الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولفسادها أسباب، منها تشابه رقوم الخطّ في الأعداد كالسبعة والتسعة والسبعة عشرة والتسعة عشرة والسبعين والتسعين، هذا في اللّغة العربيّة وما تركّب منها. ومنها ما يعترضها إذا نقلت من لسان إلى لسان. فإنّ اليهود والنّصارى مختلفون فيما ينقلونه عن التّوراة. قيل: وأصحاب التّوراة الباقية بزعمهم على اللّسان العبريّ مختلفون أيضا فيما بينهم. فإنّ الذي بأيدي السّمرة مخالف ما بأيدي عامّة اليهود. وكذا المنقول إلى اللسان اليونانيّ مخالف فيه، والله أعلم بالصواب.
ذكر ما لخّص من مقامة لابن الجوزيّ، رحمه الله
وهي الباينة مما يتعلّق بذكر آدم، عليه السلام
حضرت ليلة مع فريق منتخب الأصادق، ليس فيهم إلاّ صديق منتخب صادق. فكانت ليلتنا أمتع ليالي السّنة. فطلب جماعتنا أن نقطع بلآلئ حسنة. فقلت: لو كان لكم أبو التّقويم، فإنّه بكلّ علم عليم.
فقالوا: ذكرت أشرف نابه، ولكن من لنا به؟ فكتبت إليه (من الكامل):
عندي فديتك سادة أحرار
…
وقلوبهم شوقا إليك حرار
وشرابنا شرب العلوم وروضنا
…
نزه الحديث ونقلنا الأشعار
فما كان بأسرع، من أن أسرع. فقلت للجماعة: قد اجتمع، مقصودكم أجمع. فلمّا رأوا خلجانه من الناس قد عسى، استعبدوا الإصابة
وردّدوا بين اليأس وعسى. فقلت: كلّ فنّ من الفنون عند هذا اليقن، فالتقطوا من أفنانه أفانين ليس فيها أفن. (11) لا تحقّروا من قد بدا لكم، وتفرّوا عمّا بدا لكم. فجملة العمّة على القمّة. وقالوا هم: بعيد الهمّة. ثمّ وقع اختيار الوئام، على سماع القصص. فقال لهم: إنّها لأوفى الأقسام، وأوفر الحصص. فأحمد، من محامد الجبّار، أحمد حصّة. وحسر، وابتدأ بعد الاذّكار، بقصّة أبي البشر. فقال: لمّا خلق الله، عز وجل، آدم اللقاه كاللّقا، فلمّا نفخ فيه الروح مات الحاسد. ثمّ أمر الملائكة بالسّجود، فتطهّروا من غدير {لا عِلْمَ لَنا} ، وغودر الغادر نجيا لكبرياء {أَنَا خَيْرٌ} ، فلمّا جرى على آدم القدر بالزّلل، نزل فخدّ خدّ الفرح، بدمع التّرح، حتّى أقلق الوجود، فقال جبريل: ما لك؟ فصاح لسان حاله يقول (من الرّمل):
ما رحلت العيس عن أرضكم
…
فرأت عيناي شيئا حسنا
هل لنا نحوكم من عودة
…
ومن التّعليل قولي هل لنا
فقيل له: لا تحزن لقولي: {فَاهْبِطْ مِنْها} ، فلك خلقتها. اخرج إلى
مزرعة المجاهدة، وسق من دمعك ساقية، ساقية لشجرة ندمك. فإذا عاد العود خضرا، فعد (من الخفيف):
إن جرى بيننا وبينك عتب
…
أو تناءت منّا ومنك الدّيار
فالغليل الّذي علمت مقيم
…
والدّموع الّتي عهدت غزار
يا معاذ اذهب إلى اليمن، أقدام الرسول تنزل إلى سماء الدّنيا.
وا عجبا لقلق آدم بلا معين على الحزن، هوامّ الأرض لا تفهم ما يقول وملائكة السماء عندها بقايا {أَتَجْعَلُ} فهو في كربه، «لا رحيم من آل ليلى فأشكوا» .
إخواني إيّاكم والذّنوب، فإنّها أذلّت عزّ {وَاُسْجُدُوا} ، وأخرجت مقطع {اُسْكُنْ} ، استراح إلى بعض العناقيد، فإذا به في العناء قيد، (12) جرّت جرجرة جرّ الهوى، أن فارق المقام الأسنى من الحسنى وهوى. ثمّ ما زالت تلك الأكلة تعاذه، حتّى استولى داؤه على أولاده.
فنمت هينمة الملائكة بعبارة نظر العاقبة، فنشروا مطويّ {أَتَجْعَلُ} ،
وتبقى حزازات النّفوس كما هيا، فدعّوا بعصيّ الدّعاوى ظهور العصاة، فقيل لهم: لو كنتم بين أفاعي الهوى وعقارب اللذّات، لبات سليمكم سليما، فأبوا للجرأة إلاّ جرّ جرير الدّعاوى، وحدّثوا أنفسهم بالتّقا والتّقاوى، فقيل لهم: نقّبوا عن نقبائكم، وانتقوا ملك الملكوت، فما رأوا لمثلها مثل هاروت وماروت، فابا لسفر البلايا ليله، فما نزلا حتّى نزلا من مقام العصمة، فنزلا منزل الدّعوى، فركبا مركب البشريّة، فمرّت على المرين امرأة يقال لها: الزّهرة، بيدها مزهر زهرة الشّهوة، فغنّت الغانية بغنّة أغنّ، فرنّت فتاب الهوى، فهوى الصّوت في صوب قلب قلبيهما <فقلبهما> عن تقوى التّقويم، فانهار بناء حزم هاروت، ومار همّ حزم ماروت، فأرادها على الرّدا فراوداها، وما قتل الهوى نفسا فوداها، فبسطت نطع التّنطّع، وإمّا أن تشركا، وإمّا أن تقتلا، وإمّا أن تشربا. فظنّا سهولة الأمر في الخمر، وما فطنا. فلمّا امتدّ ساعد الخلاف فسقا، فسقا، فدخلا سكك السّكر، فزلاّ في مزالق الزّنا، فرآهما مع الشخصة شخص، فقتلاه.
ففشت فتنتهما في فئة الملائكة. فاتّخذوا لتلك الواردة وردا، من تضرّع {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} .