الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جارك في دارك، وليس لي رقيب ولا ربّ سواك، (38) آكل منها حيث شئت رغدا، فأهبطتني إلى دار العناء والشقاء والنّصب والتّعب، فقال الله:
«يا آدم: لشؤم معصيتك» ؛ وذكر كلاما طويلا.
قال: ولمّا أهبط إلى الأرض كان على رأسه إكليل من الجنّة، فيبس وتناثر في الأرض، فكلّ طيب في الدنيا، فمن ذلك الإكليل.
فصل
في ذكر المكان الذي أهبطوا إليه
قال علماء السّير: أهبط آدم على جبل بالهند يقال له: واشم، وقيل:
بوذ، وقيل: الراهون، وقيل: الحلوس، عند وادي سرنديب، واسم الوادي بهيل بين الدهنج والمندل، وهما بلدان بأرض الهند. قال مقاتل:
وهذا الجبل أقرب جبال الأرض إلى السماء.
وأهبطت حوّاء، بجدّة من أرض مكّة، والحيّة بنصيبين الجزيرة، وقيل بأصبهان، وإبليس بميسان، وقيل: بالأبلّة.
قال الجوهريّ: وميسان اسم كورة بسواد العراق. قال: والأبلّة- بالضّم: بلد مدينة إلى جانب البصرة ووزنها: فعلّة. وقد ذكرها ابن الجواليقيّ في المعرّب، قال: بلدة قديمة. وقال أبو عبيدة: هي آخر أعمال البصرة. واختلفوا في تعريبها، فقال الجوهريّ: الأبلّة: القدرة من التمر، وبها سمّيت الأبلّة، وهو الأصحّ، لكثرة التمر بها.
وقال ابن زيد، رحمه الله: أهبط إبليس بالبصرة، وكذا قال الحسن البصريّ، رحمه الله، قال: ولهذا هي معدن المعتزلة واليهود والقدريّة.
فإن قيل: فقد عصوا جملة في مكان واحد، فما الحكمة في كونهم أهبطوا متفرّقين؟ فالجواب: إنّهم لمّا عصوا في ذلك المكان الشريف، بدّد الله شملهم في أقطار الأرض، وهو أبلع في العقوبة من اجتماعهم في مكان واحد، ولهذا (39) بقي آدم مدّة حتّى اجتمع بحوّاء بجمع؛ فلذلك سمّيت جمعا على قول بعض الناس. ثمّ ازدلفت إليه بالمزدلفة، فسمّيت أيضا بذلك. ثمّ التقيا بعرفات فتعارفا، وسمّيت بعرفات؛ ورجعا إلى الهند.
وحكى الحافظ أبو القاسم ابن عساكر، رحمه الله، في تاريخه: أن آدم كان يسكن ببيت من أبيات قرية بسفح قاسيون وإليه ينسب مسجدها، وأنّ حوّاء كانت تسكن ببيت لهيا، وهذا شيء لم أر أحدا وافقه عليه، لإجماعهم على أن آدم كان بالهند ويتردّد إلى مكّة ولم يدخل الشام، <والله أعلم>.
وروي عن ابن عبّاس موقوفا عليه، قال: لمّا أهبط آدم إلى الأرض