الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ مِنَ الشركِ النَّذْرُ لِغَيْرِ الله
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: بيان حكم النذر لغير الله تعالى، وأنه من الشرك الأكبر المخرج عن الملة.
ومناسبة هذه الترجمة للباب الذي قبلها: أنه جاء في سياق سرد الأبواب المتعلقة بالشرك الأكبر؛ فلما تكلم في الباب السابق عن الذبح في مكانٍ يذبح فيه لغير الله، الذي هو تكملةٌ لبابٍ سابقٍ له عن الذبح لغير الله ناسب هنا أن يتكلم عن النذر لغير الله، الذي هو نوعٌ آخر من أنواع الشرك الأكبر.
وقوله: «مِنَ الشركِ النَّذْرُ لِغَيْرِ الله» أي: من أنواع الشرك الأكبر النذر لغير الله، وقطع المصنف في الحكم؛ لوضوح ذلك، وصراحة الأدلة فيه.
والنذر في اللغة: الإيجاب والإلزام (1).
وفي الشرع: التزام المكلف شيئًا لم يكن عليه منجزًا أو معلقًا (2).
«والنذر في الأصل مكروه، بل إن بعض أهل العلم يميل إلى تحريمه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وقال: «إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» (3)؛ ولأنه إلزام لنفس الإنسان بما جعله الله في حل منه، وفي ذلك زيادة تكليف على نفسه. ولأن الغالب أن الذي ينذر يندم» (4).
(1) ينظر: كتاب العين (8/ 180)، ومشارق الأنوار (2/ 8).
(2)
ينظر: فتح الباري (11/ 572)، وخلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام ص (352).
(3)
أخرجه البخاري (8/ 141) رقم (6693)، ومسلم (3/ 1261) رقم (1639) من حديث ابن عمر رضي الله عنه، واللفظ لمسلم.
(4)
القول المفيد (1/ 235).
وَقَوْلُ الله تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} الآيَةُ [الإنسان: 17]، وَقَوْلُهُ:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270].
•---------------------------------•
قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} الآيَة قال ابن كثير رحمه الله: «أي: يتعبدون لله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع، وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر» (1).
وما علاقة الآية بالباب؟
الجواب: أن وجه استدلال المؤلف بالآية على أن النذر لغير الله من الشرك: أن الله تعالى أثنى على المؤمنين لوفائهم بنذورهم، وجعله من الأسباب التي بها يدخلون الجنة، ولا يكون سببًا يدخلون به الجنة إلا وهو عبادة، فيقتضي أن صرفه لغير الله شرك.
وقوله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} أي: كل ما تنفقون من نفقة قليلة أو كثيرة، في حق أو باطل، في سر أو علانية، وكل ما تنذرون من نذر في طاعة أو معصية، فإن الله يعلمه، وهو المُطَّلِع على نياتكم، وسوف يجازيكم على ذلك.
ووجه مناسبة الآية للباب: أنَّ الله تعالى أخبر في هذه الآية أنه يعلم كل نفقة تنفق، وكل نذرٍ ينذر، فما كان خيرًا جازى عليه بالثواب الجزيل، وما كان شرًّا جازى عليه بالعقاب الأليم، وترتب الجزاء على هذه الأعمال يدل على أنها من العبادات، وصرف العبادة لغير الله شرك، والنذر أحد هذه العبادات المنصوص عليها في الآية.
(1) تفسير القرآن العظيم (8/ 287).