَإِلَيْهِ الحُكْمُ» : يعني أن الحكم إليه لا إلى غيره، فإليه الفصل بين العباد في الدنيا والآخرة (3).
«فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شيءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ» : هذا بيان لسبب تسميته بأبي الحكم، أي: أنا لم أكن نفسي بهذه الكنية، وإنما كنت أحكم بين قومي فكنوني بها (4).
«مَا أَحْسَنَ هَذَا» : الإشارة تعود إلى إصلاحه بين قومه لا إلى تسميته بهذا الاسم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم غيَّره.
وقال بعضهم: ما أحسن هذا! أي: ما ذكرت من وجه الكنية، وهو تفسير ضعيف (5).
(1) إعانة المستفيد (2/ 185).
(2)
شرح السنة (12/ 343).
(3)
تيسير العزيز الحميد ص (534)، والتمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (477).
(4)
تيسير العزيز الحميد ص (535)، القول المفيد (2/ 262).
(5)
ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (535)، القول المفيد (2/ 262).
قَالَ: شريْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ الله، قَالَ: فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ قُلْتُ: شريْحٌ، قَالَ: فَأَنْتَ أَبو شريْحٍ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ.
•---------------------------------•
«شريْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ الله» : الظاهر: أنه ليس له إلا الثلاثة؛ لأن الولد في اللغة العربية يشمل الذكر والأنثى، فلو كان عنده بنات لعدهن (1).
«فَأَنْتَ أَبو شريْحٍ» : أي رعاية للأكبر منهم في التكريم والإجلال، فإن الكبير أولى بذلك (2)، وفي هذا دليل على تقديم الكبير في كل ما كان من باب التكريم.
لماذا غير النبي صلى الله عليه وسلم كنية أبي شريح؟
الجواب: غيره النبي صلى الله عليه وسلم، لأمرين:
الأول: أن الحَكَم هو الله، فإذا قيل: يا أبا الحكم! كأنه قيل: يا أبا الله!
الثاني: أن هذا الاسم الذي جعل كنية لهذا الرجل لوحظ فيه معنى الصفة وهي الحُكم، وأسماء الله إذا لوحظ فيها معنى الصفة، لا يجوز التسمي بها إجماعًا.
وخلاصة دلالة الحديث: وجوب احترام أسماء الله وذلك بتغيير الاسم أو الكنية إذا كان يوهم مشابهة أسماء الله وصفاته (3).
(1) القول المفيد (2/ 262).
(2)
تيسير العزيز الحميد ص (535).
(3)
ينظر: الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (346).