الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ! هَلَكْتُ، قَالَ:"مَا لَكَ؟ "، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، وفي رواية: أَصَبْتُ أَهْلِي في رَمَضَانَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُها؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَينِ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ "، قَالَ: لَا، فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، والعَرَقُ: المِكْتَلُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَيْنَ السَّائِلُ؟ "، قَالَ: أَنَا، قَالَ:"خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ"، فَقَالَ الرَّجُلُ: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسولَ اللَّهِ؟! فَوَ اللَّهِ! مَا بَيْنَ لَابَتَيْها -يُرِيدُ: الحَرَّتَينِ- أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيابُهُ، ثُمَّ قَالَ:"أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ"(1).
الحرَّةُ: أرضٌ تركبُها حجارةٌ سُودٌ.
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1834)، كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء، فتصدق عليه ليكفر، واللفظ له، و (1835)، باب: المجامع في رمضان، هل يطعم أهله إذا كانوا محاويج؟ و (2460)، كتاب: الهبة، باب: إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل قبلت، و (5053)، كتاب: النفقات، باب: نفقة المعسر على أهله، و (5737)، كتاب: الأدب، باب: =
(عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينما) -بالميم-، وتضاف إلى الجملة الاسمية والفعلية، وتحتاج إلى جواب يتمُّ به المعنى، والأفصح في جوابها ألَّا يكون فيه "إذ"، و"إذا"، ولكن كثير مجيئها كذلك، ومنه هذا الحديث (1)(نحن جلوسٌ عند)، وفي لفظ (2): مَعَ (رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه)؛ أي: النّبيَّ صلى الله عليه وسلم (رجل) هو سلمة بنُ صخر بن سلمان الخزرجيُّ
= التبسم والضحك، و (5812)، باب: ما جاء في قول الرجل: ويلك، و (6331)، كتاب: كفارات الأيمان، باب: متى تجب الكفارة على الغني والفقير، و (6332)، باب: من أعان المعسر في الكفارة، و (6333)، باب: يعطي في الكفارة عشرة مساكين، قريبًا كان أو بعيدًا، و (6435)، كتاب: المحاربين، باب: من أصاب ذنبًا دون الحد، فأخبر الإمام، فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء مستفتيًا، ومسلم (1111/ 81 - 84)، كتاب: الصيام، باب: تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، وأبو داود (2390 - 2393)، كتاب: الصوم، باب: كفارة من أتى أهله في رمضان، والترمذي (724)، كتاب: الصوم، باب: ما جاء في كفارة الفطر في رمضان، وابن ماجه (1671)، كتاب: الصيام، باب: ما جاء في كفارة من أفطر يومًا من رمضان.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (2/ 116)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 310)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 250)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 52)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 169)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 225)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 213)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 851)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 178)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 163)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 29)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 377)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 163)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 293).
(1)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 377).
(2)
كذا في رواية الكشميهني، كما في "الفتح"(4/ 164). ولأبي الوقت، كما في "إرشاد الساري"(3/ 377).
الأنصاريُّ البياضيُّ -بفتح الموحدة- نسبة إلى بياضة بن عامر بن زريق من الخزرج، وقيل: اسمه سلمان بن صخر.
قال البرماوي: والأوّل أصحُّ وأشهر، حتى قال ابن عبد البر: سلمان وهمٌ، وليس في الصّحابة سلمان إلا الفارسي، وأبو عامر الضَّبيُّ (1)، ولكن في الحصر نظر، فقد ذكر صاحب "التجريد" (2): سلمانَ بنَ ثمامةَ بنِ شراحيل الجعفيَّ، وسلمانَ بنَ خالدٍ الخزاعيَّ، إذا علم ذلك، فسلمة بن صخر هذا هو المظاهِرُ من امرأته أَلَّا يطأها في رمضان حتّى ينسلخ، فوطئها فيه، ذكره الحافظ عبد الغني بن سعيد، فيكون له القصتان في كفارة الظهار، وجماع رمضان، والظاهر: اختلافُ الواقعتين؛ لأنّ هذه نهارًا، وقضية الظهار كانت ليلًا؛ كما في بعض طرق حديثه: أنّه رأى خَلْخالها في ضوء القمر؛ كما في التّرمذي، وغيره (3)، وقد يُجمع بينهما: أنّه كان الابتداء ليلًا، وتمادى إلى النهار، وذلك أنّه كان امرأً يصيب من النساء ما لا يُصيب غيرُهُ، فلمّا دخل رمضان، حلف أَلَّا يطأها حتى ينسلخَ رمضانُ، فبينا هي تحدثه ذات ليلة، انكشف له منها شيء، فما لبث أن نزا عليها، فلما أصبح، غدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك الحديث بطوله؛ كما في "أبي داود" وغيره (4).
(1) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 321).
(2)
انظر: "تجريد أسماء الصحابة" للذهبي (1/ 229).
(3)
رواه الترمذي (1199)، كتاب: الطلاق واللعان، باب: ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفِّر، وقال: حسن صحيح، والنسائي (3457)، كتاب: الطلاق، باب: الظهار، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(4)
رواه أَبو داود (2213)، كتاب: الطلاق، باب: في الظهار، عن سلمة بن صخر رضي الله عنه.
(فقال: يا رسول اللَّه! هلكتُ)، وفي بعض طرق هذا الحديث: هلكتُ وأهلكتُ (1)؛ أي: فعلتُ ما هو سبب لهلاكي وهلاكِ غيري، وهو زوجته التي وطئها (2).
(قال) صلى الله عليه وسلم: (مالَكَ؟) -بفتح اللام-، و"ما" استفهامية، محلُّها رفعٌ بالابتداء؛ أي؛ أَيُّ شيء كائنٌ لك، أو حاصل لك (3).
وعند الإمام أحمد: "وما الذي أهلكك؟ "(4).
وعند ابن خزيمة: "وَيْحَكَ! ما شَأْنُكَ؟ "(5).
(قال: وقعتُ على امرأتي)، وفي حديث عائشة في "الصحيحين": وَطِئْتُ امرأتي (6)(وأنا صائم)، الواو للحال.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": يؤخذ منه أنه لا يُشترط في إطلاق اسم المشتق بقاء المعنى المشتق منه حقيقة؛ لاستحالة كونه صائمًا مجامِعًا في حالة واحدة، فعلى هذا قوله: وطئت؛ أي: شرعتُ في الوطء، أو أراد: جامعتُ بعد إذ أنا صائم (7).
= قلت: وبعض كلام البرماوي في "فتح الباري" لابن حجر (4/ 164). وانظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 376).
(1)
رواه الدارقطني في "سننه"(2/ 209)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 227)، وبين ضعف هذه الزيادة.
(2)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 377).
(3)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 297)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(5)
رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(1949).
(6)
سيأتي تخريجه قريبًا، وهذا لفظ مسلم برقم (1112/ 85).
(7)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (4/ 165).
(وفي رواية) في "الصحيحين" من حديث عائشة رضي الله عنهما: (أصبتُ أهلي)(1)، وكذا عند البزار من حديث أبي هريرة (2)، (في رمضان).
وفي لفظ من حديث عائشة: وطئتُ امرأتي في رمضان نهارًا (3)، (فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبةً تُعتقها؟)؛ أي: تقدر على ذلك؟ فالمراد: الوجود الشرعيُّ ليدخل فيه القدرة بالشراء ونحوه، ويخرج عنه مالكُ الرقبةِ المحتاج إليها بطريق معتبر شرعًا (4).
وفي لفظ عند الإمام أحمد: "أتستطيعُ أن تعتقَ رقبةً؟ "(5).
(قال) الرجل: (لا) أجدُ رقبة.
وفي رواية عند الطحاوي: فقال: لا، واللَّهِ يا رسولَ اللَّه (6).
وفي حديث ابن عمر: فقال: والذي بعثك بالحق! ما ملكتُ رقبةً قَطُّ (7).
(1) رواه البخاري (1833)، كتاب: الصوم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء"، ومسلم (1112/ 87)، كتاب: الصيام، باب: تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم.
(2)
لم أقف عليه في المطبوع من "مسند البزار". وانظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 377).
(3)
تقدم تخريجه قريبًا عند مسلم برقم (1112/ 85).
(4)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 377).
(5)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 516). وقد تقدم تخريجه عند البخاري برقم (6331) دون همزة الاستفهام في قوله: "أتستطيع".
(6)
رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 60).
(7)
رواه أَبو يعلى في "مسنده"(5725)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(8184).
(قال) عليه الصلاة والسلام: (فهل تستطيعُ أن تصومَ شهرينِ متتابعين؟ قال: لا).
وفي حديث سعد: قال: لا أقدر (1).
وفي رواية عند البزار: وهل لقيتُ ما لقيتُ إلا من الصيام؟ (2)
وفي بعض الألفاظ: وهل أُتيتُ إلا من الصوم؟ (3)
واعلم أنه لا إشكال في الانتقال من الصوم إلى الإطعام، إلا أن قوله -كما في بعض الروايات-: وهل أُتيت إلا من الصوم يقتضي أن عدم استطاعته للصوم بسبب شدة الشبق، وعدم الصبر في الصوم عن الوقاع، فنشأ من هذا خلاف من أن هذا هل يكون عذرًا مرخصًا في الانتقال من الصيام إلى الإطعام في حق من هو كذلك -أعني: شديد الشبق-؟ الظاهر (4): نعم.
(قال) صلى الله عليه وسلم: (فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا).
والمسكينُ مأخوذٌ من السُّكون؛ لأن المُعدم ساكنُ الحال عن أمور الدنيا، والمراد به هنا: يشمل الفقير، وإن كان معتمد المذهب (5): أن الفقيرَ أشدُّ حاجةً من المسكين؛ لأنه لم يجد نصفَ الكفاية، والمسكينُ مَنْ
(1) رواه البزار في "مسنده"(1107)، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
(2)
انظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (2/ 207)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 377). وقد رواه أَبو داود (2213)، كما تقدم من حديث سلمة بن صخر، من طريق ابن اسحاق أيضًا بلفظ:"وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام".
(3)
هذا اللفظ لا يعرف، كما قاله ابن الصلاح، انظر:"التلخيص الحبير" لابن حجر (2/ 207)، وانظر: ما تقدم من اللفظين السابقين.
(4)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 216).
(5)
انظر: "المغني" لابن قدامة (6/ 324).
وجدَ أكثرَ كفايته، إلا أنهما إذا اجتمعا، افترقا، وإذا افترقا، اجتمعا، فكل واحد من الفقير والمسكين حيث أُفرد يشمل الآخر، وإنما يفترقان عند اجتماعهما؛ نحو قوله:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} (1)[التوبة: 60].
قال ابن دقيق العيد: دلَّ قولُه: "إطعام ستين مسكينًا" على وجوب إطعام هذا العدد؛ لأنه أضاف الإطعام الذي هو مصدرُ أطعمَ إلى ستين، فلا يكون ذلك موجودًا في حقِّ مَنْ أطعمَ عشرين مسكينًا ثلاثة أيام مثلًا، ومن أجاز ذلك، فكأنه استنبط من النص معنىً يعود عليه بالإبطال (2).
والمشهورُ عن الحنفية: الإجزاء، حتى لو أطعم الجميعَ مسكينًا واحدًا في ستين يومًا، كفى، انتهى (3).
ومعتمد مذهبنا: أن الذي عليه الكفارةُ؛ لو ردَّها على مسكين واحد ستين يومًا، لم يجزئه، إلَّا أَلَّا يجدَ غيره، فيجزيه (4).
وفي رواية عند الإمام أحمد: "أفتستطيعُ أن تطعمَ ستين مسكينًا؟ "(5).
(1) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 377).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 217).
(3)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (4/ 166)، وما نقله الشارح رحمه الله هنا- عن ابن دقيق العيد، فإنما ساقه عن القسطلاني في "إرشاد الساري"(3/ 377 - 378) الذي نقل عن الحافظ ابن حجر قول ابن دقيق العيد، والذي انتهى عند قوله: يعود عليه بالإبطال، ثم أتبع ابن حجر كلام ابن دقيق العيد بقوله: "والمشهور عن الحنفية
…
"، فظنه القسطلاني من كلام ابن دقيق، وتبعه الشارح رحمه الله على ذلك، والصواب ما بيناه، وباللَّه التوفيق.
(4)
انظر: "كشاف القناع" للبهوتي (5/ 386).
(5)
تقدم تخريجه عند الإمام أحمد برقم (2/ 516).
وفي حديث ابن عمر: قال: والذي بعثك بالحق! ما أُشبع أهلي (1).
وحكمةُ ترتيب هذه الكفارة على ما ذكر؛ لأن مَن انتهك حرمة الصوم بالجماع، فقد أهلكَ نفسه بالمعصية، فناسب أن يعتق رقبةً فيفدي نفسَه، وقد صح:"مَنْ أعتقَ رقبةً، أعتقَ اللَّهُ بكلِّ عضوٍ منها عُضْوًا منه من النار"(2)، وأما الصيام؛ فإنه كالمقاصَّة بجنس الجناية، وكونه شهرين؛ لأنه أمر بمصابرة النفس في حفظ كل يوم من شهر [رمضان] على الولاء، فلما أفسد منه يومًا، فكأنه أفسد الشهر. كلَّه من حيث إنه عبادة واحدة بالنوع، وكلف بشهرين مضاعفةً على سبيل المقابلة لنقيض قصده.
وأما الإطعام، فمناسبته ظاهرة؛ لأنه مقابلة كل يوم بإطعام مسكين (3).
وإذا ثبتت هذه الخصال الثلاث في هذه الكفارة، فهل هي على الترتيب، أو التخيير؟
قال في "الفروع": والكفارة على الترتيب؛ وفاقًا لأبي حنيفة، والشافعي.
وقيل: إنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام، فبأيها كَفَّرَ، أجزأه، وهذه رواية مرجوحة عندنا؛ وفاقًا لمالك في رواية عنه (4).
ومعتمد المذهب؛ كالحنفية والشافعية: اعتبارُ الترتيب.
(1) تقدم تخريجه قريبًا عند أبي يعلى والطبراني.
(2)
رواه البخاري (6337)، كتاب: كفارات الأيمان، باب: قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89]، ومسلم (1509)، كتاب: العتق، باب: فضل العتق، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (4/ 166).
(4)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 64).
(قال) أَبو هريرة رضي الله عنه: (فمَكُثَ) -بضم الكاف وفتحها- (النبيُّ صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية ابن عيينة: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اجلس"(1)، قيل: وإنما أمره بالجلوس لانتظار الوحي في حقه، أو كان عَرَفَ أنه سيؤتى بشيء يُعينه به (2).
(فبينا) -بغير ميم- (نحن على ذلك)، وجوابُ "بينا" قولُه:(أُتي النبي صلى الله عليه وسلم) -بضم الهمزة مبنيًا للمفعول-، ولم يُسَمَّ الآتي، ولكن عند البخاري في الكفارات: فجاء رجل من الأنصار (3)(بعَرَق) -بفتح العين والراء- متعلق بأُتي (فيه)؛ أي: ذلك العَرَقِ (تمر)، ولأبي ذر من ألفاظ البخاري:"فيها" بالتأنيث على معنى القفة (4).
قال القاضي عياض: المِكْتل والقُفَّةُ والزنبيلُ سواء (5).
وزاد ابن أبي حفصة عند الإمام أحمد: فيه خمسة عشر صاعًا (6).
وفي حديث عائشة عند ابن خزيمة: فأتي بعرق فيه عشرون صاعًا (7)، وفي حديثها عند الشيخين، قالت: أتى رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في
(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (6331).
(2)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 378).
(3)
تقدم تخريجه برقم (6332)، وكذا برقم (2460).
(4)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 378).
(5)
انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 335).
(6)
تقدم تخريجه عند الإمام أحمد برقم (2/ 516).
(7)
رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(1947). قال ابن خزيمة: إن ثبتت هذه اللفظة: "بعرق فيه عشرون صاعًا"، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا المجامع أن يطعم كل مسكين ثلث صاع من تمر؛ لأن عشرين صاعًا إذا قسم بين ستين مسكينًا، كان لكل مسكين ثلث صاع، ولست أحسب هذه اللفظة ثابتة.
رمضان، فقال يا رسول اللَّه! احترقتُ احترقتُ، إلى أن قال:"اجلس"، فجلس، فبينما هو على ذلك، أقبل رجلٌ يسوق حمارًا عليه طعام (1).
قال أَبو هريرةَ، أو الزهريُّ، أو غيره:(والعَرَقُ: المِكْتَل) -بكسر الميم وفتح الفوقية-: الزنبيلُ الكبير، يسع خمسةَ عشرَ صاعًا، ويقال: زبيل -بإسقاط النون- (2).
وفي "النهاية": أُتي بعَرقَ من تمر، هو زنبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور فهو عَرَق، وعَرَقة -بفتح الراء فيهما- (3).
وفي "المطالع": الزنبيل: القفةُ الكبيرةُ، وعندي أنه خُرْج من سَعَف، أو حَلْفَاءَ يُحمل على الدابة، وهو العَرَق، انتهى (4).
وعند مسدد: أنه صلى الله عليه وسلم أمر له ببعضه (5)، وهو يجمع بين الروايات، فمن قال: يسع عشرين، أراد: أصل ما كان فيه، ومن قال: خمسة عشر، أراد: قدر ما تقع به الكفارة (6).
(قال صلى الله عليه وسلم)، وفي لفظ: بزيادة الفاء (7): (أين السائل؟)، زاد في بعض الروايات:"آنِفًا"(8)، وسماه سائلًا؛ لأن كلامه متضمن للسؤال؛ فإن
(1) تقدم تخريجه، وهذا لفظ مسلم.
(2)
انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 76)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 378).
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (3/ 219).
(4)
وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 309).
(5)
رواه مسدد في "مسنده"(6/ 80 - "المطالب العالية" لابن حجر).
(6)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (4/ 169).
(7)
هو في رواية ابن عساكر، كما ذكر القسطلاني في "إرشاد الساري"(3/ 378).
(8)
تقدم تخريجه عند الطحاوي برقم (2/ 60)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
مراده: هلكتُ، فما ينجِّيني، وما يخلصني مثلًا (1)؟ (قال) الرجل:(أنا)، وفي، حديث عائشة رضي الله عنها عندهما: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أينَ المحترقُ آنِفًا؟ "(2)، فقام الرجل، (قال) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(خُذْ هذا فتصدَّقْ به)، وفي لفظ:"خذها فتصدَّقْ"(3)، وفي حديث عائشة:"تصدَّقْ بهذا"(4)، (فقال الرجل): أتصدق به (على) شخصٍ (أفقر مني يا رسول اللَّه؟!) بالاستفهام التعجبي، وحذف الفعل، لدلالة "تصدق به" عليه، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: فقال: يا رسول اللَّه! أغيرنا؟ فواللَّه إنا لَجِياعٌ ما لنا شيء (5).
وفي رواية: على أفقرَ من أهلي؟ (6)(فواللَّه! ما بين لابَتَيْها) -بغير همز-: تثنية لابَة.
قال بعض رواته: (يريد) باللابتين: (الحرتين) -بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء-: أرض ذات حجارة سود؛ كما يأتي في كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-، والضمير راجع إلى المدينة المنورة -على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام-؛ فإنها بين حرتين (أهلُ بيتٍ أفقرُ من أهل بيتي) برفع "أهل" اسم ما، ونصب "أفقر" خبرها إن جُعلت ما حجازية، وبالرفع إن جعلت تميمية، قاله الزركشي وغيره.
(1) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 378).
(2)
تقدم تخريجه عند الشيخين، وهذا لفظ مسلم.
(3)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 378)، وهي إحدى روايات البخاري.
(4)
وتقدم تخريجه.
(5)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (1112).
(6)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(3526)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(2246)، والدارقطني في "سننه"(2/ 190)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 224)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال البدرُ الدماميني (1): وكذا إن جعلناها حجازية ملغاة من عمل النصب؛ بناءً على أن قوله: "ما بين لابتيها" خبرٌ مقدم، وأهلُ بيتٍ مبتدأ، وأفقرُ صفة له (2).
وفي رواية: ما أحدٌ أحقَّ به من أهلي، ما أحدٌ أحوجَ إليه مني يا رسول اللَّه (3)، (فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه) تعجُّبًا من حال الرجل في كونه جاء أولًا هالكًا محترقًا خائفًا على نفسه، راغبًا في فدائها مهما أمكنه، فلما وجد الرخصة، طمع أن ياكل ما أُعطيه في الكفارة (4).
والأنياب: جمعُ ناب، وهي الأسنان الملاصقة للرَّباعِيات، وهي أربعة، والضحكُ غيرُ التبسُّم، وقد ورد أن ضحكه صلى الله عليه وسلم[كان] تبسمًا (5)؛ أي: في غالب أحواله (6).
(1) هو الشيخ الإمام العالم محمد بن أبي بكر بن عمر القرشي الإسكندري المالكي، المعروف بابن الدماميني، اشتغل ببلده على فضلاء وقته، فمهر في العربية والآداب، وشارك في الفقه وغيره؛ لسرعة إدراكه وقوة حافظته، وعين لقضاء المالكية بمصر، وكان أحد الكملة في فنون الأدب، معروفًا بالإتقان مع حسن الخط والمودة، وكان غير واحد من فضلاء تلامذته يتنتصر للبدر وشرح البخاري، توفي سنة (827 هـ). انظر:"الضوء اللامع" للسخاوي (7/ 185).
(2)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 378).
(3)
تقدم تخريجه من رواية عقيل كما أشار إليه الشارح رحمه الله. وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (4/ 171).
(4)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 217)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 378).
(5)
رواه الترمذي (3645)، كتاب: المناقب، باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: حسن صحيح، والإمام أحمد في "المسند"(5/ 97)، وغيرهما، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه.
(6)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 378).
وفي بعض ألفاظ الحديث: جُلُّ ضحكه التبسُّم (1). وقيل: إن ضحكهُ صلى الله عليه وسلم من رحمة اللَّه تعالى الأعرابي، وتوسعته عليه، وإطعامه له هذا الطعام، وإحلاله له بعد أن كُلِّف إخراجَه (2)، (ثم) بعد فراغه صلى الله عليه وسلم من ضحكه، (قال) له:(أطعمه)؛ أي: ما في المِكتَل من التمر (أَهْلَكَ) مِمَّن تلزمُك نفقتُه، أو زوجتك، أو مطلق أقاربك.
ولابن عيينة في الكفارات من "صحيح البخاري": "أطعمه عيالك"(3).
وفي رواية: فقال: "كُلْه"(4)، وفي رواية:"خُذْها وكُلْها وأنفقْها على عيالك"(5).
وفي الحديث عند أبي داود بإسناد جيد من حديث هشام بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة:"وصم يومًا مكانه"(6).
تنبيهات:
الأول: قال جمهور الأمة بإيجاب الكفارة بإفطار المجامع عامدًا (7).
(1) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 422)، والترمذي في "الشمائل المحمدية"(226)، والطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 155)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 1430)، عن هند بن أبي هالة التميمي رضي الله عنه.
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 217).
(3)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (6331).
(4)
تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (2217).
(5)
رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(2378)، والحاكم في "المستدرك"(2815)، وغيرهما بلفظ:"فأطعم منها وسقًا ستين مسكينًا، واستعن بسائرها على عيالك". وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (4/ 171).
(6)
تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (2393)، وقال فيه:"كله أنت وأهل بيتك، وصم يومك، واستغفر اللَّه".
(7)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 214).
ومعتمد مذهبنا: وجوبها على مَنْ جامع في صوم رمضان في حالة يلزمه فيها الإمساكُ، وعليه القضاء بلا عذر؛ وفاقًا للأئمة الثلاثة، والمراد؛ بذَكَرٍ أصليٍّ في فرج أصليٍّ، أنزلَ أم لا، سواء كان الفرج قُبلًا أو دُبرًا، من آدمي أو غيره، حي أو ميت، وسواء كان عامدًا أو ساهيًا أو جاهلًا أو مخطئًا، مختارًا كان أو مكرَهًا، على معتمد المذهب، نصًا، سواء أُكره على فعله، أو أولجَتْ ذكرَه فيها مثلًا وهو نائم.
وتقدم ذكرُ اختلاف الأئمة في الناسي.
ومن جامعَ يعتقده ليلًا، فبان نهارًا، وجب عليه القضاء، وكذا الكفارةُ عندنا، وعند الثلاثة: لا كفارةٌ.
وأما المكرَهُ، فعليه الكفارةُ عندنا؛ كالحنفية والمالكية، لكن نقل ابن القاسم من المالكية: كلُّ أمر غُلب عليه الصائمُ، فليس عليه قضاءٌ ولا كفارةٌ.
قال الأصحاب: وهذا يدل على إسقاط القضاء مع الإكراه والنسيان، انتهى (1).
ويختص وجوب الكفارة برمضان؛ وفاقًا بين الأئمة؛ لأن غيره لا يساويه؛ خلافًا لقتادة في إيجابه لهما في جماعه في قضائه.
ومعتمد مذهبنا: لا كفارةَ بغير جماع؛ وفاقًا للشافعية، نعم الإنزال بالمساحقة ألحقه في "المنتهى" بالجماع (2)، لكن عند الشافعية: لا كفارة، إلا أن يفطر بنفس الجماع، ومذهب مالك، وأبي حنيفة: يكفِّرُ من أكل وشرب.
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 56 - 57).
(2)
انظر: "منتهى الإرادات" للفتوحي (2/ 26).
قال في "الفروع": مذهب مالك: يكفِّر من أكل وشرب، وحُكي عنه أيضًا: في القيء، وبلعِ الحصاةِ: التكفيرُ وعدمُه، ومذهبه: أن الكفر يمنع وجوب الكفارة والقضاء، ومذهب أبي حنيفة: يكفِّر للأكل والشرب إن كان مما يُتغذى به، أو يُتداوى به، واللَّه أعلم (1).
الثاني: المرأة المطاوِعَةُ يفسد صومُها، وتكفِّرُ؛ وفاقًا لأبي حنيفة، ومالك، ولأحد قولي الشافعي؛ كالرجل، وعنه: لا كفارة عليها؛ وفاقًا لمعتمد قول الشافعي، وهو الذي استقر عليه مذهبه؛ لعدم أمر الشارع لها بها (2).
ويفسد صومُ المكرَه على الوطء، نص عليه، ولو أكره زوجته على الوطء في رمضان، دفعَتْهُ بالأسهل فالأسهل، ولو أفضى إلى [ذهاب] نفسه؛ كالمارِّ بين يدي المصلي؛ كما في "الفنون" لابن عقيل، وجزم به في "الإقناع"(3)، كـ "الفروع"(4).
الثالث: وقع في كتاب "المدونة" من قول ابن القاسم من المالكية: ولا يعرف مالك غير الإطعام (5).
قال ابن دقيق العيد: وهي معضلة لا يهتدى إلى توجيهها، مع مصادمتها للحديث، غير أن بعض المحققين من أصحابه حمل هذا اللفظ وتأوله على الاستحباب في تقديم الإطعام على غيره من الخصال، وذكروا لذلك
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 41).
(2)
المرجع السابق، (3/ 58).
(3)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 501).
(4)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 58).
(5)
انظر: "المدونة الكبرى" لابن القاسم (1/ 218).
وجوهًا لا تقاوم ما دلَّ عليه الحديثُ من البداءة بالعتق، ثم بالصوم، ثم بالإطعام، فلا أقلَّ من دلالته على الاستحباب، مع أن دلالته للوجوب أظهرُ، واللَّه أعلم (1).
الرابع: تباينت المذاهب في مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: "أطعِمْهُ أهلَكَ"، فمن قائل: هو دليل على إسقاط الكفارة عنه؛ لعدم إمكان صرفِ كفارته إلى أهله ونفسه، وإذا تعذر أن تقع كفارته، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم له استقرارَ الكفارة في ذمته إلى حين اليسار، لزم من مجموع ذلك سقوطُ الكفارة بالإعسار المقارن (2).
قال علماؤنا، منهم صاحب "الفروع": وتسقط هذه الكفارة بالعجز في ظاهر المذهب، نص عليه؛ وفاقًا للقديم من قولي الشافعي، وعن الإمام أحمد رواية: لا تسقط؛ وفاقًا لأبي حنيفة، والشافعي على معتمد مذهبه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بها الأعرابي لما جاءه العَرَق بعد ما أخبره بعسرته.
قال بعضهم: فلو كَفَّرَ عنه غيرُه بإذنه، وقيل: أو دونه، فله أخذها، وعنه: لا يأخذها، وأطلق ابن أبي موسى مِنَّا: هل يجوز له أكلُها، أم كان خاصًا بذلك الأعرابي؟ على روايتين (3).
قلت: الذي استقرَّ عليه المذهبُ: أنه إن كَفَّر عنه غيره بإذنه، فله أكلُها، وكذا لو مَلَّكه ما يكفِّر به، جاز له أكلُه مع أهليته، اعتمده في "الإقناع"(4)، وغيره، واستوجه في "الفروع" احتمال أنه صلى الله عليه وسلم رخَّص
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 215).
(2)
المرجع السابق، (2/ 214).
(3)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 65).
(4)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 502).
للأعرابي فيه لحاجته، ولم تكن كفارة، ولا تسقط غير هذه الكفارة بالعجز، وكذا كفارة الوطء في الحيض على معتمد المذهب.
وقال مالك: لا تسقط الكفارة بالإعسار المقارن (1).
والحاصل: أن معتمد مذاهب الأئمة الثلاثة: عدمُ سقوطها، ومعتمد مذهبنا: أنها تسقط، واللَّه أعلم.
(قال) الحافظ المصنف (رحمه الله ورضي عنه-: (الحَرَّةُ): واحدةُ الحرتين في قوله: (يريد يعني بلابتيها: الحرتين). (هي أرض تركبها حجارةٌ سودٌ)؛ لشدة حرّها، ووهج الشمس فيها، وجمعها حِرارٌ، وَحَرَّات (2).
وفي "النهاية": اللابة: الحَرَّةُ، وهي الأرض ذاتُ الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها، وجمعها لاباتٌ، فإذا كثرت، فهي اللَّابُ، واللُّوبُ، مثل: قارة وقار وقور، وألفها منقلبة عن واو، والمدينة بين حرتين عظيمتين (3)، واللَّه تعالى الموفق.
* * *
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 65 - 66).
(2)
انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 187).
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (4/ 274).