الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن رواية الباب عند المصنف تدل على عكس هذا؛ لأن فيها قيد (فصدقه)، وقد نبهنا أنها ليست في رواية مسلم، ولكن لعل المصنف جمع بين اللفظين لورود كل واحدة منهما في هذا الحديث في رواياته المختلفة، فقد جاء في رواية:«مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» (1). فلذلك قيد المصنف هذا الحديث بهذه اللفظة.
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: «ظاهر الحديث أن مجرد سؤاله يوجب عدم قبول صلاته أربعين يومًا، ولكنه ليس على إطلاقه؛ ف
سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يسأله سؤالًا مجردًا؛ فهذا حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافًا
…
».
القسم الثاني: أن يسأله فيصدقه في دعوى علم الغيب، ويعتبر قوله؛ فهذا كفر لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن
…
القسم الثالث: أن يسأله ليختبره: هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله؛ فهذا لا بأس به، ولا يدخل في الحديث
…
القسم الرابع: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور يتبين بها كذبه وعجزه، وهذا مطلوب، وقد يكون واجبًا» (2).
(1) أخرجه أحمد في المسند (27/ 197) رقم (16638).
(2)
القول المفيد (1/ 533، 534).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
•---------------------------------•
ومناسبة الحديث للباب ولكتاب التوحيد: هو دلالته على بيان حال العرافين، ومَن يسألهم أنه لا تقبل منه صلاة أربعين يومًا وهو واقعٌ في إثمٍ عظيمٍ، بل واقع في الشرك بالله تعالى، وقد يكون أصغر في السؤال المجرد وأكبر في التصديق، وإذا كان هذا حال السائل للعراف فما بالك بالعراف نفسه؟ ! ؛ فلا شك أنه في قمة الشرك والكفر بالله تعالى، وهذا ما قَصَدَه المصنف في تبويبه:(باب ما جاء في الكهان ونحوهم)(1).
«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
…
» الحديث رواه أبو داود وغيره، وضعفه البخاري (2).
(1) ينظر: الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (214)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (239).
(2)
أخرجه الفضل بن دكين في كتاب الصلاة ص (70) رقم (15)، ومن طريقه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 530) رقم (16809)،
وأحمد في المسند (15/ 164) رقم (9290) من طريق عفان،
وأحمد في المسند (16/ 142) رقم (10167)، وابن ماجه في سننه (1/ 209) رقم (639)، والخلال في كتاب السنة (4/ 153) رقم (1401)، وابن بطة في الإبانة (2/ 729، 730) رقم (994) من طريق وكيع،
وإسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 423) رقم (482) من طريق النضر،
والدارمي في سننه (1/ 732) رقم (1176)، والطَّحَاوي في شرح معاني الآثار (3/ 44) رقم (4416)، وفي شرح مشكل الآثار (15/ 429) رقم (6130) من طريق أبي نعيم،
وأبو داود في سننه (4/ 15) رقم (3904) من طريق موسى بن إسماعيل،
وأبو داود في سننه (4/ 15) رقم (3904)، والترمذي في العلل الكبير ص (59) رقم (76)، والنسائي في السنن الكبرى (8/ 201) رقم (8968)، من طريق يحيى،
والترمذي في سننه (1/ 242، 243) رقم (135)، والنسائي في السنن الكبرى (8/ 201) رقم (8968) من طريق بهز بن أسد،
«كَاهِنًا» : الكاهن: هو الذي يُخْبِر بالأمور الغيبية عن الكوائن في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار (1).
«فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ» : أي اعتقد صدقه فيما يدعيه من علم الغيب، ومقدرته على فعل ما لا يقدر عليه إلا الله (2).
«فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» وهذا فيه أقوال:
والترمذي في السنن (1/ 242، 243) رقم (135)، وفي العلل الكبير ص (59) رقم (76)، والنسائي في السنن الكبرى (8/ 201) رقم (8968)، والخلال في كتاب السنة (4/ 97) رقم (1251)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (10/ 164) رقم (14067) من طريق عبد الرحمن ابن مهدي،
وابن الجارود في المنتقى ص (37) رقم (107) من طريق يزيد بن هارون،
والخلال في كتاب السنة (4/ 162، 163) رقم (1427)، وابن بطة في الإبانة (2/ 737، 738) رقم (1014) من طريق أبي كامل مظفر بن مدرك،
والخلال في كتاب السنة (4/ 97) رقم (1252)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 209) رقم (795)، والعقيلي الضعفاء (1/ 317)، من طريق رَوْح،
والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 321) رقم (14124) من طريق إبراهيم بن الحجاج،
كلهم عن حماد بن سلمة، عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والحديث فيه: أبو تميمة الهجيمي وهو طريف بن مجالد: لم يسمع من أبي هريرة.
قال البخاري في التاريخ الكبير (3/ 17): «هذا حديث لا يُتَابَع عليه، ولا يُعْرَف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة» .
ولذلك قال الترمذي في العلل ص (59): «سألتُ محمدًا-يعني محمد بن إسماعيل البخاري- عن هذا الحديث، فلم يعرفه إلا من هذا الوجه، وضَعَّفَ هذا الحديث جدًّا» .
(1)
ينظر: معالم السنن (3/ 105)، والمعلم بفوائد مسلم (2/ 291).
(2)
ينظر: فيض القدير (6/ 23)، والتيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 385) كلاهما للمناوي، والتنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني (10/ 21).
القول الأول: كفر دون كفر: وأصحابه قالوا: هذا الذي يتعين جمعًا بين النصوص؛ فإن قوله: «لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» يدل على أنه لم يخرج من الإسلام، والحديث الآخر:«فقد كفر بما أنزل على محمد» يدل على مطلق الكفر؛ فدل ذلك على أن المقصود بالكفر هنا الكفر الأصغر، وليس الكفر الأكبر المخرج من الملة (1).
القول الثاني: هذا من أحاديث الوعيد التي يتوقف فيها:
وهذا القول قال عنه سليمان بن عبد الوهاب: باطل (2)، وقال شيخنا ابن عثيمين: ضعيف (3).
القول الثالث: كفر أكبر مخرج من الملة: وأصحابه قالوا: هذا ظاهر الحديث؛ ولأن من صدق الكهان فقد كذب بالقرآن، ولا يجتمع التصديق بالقرآن والتصديق بالكهانة؛ لأن الله أبطل الكهانة، وأخبر أنها من عمل الشياطين، فمن صدقها وصوبها كان كافرًا بالله كفرًا أكبر (4).
وأُجِيبَ أن هذا القول فيه نظر من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: قوله عليه الصلاة والسلام: «لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» يدل على أنه لم يكفر الكفر الأكبر، ولو كان الكفر الأكبر لم يحد عدم قبول صلاته بتلك المدة من الأيام.
(1) ينظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (321، 322).
(2)
ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (350).
(3)
التعليق على صحيح مسلم (2: 217).
(4)
ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 20)، والقول المفيد (1/ 539).
الوجه الثاني: لا شك أن ادعاء علم الغيب أو تصديق أحد ممن يدعي علم الغيب كفر أكبر، ولكن تصديق الكاهن فيه شبهة؛ لأنه يخبر بالأمور المغيبة فيما صدق فيه عن طريق استراق الجن للسمع، يأتي الآتي إلى الكاهن ويقول: أنا أصدقه فيما أخبر من الغيب؛ لأنه قد جاءه علم ذلك الغيب (1).
الوجه الثالث: أنه جاء في نص الحديث: «أو أتى حائضًا في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد» ، وإتيان الحائض ليس بكفر مخرج عن الملة بالاتفاق؛ فثبت أن الكفر هنا كفر أصغر.
القول الرابع: قيل: هذا على التشديد والتأكيد، أي: قارب الكفر والمراد كفر النعمة، قال الترمذي:«وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ» (2)، وهذا القول قال عنه صاحب التيسير: باطل (3).
القول الخامس: وهو الأقرب: القول بالتفصيل كما يلي:
إن صدق الكاهن بدعوى أنه يعلم الغيب الذي تفرد الله بعلمه، فهذا تكذيب بالقرآن؛ لأن الله يقول:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65]، ففي هذه الحال يكون كفرًا أكبر.
أما إذا أتاه ولم يصدقه في دعوى علم الغيب والمستقبل، أو صدقه بما خفي عليه وليس هو من علم الغيب كأن يصدقه بما يخبر به من الوقائع التي وقعت مما خفي علمها على السائل، فهذا محرم لكن لا يلزم منه الكفر الأكبر، بل هو كفر دون كفر، والله أعلم.
(1) ينظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (322).
(2)
سنن الترمذي (1/ 199).
(3)
ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (350).
وَلِلأَرْبَعَةِ وَالحَاكِمِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شرطِهِمَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:«مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» .
•---------------------------------•
قوله: «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا» هذا الحديث سبق شرحه مفصلًا في الكلام السابق.
وكلمة «عَرَّافًا» التي من أجلها ساق المصنف الحديث مرة ثانية غير موجودة في السنن الأربعة، وإنما هي عند الحاكم وغيره، والحديث صحيح (1).
(1) ليست عند أبي داود (4/ 15) رقم (3904)، ولا الترمذي (1/ 243) رقم (135)، ولا ابن ماجه (1/ 209) رقم (639)، والنسائي لم يروه في سننه الصغرى المشهورة، وهي المقصودة عند الإطلاق، والحديث أخرجه في السنن الكبرى (8/ 201) رقم (8968)، ولم يذكر اللفظ أيضًا.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 434) رقم (503) من طريق النضر،
وأحمد في مسنده (15/ 331) رقم (9536)، والخلال في كتاب السنة (4/ 153) رقم (1400)، وابن بطة في الإبانة (2/ 729) رقم (993) من طريق يحيى بن سعيد،
والخلال في كتاب السنة (4/ 152) رقم (1398)، وابن بطة في الإبانة (2/ 728، 729) رقم (992)، والحاكم في المستدرك (1/ 49) رقم (15)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 233) رقم (16496) من حديث رَوْح بن عبادة،
ثلاثتهم (النضر، ويحيى بن سعيد، ورَوْح بن عبادة) عن عوف، عن خِلَاس، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقرن الحاكم والبيهقي مع خِلَاس (محمد بن سيرين)، وقرن أحمد مع أبي هريرة (الحسن البصري) وهو بهذا السند مرسل، ينظر: إطراف المسند المعتلي لابن حجر (7/ 166).
والحديث قال فيه الحاكم في المستدرك (1/ 49): «حديث صحيح على شرطهما» ، ووافقه الذهبي، وقال شعيب الأرناؤوط ومجموعته في تحقيق سنن ابن ماجه (1/ 405):«إسناده صحيح» ، وقال الحافظ العراقي في أماليه:«حديث صحيح» ، وقال الذهبي:«إسناده قوي» ، كما نقله عنهما المناوي في فيض القدير (6/ 23).
وَلأَبِي يَعْلَى بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ مَوْقُوفًا.
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصينٍ مَرْفُوعًا: ......................................
•---------------------------------•
«وَلأَبِي يَعْلَى بِسَنَدٍ جَيِّدٍ» : أثر ابن مسعود رواه أبو يعلى وغيره (1)، قال ابن حجر:«أخرجه أبو يعلى من حديث بن مسعود بسند جيد، لكن لم يصرح برفعه، ومثله لا يقال بالرأي» (2).
ومناسبة هذا الأثر والذي قبله للباب: أن فيهما بيان حكم إتيان الكُهَّان وتصديقهم فيما يقولون، وهو الكفر بالله عز وجل، فإذا كان هذا حال المصدق بهم فما بالك بالكهان أنفسهم؟ ! ، لا شك أنهم في شركٍ وكفرٍ عظيم.
قوله: «وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصينٍ مَرْفُوعًا» الحديث رواه البزار وغيره (3)، وإسناده جيد.
(1) أخرجه الطيالسي في مسنده (1/ 300) رقم (381)، وابن الجعد في مسنده ص (77) رقم (425)، وابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 42) رقم (23528)، وص (289) رقم (1953)، وأبو يعلى في مسنده (9/ 280) رقم (5408)، والخلال في كتاب السنة (4/ 117) رقم (1302)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 76) رقم (10005)، والأوسط (2/ 123) رقم (1453)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (6/ 1102) رقم (1900)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 233) رقم (16497).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 118): «ورجال الكبير والبزار ثقات» .
(2)
فتح الباري (10/ 217).
(3)
أخرجه البزار في مسنده - البحر الزخار (9/ 52) رقم (3578) من طريق شيبان،
والدولابي في الكنى والأسماء (3/ 1188) رقم (2083) -دون قوله: «وَمَنْ أَتَى» إلى آخر الحديث-من طريق أبي يحيى عيسى بن إبراهيم،
•---------------------------------•
«لَيْسَ مِنَّا» : ظاهره: ليس منا: ليس من أهل الملة (1)، وتأوله بعضهم بقوله:«ليس يفعل ذلك من هو من أشياعنا، العاملين باتباعنا، المقتفين لشرعنا» (2).
وهذا اللفظ فيه وعيد شديد يدل على أنه من الكبائر (3).
«مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ» : (من تطير) أي: فعل الطيرة (أو تطير له)، أي: قبل قول المتطير له وتابعه، أوأمر من يتطير له (4).
«أَوْ تَكَهَّنَ، أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ» : «(تكهن): يعني ادعى علم الغيب وادعى أنه كاهن، أو أخبر بأمور من المغيبة يخدع من رآه بأنه كاهن» (5). و (تكهن له): الذي يأتي الكاهن ويصدقه ويتابعه (6).
كلاهما (شيبان، وأبو يحيى عيسى بن إبراهيم) عن أبي حمزة العطار إسحاق بن الربيع، عن الحسين بن عمران بن حصين، عن عمران بن حصين رضي الله عنه.
(1)
ينظر: فوائد من شرح كتاب التوحيد ص (83).
(2)
تيسير العزيز الحميد ص (351).
(3)
يراجع: فتح المجيد ص (297)، والتوضيح الرشيد ص (229).
(4)
يراجع: تيسير العزيز الحميد ص (351)، وفتح المجيد ص (297).
(5)
ينظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (323).
(6)
فتح المجيد ص (297).
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي (الأَوْسَطِ) بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، دُونَ قَوْلِهِ:«وَمَنْ أَتَى» إِلَى آخِرِهِ.
قَالَ البَغَوِيُّ: العَرَّافُ: الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الأُمُورِ بِمُقَدِّمَاتٍ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى المَسروقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ الكَاهِنُ، وَالكَاهِنُ: هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ عَنِ المُغَيَّبَاتِ فِي المُسْتَقْبَلِ، وَقِيلَ: الَّذِي يُخْبِرُ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ.
•---------------------------------•
«أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ» : (سَحَرَ): أي فعل السحر، «(أو سُحِرَ له): أي: طلب من الساحر أن يسحر له، ومنه النشرة عن طريق السحر؛ فهي داخلة فيه» (1).
«مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي والتغليظ عن فعل الكهانة ونحوها وتصديق أهلها» (2).
قوله: «وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي (الأَوْسَطِ)» هذا الحديث في المعجم الأوسط كما قال المصنف (3).
«قَالَ البَغَوِيُّ: العَرَّافُ: الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الأُمُورِ بِمُقَدِّمَاتٍ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى المَسروقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ
…
»: هذا شروع من المصنف في تعريف العراف الوارد في الطريق الثاني من حديث أبي هريرة السابق.
(1) القول المفيد (1/ 543).
(2)
الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (218).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 302، 303) رقم (4262) من طريق يحيى بن الفضل الخرقي،
والضياء المقدسي في المختارة (11/ 403، 404) رقم (426) من طريق أبي هشام،
كلاهما (يحيى بن الفضل الخرقي، وأبو هشام) عن أبي عامر العقدي، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وَهْرَام، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وفيه زمعة بن صالح، وهو ضعيف.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: العَرَّافُ اسْمٌ لِلْكَاهِنِ وَالمُنَجِّمِ وَالرَّمَّالِ وَنَحْوِهِمْ، مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي مَعْرِفَةِ الأُمُورِ بِهَذِهِ الطُّرُقِ.
•---------------------------------•
وقصده بيان أن العرافة هي ضرب من ضروب الكهانة، وبالتالي: إما هما بمعنى واحد أو بينهما عموم وخصوص.
وكلام البغوي هذا قاله في كتابه شرح السنة، وهو منقول عنه بتصرف (1).
وقد سبق تعريف العراف، وهو بمعنى تعريف البغوي.
قال سليمان بن عبد الله رحمه الله: «هذا تفسير حسن، وظاهره يقتضي أن العراف هو الذي يخبر عن الواقع كالمسروق والضالة، وأحسن منه كلام شيخ الإسلام: أن العراف اسم للكاهن والمنجم والرمَّال ونحوهم، كالحازر الذي يدعي علم الغيب أو يدعي الكشف» (2)، وسيأتي.
«وَقِيلَ: هُوَ الكَاهِنُ، وَالكَاهِنُ: هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ عَنِ المُغَيَّبَاتِ فِي المُسْتَقْبَلِ، وَقِيلَ: الَّذِي يُخْبِرُ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ» : هذا من كلام المصنف، وليس من كلام البغوي.
«وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: العَرَّافُ اسْمٌ لِلْكَاهِنِ وَالمُنَجِّمِ وَالرَّمَّالِ وَنَحْوِهِمْ
…
»: من خلال تعريف شيخ الإسلام للعراف نجد أنه يجعل العرافة أعم من الكهانة، فيدخل فيها الكهانة والتنجيم والرمل ونحو ذلك.
وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية موجود في مختصر الفتاوى المصرية للبعلي بتصرف يسير جدًّا (3).
(1) شرح السنة (12/ 182).
(2)
تيسير العزيز الحميد ص (352).
(3)
مختصر الفتاوى المصرية للبعلي ص (152).