المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌منهجية التميز

- ‌ترجمة موجزةللإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده ونشأته وطلبه للعلم:

- ‌ حال الناس قبل دعوته:

- ‌ ظهور دعوته:

- ‌ الافتراءات والشبهات حول دعوته:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته وآثاره العلمية:

- ‌ مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه:

- ‌ عقيدته ومذهبه:

- ‌ وفاته:

- ‌نبذة تعريفيةبكتاب التوحيد

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌ نسبة الكتاب إلى مؤلفه:

- ‌ تاريخ تأليفه ومكانه:

- ‌ سبب تأليفه:

- ‌ أهميته:

- ‌ ثناء العلماء على الكتاب:

- ‌ موضوع الكتاب:

- ‌ منهج المؤلف في كتابه:

- ‌ عناية العلماء بالكتاب:

- ‌أولًا: الشروح والتعليقات والحواشي:

- ‌ثانيًا: الكتب التي خدمت الكتاب:

- ‌ثالثًا: مختصرات كتاب التوحيد:

- ‌كتاب التوحيد

- ‌ العلاقة بين أقسام التوحيد

- ‌بابُ فَضْلِ التَّوْحِيدِ وَمَا يُكفِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ

- ‌ شروط (لا إله إلا الله)

- ‌بابُ مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ

- ‌ الاسترقاء والكي ليسا بمذمومين

- ‌بَابُ الخَوْفِ مِنَ الشركِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ

- ‌بَابُ تَفْسيرِ التَّوْحِيدِ وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ لُبْسُ الحَلْقَةِ وَالخَيْطِ وَنَحْوِهِمَالِرَفْعِ البَلاءِ أَوْ دَفْعِهِ

- ‌ أحكام الأسباب

- ‌ حكم لبس الحلقة والخيط ونحوهما

- ‌ تغيير المنكر باليد

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ

- ‌الفرق بين الرقى والتمائم

- ‌ سبب النَّهي عن الاستنجاء برجيع الدابة أو العظم

- ‌بَابُ مَنْ تَبَرَّكَ بِشَجَرَةٍ أَوْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِمَا

- ‌ حكم التبرك بالأحجار والأشجار ونحوها

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّبْحِ لِغَيْرِ الله

- ‌«الذبح لغير الله ينقسم إلى قسمين:

- ‌بَابٌ لا يُذبَحُ للهِ بمكانٍ يُذبَح فيه لغير الله

- ‌بابٌ مِنَ الشركِ النَّذْرُ لِغَيْرِ الله

- ‌ هل ينعقد نذر المعصية

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ الاسْتِعَاذَةُ بِغَيْرِ الله

- ‌ حكم الاستعاذة بالمخلوق

- ‌ الفرق بين العياذ واللياذ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ الله أَوْ يَدْعُوَ غَيْرَهُ

- ‌بابقول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}

- ‌السر في الأمر بإنذار الأقربين أولًا

- ‌باب قول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ

- ‌ أنواع العلو

- ‌بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌أقسام الناس في الشفاعة:

- ‌الشفاعة الوارة في القرآن والسنة من حيث الإثبات والنفي نوعان:

- ‌القسم الأول: الشفاعة الخاصة

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية

- ‌بَابُ مَا جَاء أَنَّ سَبَبَ كُفْرِ بَنِي آدَمَوَتَرْكِهِمْ دِينَهُمْ هُوَ الغُلُوُّ فِي الصَّالِحِينَ

- ‌الناس في معاملة الصالحين ثلاثة أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّغْلِيظِ فِيمَنْ عَبَدَ اللهَعِنْدَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ فَكَيْفَ إِذَا عَبَدَهُ

- ‌اتخاذ القبور مساجد، يشمل ثلاثة معان:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الغُلُوَّ فِي قُبُورِ الصَّالِحِينَيُصيرُهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله

- ‌ حكم زيارة النساء للقبور

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايِةِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جَنَابَ التَّوْحِيدِوَسَدهِ كُلَّ طَرِيقٍ يُوصِلُ إِلَى الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأُمَّةِ يَعْبُدُ الأَوْثَانَ

- ‌الفرق بين الوثن والصنم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّحْرِ

- ‌هل للسحر حقيقة

- ‌ حكم تعلم السحر:

- ‌بَابُ بَيَانِ شيءٍ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ

- ‌«ووجه كون العيافة من السحر:

- ‌حكم تعلم النجوم:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الكُهَّانِ وَنَحْوِهِمْ

- ‌سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:

- ‌كتابة أبي جاد على قسمين:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّشرةِ

- ‌ حل السحر بالسحر

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَيُّرِ

- ‌ الجمع بين حديث: «لَا عَدْوَى» وحديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ»

- ‌الفرق بين الطيرة والفأل:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّنْجِيمِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌أقسام المحبة:

- ‌ بواعث حب الله

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌الخوف من غير الله ينقسم إلى أربعة أقسام:

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [

- ‌بَابٌ مِنَ الإِيمَانِ باللهِ الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ الله

- ‌الصبر ثلاثة أنواع:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ

- ‌ حكم العبادة إذا خالطها الرياء

- ‌ الشركُ الخَفِيُّ

- ‌بَابٌ مِنَ الشركِ إِرَادَةُ الإِنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا

- ‌ فعل الإنسان للعمل الصالح بقصد الدنيا هو من الشرك الأصغر

- ‌بَابُ مَنْ أَطَاعَ العُلَمَاءَ وَالأُمَرَاءَ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهأَوْ تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَه فَقَدْ اتَّخَذَهُمْ أَرْبَابًا

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ

- ‌بَابُ مَنْ جَحَدَ شيئًا مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ

- ‌ حكم من جحد شيئًا من الأسماء والصفات

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}

- ‌ حكم قول القائل: (لولا فلان لم يكن كذا):

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

- ‌ الحلف بصفات الله

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَقنَعْ بِالْحَلِفِ بالله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»

- ‌بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ

- ‌بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضي القُضَاةِ وَنَحْوِهِ

- ‌بَابُ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ الله تَعَالَى وَتَغْيِيِرِ الاسْمِ لأَجْلِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ مَنْ هَزَلَ بِشيءٍ فِيهِ ذِكْرُ الله أَو القُرْآنِ أَو الرَّسُولِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}

- ‌بَابٌ لا يُقَالُ السَّلامُ عَلَى الله

- ‌بَابُ قَوْلِ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ»

- ‌بَابٌ لا يَقُولُ: «عَبْدِي وَأَمَتِي»

- ‌بَابٌ لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ

- ‌بَابٌ لا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلَاّ الجَنَّةُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي اللَوْ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ

- ‌بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُنْكِري القَدَرِ

- ‌تعريف القدر:

- ‌مراتب القدر:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي المُصَوِّرِينَ

- ‌ اقتناء الصور على أقسام:

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ الحَلِفِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِمَّةِ الله وَذِمَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الإِقْسَامِ عَلَى الله

- ‌بَابٌ لا يُسْتَشْفَعُ بِاللهِ عَلَى خَلْقِهِ

- ‌ تحريم الاستشفاع بالله على خلقه

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَى التَّوْحِيدِوَسَدِّهِ طُرُقَ الشركِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

الفصل: ‌ حكم تعلم السحر:

وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} ،

---------------------------------•

ونقل ابن هبيرة رحمه الله الإجماع على ذلك حيث قال: «أجمعوا على أن السحر له حقيقة إلَّا أبا حنيفة، فإنه قال: لا حقيقة له عنده» (1). وهو قول شاذ.

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} : ضمير الفاعل يعود على متعلمي السحر وهم اليهود؛ لأن الآية في سياق الآيات التي تتحدث عن اليهود، والمعنى: لقد علم هؤلاء اليهود في كتابهم التوراة مَنْ الذي اشترى السحر بكتابي، أي: تعلم السحر، واستحبه، ورضي به عوضًا عن شرع الله ودينه (2).

{مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} : الخلاق هو النصيب الوافر من الخير، أي: ماله يوم القيامة نصيب من الجنة، والمعنيون بذلك الذين يُعلمون السحر من علماء اليهود (3).

والشاهد من هذه الآية قوله: {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} .

ومناسبة الآية للباب: أنها تدل على تحريم السحر وأنه من الجبت (4).

مسألة: ما‌

‌ حكم تعلم السحر:

الجواب: فيه تفصيل بحسب نوع السحر الذي تعلمه، قال ابن حجر رحمه الله:«وأمَّا تعلمه وتعليمه فحرام، فإن كان فيه ما يقتضي الكُفْر كَفَر واستتيب منه ولا يُقْتَل، فإن تاب قُبِلَت توبته، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكُفْر عُزِّر» (5).

(1) نقله عنه ابن كثير في تفسيره (1/ 255)، وكتاب الإشراف لم أقف عليه مطبوعًا، وهو مخطوط.

(2)

ينظر: تفسير مقاتل بن سليمان (1/ 127)، وتفسير الطبري (2/ 450، 451).

(3)

ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (1/ 186)، وتفسير البغوي (1/ 132).

(4)

ينظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (300)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (200).

(5)

فتح الباري (10/ 235).

ص: 256

وقال الشافعي رحمه الله: «إذا تعلم السحر قلنا له: صف لنا سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر، مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر، فإن اعتقد إباحته فهو كافر» (1)، ومعناه أنه إن لم يعتقد إباحته فليس بكافر عند الشافعي.

وخلاصة ما جاء في هذه المسألة أن أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: التفصيل فقد يكفر وقد لا يكفر بحسب الحال:

وهؤلاء قالوا: من كان سحره بواسطة الشياطين فإنه يكفر؛ لأنه لا يتأتى ذلك إلَّا بالشرك وعبادة الشيطان غالبًا لقوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: 102].

ومن كان سحره بالأدوية والعقاقير ونحوها، فلا يكفر، ولكن يعتبر عاصيًا معتديًا.

القول الثاني: إنه يكفر مطلقًا:

لأن السحر لا يتأتى إلَّا بالشرك، قال به الشيخ سليمان آل الشيخ (2)؛ ورجح هذا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وغيره.

وعند النظر والتأمل نجد أن الخلاف بين الفريقين خلافٌ لفظي؛ لأن الذين قالوا بأن من السحر ما هو دون الكفر مَثَّلُوا لذلك بأشياء هي لا ترتقي=

(1) ذكره ابن كثير في تفسيره (1/ 199).

(2)

تيسير العزيز الحميد ص (282).

ص: 257

وَقَوْلِهِ: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«الجِبْتُ: السِّحْرُ، وَالطَّاغُوتُ: الشيطَانُ» .

---------------------------------•

= إلى الكفر، والذين قالوا: بأنه كله كفر لم يتصوروا وقوع ما هو دون الكفر، ولم يصنفوا هذه العقاقير ونحوها ضمن قائمة السحر.

وَقَوْلِهِ: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«الجِبْتُ: السِّحْرُ، وَالطَّاغُوتُ: الشيطَانُ» هذا الأثر عن عمر بن الخطاب في تفسير هذه الآية جاء مسندًا في كتب التفسير المسندة وغيرها (1)، وقد فرق فيه بين معنى الجبت، ومعنى الطاغوت، حيث قال:«الجِبْتُ: السِّحْرُ، وَالطَّاغُوتُ: الشيطَانُ» ، وهذا من باب تفسير الشيء ببعض أجزائه، وهو معروف عند السلف، وإلا فإن معنى الجبت أعم، وكذلك معنى الطاغوت (2).

والمغزى من إيراد هذا الأثر في هذا الباب ظاهر؛ إذ إنَّ موضع الشاهد هو قوله تعالى: {بِالْجِبْتِ} ، وتفسير عمر بن الخطاب رضي الله عنه للجبت في الآية بأنه السحر يبين علاقة الأثر بالباب (3).

(1) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2/ 247) رقم (2534)، وابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 495) رقم (2618)، و (3/ 975) رقم (5449) مقتصرًا على الشطر الثاني منه، والطبري في تفسيره (8/ 462) رقم (9766)، وعزاه ابن كثير في تفسيره (1/ 522) لأبي القاسم البغوي، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (2/ 564) للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر. قال ابن حجر في فتح الباري (8/ 252):«إسناده قوي» .

(2)

ينظر: حاشية كتاب التوحيد ص (187)، والقول المفيد (1/ 492).

(3)

ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (327)، والقول المفيد (1/ 492).

ص: 258

وَقَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: «الطَّوَاغِيتُ كُهَّانٌ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشيطَانُ، فِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ» .

---------------------------------•

«وَقَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: «الطَّوَاغِيتُ كُهَّانٌ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشيطَانُ، فِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ» (1):

«الطَّوَاغِيتُ» : جمع طاغوت، وقد سبق بيان معناه.

«كُهَّانٌ» : جمع كاهن، وهو الذي يخبر عن المغيبات الكائنات في مستقبل الزمان، وقيل: هو الذي يخبر عما في الضمير ويدعى معرفة الأسرار (2).

«كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشيطَانُ» : أراد جنس الشيطان، ولم يرد إبليس على وجه الخصوص (3).

«فِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ» : الحي: مفرد أحياء، وهم القبائل، أي: في كل قبيلة من قبائل العرب كاهن يتحاكمون إليه في المنازعات والخصومات، ويسألونه عن أمور الغيب (4).

ومطابقة هذا للترجمة ظاهر: من جهة أن الكاهن طاغوت من الطواغيت؛ فإذا كان هذا الاسم يطلق على الكاهن، فالساحر أولى؛ لأنه أشر وأخبث (5).

(1) أورده البخاري في صحيحه (6/ 45) تعليقًا بلا إسناد، وأخرجه ابن أبي حاتم تفسيره (3/ 976) رقم (5452)، والطبري في جامع البيان (5/ 418) رقم (5845).

(2)

ينظر: عمدة القاري (18/ 175)، والقول المفيد (1/ 493).

(3)

ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (328)، وكتاب التوحيد ص (130).

(4)

ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (328)، وإعانة المستفيد (1/ 346).

(5)

تيسير العزيز الحميد ص (328) بتصرف.

ص: 259

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ:«الشركُ بالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالحقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ الغَافِلَاتِ المُؤْمِنَاتِ» متفق عليه.

---------------------------------•

«عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ» الحديث متفقٌ عليه، كما أشار إليه المؤلف (1).

«المُوبِقَاتِ» : جمع موبقة، من الفعل (أوبق)(يُوبق) إذا أهلك غيره، والموبقات: المهلكات (2)، والمراد بها هنا الكبائر (3).

«وَالسِّحْرُ» : سبق الحديث عنه وتعريفه؛ ولأجله ساق المؤلف الحديث في هذا الباب.

«وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالحقِّ» : «(النفس التي حرم الله): وهي النفس المعصومة بإسلامٍ، أو ذمةٍ، أو عهدٍ، أو أمانٍ. (إلا بالحق): كالقتل قصاصًا، أو حَدًّا، أو رِدّةً» (4).

«وَأَكْلُ الرِّبَا» : الربا في اللغة: هو الزيادة؛ من ربا، يربو، إذا زاد (5).

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (4/ 10) رقم (2766) من طريق عبد العزيز بن عبد الله،

ومسلم في صحيحه (1/ 92) رقم (89) من طريق ابن وهب،

كلاهما (عبد العزيز بن عبد الله، وابن وهب) عن سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد المدني، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

ينظر: كشف المشكل لابن الجوزي (3/ 410)، وشرح مسلم للنووي (2/ 84).

(3)

ينظر: فتح الباري لابن حجر (12/ 182).

(4)

دليل الفالحين لابن علان (8/ 603).

(5)

ينظر: تفسير غريب ما في الصحيحين ص (381)، والنهاية في غريب الحديث (2/ 191).

ص: 260

وفي الشرع: هو عبارة عن عقدٍ فاسدٍ، بصفةٍ سواءٌ كان هناك زيادة، أو لا (1).

«وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ» : أكل مال اليتيم على وجه الظلم وبغير وجه حق هو من الكبائر، وقد جاء الوعيد الشديد في ذلك في كتاب الله تعالى، قال سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10](2).

«وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ الغَافِلَاتِ» : (القذف): الرمي البعيد، واستعير للشتم والعيب والبهتان، كما استعير الرمي. و (المحصَنات): أي العفائف، بفتح الصاد وكسرها (المحصِنات) لغتان، فبالفتح: التي أحصنها الله تعالى وحفظها من الزنا، وبالكسر: التي حفظت فرجها من الزنا، وقوله:(الغافلات): كناية عن البراءة؛ لأن البريء يكون غافلًا عَمَّا اتُّهِم به من الفُحش والزنا (3).

وقوله: «المُؤْمِنَاتِ» : احترازًا عن قذف الكافرات؛ فإن قذف الذمية ليس من الكبائر، وإنما هو صغيرة من الصغائر (4).

«وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ» : هو الفرار من الكفار في الحرب والمعركة (5).

«والزحف: أصله المشي المتثاقل، كالصبي يزحف قبل أن يمشي، وسمي الجيش زحفًا؛ لأنه يزحف فيه» (6).

(1) ينظر: الجوهرة النيرة القدوري (1/ 212)، والبناية شرح الهداية للعيني (8/ 260).

(2)

ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (8/ 185)، وشرح مسلم للنووي (2/ 86).

(3)

ينظر: شرح المشكاة للطيبي (2/ 506)، وشرح مسلم للنووي (2/ 84)،

(4)

ينظر: شرح المشكاة للطيبي (2/ 506).

(5)

ينظر: شرح المشكاة للطيبي (2/ 505، 506).

(6)

التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن (17/ 264).

ص: 261

وَعَنْ جُنْدَبٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «حَدُّ السَّاحِرِ ضربَةٌ بِالسيفِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.

---------------------------------•

وخلاصة دلالة الحديث: أنه دَلَّ على تحريم عمل السحر وتعلمه وتعليمه، واعتباره من الكبائر المهلكات؛ لأن مبناه على الشرك بالله تعالى (1).

«وَعَنْ جُنْدَبٍ رضي الله عنه مرفوعًا» الحديث مرفوعًا ضعيف، والصحيح وقفه (2).

(1) ينظر: إعانة المستفيد (1/ 351)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (202)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (225).

(2)

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (10/ 184) رقم (18752) من طريق ابن عيينة،

والترمذي في سننه (4/ 60) رقم (1460)، وابن أبي عاصم في الديات ص (53)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 144)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل ص (485)، والدارقطني في سننه (4/ 121) رقم (3204)، والحاكم في المستدرك (4/ 401) رقم (8073)، وأبو نُعَيْم في معرفة الصحابة (2/ 580) رقم (1590)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 234) رقم (16500) من طريق أبي معاوية،

والطبراني في المعجم الكبير (2/ 161) رقم (1665) من طريق مروان بن معاوية،

ثلاثتهم (ابن عيينة، وأبو معاوية، ومروان بن معاوية) عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن جندب، عدا عبد الرزاق؛ فقد أخرجه عن الحسن مرسلًا، وأسقط جندبًا.

وتابع (خالد بن عبيد الباهلي) إسماعيل بن مسلم عند أبي نعيم في معرفة الصحابة (2/ 580) رقم (1589)، والطبراني المعجم الكبير (2/ 161) رقم (1666)، ووقعت تسميته عنده (خالد العبد).

والحديث فيه علتان:

الأولى: ضعف إسماعيل بن مسلم: تركه ابن المبارك، ويحيى، وابن مهدي، كما في التاريخ الكبير للبخاري (1/ 372). وقال عنه أحمد بن حنبل: منكر الحديث، كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 198)، وقال عنه ابن معين في تاريخه- رواية الدارمي ص (66): ليس بشيء.

وقال يحيى القطان: لم يزل مختلطًا كان يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب. الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 198) =

ص: 262

وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبَدَةَ قَالَ: «كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ، قَالَ: فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ» .

---------------------------------•

«حَدُّ السَّاحِرِ» : قصد بالحد هنا: عقوبته المحددة في الشرع (1).

«ضربَةٌ بِالسيفِ» : رُوِيَ بالهاء (ضربُه) والتاء (ضربةٌ)، وكلاهما صحيح (2).

«وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ» : هذا الحديث مما تعقب على المصنف حيث نسبه للبخاري، والحديث بهذا اللفظ أخرجه أبو داود، وأحمد، وغيرهما بسند صحيح (3).

«فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ» : «يعني: نفذنا ما كتب به أمير المؤمنين، وسواحر: جمع ساحرة، وهي المرأة التي تتعاطى السحر» (4).

= وقال الترمذي في العلل الكبير ص (237): «سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء، وإنما أخرجه إسماعيل بن مسلم وضعف إسماعيل بن مسلم المكي جدًّا» . وقال أيضًا (3/ 112): «إسماعيل بن مسلم المكي: يُضَعَّف في الحديث مِن قِبَل حفظه» .

والعلة الثانية: الوقف: قال الترمذي (3/ 112): «الصحيح عن جندب موقوفًا» .

(1)

ينظر: القول المفيد (1/ 507).

(2)

ينظر: شرح المشكاة للطيبي (8/ 2508)، والقول المفيد (1/ 508).

(3)

(4/ 96) رقم (3156)، وأخرجه كما أورده المصنف: الشافعي في الأم (1/ 293)، وعبد الرزاق في المصنف (6/ 49) رقم (9972)، وسعيد بن منصور في سننه (2/ 119، 120) رقم (2180)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 562) رقم (28982)، وأحمد في المسند (3/ 196) رقم (1657)، وأبو داود في السنن (3/ 168) رقم (3043)، وأبو يعلى في مسنده (2/ 166) رقم (860)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 234) رقم (16498)، وغيرهم.

وقد صححه ابن حزم في المحلى (11/ 396)، وأحمد شاكر في شرح مسند أحمد (2/ 302)، وشعيب الأرناؤوط ومجموعته في تحقيق مسند أحمد (3/ 197).

(4)

إعانة المستفيد (1/ 352).

ص: 263

وَصَحَّ عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها: «أَنَّهَا أَمَرَتْ بِقَتْلِ جَارِيَةٍ لَهَا سَحَرَتْهَا، فَقُتِلَتْ» .

وَكَذَلِكَ صَحَّ عَنْ جُنْدَبٍ. قَالَ أَحْمَدُ: عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ? .

---------------------------------•

«وَصَحَّ عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها» (1): هذا الأثر رواه مالك في الموطأ وغيره وهو يدل على ما دل عليه أثر عمر بن الخطاب السابق في قتل الساحر.

«وَكَذَلِكَ صَحَّ عَنْ جُنْدَبٍ» : ولفظ الأثر كاملًا: «أن ساحرًا كان يلعب عند الوليد بن عقبة، فكان يأخذ السيف فيذبح نفسه، ويعمل كذا، ولا يضره، فقام جندب إلى السيف فأخذه، فضرب عنقه، ثم قرأ: {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: 3]» (2).

«قَالَ أَحْمَدُ: عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ? » ، أي: صح عن ثلاثة، ويعني بالثلاثة: عمر، وحفصة، وجندبًا رضي الله عنهم (3)، وهذا القول نقله ابن كثير في تفسيره (4).

(1) أخرجه مالك في الموطأ (2/ 871) رقم (14)، وابن وهب في الجامع (1/ 286) رقم (498)، وعبد الرزاق في المصنف (10/ 180) رقم (18747)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 453) رقم (27912)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 187) رقم (303)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 234) رقم (16499)، وغيرهم.

(2)

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 222)، والدارقطني في سننه (4/ 121) رقم (3205)، وأبو نُعَيْم في معرفة الصحابة (2/ 579، 580) رقم (1588)، واللفظ له بصورة أتم، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 234) رقم (16501) مختصرًا، وإسناده صحيح من طريق خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي، عن جندب.

(3)

ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (335)، وفتح المجيد ص (287).

(4)

تفسيره ابن كثير (1/ 250).

ص: 264

ومناسبة الآثار للباب: أن فيها بيان رأي الصحابة المذكورين في أن الساحر يُقْتَل مطلقًا من غير استتابة ولا تفصيل، وهذا يدل على خطورة السحر، وأنه من أعظم الكبائر (1).

وقد اختلف العلماء في قتل الساحر على عدة آراء:

الرأي الأول: قتل الساحر كفرًا:

وهؤلاء قالوا: إن السحر كفر، والساحر يقتل بكل حال، ولا تُقْبَل توبته؛ لأن الله تعالى سمى السحر كفرًا بقوله تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: 102]، ولأن حقيقة السحر لا بد أن يكون فيه إشراك بالله تعالى، والمشرك مرتد يحل دمه وماله.

وهذا قول حفصة، وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وابن شهاب، وسالم بن عبد الله، ومالك، وأحمد، وإسحاق.

الرأي الثاني: التفصيل، فيقتل ردةً إذا كان سحره بشرك، وحدًّا إذا لم يكن بشرك، وأدى لقتل معصوم.

الرأي الثالث: يقتل إذا كان سحره كفرًا ويعزر إذا كان دون ذلك:

وهؤلاء قالوا: لا يقتل الساحر إذا لم يكن سحره كفرًا، اللهم إلا أن يقتل أحدًا بسحره ويقر بذلك، فحينئذٍ يقتل به قودًا. وهذا قول الشافعي وداود.

(1) ينظر: الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (203)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (228).

ص: 265

الرأي الرابع: يوكل أمر قتله للإمام بحسب المصلحة (1).

والراجح الرأي الأول؛ لأنه مذهب ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقولهم مقدم على قول غيرهم.

(1) ينظر: الاستذكار (8/ 161)، وشرح صحيح البخاري لابن بطال (9/ 442)، والمنتقى شرح الموطإ (7/ 117)، وشرح مسلم للنووي (14/ 176)، وشرح المشكاة للطيبي (8/ 2508)، وتحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (2/ 505)، وجامع العلوم والحكم (1/ 321)، والتمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (303).

ص: 266