الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَهُوَ قَائِمٌ، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
قال ابن دقيق العيد في "شرح عمدة الأحكام"(2/ 113): لم أقف عليه بهذا اللفظ في "الصحيحين"، فمن أراد تصحيحه، فعليه إبرازه. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(2/ 406)، وغفل صاحب "العمدة"، فعزا هذا اللفظ للصحيحين. قلت: وأغرب ابن العطار في "العدة في شرح العمدة"(2/ 680)، فجعل هذا الحديث من رواية جابر بن سمرة، ثم قال: كذا هو مبين في "صحيح مسلم"؟! ثم ساق ترجمة جابر بن سمرة رضي الله عنه. قال الزركشي في "النكت على العمدة"(ص: 136)، معقبًا على ما ذكره ابن العطار: وهو عجيب؟ لم يقع في العمدة من روايته، ولا يمكن ذلك؛ لأنه من أفراد مسلم، انتهى. وكذا قال ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"(4/ 140).
قلت: ورواه البخاري، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (886)، كتاب: الجمعة، باب: القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة، بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين، يقعد بينهما. ورواه البخاري (878)، كتاب: الجمعة، باب: الخطبة قائمًا، ومسلم (861)، كتاب: الجمعة، باب: ذكر الخطبتين قبل الصلاة، وما فيهما من الجلسة، من حديثه أيضًا بلفظ:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم، كما يفعلون اليوم"، والسياق لمسلم، والحديث الذي ذكره المصنف رحمه الله رواه النسائي (1416)، كتاب: الجمعة، باب: الفصل بين الخطبتين بالجلوس، وابن خزيمة في "صحيحه"(1446)، والدارقطني في "سننه"(2/ 20)، وغيرهم. =
(عنه)؛ أي: عن ابن عمر رضي الله عنهما، (قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين) يوم الجمعة (وهو قائم) على المنبر النبوي فيهما، فيسن أن يخطب الخطبتين قائمًا، وعنه: أن القيام شرط، جزم به في "النصيحة"؛ وفاقًا للشافعي، ولمالك في رواية عنه (1).
(يفصل) الخطيب (بينهما)؛ أي: الخطبتين (بجلوس) منه خفيف، قال جماعة: بقدر سورة الإخلاص، وإن أبى، فصل بسكتة (2).
وعند الشافعي: الجلوس بين الخطبتين ركن؛ كالقيام فيهما عنده، وقاله أبو بكر النجاد في الجلسة بينهما، وعن مالك: يجب، وتصح بدونه. قال الطحاوي عن قول الشافعي: لم يقله غيره (3).
قال في "شرح المقنع": يجلس بين الخطبتين، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صعد المنبر، حتى يفرغ المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ويجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب، رواه أبو داود (4).
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 113)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 680)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 135)، "والإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن الملقن (4/ 140)، وانظر:"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 256)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 502)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 149)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 406)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 228)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 329).
(1)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 93).
(2)
انظر: "كشاف القناع" للبهوتي (2/ 36).
(3)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 93).
(4)
رواه أبو داود (1092)، كتاب: الصلاة، باب: الجلوس إذا صعد المنبر.
قال: وتكون الجلسة بين الخطبتين خفيفة، وليست واجبة في قول أكثر أهل العلم، وقال الشافعي: هي واجبة.
ولنا: أنها جلسة ليس فيها ذكر مشروع، فلم تكن واجبة، كالجلسة الأولى (1).
وروي عن أبي إسحاق، قال: رأيت علي بن أبي طالب- رضي الله عنه يخطب على المنبر، فلم يجلس حتى فرغ (2).
تنبيهان:
الأول: روي عن الإمام أحمد، ما يدل على أن القيام في الخطبة واجب، فروى الأثرم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الخطبة قاعدًا، أو يقعد في إحدى الخطبتين؟ فلم يعجبه، وقال: قال اللَّه تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا، فقال له الهيثم بن خارجة: كان عمر بن عبد العزيز يجلس في خطبته، فظهر منه إنكار (3).
قال في "تنقيح التحقيق"(4): وأصحابنا حملوا هذا على الاستحباب، ورووا عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قال: لما ثقل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، جلس (5).
(1) انظر: "الشرح الكبير" لابن أبي عمر (2/ 185).
(2)
رواه الإمام الشافعي في "الأم"(7/ 167)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(5181).
(3)
انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 74). وانظر: "كتاب التمام لما صحَّ في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام" للقاضي أبي يعلى الحنبلي (1/ 235).
(4)
انظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (2/ 77).
(5)
كذا ذكره ابن أبي يعلى في "كتاب التمام"(1/ 235)، فقال: روى ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبة واحدة قائمًا، فلما ثقل وسمن، جعلها خطبتين، يجلس بينهما جلسة واحدة يستريح فيها. وقد روى الإمام أحمد في "المسند" =
الثاني: قال ابن دقيق العيد -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا اللفظ الذي ذكره المصنف، لم أقف عليه بهذه الصيغة في "الصحيحين"، فمن أراد تصحيحه، فعليه إبرازه، انتهى (1).
قلت: لفظ "صحيح البخاري" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا، ثم يقعد، ثم يقوم؛ كما تفعلون الآن (2)، ولفظ مسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم؛ كما تفعلون اليوم (3).
وفي "مسلم"، من حديث جابر بن سمرة، قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان، يجلس بينهما، يقرأ القرآن، ويذكِّر الناس.
وفيه أيضًا عن جابر: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم، فيخطب قائمًا، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسًا، فقد كذب، فقد واللَّه! صليت معه أكثر من ألفي صلاة. انفرد به مسلم (4)، وقد عزاه بلفظ المصنف للشيخين جماعهٌ (5) واللَّه أعلم.
* * *
= (1/ 256)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده"(2620)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12091)، وغيرهم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة قائمًا، ثم يقعد، ثم يقوم فيخطب.
(1)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 113).
(2)
تقدم تخريجه برقم (878) عنده.
(3)
تقدم تخريجه برقم (861) عنده.
(4)
رواهما مسلم (862/ 34 - 35)، كتاب: الجمعة، باب: ذكر الخطبتين قبل الصلاة، وما فيهما من الجلسة.
(5)
منهم: ابن قدامة في "المغني"(2/ 75)، وابن مفلح في "المبدع"(2/ 157)، والبهوتي في "كشاف القناع"(2/ 31).