المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الرابع عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب بالذكر عقب الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌[كتاب] الصوم في السفر وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الرابع عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ:

‌الحديث الرابع

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:"مَا هَذَا؟ "، قَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ:"لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ"(1). وَلِمُسْلِمٍ: "عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ"(2).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (1844)، كتاب: الصوم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر: "ليس من البر الصوم في السفر"، واللفظ له، ومسلم (1115/ 92)، كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير رمضان، وأبو داود (2407)، كتاب: الصوم، باب: اختيار الفطر، والنسائي (2257)، كتاب: الصيام، باب: العلة التي من أجلها قيل ذلك، و (2261)، باب: ذكر الاختلاف على علي بن المبارك، و (2262)، باب: ذكر اسم الرجل.

(2)

ذكره مسلم في "صحيحه"(1115)، (2/ 786). قال الإمام مسلم:"وحدثناه أحمد بن عثمان النوفلي، حدثنا أَبو داود، حدثنا شعبة بهذا الإسناد، نحوه. وزاد: قال شعبة: وكان يبلغني عن يحيى بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث. وفي هذا الإسناد أنه قال: "عليكم برخصة اللَّه. . " قال: فلما سألته، لم يحفظه. وقد نبَّه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4/ 186) أن كلام صاحب "العمدة" أوهم أن قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم برخصة اللَّه" مما أخرجه مسلم بشرطه، وليس كذلك، وإنما هو بقية في الحديث لم يوصل إسنادها -كما تقدم بيانه-، =

ص: 543

(عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّه رضي الله عنهما، قال: كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر) من أسفاره، وهو غزوة الفتح كما في الترمذي (1)، وكانت في رمضان في الثامنة، أو غزوة تبوك كما رواه الشافعي (2)، (فرأى) عليه السلام (زحامًا) -بكسر الزاي-: اسمٌ للزحمة، والمراد هنا: الوصف المحذوف؛ أي: فرأى قومًا مزدحمين (3)، (و) رأى (رجلًا) قيل: هو أَبو إسرائيل العامريُّ، واسمه قيس، كذا في "القسطلاني شرح البخاري"(4)، وحاشية العلقمي على "الجامع الصغير".

وقال البرماوي في "شرح الزهر البسام": قال بعضهم: هذا أَبو إسرائيل رجل من الأنصار.

قال الخطيب، وابن الأثير: قيل: اسم أبي اسرائيل يُسَيْر -بضم المثناة

= نعم وقعت عند النسائي موصولة في حديث يحيى بن أبي كثير بسنده، وعند الطبراني من حديث كعب بن عاصم الأشعري، انتهى. وقد رواه النسائي (2258)، كتاب: الصيام، باب: العلة التي لأجلها قيل ذلك، و (2260)، باب: ذكر الاختلاف على علي بن المبارك.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (2/ 124)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 66)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 181)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 233)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 225)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 870)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 183)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 47)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 385).

(1)

رواه الترمذي (710)، كتاب: الصوم، باب: ما جاء في كراهية الصوم في السفر.

(2)

رواه الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 157).

(3)

انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 385).

(4)

المرجع السابق، الموضع نفسه.

ص: 544

تحت وفتح السين المهملة ثم مثناة تحت وآخره راء-.

وقال الحافظُ عبد الغني بن سعيد: اسمه قيصر -بفتح القاف وسكون المثناة تحت وفتح الصاد المهملة ثم راء-. قال: وليس في الصحابة من يشاركه في كنيته ولا في اسمه.

قال البرماوي: كأن من فسر الرجل هنا بأبي إسرائيل أخذه مما ذكروه في حديث: أن رجلًا نذر ألَّا يتكلم، وأن يقف للشمس، وأَلَّا يستظلَّ، الحديث (1)، من أن هذا الرجل هو أَبو إسرائيل كما قاله الخطيب، وابن عبد البر، وابن الأثير، وغيرهم هناك.

وقال عبد الغني: لا يعرف إلا في هذا الحديث.

وقال ابن بشكوال: هو أَبو إسرائيل الفهري، واسمه يسير (2)، كذا في "المنتقى" لابن الجارود (3).

وقال أَبو عمر: أسير، انتهى.

وكأن هذا الذي نقله عن أبي عمر في غير "الاستيعاب"، وأما فى "الاستيعاب"، فلم يزد على أن قال: قيل: اسمه يسير (4).

وبالجملة: فظنَّ مَنْ فَسَّرَ مَنْ ظُلِّلَ عليه في السفر بأبي إسرائيل أن الواقعتين واحدة، والظاهر أنهما قضيتان، لا تعلُّق لإحداهما بالأخرى؛ لأن مدار الحديث على جابر، وساقه في الصوم في السفر، وقد روي أن

(1) سيأتي تخريجه قريبًا.

(2)

انظر: "غوامض الأسماء المبهمة" لابن بشكوال (1/ 239).

(3)

رواه ابن الجارود في "المنتقى"(938)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(4)

انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1597).

ص: 545

قضية جابر كانت في الفتح على ما في الترمذي، أو في تبوك كما رواه الشافعي، وكانت بعدما أضحى النهار، والحديث الثاني رواه مرفوعًا على ابن عباس، ومرسَلًا على حُميدِ بن قيس المكي الأعرج، وثورِ بن زيدٍ الديليِّ المدنيِّ.

فأما حديث ابن عباس، ففي البخاري، وأبي داود: بينما رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أَبو إسرائيل نذرَ أن يقوم في الشمس، ولا يقعد، ويصومَ ولا يفطر، ولا يستظل ولا يتكلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مُروهُ فَلْيَسْتَظِلَّ، ولْيَقْعُدْ، ولْيَتَكَلَّمْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ"(1).

وأما حديثُ حُميد، وثورٍ، فأخرجه مالك في "الموطأ": رأى رجلًا قائمًا في الشمس، الحديث (2).

فالظاهر من سياق ذلك أنه كان في الحضَر؛ بدليل قوله: وهو يخطب، وأيضًا ساقه في نذر ما لا يجوز، ومع تمام التأمل تعرف المغايرة بين الحديثين من عدة أوجه، واللَّه تعالى أعلم.

(قد ظُلِّلَ عليه)؛ أي: فجُعل عليه شيءٌ يظله من الشمس لما حصل له؛ يعني: جُعل عليه شيء من شدة العطش وحرارة الصوم، وقوله: ظُلِّلَ -بضم الظاء مبنيًا للمفعول-، والجملة حالية (3)، (فقال) عليه الصلاة والسلام:(ما هذا؟)، وللنسائي:"ما بالُ صاحِبِكُم هذا؟ "(4)، فـ (قالوا)؛

(1) رواه البخاري (6326)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: النذر فيما لا يملك وفي معصية، وأبو داود (3300)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية.

(2)

رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 475).

(3)

انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 385).

(4)

تقدم تخريجه برقم (2258) عند النسائي.

ص: 546

أي: مَن حضرَ من الصحابة، ولابن عساكر: قالوا -بإسقاط الفاء- (1): (صائمٌ) خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هذا، أو هو صائم، (فقال) عليه السلام:(ليسَ مِنَ البِرِّ) -بكسر الباء-؛ أي: ليس من الطاعة والعبادة (الصَّومُ في السَّفَر) إذا بلغ بالصائم هذا المبلغ من المشقة، ولا حجة فيه لبعض الظاهرية القائلين بعدم انعقاد الصوم في السفر؛ لأنه عام خرج على سبب، فإن قيل بخصوصه، فلا حجة فيه، وإلا، حمل على مَنْ حالُه مثلُ حال الرجل، وبلغَ به ذلك المبلغَ (2).

وحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ الكَدِيدَ؛ أي: -بفتح الكاف وكسر الدال الأولى-: موضعٌ بينه وبين المدينة سبع مراحِل أو نحوها، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين (3)، أفطرَ، فأفطر الناسُ، متفق عليه (4).

وفي "البخاري" عنه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة، ومعه عشرةُ آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصفٍ من مقدَمِهِ المدينةَ، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون حتى بلغ كديد، وهو ماء بين عسفان وقديد، أفطر، وأفطروا (5).

(1) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 385).

(2)

المرجع السابق، الموضع نفسه، نقلًا عن الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4/ 184).

(3)

انظر: "معجم البلدان" لياقوت (4/ 442).

(4)

رواه البخاري (1842)، كتاب: الصوم، باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر، ومسلم (1113)، كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية.

(5)

رواه البخاري (4027)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الفتح في رمضان.

ص: 547

وفي "الصحيحين" عنه رضي الله عنه، قال: فصام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، [وأفطر، فمن شاء صام](1)، ومَنْ شاء أفطر (2).

وفيهما عنه، قال: لا تَعِبْ على من صام، ولا على من أفطر، قد صام رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأفطر (3).

فائدة:

قال الزركشي، وتبعه صاحب "جمع العدة لفهم العمدة" (4):"من" في قوله صلى الله عليه وسلم "ليسَ منَ البِرِّ" زائدة لتأكيد النفي، وقيل: للتبعيض، وليس بشيء، وتعقبه البدر الدماميني، فقال: هذا عجيب؛ لأنه أجاز ما المانعُ منه قائمٌ، ومنعَ ما لا مانع منه، وذلك أن من شروط زيادة "من" أن يكون مجرورها نكرة، وهو في الحديث معرفة، وهذا هو المذهبُ المعوَّلُ عليه، وهو مذهب البصريين؛ خلافًا للأخفش والكوفيين، وأما كونها للتبعيض، فلا يظهر لمنعه وجهٌ؛ إذ المعنى: أن الصوم في السفر ليس معدودًا من أنواع البر، وأما رواية:"ليسَ من امْبِرِّ امْصيام في امسفر" -بإبدال اللام ميمًا في لغة أهل اليمن-، فهي في "مسند الإمام أحمد"(5).

قال السخاوي في "شرح المفصل" في هذا الحديث: يجوز أن يكون

(1) في الأصل: "وصام من شاء"، والصواب ما أثبت.

(2)

رواه البخاري (1846)، كتاب: الصوم، باب: من أفطر في السفر ليراه الناس، ومسلم (1113)، (2/ 785)، كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية.

(3)

رواه مسلم فقط دون البخاري بهذا اللفظ (1113/ 89).

(4)

هو الإمام البرماوي، وقد تقدم التعريف به وبكتابه هذا.

(5)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 434)، عن كعب بن عاصم الأشعري رضي الله عنه. وانظر:"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 385 - 386).

ص: 548

النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بذلك لمن هذه لغته، أو تكون هذه لغة الراوي التي لا ينطق بغيرها؛ لا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أبدلَ اللام ميمًا.

قال الأزهري: والوجه أَلَّا تثبت الألف في الكتابة؛ لأنها ميم جعلت كالألف واللام (1).

(ولـ) لإمام (مسلم) في "صحيحه" في هذا الحديث: قال شعبة: وكان يبلغني من يحيى بن أبي كثير: أنه كان يزيد: أنه صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم برُخْصة اللَّهِ التي رخص لكم).

تقدم تعريف الرخصة، وأنها ما ثبتَ على خلافِ دليلٍ شرعي لمعارضٍ راجح، وفي هذا دليل على استحباب التمسك بالرخصة إذا دعت الحاجة إليها، ولا يمشي مع النفس على وجه التشديد والتنطع والتعمق (2)، فربما كان ذلك من دسائسها الخفية، وآفاتها المخفية، واللَّه الموفق.

* * *

(1) نقله رضي الدين الاستراباذي في "شرح شافية ابن الحاجب"(4/ 454).

(2)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 225).

ص: 549