الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الحادي عشر
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الوِصَالِ، قَالُوا: إِنَّكَ تُواصِلُ، فَقَالَ:"إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى" رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1822)، كتاب: الصوم، باب؛ بركة السحور من غير إيجاب، و (1861)، باب: الوصال، ومسلم (1102/ 55 - 56)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، وأبو داود (2360)، كتاب: الصوم، باب: في الوصال، عن ابن عمر رضي الله عنهما. ورواه البخاري (1864 - 1865)، كتاب: الصوم، باب: التنكيل لمن أكثر الوصال، و (6459)، كتاب: المحاربين، باب: كم التعزير والأدب، و (6815)، كتاب: التمني، باب: ما يجوز من اللَّو، و (6869)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما يكره من التعمق والتنازع في العلم، والغلو في الدين والبدع، ومسلم (1103/ 57 - 58)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ورواه البخاري (1863)، كتاب: الصوم، باب: الوصال، ومسلم (1105)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، عن عائشة رضي الله عنها.
ورواه البخاري (1860)، كتاب: الصوم، باب: الوصال، و (6814)، كتاب: التمني، باب: ما يجوز من اللَّو، ومسلم (1104/ 59 - 60)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، والترمذي (778)، كتاب: الصوم، باب: =
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيد الخدْرِيِّ رضي الله عنه: "فَأَيُكُمْ أَرادَ أَنْ يُواصِلَ، فَلْيُواصِلْ إِلَى السَّحَرِ"(1).
(عن) أبي عبدِ الرحمن (عبدِ اللَّه بنِ) الإمام (عمرَ) بنِ الخطاب أميرِ المؤمنين (رضي الله عنهما، قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوصال) في الصوم، وهو أن يصوم -فرضًا أو نفلًا- يومين فأكثر من غير تناوله بالليل مطعومًا عمدًا بلا عذر، أو مشروبًا (2).
قال في "الفروع": يكره الوصال، وهو أَلَّا يفطر بين اليومين؛ لأن النهي وقع رفقًا ورحمة، ولهذا واصل صلى الله عليه وسلم بهم، وواصلوا بعده.
= ما جاء في كراهية الوصال للصائم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(1)
رواه البخاري (1862)، كتاب: الصوم، باب: الوصال، و (1866)، باب: الوصال إلى السحر، وأبو داود (2361)، كتاب: الصوم، باب: في الوصال.
قلت: وقد وهم المصنف رحمه الله في عزوه الحديث لمسلم؛ فإن الحديث من أفراد البخاري، ولعله سبق قلم منه رحمه الله كما قال الزركشي في "النكت" (ص: 184). وسيأتي تنبيه الشارح رحمه الله على ذلك.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للقاضي عياض (2/ 107)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 334)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 306)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 38)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 160)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 211)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 233)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 885)، و"النكت" للزركشي (ص: 183)، و"طرح التثريب" للعراقي (4/ 127)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 202)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 70)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 395)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 155)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 297).
(2)
قاله النووي في "المجموع شرح المهذب"(6/ 374)، وعنه نقله القسطلاني في "إرشاد الساري"(3/ 395).
قال صاحب "المحرر" المجدُ بنُ تيمية: لا خلاف في أن الوصال لا يُبطل الصوم؛ لأن النهي ما تناول وقت العبادة، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين واصلوا بالقضاء (1).
قال في "الفروع": وتزول الكراهة بأكل تمرة ونحوها؛ لأن الأكل مَظِنَّة القوة، وكذا بمجرد الشرب؛ على ظاهر ما رواه المرُّوذي عن الإمام أحمد: أنه كان إذا واصل، شربَ شربةَ ماء؛ خلافًا للشافعية (2).
وقضية كلامه كغيره: أن نحو الجماع والاستقاءة وغيرهما من المفطرات لا يخرجه عن الوصال، وصرَّحَ به الشافعية، وهو ظاهرٌ من جهة المعنى؛ لأن النهي عن الوصال للضعف، ونحو الجماع لا يمنع حصوله، لكن قال الروياني من الشافعية: هو -يعني: المواصل- أن يستديم جميع أوصاف جميع الصائمين.
وقال الجرجاني في "الشافي": أن يترك ما أُبيح له من غير إفطار (3).
وفي "الإقناع": وهو أَلَّا يفطر بين اليومين (4).
وفي "الفروع": وقيل: يحرم -يعني: الوصال-، واختاره ابن البنَّاء، وحكاه ابن عبد البر عن الأئمة الثلاثة وغيرهم، وللشافعية وجهان.
قال الإمام أحمد: لا يعجبني -يعني: الوصال-، وأومأ إلى إباحته لمن يطيقه.
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 86).
(2)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(3)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 395).
(4)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 511).
وروي عن عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنهما (1)، وعن ابنه عامر، وغيرهما.
ونقل حنبل عن الإمام أحمد رضي الله عنه: أنه واصل بعسكر المتوكل ثمانيةَ أيام حتى كلّمه في ذلك، فشرب سويقًا.
قال أَبو بكر: يحتمل أن الإمام أحمد فعله -يعني: الفطر- حيث لا يراه حنبل؛ لأنه لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم.
قال في "الفروع": كذا قال، فكأنه لم يرتض بما قاله (2).
ولا يكره الوصال إلى السحر، نص عليه الإمام أحمد، وقاله إسحاق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد:"فَأَيُّكُمْ أَرادَ أَنْ يُواصِلَ، فَلْيُواصِلْ إلى السحر" رواه البخاري، لكن ترك الأولى؛ [لتعجيل] (3) الفطر. وذكر القاضي عياض المالكي: أن أكثر العلماء كرهه (4).
وفي "شرح البخاري" للقسطلاني في قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "لا تواصلوا" نهي يقتضي الكراهة، وهل هي للتنزيه، أو للتحريم؟ والأصح عند الشافعية: التحريم.
قال الرافعي: وهو ظاهر نص الشافعي، وكرهه مالك، قال الأُبي: ولو
(1) وقد روي في ذلك أنه كان يواصل سبعة أيام، حتى تتبين أمعاؤه، فإذا كان اليوم السابع أُتي بسمن وصبر، فيتحسَّاه، انظر:"المحلى" لابن حزم (7/ 22)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (28/ 17).
(2)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 86).
(3)
في الأصل: "لتأخير"، والصواب ما أثبت.
(4)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 38). وانظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 86).
إلى السحر، واختار اللخمي جوازه إلى السحر؛ لحديث:"مَنْ واصلَ، [فليواصل] إلى السحر"، وقول أشهب: من واصل أساء، ظاهره التحريم (1).
وقال علماؤنا، منهم الإمام الموفق في "المغني": يكره للتنزيه لا لِلتحريم (2).
(قالوا) -يعني: الصحابة؛ يعني: قال بعضهم-: (إنك) يا رسول اللَّه (تواصل)، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: فقال رجل من المسلمين (3)، ولم يسم، فكأن القائل واحدٌ، ونسب إلى الجميع؛ لرضاهم به.
وفيه دليل: على استواء المكلفين في الأحكام، وأن كل حكم ثبت في حقه صلى الله عليه وسلم ثبت في حق أمته، إلا ما استثني، فطلب الصحابة رضي الله عنهم الجمعَ بين قوله في النهي، وبين فعله للوصال الدالِّ على الإباحة؛ فأجابهم باختصاصه به (4)، (فقال صلى الله عليه وسلم: إنِّي لستُ مثلكم)، وفي لفظ:"إني لست كهيئتكم"(5)، وفي آخر:"لستُ كأحدِكم"(6)، وفي آخر:"كأحد منكم"(7)، (فإني أُطْعَم وأُسْقَى) -بضم الهمزة فيهما-، وفي رواية:"إني أَبيت أُطعم وأُسقى"(8) حقيقة، فيؤتى بطعام وشراب من عند اللَّه كرامةً له
(1) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 396).
(2)
انظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 56).
(3)
تقدم تخريجه من رواية مسلم برقم (1103/ 57).
(4)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 396).
(5)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1822)، وعند مسلم برقم (1102/ 55).
(6)
هي من رواية الكشميهني، كما في "الفتح"(4/ 203).
(7)
هي من رواية ابن عساكر، كما في "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 396).
(8)
تقدم تخريجه عند البخاري (1860) من حديث أنس رضي الله عنه.
في ليالي صومه، كذا قيل، ورُدَّ بأنه لو كان كذلك، لم يكن مُواصلًا، والجمهورُ على أنه مجازٌ عن لازم الطعام والشراب [وهو القوة]، أو أن اللَّه تعالى يخلُق فيه من الشبع والريِّ ما يُغنيه عن الطعام والشراب، فلا يحسُّ بجوع ولا عطش.
والفرقُ بينه وبين الأول: أنه على الأول يُعطى القوة من غير شبع ولا ري، [بل] مع الجوع والظمأ، وعلى الثاني: يُعطى القوة مع الشبع والري.
ورجَّح قوم الأولَ؛ لأنه يفوتُ بالثاني مقصودُ الصوم والوصال؛ فإن الجوع والظمأ روحُ هذه العبادة بخصوصها (1).
قال الإمام ابن القيم في قوله صلى الله عليه وسلم: "إني أُطعم وأُسقى": يحتمل أن يكون المراد: ما يغذِّيه اللَّه به من معارفه، وما يفيضه على قلبه من لذة مناجاته، وقرة عينه بقربه، ونعيمه بحبه، قال: ومن له أدنى تجربة وشوق يعلم استغناءَ الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني، ولاسيما الفرحان الظافر بمطلوبه، الذي قرت عينه بمحبوبه (2).
(ورواه)؛ أي: هذا الحديث جماعةٌ من الصحابة رضي الله عنهم، منهم:(أَبو هريرة) كما في "الصحيحين"، ولفظه: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول اللَّه تواصل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لستُمْ مثلي، إني أَبيتُ يُطْعمني ربي ويَسقيني"، فلما أَبَوا أَن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال:
(1) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 396).
(2)
انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (2/ 32 - 33).
"لو تأخَّرَ الهلالُ، لزدتُكُم" كالمنكِّلِ لهم حين أَبوا أن ينتهوا (1).
وفي بعض ألفاظ البخاري: كالمنكر لهم -بالراء- (2).
وفيهما من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إياكم والوصالَ"، قالوا: فإنك تواصلُ يا رسول اللَّه، قال:"إنكم لستُمْ في ذلك مثلي، إني أَبيتُ يُطعمني ربي ويَسقيني، فاكْلَفوا من الأعمال ما تُطيقون"، ولفظ البخاري:"إياكم والوصالَ، إياكم والوصال"(3).
(و) منهم: (عائشةُ) الصديقةُ رضي الله عنها، ولفظه كما في "الصحيحين": قالت: نهاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمةً لهم، قالوا: إنك تواصل، قال:"إني لَسْتُ كهيئتِكُم، إني أَبيتُ يُطعمني ربي ويسقيني"، لم يقل البخاري في حديث عائشة:"أبيت"(4).
(و) منهم (أنسُ بنُ مالك) رضي الله عنه، ولفظه في آخر الحديث، قال: فأخذ يواصل رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وذلك في آخر الشهر، فأخذ رجالٌ من أصحابه يواصلون، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما بالُ رجالٍ يُواصلون؟! إنكم لستُمْ مثلي، أما واللَّه! لو تمادَّ لي الشهرُ، لواصلتُ وصالًا يدع المتعَمِّقون تعمُّقهم، إنكم لستُمْ مثلي"، أو قال:"إني لستُ مثلَكم، إني أظلُّ يُطعمني ربي ويَسقيني"(5)، وفي بعض طرق البخاري من حديث أنس مرفوعًا: "لا
(1) تقدم تخريجه في حديث الباب.
(2)
هي من رواية المستملي، كما في "الفتح"(4/ 206).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
تقدم تخريجه، وهذا لفظ مسلم.
تواصلوا"، قالوا: إنك تواصل، قال: "لستُ كأحدكم" الحديث (1).
قال الحافظ المصنف -رحمه اللَّه تعالى-: (ولمسلم) -يعني: دون البخاري-، والصواب عكسُه، وهو للبخاري دون مسلم (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه): أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تواصلوا، (فأيكم أراد)، وفي لفظ: "فأيكم إذا أراد" (2) (أن يواصل، فليواصل إلى السحر)، وفي لفظ: "حتى السحر" (3)، قالوا: فإنك تواصل يا رسول اللَّه، قال: "إني لستُ كهيئتكم إني أَبيتُ لي مُطْعِم يُطِعُمني، وساقٍ يَسْقيني".
وأخرجه أَبو داود، ولم يخرجه مسلم، ونبه على انفراد البخاري به الحافظُ عبدُ الحق في "جمعه بين الصحيحين"(4)، والضياء المقدسي في "المختارة"(5)، ولم ينبه عليه ابنُ دقيق العيد، وكان عليه ذلك.
قال القسطلاني في "شرح البخاري" تبعًا للحافظ ابن حجر: والحافظ عبد الغني عزا ذلك للبخاري فقط في "عمدته الكبرى"، فلعله وقع له في "عمدته الصغرى" سبق قلم (6).
تنبيه:
مما يؤيد القولَ بعدم التحريم في الوصال، وأنه الكراهة فقط أشياءُ منها: قوله في حديث عائشة: رحمةً لهم؛ أي: لأجل الرحمة، فهو كنهيه
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1862).
(3)
تقدم تخريجه برقم (1862) عنده.
(4)
انظر: "الجمع بين الصحيحين" للإشبيلي (2/ 140)، حديث رقم (1685).
(5)
وقع في "النكت على العمدة" للزركشي (ص: 184): الضياء في "أحكامه"، وهو الصواب.
(6)
انظر:"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 397).
لهم عن قيام الليل خشيةَ أن يُفْرض عليهم، يؤيد ذلك ما روى أَبو داود بإسناد صحيح، عن رجل من الصحابة رضي الله عنهم، قال: نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الحِجامة والمواصلة، ولم يحرمها؛ إبقاءً على أصحابه (1).
وما في البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل، فواصل الناس، فشق عليهم، فنهاهم (2).
ومنها: فعلُ أصحابه الكرام رضي الله عنهم، فقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، عن عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنهما: أنه كان يواصل خمسةَ عشرَ يومًا (3)، مع ما ثبت في "الصحيحين": أنه صلى الله عليه وسلم واصل بأصحابه بعد النهي (4)، فلو كان للتحريم، لما أقرهم عليه، فعُلم أنه أراد بالنهي: الرحمةَ لهم، والتخفيفَ عنهم كما صرحت به عائشةُ (5).
ومنها: أنه تركُ الأكل والشرب المباح، فلم يكن محرمًا؛ كما لو تركه في حال الفطر.
فإن قيل: فصومُ يوم العيد محرَّم مع كونه تركًا للأكل والشرب المباح.
قلنا: ما حرم ترك الأكل والشرب بنفسه، وإنما يحرم بنية الصوم، ولهذا لو تركه من غير نية الصوم، لم يكن محرمًا، والليل لا صوم فيه،
(1) رواه أَبو داود (2374)، كتاب: الصوم، باب: في الرخصة في ذلك، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 314).
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1822)، وعند مسلم برقم (1102).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(9599).
(4)
تقدم تخريجه عندهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (4/ 202)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 397).
فظهر عدمُ التحريم، ونحن نعلم أن الصحابة لم يفهموا من نهيه صلى الله عليه وسلم التحريمَ، ولو فهموه، ما فعلوه (1).
وأيضًا لو كان محرمًا، ما أقرهم على ذلك، ولبين لهم [حرمته](2)، وتأخيرُ البيان عن وقت الحاجة غير جائز، وهذا ظاهر لمن تأمله مع خلع رِبْقَة التقليد من عنقه، واللَّه الموفق.
* * *
(1) انظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 56).
(2)
في الأصل: "رحمته"، والصواب ما أثبت.