الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ
عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله? : «مَنْ سَأَلَ بالله فَأَعْطُوهُ،
…
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: «أنه إذا أدلى على الإنسان أحد بحاجة وتوسل إليه بأعظم الوسائل، وهو السؤال بالله، أن يجيبه احترامًا وتعظيمًا لحق الله، وأداء لحق أخيه حيث أدلى بهذا السبب الأعظم» (1).
وعلاقة هذا الباب بكتاب التوحيد: من وجهين:
الوجه الأول: أن في عدم إعطاء من سأل بالله عدم إعظامٍ لله، وعدم إجلالٍ له؛ وذلك يُخلُّ بالتوحيد.
الوجه الثاني: أن الذي صُنِعَ له معروف يكون في قلبه نوع تذلل وخضوع لصانع المعروف، وهذا ينافي التوحيد، وتخليص القلب من ذلك يكون بالمكافأة على المعروف (2).
قوله: «عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه» الحديث عند أبي داود والنسائي وغيرهما (3)، وإسناده صحيح.
(1) القول السديد ص (190)، وقارن بتيسير العزيز الحميد ص (570).
(2)
ينظر: الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (372)، التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (525).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 439) رقم (10796)، و (4/ 447) رقم (21987)، والحسين بن حرب في البر والصلة ص (129) رقم (255)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 418) رقم (13539)، ورقم (13540) من طريق ليث،
وأبو داود في سننه (2/ 128) رقم (1672)، والنسائي في سننه (5/ 82) رقم (2567)، وفي السنن الكبرى (3/ 65) رقم (2359)، والبخاري في الأدب المفرد ص (85) رقم (216)، وعبد بن حميد في مسنده (المنتخب) ص (256) رقم (806)، وابن حبان في صحيحه (8/ 199) رقم (3408)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 397) رقم (13465)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 334) رقم (7890)، والآداب ص (79) رقم (197)، وشعب الإيمان (5/ 173) رقم (3260)، و (11/ 374) رقم (8694) من طريق الأعمش، =
وَمَنِ اسْتَعَاذَ بالله فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
•---------------------------------•
«مَنْ سَأَلَ بالله فَأَعْطُوهُ» : أي من سألكم بالله أو بوجه الله أن تفعلوا كذا أو تعطوه كذا، فأجيبوه على ذلك ما لم يكن إثمًا أو قطيعة رحم (1).
«وَمَنِ اسْتَعَاذَ بالله فَأَعِيذُوهُ» : أي: من سألكم بالله أن تدفعوا عنه شركم أو شر غيركم، كقوله: بالله عليك أن تدفع عني شر فلان أو شرَّك، أعوذ بالله من شرِّك أو شر فلان ونحو ذلك، فأعيذوه، أي: امنعوه مما استعاذ منه وكفوه عنه لتعظيم اسم الله تعالى.
ولهذا لما قالت الجونية للنبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله منك قال لها: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ» (2). ولفظ أبي داود: «مَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِالله فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِالله فَأَعْطُوهُ» (3).
= والطبراني في المعجم الكبير (12/ 415) رقم (13530) من طريق العوام بن حوشب،
والطبراني في المعجم الكبير (12/ 401) رقم (13480)، والمعجم الأوسط (4/ 221) رقم (4031)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1514) من طريق حصين بن عبد الرحمن،
أربعتهم (ليث، والأعمش، والعوام، وحصين) عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعًا بألفاظ مختلفة.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (8/ 168) رقم (3375)، و (8/ 200) رقم (3409)، وقاضي المارَسْتان في مشيخته (3/ 1331) من طريق الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن مجاهد، عن ابن عمر، مرفوعًا.
(1)
الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (415).
(2)
أخرجه البخاري 5/ 2012 رقم (4955).
(3)
سنن أبي داود 2/ 750 رقم (5109).
قال شيخنا ابن باز رحمه الله: «فمن استعاذ بالله شُرع أن يعاذ، إذا لم يكن حقًّا عليه، فإن استعاذ بالله، في إسقاط حق عليه، فلا يُعاذ؛ لأن الله أمر بأداء الحقوق» (1).
«وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ» : أي: من دعاكم إلى طعام فأجيبوه؛ لأن هذا من حقوق المسلم على المسلم، ومن أسباب الألفة، وسلامة الصدر، وإكرام الداعي، والحديث أعم من الوليمة، وهو يدل على وجوب إجابة دعوة وليمة العرس وغيرها، ما لم يكن عليكم في ذلك ضرر ديني أو دنيوي (2).
حكم إجابة الدعوة:
قال ابن حجر رحمه الله: «وقد نقل ابن عبد البر ثم عياض ثم النووي الاتفاق على القول بوجوب الإجابة لوليمة العرس، وفيه نظر، نعم المشهور من أقوال العلماء الوجوب» (3).
والمسألة فيها خلاف مشهور ليس هذا موضع بحثه.
«وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ» : أي ينبغي المكافأة على المعروف، وهو من مكارم الأخلاق، وفيه السلامة من البخل وما يذم به (4).
(1) التعليق المفيد ص (245).
(2)
تيسير العزيز الحميد ص (571)، قرة عيون الموحدين ص (234).
(3)
فتح الباري 9/ 242.
(4)
قرة عيون الموحدين ص (234).
المعروف: اسم جامع لكل خير. وقوله: «فَكَافِئُوهُ» ، أي: على إحسانه بمثله أو خير منه (1).
«فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» : يعني من أحسن إليكم أيَّ إحسان فكافئوه بمثله، فإن لم تقدروا فبالغوا في الدعاء له جهدكم حتى تحصل المسألة (2).
وللمكافأة فائدتان:
1.
تشجيع ذوي المعروف على فعل المعروف.
2.
ويكسر بها الإنسان الذل الذي حصل له بصنع المعروف إليه.
فإذا رددت إليه معروفه زال عنك ذلك، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» (3)، واليد العليا هي يد المعطي.
(1) تيسير العزيز الحميد ص (572).
(2)
تيسير العزيز الحميد ص (572).
(3)
أخرجه البخاري 2/ 519 رقم (1362)، ومسلم 2/ 717 رقم (1033).