المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الأول عَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب بالذكر عقب الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌[كتاب] الصوم في السفر وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الأول عَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ

‌الحديث الأول

عَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بالذِّكرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ المَكْتُوبَةِ، كانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ ابْنُ عَبَّاسِ: كنتُ أَعْلَمُ إذَا انصَرَفُوا بِذَلِكَ إذَا سَمِعْتُهُ (1).

وفي لفظ: مَا كنا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ (2).

* * *

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (805)، كتاب: صفة الصلاة، باب: الذكر بعد الصلاة، ومسلم (583/ 122)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الذكر بعد الصلاة، وأبو داود (1003)، كتاب: الصلاة، باب: التكبير بعد الصلاة.

(2)

رواه البخاري (806)، كتاب: صفة الصلاة، باب: الذكر بعد الصلاة، ومسلم (583/ 120 - 121)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الذكر بعد الصلاة، وأبو داود (1002)، كتاب: الصلاة، باب: التكبير بعد الصلاة، والنسائي (1335)، كتاب: الصلاة، باب: التكبير بعد تسليم الإمام.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 534)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 84)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 89)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 642)، و"فتح الباري" لابن رجب (5/ 233)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 325)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 125).

ص: 51

(عن) حبر هذه الأمة (عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهما) قال: (إن رفع الصوت بالذكر) المشروع (حين ينصرف الناس)؛ أي: يسلمون (من) الصلاة (المكتوبة)؛ أي: المفروضة (كان) مشهورًا ومعروفًا (على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم)، ومثل هذا محكوم له بالرفع، خلافًا لمن شذ، ومنع ذلك، وقد اتفق الشيخان، والجمهور على: أنه يحكم له بالرفع (1).

وفيه: دليل على جواز الجهر بالذكر عقب الصلاة.

قال الطبري: فيه الإبانة عن صحة ما كان يفعله بعض الأمراء من التكبير عقب الصلاة (2).

وتعقبه ابن بطال: بأنه لم يقف على ذلك عن أحد من السلف، إلا ما حكاه ابن حبيب في "الواضحة" (3): أنهم كانوا يستحبون التكبير في العساكر عقب الصبح والعشاء، تكبيرًا عاليًا ثلاثًا، قال: وهو قديم من شأن الناس، قال ابن بطال: وفي "العتبية"(4) عن مالك: أنَّ ذلك مُحْدَث، قال: وفي السياق إشعار أن الصحابة رضي الله عنهم، لم يكونوا يرفعون أصواتهم بالذكر في الوقت الذي قال فيه ابن عباس ما قال.

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 325).

(2)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 89).

(3)

كتاب: "الواضحة في إعراب القرآن" لعبد الملك بين حبيب المالكي القرطبي، المتوفى سنة (239 هـ). انظر:"كشف الظنون"(2/ 1996).

(4)

"العُتُبيَّة" منسوبة إلى مصنفها، فقيه الأندلس محمد بن أحمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي القرطبي المتوفى (سنة 254 هـ)، وهو مسائل في مذهب الإمام مالك. انظر:"كشف الظنون"(2/ 1124). وقد اعتمد أهل الأندلس كتاب "العتبية"، وهجروا "الواضحة" وما سواها، وكتبوا عليها ما شاء اللَّه أن يكتبوا؛ قبل ابن رشد وأمثاله. انظر:"أبجد العلوم"(2/ 412).

ص: 52

قال في "الفتح": في التقييد بالصحابة نظر، بل لم يكن حينئذ من الصحابة إلا القليل (1).

وقال النووي: حمل الشافعي هذا الحديث على: أنهم جهروا به وقتًا يسيرًا، لأجل تعليم صفة الذكر، لا أنهم داموا على الجهر به، قال: والمختار أن الإمام والمأموم يخفيان الذكر، إلا إن احتيج إلى التعليم (2).

وفي "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية": كان صلى الله عليه وسلم يجهر بالذكر؛ كقوله: "لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له" إلخ؛ أحيانًا، قال: وأما الذكر بعد الانصراف، فكما قالت عائشة رضي الله عنها: هو مثل مسح المرآة بعد صقالها؛ فإن الصلاة نور، فهي تصقل القلب؛ كما تصقل المرآة، ثم الذكر بعد ذلك بمنزلة مسح المرآة (3).

و (قال ابن عباس) رضي الله عنهما: (كنت أعلم) فيه إطلاق العلم على الأمر المستند إلى الظن الغالب (إذا انصرفوا)؛ أي: أعلم انصرافهم (بذلك)؛ أي: برفع الصوت (إذا سمعته)، أي: الذكر، والمعنى: كنت أعلم بسماع الذكر انصرافَهم.

(وفي لفظ) عند البخاري، وغيره: كنت أعرف انقضاء صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالتكبير (4).

ووقع في رواية الحميدي، عن سفيان، بصيغة الحصر، ولفظه: (ما كنا

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 326).

(2)

انظر: "شرح مسلم" للنووي (5/ 84).

(3)

انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (22/ 495)، و"الفتاوى المصرية الكبرى" له أيضًا (1/ 201).

(4)

تقدم تخريجه برقم (806) عنده.

ص: 53

نعرف انقضاء) (1) أي: فراغ (صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) وانصرافه منها (إلا بالتكبير)، وكذا أخرجه مسلم، من حديث سفيان بن عيينة (2).

واختلف في كون ابن عباس قال ذلك:

فقال عياض: الظاهر أنه لم يكن يحضر الجماعة؛ لأنه كان صغيرًا، ممن لا يواظب على ذلك، ولا يلزم به، فكأنه يعرف انقضاء الصلاة بما ذكر (3).

وقال غيره: يحتمل أن يكون حاضرًا في أواخر الصفوف، فكان لا يعرف انقضاءها بالتسليم، وإنما كان يعرفه بالتكبير (4).

قال ابن دقيق العيد: ويؤخذ منه: أنه لم يكن هناك مبلِّغ جهير الصوت، يسمع من بعد (5).

وقوله في هذه الرواية: "بالتكبير"، أخص من الرواية الأولى:"بالذكر"؛ لأنه أعم من التكبير، ويحتمل أن تكون هذه مفسرة لتلك، فكأن المراد: رفع الصوت بالذكر؛ أي: بالتكبير، وكأنهم كانوا يبدؤون بالتكبير بعد الصلاة، قبل التسبيح والتحميد (6) -كما سننبه عليه في الحديث الثالث-.

(1) رواه الحميدي في "مسنده"(480)، ومن طريقه: أبو نعيم في "المستخرج على صحيح مسلم"(2/ 183).

(2)

كما تقدم برقم (583/ 12) عنده.

(3)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 535).

(4)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 326).

(5)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 89).

(6)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 326).

ص: 54

قال في "الإقناع": ويستحب الجهر بالتسبيح، والتحميد، والتكبير؛ عقب الصلاة، نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية (1).

قلت: المنقول عنه، وذكره في "الفتاوى المصرية"، وغيرها: أنه يجهر به أحيانًا؛ بقصد التعليم (2).

وفى "الفروع": وهل يستحب الجهو بذلك، لقول بعض السلف والخلف؟ وقاله شيخنا، أم لا؟ كما ذكر أبو الحسين بن بطال، وجماعة: أنه قول أهل المذاهب المتبوعة، وغيرهم؟

قال: ظاهر كلام أصحابنا مختلف، ويتوجه تخريج واحتمال: يجهر؛ لقصد التعليم فقط، ثم يتركه؛ وفاقًا للشافعي، وحمل الشافعي خبر ابن عباس رضي الله عنهما على هذا، انتهى (3).

وقال الحافظ ابن رجب في "شرح البخاري": حكي عن أكثر العلماء: أن الأفضل الإسرار بالذكر؛ لعموم قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: 205]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن جهر بالذكر من أصحابه:"إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا"(4).

قال: وحمل الشافعي حديث ابن عباس هذا على أنه جهر به وقتًا يسيرًا، حتى يعلمهم صفة الذكر، لا أنهم جهروا دائمًا، قال: فاختار الإمام

(1) انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 193).

(2)

انظر: "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 465).

(3)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 399).

(4)

رواه البخاري (2830)، كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يكره من رفع الصوت في التكبير، ومسلم (2704)، كتاب: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر، عن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه.

ص: 55

والمأموم أن يذكروا اللَّه بعد الفراغ من الصلاة، ويخفيان ذلك، إلا أن يكون إمامًا يريد أن يُتعلَّم منه؛ فيجهر حتى يَعْلَمَ أنه قد تُعلِّم منه، ثم يُسِرُّ؛ وكذلك ذكر أصحابه.

قال: وذكر بعض أصحابنا مثل ذلك -أيضًا-، ولهم وجه آخر: أنه يكره الجهر به مطلقًا.

وقال القاضي أبو يعلى في "الجامع الكبير": ظاهر كلام أحمد: أنه يسن للإمام الجهر بالذكر والدعاء عقب الصلوات بحيث يُسمِعُ المأمومَ، ولا يزيد على ذلك.

وذكر عن الإمام أحمد نصوصًا تدل على أنه كان يجهر ببعض الذكر، ويسر الدعاء، وهذا هو الأظهر، وأنه لا يختص ذلك بالإمام؛ فإن حديث ابن عباس هذا ظاهره يدل على جهر المأمومين -أيضًا-.

قال: وأما الدعاء؛ فالسنة إخفاؤه، وفي "الصحيحين"، عن عائشة رضي الله عنها، في قوله تعالى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]: أنها نزلت في الدعاء (1). وكذا روي عن ابن عباس، وأبي هريرة، وعن سعيد بن جبير، وعطاء، وعكرمة، وعروة، ومجاهد، وإبراهيم، وغيرهم.

وقال الإمام أحمد: ينبغي أن يسر دعاءه، لهذه الآية، قال: وكان يكره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء، وقال الحسن: رفع الصوت بالدعاء بدعة، انتهى كلام الحافظ ابن رجب (2).

(1) رواه البخاري (5968)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء في الصلاة، ومسلم (447)، كتاب: الصلاة، باب: التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية بين الجهر والإسرار إذا خاف من الجهر مفسدة.

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن رجب الحنبلي (5/ 235 - 239).

ص: 56

قلت: وفي "الفتاوى المصرية" لشيخ الإسلام ابن تيمية: سئل عن قوم يواظبون عقب صلاة الجماعة، يجهرون بالذكر بعد الفراغ من الصلوات الخمس، فهل يجب نهيهم عن الجهر بالذكر، على مذهب مالك، وغيره، أم لا؟

أجاب بما ملخصه: أما الذكر المشروع في أدبار الصلوات، الذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوله، أو يعلمه المسلمين، مثل ما في الصحيح:"أنه كان يهل"(1)؛ أي: يجهر بقوله: "لا إله إلا اللَّه، وحده لا شريك له" إلخ؛ فلا يكره، بل يستحب للإمام أن يستقبل المأمومين، كفعله صلى الله عليه وسلم، ويقول ما كان يقوله من الذكر.

نعم، كره بعض السلف للإمام أن يقعد بعد الصلاة مستقبل القبلة، فظن بعض الناس أنهم كرهوا القعود مطلقًا، وقد جاءت السنة بالذكر بعد الصلاة، وبالدعاء أي: في آخرها، فظن بعض الناس أنه قد يتناول دعاء الإمام والمأمومين عقب الصلاة، قال: والصواب ما جاءت به السنة: الجهر بالذكر عقب الصلاة، وذكر حديث ابن عباس هذا.

ومن الناس من كره ذلك، وظنه بدعة، ومنهم من استحب ذلك مطلقًا، ظنًا منه مداومتهم على ذلك، قال: والصواب: أنه إن كان في الجهر مصلحة راجحة مثل تعليم من لم يعرف، ونحو ذلك فهو أفضل، وإلا: فالذكر سرًا أفضل، ولا يكره الجهر إلا حيث كرهته الشريعة، انتهى (2).

(1) سيأتي تخريجه قريبًا من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

(2)

الذي وقفت عليه في "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 456) تحت مسألة (322): ما يقول سيدنا في جماعة يسبحون اللَّه ويحمدونه ويكبرونه، هل ذلك سنة أم مكروه، وربما في الجماعة يثقل بالتطويل =

ص: 57