الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:
{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
الآية.
•---------------------------------•
مقصود الترجمة: تحذير الأمة من الوقوع في بعض الألفاظ المنافية للتوحيد، وهي من الشرك الأصغر، وإن لم يقصد المتكلم بها شركًا أو معنًى باطلًا. مثل قول بعضهم:«ما شاء الله وشئت» ، و «لولا الله وفلان» ، و «أعوذ بالله وبك» ، ونحوها من الألفاظ. وأراد المؤلف أن يوضح أَنَّ هذه الأمور يلزم أن تُنْسَب لله تعالى وحده. وإن أُضِيفَت إلى غيره: يُؤْتَى بعد ذكر الله بكلمة «ثُمَّ» لبيان المقصود الحق في ذلك (1).
ومناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه لَمَّا كان من تحقيق التوحيد الاحتراز من الشرك بالله في الألفاظ، وإن لم يقصد المتكلم بذلك شركًا؛ نَبَّه المؤلف رحمه الله بهذا الباب على ذلك، وبَيَّنَ بعض هذه الألفاظ لِتُجْتَنَب هي وما ماثلها (2).
وأما علاقة هذا الباب بالباب السابق فهو: أن كِلَا البابين يتعلقان بإضافة أمور إلى غير الله لا تنبغي إِلَّا له سبحانه، إما على سبيل التشريك، أو على سبيل الاستقلال، وكل ذلك من الشرك بالله تعالى أكبر كان أو أصغر (3).
(1) ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (508)، وحاشية كتاب التوحيد ص (300).
(2)
ينظر: الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (364)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (324)، والتمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (454).
(3)
ينظر: القول السديد ص (143).
فإن قيل: الآية نزلت في الأكبر، فكيف تحتجون بها على الشرك الأصغر؟
قيل: السلف يحتجون بما أنزل في الأكبر على الأصغر، كما فسرها ابن عباس وغيره فيما ذكره المصنف عنه بأنواع من الشرك الأصغر، وفسرها أيضًا بالشرك الأكبر، وفسرها غيره بشرك الطاعة، وذلك لأن الكل شرك، والقاعدة أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (1).
{فَلَا تَجْعَلُوا} لا ناهية، أي: فلا تجعلوا له أندادًا في العبادة، كما أنكم لم تجعلوا له أندادًا في الربوبية، وأيضًا لا تجعلوا له أندادًا في أسمائه وصفاته.
{أَندَادًا} جمع ند، وهو الشبيه والنظير، والمراد هنا: أندادًا في العبادة (2).
{وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} وأنتم تعلمون أنه ربكم لا يرزقكم غيره ولا يستحق العبادة سواه، ولا ند له يشاركه في فعله (3).
وهذه الآية عامة تشمل اتخاذ الأنداد بالشرك الأكبر، وبما دون ذلك من الشرك الأصغر؛ لأن قوله:(أندادًا) نكرة في سياق النهي فتعم جميع أنواع التنديد، والتنديد منه ما هو مخرج من الملة، ومنه ما لا يخرج من الملة (4)، كما سيأتي.
(1) تيسير العزيز الحميد ص (508).
(2)
القول المفيد (2/ 208).
(3)
الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (363)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (324).
(4)
التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (454) بتصرف.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي الآيَةِ: الأَنْدَادُ هُوَ الشركُ، أَخْفَى مَنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَهُوَ أَنْ تَقُولَ: والله وَحَيَاتِكَ يَا فُلَانُ وَحَيَاتِي، وَتَقُولَ: لَوْلَا كُلَيْبَةُ هَذَا لأَتَانَا اللُّصُوصُ، وَلَولَا البَطُّ فِي الدَّارِ لأَتَى اللُّصُوصُ، وَقَوْلُ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، وَقَوْلُ الرَّجُلِ: لَوْلَا اللهُ وَفُلَانٌ. لَا تَجْعَلْ فِيهَا فُلَانًا، هَذَا كُلُّهُ بِهِ شركٌ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
•---------------------------------•
«قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي الآيَةِ
…
» الأثر رواه ابن أبي حاتم (1) كما قال المصنف، وسنده جيد.
«عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ» الصفاة: هي الصخرة الملساء (2).
«وَلَولَا البَطُّ فِي الدَّارِ» (البط) جمع (بطة) من طير الماء وليست الهاء للتأنيث وإنما هي لواحد من جنس يقال: هذه بطة للذكر والأنثى جميعًا مثل حمامة ودجاجة، وهو يتخذ في البيوت، فإذا دخلها غير أهلها استنكره وصاح (3).
(1) في تفسيره (1/ 62)(1/ 62) رقم (229). قال صاحب التيسير ص (509): «وسنده جيد» .
(2)
ينظر: الصحاح للجوهري (6/ 2401)، ولسان العرب لابن منظور (14/ 464).
(3)
ينظر: مختار الصحاح ص (36)، وحاشية كتاب التوحيد ص (301).
(4)
الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (365).
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الله فَقَدْ كَفَرَ، أَوْ أَشركَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
•---------------------------------•
حديث عمر عند الترمذي والحاكم وغيرهما (1)، وفيه علة خفية، ولكنه قوي بشواهده.
(1) أخرجه أحمد في مسنده (1/ 413) رقم (329)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 297) رقم (826)، والحاكم في المستدرك (1/ 117) رقم (167)، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (1/ 313)، و (1/ 314) رقم (207) من طريق سعيد بن مسروق، عن سعد بن عبيدة، عن ابن عمر، عن عمر، أنه قال: لا وأبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَهْ، إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللهِ، فَقَدْ أَشْرَكَ» .
وقد خالف سعيدَ بنَ مسروق عددٌ من الرواة، فرووه عن ابن عمر من دون ذكر عمر، كما عند أحمد في مسنده (10/ 249) رقم (6072) عن سليمان بن حيان،
والترمذي في جامعه (3/ 162) رقم (1535)، والحاكم في المستدرك (4/ 330) رقم (7814) من طريق أبي خالد الأحمر،
وأبو داود في سننه (3/ 223) رقم (3251) من طريق عبد الله بن إدريس،
وأبو عوانة في مستخرجه (4/ 44) رقم (5967) من طريق فضيل بن سليمان،
وابن حبان في صحيحه (10/ 199) رقم (4358) من طريق عبد الرحيم بن سليمان،
والحاكم في المستدرك (1/ 65) رقم (45)(1/ 117) رقم (169) من طريق جرير بن عبد الحميد،
والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 51) رقم (19829) من طريق مسعود بن سعد،
سبعتهم (سليمان بن حيان، وأبو خالد الأحمر، وعبد الله بن إدريس، وفضيل بن سليمان، عبد الرحيم بن سليمان، وجرير بن عبد الحميد) عن الحسن بن عبيد الله، عن سعد بن عبيدة، سمع ابن عمر رجلًا يقول: والكعبة، فقال: لا تحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر الحديث.
وأخرجه الطيالسي في مسنده (3/ 412) رقم (2008) وابن الجعد في مسنده ص (140) رقم (895)، وأحمد في مسنده (8/ 503) رقم (4904)، والبزار في مسنده (12/ 22) رقم (5390) =