الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الجمعة
أي: وجوب صلاة الجمعة، والأحكام المتعلقة بها.
الأصل في فرض الجمعة: الكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب: فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] أمر بالسعي، ومقتضى الأمر
الوجوب، ولا يجب السعي إلا إلى واجب، والمراد بالسعي هنا: الذهاب
إليها، لا الإسراع؛ فإن السعي في كتاب اللَّه لا يراد به العَدْو، كقوله:{وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى} [عبس: 8، 9]، {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: 19] وأشباهه، ويروى عن عمر رضي الله عنه: أنه كان يقرأ: فامضوا إلى ذكر اللَّه (1).
وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن اللَّه على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين" متفق عليه (2).
(1) رواه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 106)، والإمام الشافعي في "مسنده" (ص: 50)، وعبد الرازق في "المصنف"(5348)، وغيرهم. وانظر:"المغني" لابن قدامة (2/ 70).
(2)
رواه مسلم (865)، كتاب: الجمعة، باب: التغليظ في ترك الجمعة، عن =
وقال عليه الصلاة والسلام: "الجمعة حق واجب على كل مسلم، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض" رواه أبو داود (1).
وروى ابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"واعلموا أن اللَّه تعالى قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في شهري هذا، من عامي هذا، فمن تركها في حياتي، أو بعد موتي، وله إمام عادل، أو جائر، استخفافًا بها، أو جحودًا بها، فلا جمع اللَّه له شمله، ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا حج له، ألا ولا صوم له، ولا برَّ له؛ حتى يتوب، فإن تاب، تاب اللَّه عليه"(2).
وأجمع المسلمون: على وجوب الجمعة.
وفرضت الجمعة بمكة قبل الهجرة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فعلت بمكة على صفة الجواز، وفرضت بالمدينة، انتهى (3).
والجمعة: -بضم الجيم والميم، ويجوز سكون الميم، وفتحها؛ حكى الثلاثة ابن سيده (4)، مشتقة من اجتماع الناس للصلاة فيه، قاله ابن
= ابن عمر، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وقد انفرد به، فلم يخرجه البخاري في "صحيحه".
(1)
رواه أبو داود (1067)، كتاب: الصلاة، باب: الجمعة للمملوك والمرأة، عن طارق بن شهاب رضي الله عنه.
(2)
رواه ابن ماجه (1081)، كتاب: الصلاة، باب: في فرض الجمعة، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(4/ 181)، وغيرهما.
(3)
نقله البهوتي في "كشاف القناع"(2/ 21).
(4)
انظر: "المحكم" لابن سيده (1/ 213)، (مادة: جمع).
دريد (1)، وقيل: لاجتماع الخليقة فيه وكمالها (2). وروي عنه عليه الصلاة والسلام؛ أنها سميت بذلك: لاجتماع آدم مع حواء فيه في الأرض (3).
وفي "الفصول": سميت بذلك؛ لجمعها الجماعات، وقيل: لجمع طين آدم فيها، وقيل: لأن آدم جُمع فيها خلقُه، رواه الإمام أحمد، وغيره، مرفوعًا (4).
وقدم صاحب "المحرر"، وغيره: لجمعها الخلق الكثير (5).
ومن أسمائه القديمة: العروبة، قال ثعلب: أول من سماه جمعة كعبُ بن لؤي، وكان اسم الأحد: أول، والاثنين: أهون، والثلاثاء: جبار، والأربعاء: دبار، والخميس: مؤنس، والجمعة: عروبة، والسبت: شيار -بالشين المعجمة، فياء مثناة تحت، فألف، فراء-.
قال الجوهري: أنشدني أبو سعيد قال: أنشدني ابن دريد، عن بعض شعراء الجاهلية:[من الوافر]
أُؤَمِّلُ أَنْ أَعيشَ وإنَّ يومي
…
بأَوَّلَ أَو بأَهْوَنَ أَوْ جبارِ
أو التالي دُبارٌ أو فيومي
…
بمؤنسَ أو عَروبةَ أو شيارِ (6)
(1) حكاه عنه القاضي عياض في "مشارق الأنوار"(1/ 153).
(2)
انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 106).
(3)
انظر: "تفسير القرطبي"(2/ 421)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 523).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 439)، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، وفيه: " .. هو اليوم الذي جمع اللَّه فيه أباكم
…
" الحديث.
(5)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 72).
(6)
البيتان في "جمهرة اللغة" لابن دريد (3/ 1311)، و"المحكم" لابن سيده (2/ 93)، (مادة: عرب)، و"لسان العرب" لابن منظور (1/ 593)، وقد عزاهما ابن منظور هنا، وكذا الزبيدي في "تاج العروس"(3/ 341)، (مادة: عرب). =
وذكر الحافظ -قدس اللَّه روحه- في هذا الباب ثمانية أحاديث.
* * *
= وابن أبي الفتح -كما ذكر هنا- في "المطلع"(ص: 106)، إلى "الصحاح" للجوهري، ولم أر البيتين عنده، وإنما ذكر -كما نقلوا عنه- (1/ 180) في (مادة: عرب): ويوم العروبة: يوم الجمعة، وهو من أسمائهم القديمة، انتهى، وما زادوه من ذكر البيتين، لاذكر لهما في شيء من طبعات "الصحاح" التي وقفت عليها، واللَّه أعلم بالصواب.