المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الرابع عَنْ جَابرٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رسول اللَّه صلى الله - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب بالذكر عقب الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌[كتاب] الصوم في السفر وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الرابع عَنْ جَابرٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رسول اللَّه صلى الله

‌الحديث الرابع

عَنْ جَابرٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوْمَ العِيدِ، فَبَدأَ بالصَّلاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ بِلا أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ، ثَمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ، فَأَمَرَ بتَقْوَى اللَّهِ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ، وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ، وَذَكَّرَهُنَّ، وَقَالَ:"تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ"، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الخَدَّيْنِ، فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لأنَكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وَتكفُرْنَ العَشِيرَ"، قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ، يُلْقِينَ في ثَوْبِ بِلالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وخَوَاتِيمِهِنَّ (1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (915، 918)، كتاب: العيدين، باب: المشي والركوب إلى العيد والصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، و (935)، باب: موعظة الإمام النساء يوم العيد، ومسلم (885/ 4)، واللفظ له، و (885/ 3)، في أول كتاب: صلاة العيدين، وأبو داود (1141)، كتاب: الصلاة، باب: الخطبة يوم العيد، والنسائي (1562)، كتاب: صلاة العيدين، باب: ترك الأذان للعيدين، و (1575)، باب: قيام الإمام في الخطبة متوكئًا على إنسان.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 293)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 531)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 175)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 129)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار =

ص: 202

(عن) أبي عبد الرحمن (جابر) بن عبد اللَّه الأنصاري الخزرجي رضي الله عنهما، (قال: شهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم العيد)؛ أي: شهودَ حضور، يعني: حضرت معه صلاة العيد، (فبدأ) صلى الله عليه وسلم (بالصلاة قبل الخطبة) كما هو المعلوم من سنته صلى الله عليه وسلم كما تقدم- (بلا أذان) لصلاة العيد، (ولا إقامة) لها، وهذا متفق عليه بين العلماء.

قال في "شرح المقنع": ولا يشرع لها أذان ولا إقامة، لا نعلم في هذا خلافًا، إلّا أنه روي عن ابن الزبير: أنه أذن وأقام، وقيل: أول من أذن في العيدين: [ابن] زياد، وهذا دليل على انعقاد الإجماع قبله، وعن عطاء، قال: أخبرني جابر: أن لا أذانَ يوم الفطر حين يخرج الإمام، ولا بعدما يخرج، ولا إقامة، ولا نداء، ولا شيء، لا نداء يومئذ ولا إقامة، رواه مسلم (1).

قال ابن دقيق العيد: وكأن سببه تخصيص الفرائض بالأذان؛ تمييزًا لها بذلك عن غيرها، وإظهارًا لشرفها، وأشار بعضهم إلى معنى آخر، وهو: أنه لو دعا النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لوجبت الإجابة -أي: على الأعيان-، وذلك منافٍ لعدم وجوبها كذلك (2).

تنبيه: قال علماؤنا كالشافعية: ينادى لها: "الصلاة جامعة".

= (2/ 705)، و"فتح الباري" لابن رجب (6/ 93، 147)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 143)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 467)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 281)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 375).

(1)

رواه مسلم (886)، في أول كتاب: صلاة العيدين. وانظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (2/ 235 - 236).

(2)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 129).

ص: 203

قال في "شرح المقنع": والسنة أحق أن تتبع (1)، يعني: في عدم المناداة لها.

(ثم) بعد فراغه صلى الله عليه وسلم من الصلاة (قام متوكئًا)؛ أي: متحاملًا ومعتمدًا (على بلال) بن حمامة مولى الصديق رضي الله عنهما، (فأمر) صلى الله عليه وسلم (بتقوى اللَّه) عز وجل؛ أي: أمر أن يجعل العبد بينه وبين عذاب اللَّه أمرًا يقيه منه؛ من فعل الطاعات، واجتناب المحرمات، وأصل الوقاية: الصيانة، وما وقيت به، واتقيت الشيء: حذرته، وقوله تعالى:{هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى} [المدثر: 56]؛ أي: أهل أن يُتَّقى عقابه (2)، والتقي: من اتقاه؛ بأن فعل المأمور، واجتنب المحظور، وفي الحديث:"من عصى اللَّه، لم تقه من اللَّه واقية"(3).

(وحث)؛ أي: حض (على طاعته)، يقال: حثه عليه، واستحثه، وأحثه: حضه (4). والطاعة: امتثال المأمور، واجتناب المحظور، (ووعظ)؛ أي: ذكَّر (الناس) ما يلين قلوبهم من الثواب والعقاب، (وذكرهم) ما يؤولون إليه من أمر آخرتهم، وما يلقونه من النعيم المقيم، أو العذاب الأليم، (ثم) بعد وعظه وتذكيره للرجال (مضى) من المكان الذي فيه الرجال، يعني: من المصلى (حتى أتى النساء) كونهن منعزلات عن الرجال، (فوعظهن وذكرهن) ما تلين به قلوبهن؛ من الترغيب في الثواب، والترهيب من العقاب.

(1) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (1/ 562).

(2)

نظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 1731)، (مادة: وقى).

(3)

كذا ذكره ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(5/ 216). ولم أقف عليه في شيء من المصادر الحديثية، واللَّه أعلم.

(4)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 213)، (مادة: حثث).

ص: 204

(وقال) لهن في خلال ذلك: (تصدقن؛ فإنكن) الفاء للتعليل؛ أي: لأنكن (أكثر حطب جهنم).

فيه: إشارة إلى أن الصدقة من دوافع عذاب جهنم؛ لأنها تطفىء غضب الجبار، والنار من آثار غضبه تعالى.

وفيه: الإشارة أيضًا إلى الإغلاظ بالنصح بما لعله يبعث على إزالة العيب والذنب الذي يتصف بهما الإنسان.

وفيه: العناية بذكر ما تشتد الحاجة إليه من المخاطبين، وبذل النصيحة لمن يحتاج إليها (1).

(فقامت امرأة من سطة النساء) زعم بعضهم: أن أصل اللفظة من الوسط الذي هو الخِيار، وبهذا فسر بعضهم ما في بعض الألفاظ: من علية النساء (2)؛ أي: خيارهن، وعند بعض الرواة: من واسطة النساء (3). وقال بعض فضلاء الأندلسيين: إنه تغيير؛ أي: تصحيف من الراوي، كأنَّ

(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 130).

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 376)، والطيالسي في "مسنده"(384)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(9805)، والنسائي في "السنن الكبرى"(9257)، وابن حبان في "صحيحه"(3323)، والحاكم في "المستدرك"(2772)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

(3)

قال القاضي عياض في "إكمال المعلم"(3/ 294): ضبطه الخُشني، عن الطبري:"واسطة" بدل "سطة"، لكن حذاق شيوخنا زعموا أن هذا الحرف مغير في كتاب مسلم، وأن صوابه:"من سَفِلة الناس". وانظر: "مشارق الأنوار" له (2/ 214). وردَّ النووي في "شرح مسلم"(6/ 175) ما ادعوه من تغيير الكلمة، وقال: بل هي صحيحة، ولمس المراد بها: من خيار النساء؛ كما فسره هو، بل المراد: امرأة من وسط النساء، جالسة في وسطهن.

ص: 205

الأصل: من سفلة النساء، فاختلطت الفاء باللام، فصارت طاء، ويؤيد هذا: أنه ورد في كتاب ابن أبي شيبة، والنسائي: فقامت امرأة من سفلة النساء (1)، وفي رواية أخرى: فقامت امرأة من غير علية النساء (2).

(سفعاء الخدين) الأسفع والسفعاء: من أصاب خدَّه لونٌ يخالف لونه الأصلي، من سواد، أو حمرة، أو غيره (3).

قال في "القاموس": والسفائع (4): لوافح السموم، والسُّفع -بالضم-: الأثافي، واحدتها: سفعاء، والسود تَضْرِب إلى الحمرة، و-بالتحريك-: سُفْعَةُ سواد في الخدين من المرأة الشاحبة، والسُّفْعة -بالضم-: ما في دِمْنَة النار من نحو رماد، ومن اللون: سواد أُشْرِب حمرة، انتهى ملخصًا (5).

فائدة: قال البرماوي في "مبهمات الشرح": هذه المرأة القائلة: أسماء بنت يزيد، صرح به البيهقي في رواية ذكرها في "شعب الإيمان"، وذكرها غيره -أيضًا- (6).

قال: ومعنى قوله: "من سطة النساء"؛ أي: من خيارهن، وقيل: غير ذلك.

قال: وأسماء هذه هي: بنت يزيد بن السَّكَن -بفتح السين المهملة

(1) رواه ابن أبي شيبة في "مسنده"، كما ذكر الزركشي في "النكت" (ص: 144)، وتقدم تخريجه عند النسائي برقم (1575).

(2)

تقدم تخريجه قريبًا. وانظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 131).

(3)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 131).

(4)

في "القاموس": "السَّوافع".

(5)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 941)، (مادة: سفع).

(6)

رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(9127)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 168).

ص: 206

والكاف- الأنصارية بنت عمة معاذ، كانت من ذوات العقل والدين، قتلت يوم اليرموك سبعة من الكفار بعمود فسطاط، وكنيتها: أم سلمة، وقيل: أم عامر، وهي خطيبة النساء، فقد روي أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه! إنه ليس في شرق البلاد وغربها امرأة، إلّا هي على مثل رأيي، إن اللَّه بعثك للرجال والنساء، فآمنا بك وبالذي أرسلك، وإنا -معاشر النساء- محصورات مقصورات، قواعد في بيوتكم، ومواضع شهواتكم، وحوامل أولادكم، وأنتم -معاشر الرجال-، فُضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المريض، وتشييع الجنائز، والحج بعد الحج، ثم أفضل من ذلك الجهاد في سبيل اللَّه، وإنكم إذا خرجتم حجاجًا ومجاهدين وتجارًا ومسافرين، حفظنا لكم أموالكم، وربينا لكم أولادكم؛ أفنشارككم في الأجر يا رسول اللَّه؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه، وقال:"هل سمعتم مقالة امرأة أحسن في مسألتها عن أمر دينها من هذه المرأة؟! "، فقالوا: يا رسول اللَّه! ما ظننا أن امرأة تهتدي في دينها إلى مثل مقالتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"انصرفي أيتها المرأة، وأعلمي مَنْ خلفك من النساء: أنَّ حُسْنَ تَبَعُّل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته؛ تعدل ذلك -إن شاء اللَّه تعالى-"، فانصرفت وهي تهلل وتكبر استبشارًا (1). واللَّه أعلم.

(فقالت: لم)؛ أي: لأي شيء كنا أكثرَ حطب جهنم؟.

فيه: مراجعة المتعلم لمعلمه، والتابع لمتبوعه، فيما لا يظهر له معناه (يا رسول اللَّه؟ قال) عليه الصلاة والسلام مفسرًا لما استفهمت عنه:

(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(8743)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 363).

ص: 207

(لأنكن) -معشر النساء- (تكثرن الشكاة)، وفي لفظ:"الشَّكا" يقال: شكى أمره إلى اللَّه شكوًا، وينون، وشكاة، وشكاوة، وشكية، وشكاية -بالكسر (1) -.

وشكاة النساء في هذا الحديث: يجوز أن تكون راجعة إلى ما يتعلق بالزوج وبخدمته، وهذا الظاهر. ويجوز أن تكون راجعة إلى ما يتعلق بحق اللَّه تعالى؛ من عدم شكره، والشكاية لقضائه (2).

(وتكفرن العشير) يعني: الزوج؛ أي: تجحدن حقه، وتنكرن نعمه.

وفيه: دليل على تحريم كفران النعم؛ لأنه جعل سببًا لدخول النار، وفي رواية:"تكثرن اللعن، وتكفرن العشير"(3)، وليس المراد: الكفر المخرج عن الملة.

وخص كفران العشير من بين أنواع الذنوب؛ لدقيقة بديعة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم:"لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" رواه أبو داود من حديث قيس بن سعد (4)، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه" من حديث ابن أبي أوفى (5)، والترمذي وصححه من حديث

(1) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (1677)، (مادة: شكا).

(2)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 131).

(3)

رواه البخاري (298)، كتاب: الحيض، باب: ترك الحائض الصوم، ومسلم (80)، كتاب: الإيمان، باب: بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(4)

رواه أبو داود (2140)، كتاب: النكاح، باب: في حق الزوج على المرأة.

(5)

رواه ابن ماجه (1853)، كتاب: النكاح، باب: حق الزوج على المرأة، وابن حبان في "صحيحه"(4171)، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 381).

ص: 208

أبي هريرة (1)، وغيرهم رضي الله عنهم، فقرن حق الزوج على الزوجة بحق اللَّه، فإذا كفرت المرأة حق زوجها، وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية، كان ذلك دليلًا على تهاونها بحق اللَّه تعالى؛ فلذلك أطلق عليها الكفر، إلّا أنه لا يخرجها عن الملة (2)، كما قدمنا.

والعشير: الزوج، وأصله: الخليط من المعاشرة، قيل له: عشير، بمعنى: معاشر، مثل: أكيل، بمعنى مؤاكل، ولفظ العشير يطلق بإزاء شيئين، فالمراد به هنا: الزوج، والمراد به في قوله تعالى:{لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج: 13]، المولى هنا: ابن العم، والعشير: المخالط المعاشر (3).

وفي "الصحيحين"، من حديث ابن عباس في صلاة الكسوف، ورؤيته للنار، قال صلى الله عليه وسلم:"ورأيت أكثر أهلها النساء"، قالوا: بم يا رسول اللَّه؟ قال: "بكفرهن"، قيل: أيكفرن باللَّه؟! قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهرَ كلَّه، ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط"(4).

قال في "الفتح": فيه إشارة إلى وجود سبب التعذيب؛ لأنها بذلك

(1) رواه الترمذي (1159)، كتاب: الرضاع، باب: ما جاء في حق الزوج على المرأة.

(2)

قاله أبو بكر بن العربي في "شرح البخاري"، كما نقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(1/ 83).

(3)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 298).

(4)

رواه البخاري (29)، كتاب: الإيمان، باب: كفران العشير، وكفر بعد كفر، ومسلم (884)، في أول كتاب: العيدين.

ص: 209

كالمصرة على كفر النعمة، والإصرار على المعصية من أسباب العذاب (1).

قال ابن دقيق العيد: وإذا كان صلى الله عليه وسلم قد ذكر ذلك في حق من هذا ذنبه، فكيف بمن له منهن ذنوب أكثر من ذلك؛ كترك الصلاة، والقذف (2)؟!

(قال: فجعلن) يعني: النساء المخاطبات من الصحابيات رضي الله عنهن (يتصدقن من حليهن) الذي عليهن (يلقين)؛ أي: يطرحن (في ثوب بلال) رضي الله عنه بعد أن بسطه (من أقرطتهن) جمع قُرْط -بضم القاف، وسكون الراء، بعدها طاء مهملة-: هو الحلقة التي تكون في شحمة الأذن (3).

(وخواتيمهن) جمع خاتم، وهو: ما يوضع في الأصبع، ويجمع أيضًا على خواتم -بلا ياء-، وعلى خياتيم -بياء بدل الواو، وبلا ياء- أيضًا، وفي الخاتم ثمان لغات:

فتح التاء وكسرها، وهما واضحتان.

وبتقديمها على الألف مع كسر الخاء: خِتام.

وخَيتوم -بسكون الياء المثناة تحت، وضم التاء المثناة فوق، بعدها واو، مع فتح الخاء-.

وبحذف الياء والواو، مع سكون المثناة فوق: ختم.

وبألف بعد الخاء، وأخرى بعد التاء: خاتام.

وبزيادة تحتانية بعد المثناة المكسورة: خاتيام.

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 299).

(2)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 131).

(3)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 193). وانظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 880)، (مادة: قرط).

ص: 210

وبحذف الألف الأولى، وتقديم التحتانية: خيتام.

وقد جمعها الحافظ ابن حجر، كما في "الفتح" في قوله:[من البسيط]

خُذْ نظمَ عَدِّ لغاتِ الخاتمِ انتظمت

ثمانيًا ما حواها قَطُّ نَظَّامُ

خاتامُ خاتِمُ خَتْمٌ خاتَمٌ وخِتا

مٌ خاتيامٌ وخيتومٌ وخَيتامُ

ثم زاد بيتًا ثالثًا:

وهَمْزُ مفتوحِ تاءٍ تاسعٌ (1) وإذا

ساغَ القياسُ أتمَّ العَشْرَ خاتامُ (2)

تنبيهان:

الأول: استنبط بعض الصوفية من هذا الحديث: جواز الطلب للفقراء من الأغنياء عند الحاجة.

وفي مبادرة النساء للامتثال بالصدقة، وبذل ما لعلهن يحتجن إليه، مع ضيق الحال في ذلك الزمان؛ ما يدل على رفيع مقامهن في الدين، وامتثال أمر رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم.

ويؤخذ منه: جواز تصدق المرأة من مالها في الجملة (3).

وفيه: جواز عظة الإمام النساء على حدة.

وفيه: أن جحد النعم حرام، وكذا كثرة استعمال القبيح؛ كاللعن والشتم، واستدل النووي على أنهما من الكبائر، بالتوعد عليهما بالنار (4).

وهو منطبق على ما ذكره علماؤنا، من أن تعريف الكبيرة: ما فيه جزاء

(1) أي: خأتم.

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (10/ 315 - 316).

(3)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 131).

(4)

انظر: "شرح مسلم" للنووي (2/ 66).

ص: 211

في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، زاد شيخ الإسلام: أو لعن فاعله، أو نفى عنه الإيمان (1).

وفيه: ذم اللعن، وهو: الدعاء بالإبعاد من رحمة اللَّه، وهو محمول على ما إذا كان لمعين.

وفيه: إطلاق الكفر على الذنوب التي لا تخرج عن الملة، واللَّه أعلم (2).

الثاني: ظاهر صنيع الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: أن جميع حديث جابر من متفق الشيخين، والحال: أن البخاري لم يخرج لفظ: "تصدقن" إلى "وتكفرن العشير" من حديثه، ولكن خرجه من حديث ابن عباس وغيره رضي الله عنهم، كما نبه عليه الحافظ عبد الحق الإشبيلي في "جمعه للصحيحين"(3)، ولم ينبه عليه ابن دقيق العيد، واللَّه أعلم.

* * *

(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 491).

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 406).

(3)

انظر: "الجمع بين الصحيحين" للإشبيلي (1/ 590 - 591) ، حديث رقم (1302).

ص: 212