المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَا - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب بالذكر عقب الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌[كتاب] الصوم في السفر وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَا

‌الحديث الثاني

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ، وَجَاءَتْ السَّمْرَاءُ، قَالَ: أَرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا، فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ (1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (1437)، كتاب: صدقة الفطر، باب: صاع من زبيب، واللفظ له، و (1434)، باب: صدقة الفطر صاع من شعير، و (1435)، باب: صدقة الفطر صاع من طعام، و (1439)، باب: الصدقة قبل العيد، ومسلم (985/ 17 - 21)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، وأبو داود (1616 - 1618)، كتاب: الزكاة، باب: كم يؤدَّى في صدقة الفطر، والنسائي (2511)، كتاب: الزكاة، باب: التمر في زكاة الفطر، و (2512 - 2513)، باب: الزبيب، و (2514)، باب: الدقيق، و (2517)، باب: الشعير، و (2518)، باب: الأقط، والترمذي (673)، كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في صدقة الفطر، وابن ماجه (1829)، كتاب: الزكاة، باب: صدقة الفطر.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (2/ 50)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 264)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 178)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 480)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 22)، و"شرح =

ص: 467

(عن أبي سعيد) سعد بنِ مالكٍ (الخدريِّ رضي الله عنه، قال: كنا) معشرَ الصّحابة (نُعطيها)، أي: صدقة الفطر، وفي لفظ: كنا نُطعم الصدقة (1)؛ يعني: زكاة الفطر، وفي لفظ: كنا نخرج زكاةَ الفطر (2)(في زمان النّبيّ صلى الله عليه وسلم)، وفي لفظ: رسول اللَّه (3)، هذا له حكمُ الرفع؛ لإضافته إلى الزمن النّبوي (صاعًا من طعام)، وهو البر؛ لقوله:(أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير).

قال التوربشتي: والبر أعلى ما كانوا يقتاتونه في الحضر والسفر، فلولا أنّه أراد بالطعام البر، لذكره عند التفصيل.

وحكى المنذري في "حواشي السنن" عن بعضهم: اتفاق العلماء على أنّه المراد هنا.

وقال بعضهم: كانت لفظة الطعام تستعمل في الحنطة عند الإطلاق، حتّى إذا قيل: اذهب إلى سوق الطعام، فُهم منه سوقُ القمح، وإذا غلب العرف، نزل اللفظ عليه؛ لأن ما غلب استعمالُ اللفظ فيه كان خطورُه عند الإطلاق أقربَ.

وتعقبه ابنُ المنذر بما في حديث أبي سعيد: فلما جاء معاوية، وجاءت

= مسلم" للنووي (7/ 62)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 199)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 836)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 173)، و"طرح التثريب" للعراقي (4/ 46)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 373)، و"عمدة القاري" للعيني (9/ 112)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 87)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 139)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 249).

(1)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1434).

(2)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1435)، ومسلم برقم (985/ 17، 19 - 20).

(3)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1439).

ص: 468

السمراء؛ يعني: الحنطة، فإنّه يدلّ على أنّها لم تكن قوتًا لهم قبل هذا.

ثمَّ قال: ولا نعرف في القمح خبرًا ثابتًا عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نعتمد عليه، ولم يكن البُرُّ يومئذ بالمدينة إلا الشيء اليسير منه، فكيف يتوهم أنّهم أخرجوا ما لم يكن موجودًا؟!

قال: وأمّا ما أخرجه ابنُ خزيمة، والحاكم في "صحيحيهما": أنّ أبا سعيد رضي الله عنه قال: لا أُخرج إلا ما كنت أُخرج في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: صاع تمر، أو صاع حنطة، أو صاع شعير، الحديث، فقال له رجل: أو مُدَّين من قمح؟ فقال: لا، تلك قيمةُ معاويةَ، لا أقبلها، ولا أعمل بها، فقال ابن خزيمة بعد أن ذكره: ذكرُه الحنطةَ في خبر أبي سعيد غيرُ محفوظ، ولا أدري ممن الوهم، وقوله: فقال رجل

إلى آخره دالٌّ على أنّ ذكر الحنطة من أوّل القصة خطأ؛ إذ لو كان أَبو سعيد أخبر أنّهم كانوا يخرجون منها على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صاعًا، لما كان الرجل يقول له: أو مُدَّين من قمح (1).

وقد أشار أَبو داود إلى هذه الرواية، وقال: إنّ ذكر الحنطة فيها غير محفوظ (2).

وتقدم حديث أبي هريرة: "أو صاع من قمح"، وفي حديث ابن صُعَير عن أبيه مرفوعًا:"أدوا صاعًا مِنْ بُرٍّ عَنْ كُلِّ إنسانٍ صغيرٍ أو كبيرٍ، حُرٍّ أو مملوكٍ، غنيٍّ أو فقيرٍ، ذكرٍ أو أنثى" رواه الدارقطني (3)، ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، وقالا:"صاعًا من بُرٍّ عن كلِّ اثنين"(4)، وفيه النعمان

(1) رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(2417)، والحاكم في "المستدرك"(1495).

(2)

انظر: "سنن أبي داود"(2/ 113). وانظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 87).

(3)

رواه الدارقطني في "السنن"(2/ 148).

(4)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 432)، وأبو داود (1619)، كتاب: الزكاة، =

ص: 469

ضعيفٌ عندهم. قال الإمام أحمد: ليس بصحيح، إنّما هو مرسل (1).

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رَوَّحَ اللَّه روحه-: أنّه يجزىء نصفُ صاع من بر، وقال: هو قياس المذهب في الكفارة (2)، وإنّه يقتضيه ما نقله الأثرم وفاقًا لأبي حنيفة.

قال في "الفروع": كذا قال، قال: مع أنّ القاضي قال عن الصاع: نص عليه في رواية الأثرم، فقال: صاع من كل شيء (3).

قال في "الفروع": وقد ذكر الجوزجاني، وابن المنذر، وغيرهما: أنّ أخبار نصف صاع لا تثبت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (4).

(أو)؛ أي: وكنا نعطيها -يعني: زكاة الفطر- في زمان النّبيّ صلى الله عليه وسلم (صاعًا من أَقِط).

قال في "المطلع": إنّ ابن سيدَهْ ذكر في "محكمه"(5): أنّ في الأقط أربعَ لغات: سكون القاف مع فتح الهمزة وضمها وكسرها، وكسر القاف مع فتح الهمزة. قال: وهو شيء يعمل من اللبن المخيض.

وقال ابن [الأعرابي](6): يعمل من ألبان الإبل خاصة (7).

= باب: من روى نصف صاع من قمح.

(1)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 406).

(2)

انظر: "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 103).

(3)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 406 - 407).

(4)

المرجع السابق، (2/ 407).

(5)

انظر: "المحكم" لابن سيده (6/ 467).

(6)

في الأصل: "العربي" والصواب ما أثبت.

(7)

انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 139).

ص: 470

وفي "شرح البخاري" للقسطلاني: الأقط: لبنٌ جامد فيه زُبْدُه، فإن أفسد الملح جوهره، لم يُجْزِ، وإن ظهر عليه ولم يفسده، وجب بلوغُ خالصه صاغًا، انتهى (1).

قال في "الفروع": ويجزىء أَقِطٌ، نقله الجماعة، وهو الأصح للشّافعية، وعنه: يجزىء لمن يقتاته، اختاره الخرقي؛ وفاقًا لمالك، والشّافعيّ، وعنه: لا يجزىء، اختاره أَبو بكر؛ وفاقًا لقول الشّافعيّ في القديم.

فعلى الأوّل في اللبن غير المخيض والجبن أوجه:

الثالث: يجزىء اللبن لا الجبن.

والرابع: يجزىء ذلك عند عدمِ الأقط، انتهى ملخصًا (2).

(أو) كنا نعطيها -يعني: زكاة الفطر- في الزمن النّبوي (صاعًا من زبيب)، وهو ذاوي العنب.

فهذه أُصول زكاة الفطر والكفارة ونحوهما، فلا يجزىء إخراجُ الفطرة من غيرها مع قدرته على تحصيل شيء منها؛ وفاقًا من الأئمة الأربعة، وكذا لا يجزىء الخبز، نصّ عليه؛ وفاقًا، وقال: أكرهه.

وعند ابن عقيل: يجزىء، وقاله الشّافعية إن جاز الأقط.

ولا تجزىء القيمة، نص الإمام أحمد على ذلك، وعنه رواية مخرجة: تجزىء؛ وفاقًا لأبي حنيفة.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية: أنّه يجزىء قوتُ بلده مثل الأرز وغيره،

(1) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 87).

(2)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 408 - 409).

ص: 471

وذكره رواية عن الإمام أحمد، وأنّه قول أكثر العلماء، واحتج بقوله تعالى:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89]، وجزم به ابن رزين؛ وقاله مالك، والشّافعيّ في كلّ حبٍّ يجب فيه العشر.

ومعتمد المذهب: أنّه يُخرج مع عدم الأصناف الخمسة من كلّ حَبٍّ يُقتات، واللَّه أعلم (1).

قال أَبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (فلما جاء معاوية) بنُ أبي سفيانَ خالُ المؤمنين وأميرُهم، الأمويُّ -بضم الهمزة- الصّحابيُّ بنُ الصحابيِّ، كان من مُسلمة الفتح، ومن المؤلَّفة قلوبهم، ثمَّ حَسُنَ إسلامه كأبيه وأمه هند بنت عتبة، يكنى: أبا عبد الرحمن، وهو أحد كتاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنّما كان يكتب الكتبَ لا الوحيَ.

وفي التّرمذي: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية: "اللهمَّ اجعلْهُ هادِيًا مَهْدِيًا"(2).

تولى الشّامَ بعد أخيه يزيد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يزيد بن أبي سفيان خيرٌ من أخيه معاويةَ، وأفضلُ (3).

توفي يزيدُ هذا زمن عمر رضي الله عنهما.

ولم يزل معاويةُ في الشّام متوليًا حاكمًا إلى أن مات، وذلك أربعون

(1) المرحع السابق، (2/ 409 - 410).

(2)

رواه الترمذي (3842)، كتاب: المناقب، باب: مناقب لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وقال: حسن غريب، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 216)، من حديث عبد الرحمن بن أبي عميرة رضي الله عنه.

(3)

انظر: "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/ 259).

ص: 472

سنةً، منها نحو أربعة في أيام عمر، ومدةُ خلافة عثمان، وخلافة علي وابنه الحسن رضي الله عنهم، وذلك تمام عشرين سنة، ثمَّ خلص لمعاوية الأمرُ بتسليم الحسن بن علي رضي الله عنهما له سنة إحدى وأربعين، وكان له عشرون سنة أو نحوها، ومات سنة ستين في رجب بدمشق وله ثمان وسبعون، وقيل: ست وثمانون سنة، وقيل: اثنتان وثمانون سنة، ورجحه النّووي.

وكان عنده من آثار النّبيّ صلى الله عليه وسلم إزار وقميص وشيءٌ من من شعرِه عليه الصلاة والسلام، وأظفارِه، فقال: كَفِّنوني في قميصه، وأَدرجوني في إزاره، واحْشُوا منخري وشدقيَّ ومواضعَ السّجود مني بشعره وأظفاره، وخَلُّوا بيني وبين أرحم الراحمين (1) رحمه الله، ورضي عنه-.

وهو من الموصوفين بالدهاء والحلم، وهو أوّل من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة، وكان يقول: أنا أوّل الملوك (2)، ولمّا دخل سيدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه الشّام، ورآه، قال: هذا كسرى العرب (3).

روي له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مئةُ حديث، وثلاثة وستون حديثًا، اتفقا على أربعة، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بخمسة.

قال الإمام الحافظ ابن الجوزي في "منتخب المنتخب": قال معاوية رضي الله عنه عند موته: ليتني كنت رجلًا من قريش بذي طوى، ولم ألِ من هذا الأمر شيئًا، واللَّه الموفق (4).

(1) انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (59/ 61).

(2)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35891)، عن شيخ من أهل المدينة.

(3)

رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(59/ 114).

(4)

وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 406)، و"التاريخ الكبير" =

ص: 473

وكان مجيء معاوية رضي الله عنه إلى الحجاز للحج.

وزاد مسلم في رواية: قال أَبو سعيد رضي الله عنه: فلم نزل نخرجه حتّى قدم معاوية حاجًا أو معتمرًا، فكلم النّاسَ على المنبر (1).

وزاد ابن خزيمة: وهو يومئذ خليفة (2).

(وجاءت السمراء)؛ أي: كثرت الحنطة الشّامية، ورخصت.

(قال) معاوية: (أُرى) -بضم الهمزة-؛ أي: أظن، وفي لفظ:-بفتح الهمزة (3)(مُدًّا، واحدًا (من هذا) الحبِّ أو القمح (يعدلُ مُدَّين) من سائر الحبوب، وبهذا ونحوه تمسك أَبو حنيفة -رحمه اللَّه تعالى-.

وأجيب عن هذا: بأنّه قال في أوّل الحديث: "صاعًا من طعام"، وهو في الحجاز: الحنطةُ، فهو صريح في أنّ الواجب منها صاعٌ، وقد عدّد الأقوات، فذكر أفضلَها قوتًا عندهم، وهو البُرُّ، ولاسيما وعطفت بأو الفاصلة، فالنظر في ذواتها لا قيمتها، ومعاوية صرّح بأنّه رأيه، فلا يكون حجةً على غيره (4).

= للبخاري (7/ 326)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1416)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (59/ 57)، و"تلقيح فهوم أهل الأثر" لابن الجوزي (ص: 112)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 406)، و"تهذيب الكمال" للمزي (28/ 176)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 119)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (6/ 151).

(1)

تقدم تخريجه عند مسلم برقم (985/ 18).

(2)

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(2408).

(3)

هو لفظ لأبي ذر، كما ذكر القسطلاني في "إرشاد الساري"(3/ 88).

(4)

انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 88).

ص: 474

وقد زاد مسلم: (قال أَبو سعيد: أمّا أنا، فلا أَزالُ أُخْرِجُه كما كنتُ أُخرجُه)(1).

وفي لفظ: ما أزال أخرجه أبدًا ما عشتُ (2).

وله من طريق ابن عجلان: فأنكر ذلك أَبو سعيد، وقال: لا أخرجُ إلا ما كنتُ أخرجُ في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3).

وتقدم أنّه قال له رجلٌ: مدين من قمح؟ فقال: تلك قيمةُ معاوية، لا أقبلها، ولا أعمل بها، فدلّ على أنّه لم يوافق على ذلك، وحينئذ فليس في المسألة إجماع سكوتي (4).

قال النّووي: وكيف يكون ذلك، وقد خالفه أَبو سعيد وغيره ممن هو أطولُ صحبة وأعلم بأحوال النّبيّ صلى الله عليه وسلم (5)؟

فائدة:

من أخرج فوقَ الصاع، فأجرُه أكثر، وحكى الإمام أحمدُ عن خالد بن خِداشٍ، قال: سمعت الإمامَ مالكًا يقول: لا يزيد فيه؛ لأنّه ليس له أن يصلّي الظهر خمسًا، فغضب الإمام أحمد، واستبعد ذلك، واللَّه الموفق (6).

تنبيه:

لا يحلّ ولا يسوغ التّحيُّل على إسقاط الزكاة.

(1) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (985/ 18).

(2)

هو من لفظ الرواية المتقدمة آنفًا.

(3)

تقدم تخريجه عند مسلم برقم (985/ 21).

(4)

انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 88).

(5)

انظر: "شرح مسلم" للنووي (7/ 61).

(6)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 408).

ص: 475

قال الإمام ابن القيم في "أعلام الموقعين": الحيل دائرة بين الكفر والفسق، لا يجوز أن تُنسب إلى أحد من الأئمة، ومن نسبها إلى أحد منهم، فهو جاهل بأصولهم ومقاديرهم، ومنزلتهم من الإسلام، وإن كان بعضُها قد ينفذ على أصول إمام، بحيث إذا فعلها المتحيل، نفذ حكمها عنده، ولكن هذا غير الإذن فيها وإباحتها وتعليمها.

ثمَّ قال: والذي ندينُ اللَّه به: تحريمُها، وإبطالُها، وعدمُ تنفيذها، ومقابلةُ أربابها بنقض تصورهم لموافقة شرع اللَّه وحكمته.

ثمَّ قال: والمقصود: أنّ هذه الحيل لا يجوز أن تُنسب إلى إمام؛ فإنّ ذلك قدحٌ في إمامته، ويلزم منه القدحُ في الأمّة؛ حيث ائتمَّت بمن لا يصلح للإمامة، وهذا غير جائز، ولو فرض أنّه حكي عن واحد من الأئمة بعضُ هذه الحيل المجمَع على تحريمها، فإمّا أن تكون الحكاية باطلة، أو يكون الحاكي لم يضبط لفظَه، فاشتبه عليه، ولو فرض وقوعُها منه في وقت ما، فلا بد أن يكون قد رجع عن ذلك، وإن لم يحمل على ذلك، لزم القدحُ في الإمام، وفي جماعة المسلمين المؤتمين به، وكلاهما غير جائز.

قال الإمام أحمد: عجيبٌ مما يقول به أربابُ الحيل في الحيل، وذكر أصحاب الحيل، فقال: يحتالون لنقض سُنَن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، عمدوا إلى السنن، واحتالوا لنقضها.

قال ابن القيم: فإذا احتال العبد على تحليل ما حرم اللَّه، وإسقاطِ ما فرض، وتعطيلِ ما شرع اللَّه، كان ساعيًا في دين اللَّه بالفساد من وجوه:

أحدها: إبطالُ ما في الأمر المحتال عليه من حكمة الشارع، ونقض حكمه، ومناقضته له. وذكر عدة وجوه، ثمَّ قال: ولو أنّ النّاس كلهم تحيلوا لترك الحج والزكاة، لبطلت فائدةُ هذين الفرضين العظيمين، وارتفع

ص: 476

من الأرض حكمُهما بالكلية، ولم يكن السّلف الصالح يرون الحيل في شيء من الديّن، ويعاقبون أربابها.

والحاصل: أنّ الحيل لإسقاط فرائض اللَّه المحتومة، وأركانِ دينه المعلومة، تدور بين الفسق والكفر، واللَّه الموفق (1).

* * *

(1) انظر: "أعلام الموقعين" لابن القيم (3/ 178 - 185).

ص: 477