المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌منهجية التميز

- ‌ترجمة موجزةللإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده ونشأته وطلبه للعلم:

- ‌ حال الناس قبل دعوته:

- ‌ ظهور دعوته:

- ‌ الافتراءات والشبهات حول دعوته:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته وآثاره العلمية:

- ‌ مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه:

- ‌ عقيدته ومذهبه:

- ‌ وفاته:

- ‌نبذة تعريفيةبكتاب التوحيد

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌ نسبة الكتاب إلى مؤلفه:

- ‌ تاريخ تأليفه ومكانه:

- ‌ سبب تأليفه:

- ‌ أهميته:

- ‌ ثناء العلماء على الكتاب:

- ‌ موضوع الكتاب:

- ‌ منهج المؤلف في كتابه:

- ‌ عناية العلماء بالكتاب:

- ‌أولًا: الشروح والتعليقات والحواشي:

- ‌ثانيًا: الكتب التي خدمت الكتاب:

- ‌ثالثًا: مختصرات كتاب التوحيد:

- ‌كتاب التوحيد

- ‌ العلاقة بين أقسام التوحيد

- ‌بابُ فَضْلِ التَّوْحِيدِ وَمَا يُكفِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ

- ‌ شروط (لا إله إلا الله)

- ‌بابُ مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ

- ‌ الاسترقاء والكي ليسا بمذمومين

- ‌بَابُ الخَوْفِ مِنَ الشركِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ

- ‌بَابُ تَفْسيرِ التَّوْحِيدِ وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ لُبْسُ الحَلْقَةِ وَالخَيْطِ وَنَحْوِهِمَالِرَفْعِ البَلاءِ أَوْ دَفْعِهِ

- ‌ أحكام الأسباب

- ‌ حكم لبس الحلقة والخيط ونحوهما

- ‌ تغيير المنكر باليد

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ

- ‌الفرق بين الرقى والتمائم

- ‌ سبب النَّهي عن الاستنجاء برجيع الدابة أو العظم

- ‌بَابُ مَنْ تَبَرَّكَ بِشَجَرَةٍ أَوْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِمَا

- ‌ حكم التبرك بالأحجار والأشجار ونحوها

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّبْحِ لِغَيْرِ الله

- ‌«الذبح لغير الله ينقسم إلى قسمين:

- ‌بَابٌ لا يُذبَحُ للهِ بمكانٍ يُذبَح فيه لغير الله

- ‌بابٌ مِنَ الشركِ النَّذْرُ لِغَيْرِ الله

- ‌ هل ينعقد نذر المعصية

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ الاسْتِعَاذَةُ بِغَيْرِ الله

- ‌ حكم الاستعاذة بالمخلوق

- ‌ الفرق بين العياذ واللياذ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ الله أَوْ يَدْعُوَ غَيْرَهُ

- ‌بابقول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}

- ‌السر في الأمر بإنذار الأقربين أولًا

- ‌باب قول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ

- ‌ أنواع العلو

- ‌بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌أقسام الناس في الشفاعة:

- ‌الشفاعة الوارة في القرآن والسنة من حيث الإثبات والنفي نوعان:

- ‌القسم الأول: الشفاعة الخاصة

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية

- ‌بَابُ مَا جَاء أَنَّ سَبَبَ كُفْرِ بَنِي آدَمَوَتَرْكِهِمْ دِينَهُمْ هُوَ الغُلُوُّ فِي الصَّالِحِينَ

- ‌الناس في معاملة الصالحين ثلاثة أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّغْلِيظِ فِيمَنْ عَبَدَ اللهَعِنْدَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ فَكَيْفَ إِذَا عَبَدَهُ

- ‌اتخاذ القبور مساجد، يشمل ثلاثة معان:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الغُلُوَّ فِي قُبُورِ الصَّالِحِينَيُصيرُهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله

- ‌ حكم زيارة النساء للقبور

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايِةِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جَنَابَ التَّوْحِيدِوَسَدهِ كُلَّ طَرِيقٍ يُوصِلُ إِلَى الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأُمَّةِ يَعْبُدُ الأَوْثَانَ

- ‌الفرق بين الوثن والصنم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّحْرِ

- ‌هل للسحر حقيقة

- ‌ حكم تعلم السحر:

- ‌بَابُ بَيَانِ شيءٍ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ

- ‌«ووجه كون العيافة من السحر:

- ‌حكم تعلم النجوم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الكُهَّانِ وَنَحْوِهِمْ

- ‌سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:

- ‌كتابة أبي جاد على قسمين:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّشرةِ

- ‌ حل السحر بالسحر

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَيُّرِ

- ‌ الجمع بين حديث: «لَا عَدْوَى» وحديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ»

- ‌الفرق بين الطيرة والفأل:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّنْجِيمِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌أقسام المحبة:

- ‌ بواعث حب الله

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌الخوف من غير الله ينقسم إلى أربعة أقسام:

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [

- ‌بَابٌ مِنَ الإِيمَانِ باللهِ الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ الله

- ‌الصبر ثلاثة أنواع:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ

- ‌ حكم العبادة إذا خالطها الرياء

- ‌ الشركُ الخَفِيُّ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ إِرَادَةُ الإِنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا

- ‌ فعل الإنسان للعمل الصالح بقصد الدنيا هو من الشرك الأصغر

- ‌بَابُ مَنْ أَطَاعَ العُلَمَاءَ وَالأُمَرَاءَ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهأَوْ تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَه فَقَدْ اتَّخَذَهُمْ أَرْبَابًا

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ

- ‌بَابُ مَنْ جَحَدَ شيئًا مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ

- ‌ حكم من جحد شيئًا من الأسماء والصفات

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}

- ‌ حكم قول القائل: (لولا فلان لم يكن كذا):

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

- ‌ الحلف بصفات الله

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَقنَعْ بِالْحَلِفِ بالله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»

- ‌بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ

- ‌بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضي القُضَاةِ وَنَحْوِهِ

- ‌بَابُ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ الله تَعَالَى وَتَغْيِيِرِ الاسْمِ لأَجْلِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ مَنْ هَزَلَ بِشيءٍ فِيهِ ذِكْرُ الله أَو القُرْآنِ أَو الرَّسُولِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}

- ‌بَابٌ لا يُقَالُ السَّلامُ عَلَى الله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ»

- ‌بَابٌ لا يَقُولُ: «عَبْدِي وَأَمَتِي»

- ‌بَابٌ لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ

- ‌بَابٌ لا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلَاّ الجَنَّةُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي اللَوْ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُنْكِري القَدَرِ

- ‌تعريف القدر:

- ‌مراتب القدر:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي المُصَوِّرِينَ

- ‌ اقتناء الصور على أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ الحَلِفِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِمَّةِ الله وَذِمَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الإِقْسَامِ عَلَى الله

- ‌بَابٌ لا يُسْتَشْفَعُ بِاللهِ عَلَى خَلْقِهِ

- ‌ تحريم الاستشفاع بالله على خلقه

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَى التَّوْحِيدِوَسَدِّهِ طُرُقَ الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

الفصل: ‌الصبر ثلاثة أنواع:

قَالَ عَلْقَمَةُ: هُوَ الرَّجُلُ تُصيبُهُ المُصيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الله، فَيَرْضى وَيُسَلِّمُ.

---------------------------------•

أثر علقمة رواه عبد الرزاق وغيره وهو صحيح الإسناد (1).

و«قوله: «هُوَ الرَّجُلُ تُصيبُهُ المُصيبَةُ

» إلى آخره. هذا تفسير للإيمان المذكور في الآية، لكنه تفسير باللازم وهو صحيح؛ لأن هذا اللازم للإيمان الراسخ في القلب» (2).

و«مناسبة الأثر للباب: حيث دل الأثر على أن علقمة رحمه الله تعالى يرى أن الصبر على المصائب والتسليم من علامات الإيمان» (3).

و‌

‌الصبر ثلاثة أنواع:

أحدها: الصبر على أقدار الله، قال تعالى:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الطور: 48].

(1) أخرجه وكيع في (نسخته عن الأعمش) ص (59) رقم (5) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 110) رقم (7133)، وشعب الإيمان (23/ 12) رقم (9503)،

وعبد الرزاق في تفسيره (3/ 314) رقم (3227) والطبري في تفسيره (23/ 421) من طريق سفيان بن عيينة،

وابن أبي الدنيا في الرضا عن الله بقضائه ص (47) رقم (7) من طريق أبي معاوية،

والطبري في تفسيره (23/ 12) من طريق أحمد بن بشير،

والطبري في تفسيره أيضًا (23/ 12) من طريق سفيان الثوري،

خمستهم (وكيع، وابن عيينة، وأبو معاوية، وأحمد بن بشير، والثوري) عن الأعمش عن أبي ظبيان، قال:«كُنَّا نَعْرِضُ الْمَصَاحِفَ عِنْدَ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ فَمَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: 11] قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنْهَا فَقَالَ: هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ» .

والأثر صحيح الإسناد، قال صاحب التيسير ص (442):«وهو صحيح» .

(2)

تيسير العزيز الحميد ص (442).

(3)

الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (315).

ص: 364

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ» .

---------------------------------•

وهو الذي عناه علقمة.

والنوع الثاني: الصبر على طاعة الله، كما قال تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132].

والنوع الثالث: الصبر عن معصية الله.

«وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ» الحديث في صحيح مسلم (1) كما ذكر المصنف.

«هُمَا» أي الاثنتان.

«بِهِمْ كُفْرٌ» أي: هما بالناس، أي: فيهم كفر.

«الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ» أي: عيبه، ويدخل فيه أن يقال: هذا ليس ابن فلان مع ثبوت نسبه في ظاهر الشرع ذكره بعضهم.

«وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ» أي: رفع الصوت بالندب بتعديد شمائله لما في ذلك من التسخط على القدر والجزع المنافي للصبر، وذلك كقول النائحة: واعضداه، واناصراه، واكاسياه ونحو ذلك (2).

ومناسبة الحديث للترجمة: تظهر في الشاهد من الحديث، وهو قوله:«وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ» ؛ حيث دَلَّ الحديث على تحريم النياحة؛ لأن فيها الجزع والتسخط بالفعل كلطم الخدود وشق الجيوب، وباللسان بالتشكي والعويل والصراخ والولولة.

(1)(1/ 82) رقم (67).

(2)

تيسير العزيز الحميد ص (443).

ص: 365

وَلَهُمَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضربَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» .

---------------------------------•

وكل ذلك من التسخط المنافي للصبر على أقدار الله تعالى، ومن الكفر الأصغر المضاد للتوحيد (1).

«وَلَهُمَا» : أي: البخاري ومسلم (2).

«لَيْسَ مِنَّا» : هذا من نصوص الوعيد، ومعناه: ليس على سنتنا وطريقتنا (3)، وقد سبق ذكر أقوال أهل العلم في مثل هذا اللفظ.

«مَنْ ضربَ الخُدُودَ» خص الخد بذلك لكونه الغالب في ذلك، وإلَّا فضرب بقية الوجه داخل في ذلك، بل ولو ضرب غير الوجه كالصدر فكما لو ضرب الخد.

فعن أبي أمامة: «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْخَامِشَةَ وَجْهَهَا، وَالشَّاقَّةَ جَيْبَهَا، وَالدَّاعِيَةَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ» (4).

فأمَّا الكلمات اليسيرة إذا كانت صدقًا لا على وجه النوح والتسخط فلا تحرم، ولا تنافي الصبر الواجب.

(1) ينظر: حاشية كتاب التوحيد ص (260)، والتمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (393)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (279).

(2)

صحيح البخاري (2/ 82) رقم (1297)، وصحيح مسلم (1/ 99) رقم (103) من طريق الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن ابن مسعود مرفوعًا.

(3)

الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (317).

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 486 رقم (11343)، وابن ماجه 1/ 505 رقم (1585)، وابن حبان 7/ 427 رقم (3156)، وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة 2/ 46.

ص: 366

نصَّ عليه أحمد لما رواه في (مسنده) عن عائشة: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ، وَقَالَ: وَا نَبِيَّاهْ، وَا خَلِيلَاهْ، وَا صَفِيَّاهْ» (1).

وكذلك صح عن فاطمة رضي الله عنها أنها ندبت أباها صلى الله عليه وسلم فقالت: «يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ

» الحديث (2).

واعلم أن الحديث المشروح لا يدل على النهي عن البكاء أصلًا، وإنما يدل على النهي عما يذكر في البكاء من التسخط ونحوه.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: «البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب ولا ينافي الرضى بقضاء الله، بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه» (3).

ويدل لذلك قوله عليه الصلاة والسلام لما مات ابنه إبراهيم: «تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَالله يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ» (4).

«وَشَقَّ الجُيُوبَ» : الجيوب جمع جيب، وهو طوق القميص الذي يدخل منه الرأس، وذلك عند المصيبة تسخطا وعدم تحمل لما وقع عليه.

«وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» : المقصود بالدعوى هنا كل دعوى منشؤها الجهل (5).

(1) المسند 6/ 31 رقم (24075)، أبو يعلى في مسنده رقم (48)، والترمذي في الشمائل رقم (3925).

(2)

أخرجه البخاري 4/ 1619 رقم (4193).

(3)

مجموع الفتاوى 10/ 47.

(4)

أخرجه البخاري 2/ 83 رقم (1303)، ومسلم 4/ 1807 رقم (2315).

(5)

القول المفيد (2/ 116).

ص: 367

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ ......

---------------------------------•

ومناسبة الحديث للباب: هو أن كلمة «لَيْسَ مِنَّا» تدل على أن هذه الأفعال من الكبائر؛ ولهذا فإن ترك الصبر وإظهار التسخط كبيرة من الكبائر، والمعاصي تنقص الإيمان؛ لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ونقص الإيمان ينقص كمال التوحيد، بل إن ترك الصبر مناف لكمال التوحيد الواجب (1).

«وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ

» الحديث رواه الترمذي وغيره (2)، وفي سنده ضعف (3)، وله شواهد يتقوى بها عن عبد الله بن مغفل عند أحمد وابن حبان.

(1) التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (395).

(2)

أخرجه الترمذي في جامعه (4/ 601) رقم (2396)، وأبو يعلى في مسنده (7/ 247) رقم (4254)، وابن عدي في الكامل (4/ 392) وأبو الشيخ الأصبهاني في العوالي ص (153) رقم (4)، والثعلبي في تفسيره (8/ 320)، وابن بشران في أماليه ص (93) رقم (180)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 391) رقم (316)، والبغوي في تفسيره (1/ 400) وشرح السنة (5/ 245) من طريق الليث بن سعد،

والطَّحَاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 292) رقم (2050)، وابن عدي في الكامل (4/ 396) ِ، والحاكم في المستدرك (4/ 651) رقم (8799)، من طريق ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث،

ثلاثتهم (الليث، وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث) عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس، مرفوعًا.

(3)

لأن فيه سعد بن سنان، وقد ضعف. ينظر: ميزان الاعتدال (2/ 121)؛ ولهذا قال الترمذي: «حسن غريب» .

ص: 368

عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشر أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه الترمذي.

---------------------------------•

«عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ» أي: أسرعها بصب البلاء والمصائب عليه.

«فِي الدُّنْيَا» «جزاء لما فَرَط منه من الذنوب، فيخرج منها وليس عليه ذنب يوافى به يوم القيامة، ومن فعل ذلك معه فقد أعظم اللطف به؛ لأن من حوسب بعمله عاجلا في الدنيا خف جزاؤه عليه حتى يكفر عنه بالشوكة يشاكها» (1).

وفي (المسند) وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى الله وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» (2).

قال شيخ الإسلام رحمه الله: «المصائب نعمة؛ لأنها مكفرات للذنوب؛ ولأنها تدعو إلى الصبر» (3).

وقال بعض السلف: «لولا المصائب لوردنا القيامة مفاليس» (4).

«وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشر أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ» فلا تنزل به عقوبة، مع أنه يعصي ويزني ويخالف أوامر الله سبحانه وتعالى، ومع هذا ينعم ويصح في جسمه، ولا يمرض. وهذه علامة شر، من أجل أن تبقى عليه ذنوبه.

(1) فيض القدير (1/ 258).

(2)

أخرجه الترمذي 4/ 602 رقم (2399)، وأحمد 2/ 450 رقم (9810)، وابن حبان في صحيحه 7/ 187 رقم (2924)، والحاكم في المستدرك 4/ 350 رقم (7879)، وقال الترمذي:«حسن صحيح» ، وقال الحاكم:«هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.

(3)

مجموع الفتاوى 17/ 27.

(4)

برد الأكباد عند فقد الأولاد، للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي ص (46).

ص: 369

وَقَالَ النَّبِيُّ? : «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، ......................

---------------------------------•

«حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» يعني: يرجع إلى الله في الدار الآخرة وذنوبه عليه لم يحط عنه منها شيء، فيعذب بها يوم القيامة، فدل هذا على أن صحة الإنسان الدائمة ليست علامة خير (1) على إطلاقها.

ودلالة الحديث على مقصود الترجمة: أن المصائب قد تكون خيرًا للعبد، فهي تعجيل عقوبة له في الدنيا، وتكفير لذنوبه، فهذا أدعى لأن يصبر عليها الإنسان ويحتسبها عند الله عز وجل، ويرجع إلى ربه.

لأن مثل هذه الأحاديث يكون فيها تسلية للعبد المؤمن الذي يصاب بهذه المصائب؛ لأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فعندما يعلم الإنسان أنه أريد به خيرًا بهذه المصيبة يصبر ويحتسب (2).

قوله: «وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ

» هذا الحديث رواه الترمذي وغيره (3)، وحكمه حكم الحديث السابق؛ لأنه جاء بالسند نفسه.

(1) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/ 85).

(2)

ينظر: التوضيح الرشيد ص (306)، والقول المفيد (2/ 118).

(3)

أخرجه الترمذي في جامعه (4/ 601) بعد الحديث رقم (2396)، والبيهقي في الآداب ص (294) رقم (721) من طريق قتيبة بن سعيد،

وابن ماجه (2/ 1338) رقم (4031) من طريق محمد بن رمح،

وأبو العرب الإفريقي في المحن ص (297، 298)، وابن عدي في الكامل (4/ 395)، والبيهقي في شعب الإيمان (12/ 234) رقم (9325) من طريق ابن وهب،

وابن عدي في الكامل (4/ 394)، وابن بشران في أماليه ص (115) رقم (243)، والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 170) رقم (1121) من طريق عيسى بن حماد زغبة،

والشجري في الأمالي (2/ 389) رقم (2871) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير،

ص: 370

وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضي فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ». حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.

---------------------------------•

«إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ» أي: يتقابل عظم الجزاء مع البلاء، فكلما كان البلاء أشد وصبر الإنسان صار الجزاء أعظم.

«وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ» أي: اختبرهم بما يقدر عليهم من الأمور الكونية؛ كالأمراض ونحوها، أو بما يكلفهم به من الأمور الشرعية (1).

«فَمَنْ رَضي فَلَهُ الرِّضَا» أي من رضي بما قضاه الله وقدره عليه من الابتلاء، فله الرضى من الله جزاء وفاقًا.

«وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ» سخط بكسر الخاء والسُّخْط هو الكراهية للشيء، وعدم الرضى به، أي من سخط على الله فيما دبره، فله السخط من الله، وكفى بذلك عقوبة (2).

ومناسبة الحديث للباب: أن فيه بيان علامة محبة الله لعبده وبيان حكمته فيما يُجريه عليه من المكاره (3).

والبغوي في تفسيره (1/ 189)، وفي شرح السنة (5/ 245) رقم (1435) من طريق عبد الله ابن صالح،

ستتهم (قتيبة، وابن رمح، وابن وهب، وعيسى، ويحيى، وعبد الله بن صالح) عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس، مرفوعًا.

وقرن ابن وهب في روايته بالليث (عمرو بن الحارث) كما عند أبي العرب وابن عدي، وقرن به (عمرو بن الحارث، وابن لهيعة) كما عند البيهقي في الشعب.

(1)

القول المفيد على كتاب التوحيد (2/ 120).

(2)

حاشية كتاب التوحيد ص (263).

(3)

الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (281).

ص: 371