الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر امرئ القيس بن حجر
هو امرؤ القيس بن حجر <بن الحارث> بن عمرو، وأمّه فاطمة بنت ربيعة بن الحارث بن زهير، وهي أخت كليب ومهلهل (307) ابني ربيعة التّغلبيّ.
قيل: كان أبوه قد طرده لمّا قال الشعر، وكان قد سفك في أحياء العرب، وكان قد استمال لصوصا وصعاليكا من صعاليك العرب، يغير بهم. فلمّا بلغ امرأ القيس موت أبيه-وكان جالسا في مجلس شربه- قال: ضيّعني صغيرا، وحملني الثأر كبيرا؛ اليوم خمر وغدا أمر، فسيّرها مثلا. ثمّ جمع بكر بن وائل وغيرهم وخرج يريد بني أسد، فأوقع ببني كنانة فقتلهم.
ثمّ إنّ أصحابه اختلفوا عليه، فخرج إلى الروم، وطال تردّده بالجبلى وأعوزته النّصرة على بني أسد، فسما إلى قيصر، ملك الروم، واستصحب
معه عمرو بن قميّة بن سعد بن صعصعة، وكان قد جاوز التسعين، وذلك قوله (من الطويل):
كأنّي وقد جاوزت تسعين حجّة
…
خلعت بها عنّي عذار لجامي
وهو الذي يخاطبه امرؤ القيس في قصيدته التي منها يقول (من الطويل:):
بكى صاحبي لمّا رأى الدّرب دونه
…
وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبك عيناك أنت
…
نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
ثمّ مات عمرو في سفرته تلك، فسمّته العرب: الضائع.
ودخل امرؤ القيس على قيصر فقبله وأكرمه ورفع من شأنه وكان له عنده مزيّة، فاندسّ رجل يقال له الطمّاح من بني أسد-وكان امرؤ القيس قد قتل أباه وأخاه-حتّى أتا بلاد الروم، فأقام مستخفيا مدّة. ثمّ إنّ قيصر ضمّ إلى امرئ القيس جيشا كبيرا ونفّذه لأعدائه.
فلمّا فصل عنه، ظهر الطمّاح وتوصّل إلى قيصر، فقال له: إنّ امرأ
القيس رجل عاهر، وانصرف عنك بالجيش، وذكر أنّه يهوى ابنتك وأنّه قال فيها شعرا كثيرا أشهرها في بلاد العرب.
ومن رواية أخرى أنّ امرأ القيس (308) لمّا قدم على قيصر هويته ابنته-وكان جميلا من الرجال-فصار إليها، وهو قوله في ذلك (من الطويل):
فقلت يمين الله أبرح قادعدا
…
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
وهي قصيدة طويلة فأضربت عن جملتها للاختصار.
وقيل: إنّ الطّمّاح اختلقها على لسانه ووشى به إلى الملك قيصر، فكره أن يقتله بحضرته فأتبعه رجلا ومعه خلعة مسمومة، وكتب إليه: إنّني قد سيّرت إليك بحلّتي التي ألبسها للزينة ليعرف بذلك فضل منزلتك عندي. فلمّا قرأ الكتاب سرّه ذلك وقام في وقته ولبسها، فقرّح جسده، فلذلك يسمّى بذات القروح؛ وقال في ذلك (من الطويل):
لقد طمح الطّمّاح من بعد أرضه
…
فألبسني من دائه ما تلبّسا
فلو أنّها نفسا تموت احتسبتها
…
ولكنّها نفسا تساقط أنفسا
وكان يحمل في محفّة، ثمّ نزلوا به إلى جنب جبل يقال له: عسيب،
إلى جنب قبر لبعض بنات الروم، فسأل عنه فأخبروه، فقال في ذلك (من الطويل):
أجارتنا إنّا غريبان ها هنا
…
وكلّ غريب للغريب نسيب
وأوّلها يقول:
أجارتنا إنّ الخطوب تنوب
…
وإنّي مقيم ما أقام عسيب
ثمّ مات، فدفنوه إلى جانب القبر. وممّا يستحسن من تشابيهه قوله (من الطويل):
كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا
…
لدى وكرها العتّاب والحشف البالي
نظرت إليها والنّجوم كأنّها
…
مصابيح رهبان تشبّ لقفّال
ومن جيد شعره قصيده المشهور التي أوّلها (من الطويل):
قفا نبك من ذكرا حبيب ومنزل
…
بسقط اللّوى بين الرّبوع فحومل
(309)
فأضربت عن إثباتها لاشتهارها في أيدي الناس. ومن جيّد شعره (من المتقارب):
برهرهة رخصة رودة
…
كخرعوبة البانة المنفطر