الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مقدمة المصنف]
بسم الله الرحمن الرحيم ربّ اختم بخير الحمد لله الذي خلق آدم من غير بشر، وحوّاء من ضلعه الأيمن لا الأيسر، ثم أسكنهما {جَنّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} ثم قضى عليهما بما سبق لهما في القدر، فأخرجهما منها إلى دار العبر، ثمّ تلقّا {مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ} وغفر، وجعل من نسلهما جميع البشر، ثمّ أظهر عيسى من غير ذكر، آية لمن اعتبر، ثمّ نقل النور الأزهر، في كلّ صلب مطهّر، إلى أن ظهر، سيّد ولد آدم من بدو وحضر، الذي سبّح في كفّيه الحصى وكلّمه الحجر، وسعت إلى خدمته الشجر، وقبّل البعير قدمه المطهّر، المبعوث من مضر، المنعوت في السّير، محمّد، صلّى الله عليه كلّما بزغ شمس وقمر، وسلّم عليه في كلّ عشيّ وأصيل وسحر، وعلى آله الذين لا تدرك محاسنهم الفكر، وعلى أصحابه الذين من امتدحهم فقد افتخر، أبي بكر وعمر، وحيدر الخلفاء الراشدين، والأئمّة المهدين، وعلى أصحابه الباقين، رضوان الله عليهم أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد، فإنّ القول قد تقدّم من العبد الحقير، المعترف بالتقصير، واللسان القصير، واضعه ومصنّفه وجامعه ومؤلّفه، أضعف عباد الله وأفقرهم إلى الله، أبو بكر بن عبد الله بن أيبك، صاحب صرخد، المعروف والده بالدّواه داري، غفر له ولقارئه، ورحم كلّ من تجاوز عن كلّ خطاء فيه.
ولمّا مضى القول في الجزء الأوّل ممّا أوردنا، فأوردنا العطاش إلى كلّ منهل كاف، وأروينا، فأروينا كلّ صاد من مورد صاف، وأبدعنا، فأبدعنا إلى آخر الأبد، وأبرعنا، فأبرعنا كلّ والد الولد، وأوسعنا، فأوسعنا شكرا على طول المدد، وأودعنا، فأودعنا ذكرا كلبيد ولبد، وأعربنا ممّا أعربنا بجومنى كلام، وأفصحنا، فما أفصحنا مشايخنا الأعلام، وقدّمنا، فقدّمنا أنواع الأدب، ورفعنا، فرفعنا كلّ حديث منتسب، يروى لمسلم والبخاري، ويروي المسلم البخاري، ممّا يشرح صدر القاري، إذا سرّح فيه النظر القاري، واستحضر مع سواد ناظره سويداه، واستغفر ناظره، ممّا قدّمت سود يداه، هناك يرتفع الحجاب، ويندفع الحجّاب، ويفتح باب
التوّاب ويفوز التائب بالأجر والثّواب، فالحمد لله على هدايته، التي من اهتدى بها لا يقال عنه: هذا يته.
ثمّ لمّا مضى الكلام بخلق الكائنات، وأتبعنا ذلك بذكر العناصر الفانيات، ومن كان في الأرض من الأمم والمخلوقات، الذي حكم عليهم بذلك القهّار القائل:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} ثمّ يردّ على نفسه {لِلّهِ الْااحِدِ الْقَهّارِ} .
ثمّ استفتحنا هذا الجزء الثاني، بكلام يلهي شامله عن المثالث والمثاني، وقدّمنا القول بذكر انقضاء مدّة العالم وابتدائه، واختلاف العلماء في البداية، إلى مدّة هذه النّهاية، التي انتهينا إليها في هذا العصر، واختلاف أقوالهم عن جملة الحصر. ثمّ أتبعنا ذلك بذكر مقامة، لابن الجوزيّ خصّه الله بدار المقامة، وجعل فيها مقامه، لتكون مفتاحا للكلام، وتوطئة لذكر خلق آدم عليه السلام، ومن تلاه من الأنبياء والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين، وما في ضمن ذلك من ذكر الأمم الخالية، والرّمم البالية، وسمّينا هذا الجزء بالدّرّة اليتيمة، في أخبار الأمم القديمة، يتلو الدّرّة العليا، في أخبار بدء الدّنيا.
(4)
وخصّصنا هذا الجزء بذكر مصر وأخبارها، وملوكها وكهّانها، وأممها وسكّانها، وأخبارها وآثارها، وكنوزها ورموزها، وعمارها ونواحيها وأقطارها. واعتنينا بذلك كلّ العناية، وأسّسنا لذلك أساسا حسنت عليه البناية، وتتّبعنا سائر من ملكها، من أوّل زمان إلى هذا الأوان، من ملوك الأعيان، العظيمين الشان، أرباب الدول والحول والأعوان، والنوّاب عن