الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ-، قَالَ: كنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ، وَلَيْسَ لِلْحِيْطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ (1).
وَفِي لَفْظٍ: كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَتبَّعُ الفَيْءَ (2).
* * *
(عن) أبي مسلم، ويقال: أبو عامر (سَلَمة) -بفتح اللام- (بن الأكوع) -
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (3935)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، ومسلم (860/ 32)، كتاب: الجمعة، باب: صلاة الجمعة حين تزول الشمس، وأبو داود (1085)، كتاب: الصلاة، باب: في وقت الجمعة، والنسائي (1391)، كتاب: الجمعة، باب: وقت الجمعة، وابن ماجه (1100)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في وقت الجمعة.
(2)
رواه مسلم (860/ 31)، كتاب: الجمعة، باب: صلاة الجمعة حين تزول الشمس، وابن ماجه (1102)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في وقت الجمعة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 254)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 495)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 148)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 118)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 691)، و"فتح الباري" لابن حجر (7/ 450)، و"عمدة القاري" للعيني (17/ 221)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 45)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 318).
بفتح الهمزة، وسكون الكاف، وفتح الواو-، جَدِّ سلمة، واسم أبيه: عمرو، واسم الأكوع: سنان بن عبد اللَّه بن قُشَير -بالقاف، وفتح الشين المعجمة، وسكون الياء- وتقدمت ترجمته في آخر باب: المواقيت رضي الله عنه، (وكان) سلمة بن الأكوع رضي الله عنه (من أصحاب الشجرة) التي كانت بيعة الرضوان تحتها يوم الحديبية، وكانت في السادسة، وكانت الشجرة من شجر السَّمُر، وبايع سلمةُ يومئذ النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: في أول الناس، وأوسطهم، وآخرهم، وبايعه يومئذ على الموت (1).
(قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم ننصرف) من الصلاة إلى دورنا، (وليس للحيطان ظل نستظل به) عن كبد السماء (2).
(وفي لفظ: كنا نجمِّع) -بتشديد الميم-؛ أي: نصلي الجمعة (مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس) عن كبد السماء (ثم) بعد صلاتنا (نرجع) لدورنا، (فنتتبع الفيء).
تقدم أن الفيء لا يكون إلا بعد الزوال؛ لأنه فاء؛ أي: رجع، وأما الظل، فأصله: الستر، ومنه: أنا في ظل فلان، ومنه: ظل الجنة، وظل شجرها، وظل الشمس: ما ستر الشخوص من مسقطها، ويكون غدوة وعشية (3).
ومقصود الحافظ بإيراد هذا الحديث: جواز إقامة الجمعة قبل الزوال؛
(1) انظر: ترجمته في آخر باب: المواقيت.
(2)
جاء على هامش الأصل المخطوط عند قوله: "عن كبد السماء": "تقدم: هبوط الشمس".
(3)
نقلًا عن "المطلع" لابن أبي الفتح (ص: 56)، عن "تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: 50)، نقلًا عن ابن قتيبة في "أدب الكاتب" (ص: 23).
من حيث إنه يقع بعد الزوال الخطبتان، والصلاة، مع ما روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيهما بالجمعة والمنافقين (1)، وذلك يقتضي زمانًا يمتد فيه الظل، بحيث كانوا ينصرفون منها، وليس للحيطان فيء يُستظل به؛ فاقتضى ذلك أن تكون واقعة قبل الزوال، أو خطبتاها، أو بعضهما (2).
قال في "الفروع": تجوز -أي: صلاة الجمعة- وقت العيد؛ أي: من ارتفاع الشمس قيد رمح، نقله واختاره الأكثر -أي: من علمائنا-.
وذكر القاضي، وغيره: أنه المذهب، وعنه: في الساعة السادسة، وعنه: في الخامسة، وعنه: بعد الزوال، اختاره الآجري؛ وفاقًا للأئمة الثلاثة.
ومعتمد المذهب: دخول وقت الجمعة من خروج وقت النهي؛ وفاقًا لإسحاق بن راهويه (3).
قال في "شرح المقنع": لا تصح صلاة الجمعة قبل وقتها، ولا بعده؛ إجماعًا، ولا خلاف فيما علمنا: أن آخر وقتها آخر وقت صلاة الظهر، وأما أوله: فقال القاضي وأصحابه: أوله أول وقت صلاة العيد.
قال مجاهد: ما كان للناس عيد إلا في أول النهار (4).
وقال عطاء: كل عيد حين يمتد الضحى: الجمعة، والأضحى، والفطر (5).
(1) رواه مسلم (877)، كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الجمعة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 118).
(3)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 77).
(4)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(5131).
(5)
رواه عبد الرازق في "المصنف"(5208).
وفي "تنقيح التحقيق" للحافظ ابن عبد الهادي (1): يجوز عند الإمام أحمد إقامة الجمعة قبل الزوال؛ خلافًا لأكثرهم، لنا: ثلاثة أحاديث:
الأول: حديث سهل بن سعد الساعدي، قال: ما كنا نتغدى، ولا نَقيل؛ إلا بعد الجمعة. متفق عليه (2).
الثاني: حديث سلمة المذكور.
الثالث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كنا نصلي مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم نرجع إلى القائلة، فنقيل. رواه الإمام أحمد (3)، ورواه البخاري أيضًا بلفظ: كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة (4).
وروى الدارقطني، عن عبد اللَّه بن سيدان السلمي، قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر رضي الله عنه، فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر رضي الله عنه، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول: انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته [إلى أن أقول]: زال النهار؛ فما رأيت أحدًا عاب ذلك، ولا أنكره (5)، ورواه الإمام أحمد، عن وكيع، واحتج به (6).
(1) انظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (2/ 71 - 72).
(2)
رواه البخاري (2222)، كتاب: المزارعة، باب: ما جاء في الغرس، ومسلم (859)، كتاب: الجمعة، باب: صلاة الجمعة حين تزول الشمس.
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 237).
(4)
رواه البخاري (863)، كتاب: الجمعة، باب: وقت الجمعة إذا زالت الشمس.
(5)
رواه الدارقطني في "سننه"(2/ 17)، وابن المنذر في "الأوسط"(2/ 354)، وغيرهما.
(6)
كذا نسبه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(2/ 72)، وساق ابن قدامة سنده في "المغني"(2/ 105)، فقال: روى الإمام أحمد، عن وكيع، عن جعفر بن =
وروي عن ابن مسعود، وجابر، وسعيد، ومعاوية رضي الله عنهم: أنهم صلوا قبل الزوال. وأحاديثهم تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها بعد الزوال في كثير من أوقاته، ولا خلاف في جوازه، وأنه الأولى، وأحاديثنا تدل على جواز فعلها قبل الزوال، فلا تعارض بينهما، نعم، يكره فعلها قبل الزوال (1).
* * *
= برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد اللَّه بن سيدان، به. وذكر الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 46): أن الإمام أحمد رواه في رواية ابنه عبد اللَّه.
قلت: ولم أر الحديث في طبعات "مسند الإمام أحمد"، ولا في "مسائل الإمام أحمد - رواية ابنه عبد اللَّه"، واللَّه أعلم بالصواب.
(1)
انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 105).