الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الأول
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنهما، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الخَوْفِ فِي بَعْض أَيَّامِهَ، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ العَدُوِّ، فَصَلَّى بالَّذِينَ مَعَهَ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبُوا، وَجَاءَ الآخَرُونَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَقَضَتْ الطائِفَتَانِ رَكْعَةً رَكْعَةً (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (900)، كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف، و (901)، باب: صلاة الخوف رجالًا وركبانًا، و (3903 - 3904)، كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع، و (4261)، كتاب: التفسير، باب:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]، ومسلم (839/ 306)، واللفظ له، و (839/ 305)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الخوف، وأبو داود (1243)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ثم يسلم، فيقوم كل صف فيصلون لأنفسهم ركعة، والنسائي (1538 - 1542)، كتاب: صلاة الخوف، والترمذي (564 - 565)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الخوف، وابن ماجه (1258)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الخوف.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (1/ 270)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 403)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 42)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 218)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 468)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 124)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 151)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 749)، و"فتح الباري" لابن رجب =
(عن) أبي عبد الرحمن (عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه) ذكر البخاري: أن هذه القصه كانت في غزوة نجد، ذكره عن ابن عمر أيضًا (1).
(فقامت طائفة) من أصحابه (معه) في الصلاة، (وطائفة) أخرى منهم (بإزاء)؛ أي: حذاء (العدو) من المشركين، (فصلى بـ) الطائفة من أصحابه، وهم (الذين) قاموا (معه) في ابتداء الصلاة (ركعة) واحدة بسجدتيها، (ثم) بعد قيامه صلى الله عليه وسلم للركعة الثانية (ذهبوا)، فوقفوا بإزاء العدو، (وجاء) أصحابه (الآخرون) الذين كانوا في نحر العدو، وبعد ذهاب الذين كانوا معه، ووقوفهم بإزاء العدو، فأحرموا معه (فصلى بهم ركعة)، وهي التي بقيت من صلاته، وسلم صلى الله عليه وسلم من صلاته لفراغه منها، (وقضت الطائفتان) من أصحابه، كل طائفة قضت بقية صلاتها، فقضت الطائفة الأولى (ركعة) بعد ذهاب الطائفة الثانية لإزاء العدو، ومجيء الأولى لمكان الصلاة، وسلمت ومضت تحرس بإزاء العدو، وأتت الطائفة الثانية، فقضت (ركعة)، وتمت صلاتها، وسلمت.
وهذا الوجه، وإن قال علماؤنا: إن الصلاة تصح، فهو خلاف مختار الإمام أحمد رضي الله عنه، وهو مختار الإمام أبي حنيفة، وهكذا قال: إنه بعد سلام الإمام، تأتي الطائفة الأولى إلى موضع الإمام، فتقضي، ثم تذهب، ثم تأتي الطائفة الثانية إلى موضع الإمام، فتقضي، ثم تذهب، وقد أنكرت عليه هذه الزيادة؛ لأنها لم ترد في حديث على ما قيل.
= (6/ 12)، و"طرح التثريب" للعراقي (3/ 135)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 430)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 254)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 60)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 4).
(1)
تقدم تخريجه برقم (900، 3903) عنده.
قال في "الفروع": ولو صلى -كخبر ابن عمر- بطائفة ركعة ومضت، ثم بالثانية ركعة ومضت، وسلم، ثم أتت الأولى فأتمت الصلاة بقراءة، وقيل: أولا؛ لأنها مؤتمة به حكمًا، ونصه خلافه، ثم أتت الثانية فأتمت بقراءة، أجزأ؛ وفاقًا لأحد قولي الشافعي، وليست -أي: هذه الصفة المختارة- خلافًا لأبي حنيفة -كما قدمنا-: أنه الذي اختار هذه الصفة، وعنده تفعل، ولو كان العدو بجهة القبلة.
قال في "الفروع": ولو قضت الثانية ركعتها وقت فارقت إمامها، وسلمت، ثم مضت، وأتت الأولى فأتمت -كخبر ابن مسعود-: صح، وهو أولى (1).
وقال أبو يوسف: قد انقضت صلاة الخوف بموت النبي صلى الله عليه وسلم، أخذًا من قوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102]، وذلك يقتضي التخصيص بوجوده فيهم، وربما أيد هذا بأنها صلاة على خلاف المعتاد، وفيها أفعال منافية، فيجوز أن تكون المسامحة فيها بسبب فضيلة إمامة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والجمهور: على بقاء حكمها في كل زمان، كما صلاها عليه الصلاة والسلام في زمانه، والدليل على مذهب الجمهور: التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم (2).
قال في "شرح المقنع": صلاة الخوف جائزة بالكتاب والسنة:
أما الكتاب: فقوله تعالى-: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} الآية [النساء: 102].
وأما السنة: فثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف.
قال: وحكمها باق في قول جمهور أهل العلم، وقال أبو يوسف: إنها
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 68).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 151).
كانت مختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} .
قال: وما قاله غير صحيح؛ لأن ما ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في حقنا، ما لم يقم دليل على اختصاصه به؛ لأنه تعالى أمرنا باتباعه، وقد غضب لقول من قال له صلى الله عليه وسلم: لست مثلنا (1)، وقد كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحتجون بأفعاله، ويرونها معارضة لقوله، وناسخة له.
وأيضًا، فقول أبي يوسف مسبوق بإجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ فقد صلى عليٌّ رضي الله عنه صلاة الخوف ليلة الهرير بصفين، وصلاها أبو موسى الأشعري بأصحابه، وروي: أن سعيد بن العاص لما كان بطبرستان، سأل الصحابة: أيكم صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فقدمه، فصلى بهم (2).
ولأن المقتضي لها زمن الرسول موجود بعده، والمخالفة لمعتاد الصلاة لأجل الضرورة، وهي موجودة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، كما هي موجودة في زمانه، ثم الضرورة تدعو إلى ألا يخرج وقت الصلاة عن آدابها، وذلك يقتضي إقامتها على خلاف المعتاد في زمن الرسول وبعده، فكيف، وقد ثبت فعلها بعده عليه الصلاة والسلام من غير نكير؟! واللَّه الموفق (3).
* * *
(1) رواه مسلم (1110)، كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، عن عائشة رضي الله عنها.
(2)
رواه أبو داود (1246)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ولا يقضون، والنسائي (1529)، كتاب: صلاة الخوف، وغيرهما، عن ثعلبة بن زهدم. وانظر:"شرح المقنع" لابن أبي عمر المقدسي (2/ 125 - 126).
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 151).