الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إذَا رَأَيْتُمُوهُ، فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَاقْدُرُوا لَهُ"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1801)، كتاب: الصوم، باب: هل يقال: رمضان، أو شهر رمضان؟، و (1807 - 1809)، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا"، ومسلم (1080/ 3 - 9)، كتاب: الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال، وأبو داود (2320)، كتاب: الصوم، باب: الشهر يكون تسعًا وعشرين، والنسائي (2120 - 2121)، كتاب: الصيام، باب: ذكر الاختلاف على الزهري في هذا الحديث، و (2122)، باب: ذكر الاختلاف على عبيد اللَّه بن عمر في هذا الحديث، وابن ماجه (1654)، كتاب: الصيام، باب: ما جاء في: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (2/ 94)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 275)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 7)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 137)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 186)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 205)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 842)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 175)، و"طرح التثريب" للعراقي (4/ 105)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 120)، و"عمدة القاري" =
(عن) أبي عبدِ الرحمن (عبدِ اللَّه بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إذا رأيتُموه) -يعني: هلال رمضان-، وفي لفظ عندهما: قال ابن عمر رضي الله عنهما: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان، فقال:"لا تصوموا حتّى تروا الهلال"(1)؛ يعني: إذا لم يكمل شعبان ثلاثين، ولم يكن في السّماء علة من غيم ونحوه، (فصوموا) لرؤيته، (وإذا رأيتموه)؛ يعني: هلال شوال، (فأفطروا).
وفي لفظ عندهما: "ولا تُفطروا حتّى تَرَوه"(2)؛ أي: الهلال، وليس المرادُ رؤيةَ جميع النّاس بحيث يحتاج كلُّ فرد فرد إلى رؤيته، بل المعتبر رؤيةُ بعضهم، وهو العدد الذي تثبتُ به الحقوق، وهو عَدْلان، إلا أنّه يكتفى في ثبوت هلال رمضان بعدلٍ واحد (3).
قال في "الفروع": ويُقبل في هلال رمضان قولُ عدلٍ واحد، نص عليه؛ وفاقًا للشّافعيّ، وحكاه التّرمذي عن أكثر العلماء (4)؛ لحديثي ابنِ عمر وابنِ عبّاس، ولأنه خبر ديني، وهو أحوط، ولا تهمة فيه؛ بخلاف آخر الشهر.
ومعتمد المذهب: هو خبر، فتقبل المرأةُ والعبد، ولا يختص بحاكم، فيلزم الصّوم من سمعه من عدل، ولا يعتبر لفظ الشهادة.
والأصح للشّافعيّة: أنّه شهادة لا إخبار.
= للعيني (10/ 271)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 351)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 151)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 262).
(1)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1807)، وعند مسلم برقم (1080/ 3).
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1807)، ومسلم برقم (1080/ 3، 6، 9).
(3)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 356).
(4)
انظر: "سنن الترمذي"(3/ 74).
ومذهب أبي حنيفة: يُقبل واحد في غيم، أو رآه خارجه، أو أعلى مكان منه؛ كالمنارة، ومع الصحو التواتر.
ومذهب مالك: يعتبر عدلان، وكذا قولُ الشّافعيّ في القديم (1).
(فإن غُمَّ عليكم) -بضم الغين المعجمة وتشديد الميم-؛ أي: إن حال بينكم وبين الهلال غيمٌ في صومكم أو فطركم (2)، (فاقْدُروا له) -بهمزة وصل وضم الدال- (3).
قال العلامة الشيخ مرعي الحنبلي في كتابه "تحقيق الرجحان": للعلماء في قوله: "فاقْدُروا له" قولان:
أحدهما: قدروا الهلال زمانًا يمكن أن يطلع فيه، وذلك ليلة الثلاثين، فأمّا الليلة التي بعدها، فلا تحتاج إلى تقدير، وهذا مأخوذ من قوله تعالى:{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7]؛ أي: ضُيِّق.
الثّاني: أنّ معنى "اقدُروا": احكموا بطلوعه من جهة الظاهر، مأخوذ من قوله تعالى:{قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} [النمل: 57]؛ أي: حكمنا بذلك، هذا قول علمائنا.
وقال المخالف: هذه الزيادة تأكيد لقوله: "لا تصوموا حتّى تَرَوا الهلالَ"؛ إذ المقصود حاصل منه، ولا يخفى أنّ التأسيس أولى من التأكيد، وتفسيرهم لهذه الزيادة يعني: قدروا له تمامَ العدِّ ثلاثين يومًا؛ أي: انظروا
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 10 - 11).
(2)
انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 135)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (3/ 388).
(3)
انظر: "لسان العرب" لابن منظور (5/ 77)، (مادة: قدر)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 356).
في أوّل الشهر وآخره، واحسبوه ثلاثين يومًا تحصيل للحاصل، هذا، وراوي الحديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما أعلم بتفسيره.
قال نافع: كان عبدُ اللَّه بن عمر رضي الله عنهما إذا مضى من شعبان تسعٌ وعشرون يبعث مَنْ ينظر، فإن رأى، فذاك، وإن لم ير، ولم يحل دون منظره سحابٌ ولا قَتَرٌ، أصبح مفطرًا، وإن حال دون منظره سحابٌ أو قتر، أصبح صائمًا. رواه أَبو داود، وغيره (1)، وكذا كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يصوم إذا كانت السّماء في تلك الليلة متغيمة، وليس هذا بالتقدير، ولكنه للتحري.
وقد روى الربيع عن الشّافعيّ: أنّ عليَّ بنَ أبي طالب رضي الله عنه، قال: لأَنْ أصومَ يومًا من شعبانَ أحبُّ إليَّ من أن أُفطر يومًا من رمضان (2).
وروى الإمام أحمد بسنده: أنّ أبا هريرة رضي الله عنه، قال: لأَنْ أتعجَّلَ في صوم رمضانَ بيومٍ أحبُّ إليَّ من أن أتأخَّر؛ لأنّي إذا تعجَّلْتُ، لم يَفُتْني، وإذا تأخرت، فاتني.
وكذا روى الإمام أحمد بسنده عن معاوية، وعمرو بن العاص.
وروى مثله سعيد بن منصور عن عائشة وأسماء ابنتي الصدِّيق -رضوان اللَّه عليهم أجمعين-.
وفي هذا الحديث: دليل على عدم تعليق الحكم بالحساب (3).
(1) رواه أَبو داود (2320)، كتاب: الصوم، باب: الشهر يكون تسعًا وعشرين، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 5).
(2)
رواه الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 103)، وفي "الأم"(2/ 94)، والدارقطني في "سننه"(2/ 170)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 212)، عن فاطمة بنت الحسين.
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 205).
وفي "الصحيحين" وغيرهما: أنّه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجة الوداع: "إنَّ الزمانَ قدِ استدارَ كهيئته يومَ خلقَ اللَّهُ السمواتِ والأرضَ، السنةُ اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب" الحديث (1).
وأنزل اللَّه تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [التوبة: 36]، فأخبر سبحانه أنّ هذا هو الدين القيّم، لا ما عداه، فظهر بهذا عودُ المواقيت إلى الأهلّة، لا إلى العدد والحساب.
قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية -قدّس اللَّه روحه-: وقد ذهب قوم منتسبة إلى الشّيعة من الإسماعيليةِ وغيرِهم يقولون بالعدد دون الرؤية، ومبدأُ خروج هذه البدعة من الكوفة، فمنهم من يعتمد على جدول يزعمون أنّ جعفرًا الصادق دفعه إليهم، وهذا كذب مختلَق على جعفرٍ، اختلقه عليه عبدُ اللَّه بنُ معاوية، وقد ثبت بالنقل المرضي عن جعفر وعامة أئمة أهل البيت ما عليه جماعة المسلمين، ومنهم من يعتمد على أنّ رابع رجب أوّل رمضان، أو على أن خامس رمضان الماضي أوّل رمضان الحاضر، ومنهم من يروي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم حديثًا لا يُعرف في شيء من كتب الإسلام، ولا رواه عالم قط: أنّه قال: "يومُ صومِكم يومُ نحرِكم"، وغالب هؤلاء يوجبون أن يكون رمضان تامًا، ويمنعون أن يكون تسعة وعشرين يومًا.
قال شيخ الإسلام: لا خلافَ بين المسلمين أنّه إذا كان مبدأ الحكم في الهلال، حسبت الشهور كلها هلالية؛ مثل أن يصوم الكفارة في هلال المحرم، أو يتوفى زوج المرأة في هلال المحرم، أو يؤلي من امرأته في
(1) تقدم تخريجه.
هلال المحرم مثلًا، أو يبيعه في الهلال إلى شهرين أو ثلاثة، فإن جميع الشهور تحتسب بالأهلة، وإن كان بعضها أو جميعها ناقصًا، وأمّا إن وقع مبدأ الحكم في أثناء الشهر، فقيل: تحسب الشهور كلُّها بالعدد، وقيل: بل يكمل شهر بالعدد، والباقي بالأهلة، وهذان القولان روايتان عن الإمام أحمد، أصحُّهما الثّاني، وهو الصواب الذي عليه عملُ المسلمين قديمًا وحديثًا، فإن كان الشهر الأوّل كاملًا، كمل ثلاثين يومًا، وإن كان ناقصًا، جعل تسعة وعشرين يومًا، فإذا تقرر هذا، فالشهر قد ينقص، وقد لا ينقص (1).
تنبيه:
قد اختلف الأئمةُ الأربعة في ليلة الثلاثين من شعبان حيث كان في السّماء علةٌ من غيم أو قتر أو غيرِهما، فمذهبُ الحنفية: صومُ يومِ الشّك يقع على وجوه:
أحدها: أن ينوي صومَ رمضان، وهو مكروه، تمَّ ظهر أنّ اليوم من رمضان، أجزأه، وإن ظهر أنّه من شعبان، وقع تطوُّعًا.
ثانيها: أن ينويه عن واجب آخر، وهو مكروه أيضًا، إلا أنّه دون الأوّل في الكراهة، ثمَّ إن ظهر أنّه من رمضان، أجزأه، وإن ظهر أنّه من شعبان، فقيل: يقع تطوعًا، وقيل: عما نواه، وهو الأصح.
ثالثها: أن ينوي التّطوع، وهو غيرُ مكروه، ثمَّ إن ظهر أنّه من رمضان، وقع عنه؛ لأن رمضان معيار لا يسع غيره.
ورابعها: أن يتردَّدَ في أصل النية؛ بأن ينوي أن يصوم غدًا إن كان من
(1) انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (25/ 178 - 179).
رمضان، ولا يصوم إن كان من شعبان، وفي هذا الوجه لا يكون صائمًا؛ لعدم الجزم في العزيمة.
خامسها: أن يتردَّدَ في وصف النية؛ بأن ينوي: إن كان غدًا من رمضان، فعنه، وإلا، فعن واجبٍ آخرَ، وهذا مكروه، ثمَّ إن ظهر من رمضان، أجزأه، وإن ظهر من شعبان، لم يجزه عن الواجب؛ للتردد في وصف النية، ويقع تطوعًا.
ومذهب المالكية: يجوز صومُ يوم الشّك إن كان تطوعًا، أو عادة، ويجب إن كان قضاء، أو نذرًا، ويحرم على أحد القولين إن صامه احتياطًا، ولا يجزىء في الجميع إن ظهر من رمضان (1).
ومذهب الشّافعيّة: يحرم على الصحيح عندهم صومُ يوم الشّك، ولا يصح، سواء نواه من رمضان، أو نفلًا؛ لقول عمار بن ياسر رضي الله عنه: من صامَ يومَ الشّك، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه التّرمذي، وغيره، وصحَّحوه موقوفًا، وعلّقه البخاري (2).
فلو نذر صومه، لم يصح عندهم؛ لخبر مسلم:"لا نذرَ في معصيةِ اللَّه"(3)، ويصح صومُه عن نذرٍ وكفارة، ونفلٍ يوافق عادة؛
(1) المرجع السابق، (25/ 143 - 144).
(2)
رواه البخاري في "صحيحه"(2/ 674) معلقًا بصيغة الجزم، ورواه الترمذي (686)، كتاب: الصوم، باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك، وأبو داود (2334)، كتاب: الصوم، باب كراهية صوم يوم الشك، والنسائي (2188)، كتاب: الصيام، باب صيام يوم الشك، وابن ماجه (1645)، كتاب: الصيام، باب ما جاء في صيام يوم الشك.
(3)
رواه مسلم (1641)، كتاب: النذر، باب: لا وفاء لنذر في معصية اللَّه، ولا فيما لا يملك العبد، عن عمران بن حصين رضي الله عنه.
للحديث، ومعتمد مذهبهم: حرمةُ الصوم من بعد نصف شعبان.
ومذهب الحنابلة: أنه إذا حال دون مطلع الهلال غيمٌ أو قترٌ ليلةَ الثلاثينَ من شعبان، ففي صوم صَبيحة ذلك اليوم ثلاثُ روايات عن الإمام أحمد:
أصحُّها: أنّه يجب صومُه بنية رمضان احتياطًا، ويجزئه صومه عن رمضانَ إن ظهر منه، ويجب على معتمد المذهب أن يجزم أنّه من رمضان، وإن لم يتحقق كما في اليوم الأخير، وليس هذا شكًا في النية، بل في المنوي؛ كما قاله الحافظ ابن الجوزي.
قال أَبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه أحمدَ بنَ حنبل يقول: إذا كان في السّماء سحابٌ، أو علّة، أصبح صائمًا، فإن لم يكن في السماء علة، أصبح مفطرًا، ثم قال: كان ابن عمر إذا رأى في السماء سحابًا، أصبح صائمًا، قلت لأبي عبد اللَّه: فيعتد به؟ قال: كان ابن عمر يعتد به، فإذا أصبح عازمًا على الصوم، اعتدَّ به، ويجزيه، قلت: فإن أصبح متلومًا يقول: إن قالوا: هو من رمضان، صمتُ، وإن قالوا: ليس من رمضان، أفطرتُ؟ قال: هذا لا يعجبني، يتمُّ صومه، ويقضيه؛ لأنّه لم يعزم، وهذه الرواية نقلها عن الإمام أحمد ابناه صالح وعبدُ اللَّه، وأبو داود (1)، وأبو بكر الأثرم، والمروذي، والفضل بن زياد، وهي اختيار عامة علمائنا، منهم: أَبو بكر الخلال، وصاحبه عبد العزيز، وأبو بكر النجاد، وأبو علي النجاد، وأبو القاسم الخرقي، وأبو إسحاق بن شاقلا، وأبو الحسن التميمي، وأبو عبد اللَّه بن حامد، والقاضيان أَبو علي بن أبي موسى، وأبو يعلى بن أبي الفراء.
وهو مروي عن عمر بن الخطّاب، وابنه، وعلي بن أبي طالب،
(1) انظر: "مسائل الإمام أحمد - رواية أبي داود"(ص: 107).
وأنس بن مالك، وأبي هريرة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والحكم بن أيوب الغفاري، وعائشة، وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق -رضوان اللَّه عليهم أجمعين-.
وقال به من كبراء التابعين: سالمُ بنُ عبد اللَّه بنِ عمر، ومجاهدٌ، وطاوس، وأبو عثمانَ النهديُّ، ومُطَرِّفُ بنُ عبد اللَّه، وميمونُ بن مهرانَ، وبكر بن عبد اللَّه المزنيُّ، وغيرهم -رحمهم اللَّه تعالى-.
والرواية الثّانية عن الإمام أحمد: لا يجبُ الصوم، بل يجوز في حالَيئذٍ، اختاره شيخُ الإسلام ابن تيمية، قال: لأنّ الصّحابة -رضوان اللَّه عليهم- كان يصبحُ منهم الصائمُ والمفطر، فلا الصائمُ يَعيب على المفطر، ولا المفطرُ يعيبُ على الصائم (1).
والرواية الثالثة: النّاس تبعٌ للإمام، فإن صام، وجب الصوم، وإلا، فلا، فيتحرى في كثرة كمال الشهور قبله ونقصها (2).
ومعتمدُ المذهب الذي استقر عليه: وجوبُ الصوم ليلة الثلاثين من شعبان بشرط كون في السّماء علّة، واللَّه تعالى الموفق.
* * *
(1) انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (25/ 124).
(2)
انظر: هذه الروايات الثلاث في: "كتاب التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام" للقاضي أبي الحسين الفراء (1/ 288)، و"المغني" لابن قدامة (4/ 330)، و"شرح الزركشي على الخرقي"(2/ 553)، و"الفروع" لابن مفلح (3/ 6)، وغيرها.