الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ منْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِره، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ (1).
* * *
(عن) أم المؤمنين (عائشة) الصديقة (رضي الله عنها، قالت: من كل
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (951)، كتاب: الوتر، باب: ساعات الوتر، ومسلم (745/ 137)، واللفظ له، و (745/ 136، 138)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وأبو داود (1435)، كتاب: الصلاة، باب: في وقت الوتر، والنسائي (1681)، كتاب: قيام الليل وتطوع النهار، باب: وقت الوتر، والترمذي (456)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الوتر من أول الليل وآخره، وابن ماجه (1185)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الوتر آخر الليل.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"عارضة الأحوذي" لابن العربي (2/ 244)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 90)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 377)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 24)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 86)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 636)، و"فتح الباري" لابن رجب (6/ 230)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 487)، و"عمدة القاري" للعيني (7/ 9)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 13)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 49).
الليل قد أوتر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم)، ثم بينت المراد من ذلك، فقالت:(من أول الليل) بعد صلاة العشاء وسنتها، (و) من (أوسطه)؛ أي: الليل، فكان ربما أخر الوتر إلى وسط الليل، فصلاه بعد صلاة الليل، (و) من (آخره)؛ أي: آخر الليل؛ ليكون آخر صلاته من الليل، (فانتهى وتره) صلى الله عليه وسلم؛ أي: تأخر فعله (إلى) وقت (السحر)، وهو آخر الليل.
قال في "القاموس": السحر: قبيل الصبح (1).
زاد أبو داود، والترمذي، بعد قوله:"إلى السحر": "حين مات"(2).
قلت: هكذا في مسلم، ولم يخرجه البخاري بهذا اللفظ، وإنما الذي في البخاري عنها: كل الليل قد أوتر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى آخر الليل، فتنبه له.
قال في "الإقناع": والأفضل فعلُه آخر الليل لمن وثق من قيامه فيه، وإلا، أوتر قبل أن يرقد -كما تقدم-، ويقضيه مع شفعه إذا فات وقته (3).
ولا منافاة بين هذا الحديث، ووصية أبي هريرة رضي الله عنه: بأن يوتر قبل النوم (4)؛ لأن حديث أبي هريرة لإرادة الاحتياط، وهذا لمن وثق من نفسه بالقيام، وعلم منها القوة على ذلك.
قال بعض شراح الحديث: يحتمل أن يكون اختلاف وقت الوتر
(1) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 518)، (مادة: سحر).
(2)
تقدم تخريجه عندهما قريبًا.
(3)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 220).
(4)
رواه البخاري (1124)، كتاب: التطوع، باب: صلاة الضحى في الحضر، ومسلم (721)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة الضحى.
باختلاف الأحوال؛ فحيث أوتر في أوله بعد صلاة العشاء، فلعله كان وَجِعًا، وحيث أوتر في وسطه، فلعله كان مسافرًا، وأما وتره في آخره، فكأنه كان غالب أحواله.
وحكى الماوردي: أن السحر: السدس الأخير من الليل، وقيل: أوله الفجر الأول (1).
والحكمة أنه جعل الوتر في آخر صلاة الليل: أن أول صلاة الليل المغرب، وهي وتر، فناسب أن يكون آخرها وترًا (2).
والحاصل: أن وقت الوتر ممتد من بعد صلاة العشاء الآخرة، زاد بعضهم: وسنتها، إلى قبيل الفجر، فمن وثق من نفسه القيام من الليل، فالأفضل في حقه تأخيره إلى وقت قيامه؛ ليوتر به صلاته، وإلا، فالأفضل تقديمه، بأن يوتر قبل أن ينام، واللَّه أعلم.
* * *
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 487).
(2)
انظر: "فيض القدير" للمناوي (1/ 160).